سواليف:
2025-04-23@07:01:09 GMT

بين رجلين ونظامين

تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT

بين رجلين ونظامين

بين رجلين ونظامين / د. #منذر_الحوارات

مشهدان لا يمكن تجاوزهما بسهولة، الأول منظر طائرة زعيم منظمة فاغنر يفغيني بريجوين وهي تهوي على الأرض وتتحطم ويقتل هو ونائبه ديمتري أوتكين، أما المشهد الثاني هو تسليم الرئيس الأميركي السابق نفسه للسلطات في السجن التابع لولاية جورجيا بعد أن قررت المدعية العامة بأن ترامب يجب أن يعامل مثل غيره من المتهمين.

بين الرجلين تشابه كبير رغم الفارق بالمنصب السياسي والفارق ايضاً بين النظامين اللذين ينتميان إليهما، فالأول رئيس الولايات المتحدة الأميركية، والثاني رئيس منظمة عسكرية تعتمد على المرتزقة، كلاهما ثري ويمتلك مجموعة من الشركات على مستوى العالم وينتقل بطائرته الخاصة، وكلا الرجلين يتمتع بشخصية كاريزمية قادرة على اجتذاب الاتباع بمنتهى السلاسة، ولكل منهما وجهة نظره بالنخب الحاكمة وإن كانت وجهة نظر بريغوجين تعززت في أثناء الحرب على أوكرانيا وفي باخموت بالذات حيث اعتبر القادة العسكريين الروس بأنهم مجموعة من الفاسدين، أما دونالد ترامب فقد كان دوماً يعتبر النخب السياسية التي تحكم واشنطن ليسوا سوى أقلية من الفاسدين، وعندما فاز بالرئاسة اعتبر أنه نبي الأميركان والذي عليه ان يحررهم من عبودية هذه النخبة، وهذا ما قاده للاعتقاد عندما خسر الانتخابات بأن هذه النخبة تآمرت عليه وزورت الانتخابات كي لا يفوز، بنفس الطريقة ينظر بريغوجين الى نفسه فهو يرى أنه نبي الأمة الروسية الذي عليه أن يحررها من النخبة العسكرية وسطوتها.

كلا الرجلين قاد انقلابه الخاص به، فعلها ترامب عندما شجع أنصاره في 6 يناير عام 2021 على اقتحام مبنى الكونجرس الأميركي معقل الديمقراطية الأميركية وعنوانها الأبرز، وهو المُنتِج الرئيسي للأقلية السياسية التي تستعبد الأميركان وهو بالنسبة له الإله الذي يجب تكسيره ووضع الفأس في رقبته، أما انقلاب بريغوجين فقد حصل عندما اعلن انه سيقود مسيرة العدالة لتخليص روسيا من شر القيادة العسكرية في نهار السبت 24 يونيو في هذا العام، اذاً كلا الرجلين يرى أنه مسيح زمانه، أما نهاية الرجلين فتتلخص بأن ترامب أصبح أسير القضايا والمحاكم منذ خروجه من الرئاسة، إلا أنه لم يتعرض حتى الآن لرصاصة أو يسجل ضده أي محاولة قتل رغم أنه هدد النظام السياسي الأميركي في معقله وجوهر وجوده، ورغم فظاعة ما قام به ترامب بقي القضاء وساحات المحاكم هي الوسيلة الوحيدة لمحاسبته، والأدهى من ذلك أنه واحد من أبرز المرشحين للرئاسة القادمة، أما في روسيا بوتين، فإن القضاء لا يحتمل ثقل الصراع السياسي والعسكري، فالموت هو الخيار الوحيد لحل مسائل الاختلاف في وجهات النظر وبريجوين لن يكون ابداً الشخص الأول أو الأخير فقد سبقته قافلة من الشخصيات المعارضة وستلحق به مثلها في السنوات المقبلة إن بقي الرئيس بوتين على رأس السلطة.

مقالات ذات صلة احذروا الجمال 2023/08/29

لم تتفاجأ الأوساط العالمية عندما حدثت التسوية بين بوتين وبريجوجين بعد تمرده العسكري الذي هدد الدولة، ولا عندما تم إسقاط جميع تهمة بجرة قلم، فالجميع كان على يقين بأن الحكم صدر منذ اللحظة الأولى وبقي موعد التنفيذ والذي أُجل ريثما يسلم مفاتيح ملفاته والتي تزامنت مع زيارته لأفريقيا بلاد الكنوز المهجورة، وهو ما تم تنفيذ أخيراً مع خليط من الغمام يبقي المُنفذ مجهولاً، هذا هو الفارق بين حضارتين وهذا هو الفارق بين نظامين، نظام يُعمِل القانون وبوابات المحاكم، ونظام يعتمد على الفرد وتقلباته ورهاناته على البقاء، أما أي النظامين قادر على الانتصار فهذا رهن المستقبل وربما يعطينا التاريخ بعض أسرار الإجابة.

الغد

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

إصلاح التعليم.. "عندما يتسع الخرق على الراتق"

 

 

 

مرتضى بن حسن بن علي

 

يُضرب المثل العربي القديم "اتساع الفتق على الراتق" عندما تتفاقم المشكلات ويصبح إصلاحها صعبًا جدًا. وهذا ما ينطبق على واقع التعليم المؤلم في معظم البلدان العربية؛ حيث تحولت الثغرات التي بدأت في النظام التعليمي إلى فجوات هائلة واسعة يصعب ردمها بسهولة، وساهمت بإعاقة التنمية البشرية وعمّقت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، وأدت إلى زيادة البطالة التي تعانيها مُعظم البلدان العربية. ولا يمكن فصل المهارات عن نظام تعليمي لا يواكب متطلبات العصر.

الأنظمة التعليمية الحالية تنتج خريجين يفتقدون إلى القدرات التحليلية والعملية والإبداعية أو الرغبة بمواصلة التعلم، وتتوسع الفجوة بين مخرجات التعليم وحاجات السوق المتبدلة. وعلى سبيل المثال، تشير تقارير البنك الدولي إلى أن أكثر من 40% من أصحاب الشركات في المنطقة العربية يشتكون من عدم توافق مهارات الخريجين مع متطلبات الوظائف المعروضة والمتوفرة، مما أدى إلى تفاقم البطالة الهيكلية إلى نسبة تتجاوز 25% بين الشباب العربي.

والسبب الرئيسي لواقع القوى البشرية والمهارات القليلة التي تمتلكها هو نوعية التعليم السائد، مرحلة الطفولة تعتبر صانعة المستقبل. وبقدر ما يمكن تشكيل وجدانها بالقدرات الأساسية وصقلها بمهارات التفكير والخيال والإبداع، بقدر ما يمكن قطف النتائج المرجوة عندما تدخل معترك الحياة ودنيا العمل.

جودة التعليم الأساسي مهمة جدا لتشكيل مواقف تلك الطفولة وبلورة اتجاهاتها من عالمي العلم والعمل، ومن عالم الغد. وإذا كانت مرحلة الطفولة بتلك الأهمية، وصقل مهاراتها بتلك الخطورة، فإنَّ نوعية التعليم تصبح قضية تهم المجتمع بأسره، وتتجاوز مهام وزارات التربية والتعليم، وتصبح مسؤولية جماعية تشترك فيها كل الوزارات وتشارك فيها عقول صفوة المجتمع ومدعوم بأفكار خبراء التعليم الدوليين.

المناهج الحالية تركّز على الحفظ والتلقين بدلًا من تنمية التفكير النقدي. ففي فنلندا مثلاً، يُدرَّب الطلاب منذ الصغر على حل المشكلات عبر مشاريع جماعية، بينما تُقيِّد مناهجنا العربية الإبداع بأسئلة نمطية. والنتيجة؟ جيل يفتقر إلى المهارات الحياتية كالعمل الجماعي والتكيُّف مع التحديات.

والخمول الاقتصادي، وتدني الإنتاجية، وعدم الرغبة في التعلم الذاتي، وتدني أخلاقيات العمل، وعدم القدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة، كل ذلك مرجعه النظام التعليمي العتيق السائد، الذي لا يتجاوب مع العصر، ولا مع متطلبات المستقبل.

التعليم الجيِّد يُعد الركيزة الأساسية لخلق أجيال واثقة من نفسها، وقادرة على التفاعل مع محيطها، ومع ما حولها، وتشكيل سلوكها النظري والعملي والإبداعي.

عملية تنمية القوى البشرية عملية معقدة وذات أبعاد مترابطة ومتداخلة، والتعليم الجيد يشكل حجر الرحى في تلك العملية. ولن نستطيع أن نتقدم أو نحقق أيًّا من أهدافنا الرئيسية؛ سواء أكان ذلك متعلقا بتقليل الحرمان الاجتماعي والاقتصادي أو التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة أو توفير فرص العمل الجيدة أو تعميق الصلة بيننا وبين العالم المتقدم، إذا لم يعط هذا الموضوع ما يستحقه من أهمية.

الثانوية العامة تُعد محطة انفصال من واقع إلى واقع جديد، وفي اليابان مثلًا، يُوجَّه طلاب الثانوية إلى مسارات متنوعة (تقنية، فنية، أكاديمية) وفق ميولهم وأيضًا وفق احتياجات البلد. أما في العالم العربي، فلا يزال النظام التعليمي يعتمد على التخصصات النظرية القائمة على الحفظ والتلقين من قبل معلمين هم أنفسهم بحاجة إلى إعادة تعليمهم. النظام التعليمي يُهمل المهن الحرفية. مثلًا: مصر تُنتج سنويًا نحو 500 ألف خريج جامعي، بينما تُعاني من نقص حاد في العمالة الفنية المؤهلة لقطاعات مثل النقل والطاقة والصناعات المختلفة.

وعلى الرغم أن الإنجليزية هي لغة العلوم الحديثة، فإن 70% من طلاب الثانوية في العراق مثلا (حسب تقرير اليونسكو 2022) لا يستطيعون قراءة جملة بسيطة بها، وهذا ينطبق على عمان أيضا، وهذا يعزل الطلبة عن مصادر المعرفة العالمية، كمنصة "كورسيرا" التي تقدم آلاف الكورسات المجانية، لكنها تبقى حكرًا على من يجيدون الإنجليزية، وبالتالي فإن الضعف في اللغة الإنجليزية، أصبح مثل جدار العزلة العلمية.

وقد تحوّل دور المعلم في الأنظمة الناجحة إلى مُرشد يُحفز الطلاب على التساؤل؛ ففي ماليزيا مثلا، يخضع المدرسون لدورات سنوية في أساليب التعليم التفاعلي، بينما يُقيّد المعلم العربي بمنهج جامد. وقد يُعاقب الطلبة إذا خرجوا عن الكتاب المدرسي، حتى لو كان الطلاب بحاجة إلى مناقشة قضايا كالتغير المناخي مثلًا.

نحن بحاجة إلى إيجاد ثورة حقيقية في النظام التعليمي وليس مجرد إيجاد بعض الإصلاحات.

لا يكفي زيادة الميزانيات المالية أو بناء مدارس جديدة. الإصلاح الحقيقي يحتاج إلى:

"مناهج مرنة" مثل: 1- تدريس البرمجة منذ الابتدائي، مثلما يتم الآن في الإمارات.

2. تدريب المعلمين: على غرار برنامج "تيسول" في الأردن لتعليم الإنجليزية عبر اللعب.

3- شراكة القطاع الخاص، كما يتم الآن في السعودية، حيث تُموِّل بعض الشركات أكاديميات متخصصة في المهن التقنية.

4-تعليم مختلط (أكاديمي + فني) كالنموذج الألماني الذي يدمج الدراسة مع التدريب المهني.

يقول المثل الصيني: "أفضل وقت لزراعة شجرة كان قبل 20 عامًا، وأفضل وقت تالٍ هو الآن.

التعليم ليس ترفًا؛ بل سلاح للبقاء في عصر الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي. وإذا لم نبدأ اليوم، فسيتسع الخرق أكثر... وعندها لن يبقى ما نرقع.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • من فيتنام إلى اليمن.. عندما تُهزَمُ أمريكا أمام الشعوب الحرة
  • «نظارة» تُغرم تشيكوني في «دراجات الألب»!
  • فينيسيوس كان قريباً من برشلونة!
  • صناعة الجوع: إرهاب مجتمعي صارخ
  • بعد سقوطها من الطابق الـ25.. فتاة صينية تنجو من الموت بأعجوبة
  • ابنة سليمان عيد تكشف اللحظات الأخيرة في حياته
  • إصلاح التعليم.. "عندما يتسع الخرق على الراتق"
  • مصرع شاب غرقًا في نهر النيل بأرمنت خلال احتفالات شم النسيم بالأقصر
  • العلياني: أخطأوا عندما ظنوا أن سور الشباب ليس عاليًا.. فيديو
  • الفهمي: راهن على الهلال ولا تراهن على النصر.. فيديو