لاعبة عربية تكسر صمتها وتكشف سرا "مؤلما وصادما" رافقها 34 عاما وجعلها ضعيفة وجبانة
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
خرجت لاعبة التنس التونسية السابقة، سليمة صفر، عن صمتها وكشفت عن تعرضها للتحرّش والاغتصاب من قبل مدربها في مدينة "بياريتز" جنوب غرب فرنسا، وهي في سن الـ12 عاما.
وقررت سليمة صفر كسر صمتها في سن الـ46، مؤكدة أنها عاشت هذا الكابوس طيلة 3 سنوات عندما التحقت بمركز التدريب.
وتحدثت سليمة لصحيفة ''ليكيب'' الفرنسية عن تعرضها للتحرش والاغتصاب من قبل مدربها Régis De Camaret (81 سنة)، قائلة: "عندما كنت أبلغ من العمر 12 سنة ونصف.
وأضافت لاعبة التنس في حوارها: "ضحيت بكل شيء حتى أصل إلى هدفي وعملت جاهدة من أجل ذلك.. طيلة حياتي كنت أفكر أنني ضعيفة وجبانة حتى أدركت في عمر الـ46 أنه بإمكاني الحديث عما تعرضت له.. اليوم آلامي تحولت إلى مشاعر أفتخر بها وأفتخر بما أصبحت عليه الآن".
"أتيت من بلد عربي.. وكل ما كنت أعلمه أن Régis De Camaret هو من أفضل مدربي التنس في فرنسا وفي العالم ككل... وكنت في حاجة إليه كي أصبح بطلة.. لكن في كل مرة كنت أعيش نفس الشيء (في إشارة إلى ما تعرضت له من اعتداءات جنسية).. كل هذا استمر لثلاث سنوات".
وتحدّثت بطلة التنس السابقة أيضا عن تأثير هذه الانتهاكات على حياتها الشخصية ومسيرتها الرياضية، قائلة: "كنت أتساءل دائما لماذا لم أتحل بالقوة لأقول لا.. كنت جبانة وكان الأمر قاسيا جدا".
ويذكر أن المدرب الذي اتهمته سليمة صفر بالاعتداء الجنسي يقبع حاليا في السجن بعد أن تمت إدانته سنة 2014 بعشر سنوات سجنا بسبب قضايا اغتصاب في حق لاعبتين سابقتين.
المصدر: "mosaiquefm.net"
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا
إقرأ أيضاً:
حناء عمتي سليمة
مثل كل مرة حين وضعتُ الحناء على كفّي يديّ، وانتشرت رائحته لتملأ المكان من حولي، زارتني صورة عمتي سليمة، تلك الروح الطاهرة التي رحلت وتبعتها رائحة الحناء في رحلتها، ما زلت أتذكر شعرها المصبوغ بالحناء والذي يخفي جميع شعيراتها البيضاء، وأظافرها الحمراء، ويديها المخضبتين بالحناء والورس، وباطن قدميها الذي صُبغ بلون أحمر للقضاء على جميع التشققات.
عشق عمتي سليمة للحناء امتد لمجموعة من أشجار الحناء التي زرعتها في صف طويل، تقطع أوراقها الخضراء في مواسم محددة، ثم تطحنها وتحولها لحناء طبيعي تصبغ بها يديها وحياتها.
منها ورثت حب الحناء بشكل كبير، منذ كنت طفلة صغيرة أجلس في حضنها، تأتي بوعاء دائري صغير تضع فيه الحناء وتخلطه بالماء بخبرة واضحة، تمسك عود الثقاب وترسم على يدي خطوطًا ونقاطًا كثيرة، ثم تحضر الوعاء الآخر الذي كانت قد جهزته منذ فترة وتصبّ عليه ماء ممزوجًا بليمون عماني يابس، وتبدأ بوضعه على باطن قدميّ الصغيرتين وهي تغني أغاني تراثية جميلة، وعندما أستيقظ من نومي تصر على رؤية تفاصيل الحناء على يديّ، تشمه وتقبل يديّ بكل حب وحنان.
في يوم من أيام طفولتي المنصرمة وهي تضع الحناء في قدمي، ضحكت وقالت بكل إصرار: سوف أضع الحناء لك في عرسك!
تبادل الأدوار بدأ بعد أن طالت قامتي، كنت أمسك رجليها وأضع طبقات من الحناء؛ لأقضي على كل تلك التشققات التي بدأت تهاجمها، وأفك ضفائر شعرها وأبدأ بوضع الحناء على تلك الخصل التي بدأ الشيب يغزوها، كانت تساندني بأغانيها الرقيقة، وصوتها الحنون يملأ أجواء الغرفة من حولنا.
تخبرني عمتي بحكايات كثيرة، عن طفولتها القاسية، عن الحناء الذي كانت تزرعه لتغطي تشققات أقدام أحبابها في البيت القديم، وعن البحر الذي غدر بزوجها وابنها الوحيد، وعن دموعها التي لم تنقطع، وعن رائحة الحناء التي تحارب بها كل الخدوش التي ترهق صدرها، وإثر كل حركة يؤلمها خدش وتنساب آلام ممتدة لا تنقطع.
قالت لي: أسميته صالح، كان ابنًا صالحًا بارًا، لم أضع له الحناء في عرسه كما وعدته، غادر الحياة حين كان عمره خمسة عشر ربيعًا، كان طويلا أسمر البشرة، تمنيت لو أنجبت أختًا له كنت سوف أسميها صالحة، وكانت سوف تبقى بقربي، وسوف أضع لها الحناء كل شهر.
وأكملت بحسرة: رحل صالح ولم تأتِ صالحة، وبقيت أتجرع مرارة أيام طويلة كانت بطعم العلقم، ورحلت قطعة عجزت عن تحديد حجمها من جسدي وروحي.
عمتي سليمة رجعت بعد سنوات عجاف للحناء تعجنه وهي تغني، وتضعه وهي تغني، رغم أني شاهدتها تبكي في أيام كثيرة حين تمر بالقرب من البحر، غير أنها حاربت حزنها بالحناء وصناعته، كانت تعشق اللون الأحمر الذي يتركه، وتحب تلك الرائحة التي تظل تعبق في غرفتها لأيام متتالية.
أخبرتني ذات يوم حين أصابني صداع قوي بأن وضع الحناء يساعد في التقليل من الصداع الذي يزورني في فترات متقاربة، ضحكت عليها في سري، وقد أيقنت بأن عمتي وضعت استخدامات كثيرة لتلك الشجرة، وما زلت أتذكر تلك الصفوف الطويلة من أشجار الحناء التي ملأت بها بيتها، أصبحت تصنع أكبر كمية من الحناء وتوزعها على بيوت الأقارب والجيران بنية الصدقة.
رفضت عمتي دخول الحناء الصناعي إلى بيتها، غضبت بشدة حين شمت رائحته القوية، ورفضت فكرة كل تلك المكونات الصناعية التي تدخل في تركيبه، تجدها تغير من قوامه ولونه، وتجعله كيانًا زائفًا غير طبيعي.
في يوم رأيتها تبكي وهي تزيل إحدى شجيرات الحناء التي أصابها الجفاف، تعجبت من تصرفها وازددت تعجبًا حين قالت: كلما رحلت شجيرة زرعتها بيدي، رحل شيء من روحي، أبكيها لأنها قطعة مني، مثل ولدي صالح ربيته ورحل، والحناء غرستها وسقيتها ورحلت بهدوء.
تحمل الشجيرة بصمت، وبعد أيام تزرع شجيرة جديدة مكانها غير أن قطعة من روحها التي رحلت لا تعود لجسدها أبدًا.
ذات عيد لم تعجن الحناء الذي جهزته مسبقًا، وضعته في كيس في المخزن القديم، كانت صديقتها صبيحة قد ماتت، بكتها لأسبوع كامل، لم تكن صبيحة صديقة فحسب، بل كانت قلبًا وروحًا أخرى لعمتي سليمة، حين دخلت عليها قالت لي ودمعة كبيرة تسقط من عينيها: «اليوم بعد فقدت قطعة أكبر من روحي»!
بعد وفاة صبيحة هاجم الضعف عمتي سليمة، كبرت سنوات عدة دفعة واحدة، صار لون شعرها أبيض بلون القطن، انحناء ظهرها أصبح أكثر بروزًا، حتى شجيرات الحناء أهملتها، تقضي السواد الأعظم من يومها في حوش الدار، فوق الحصير الذي اعتادت أن تجلس فيه مع صبيحة، أصبح حديثها مقتصرًا على حياة صالح وصبيحة، حين حدثتها عن الحناء تنهدت ورفعت رأسها نحو السماء، شعرت بالخوف حين أخبرتني أنها اشتاقت لصالح وصبيحة، وأن القطعة الصغيرة المتبقية من قلبها لن تسعفها لإكمال المسير.
أصبحت عمتي سليمة تجلس فوق الحصير صامتة أغلب وقتها، حاولت إغراءها بالحناء وبرغبتي في وضعه على يدها، ردت بعلامة من رأسها تدل على رفض قاطع.
أكلت التشققات قدميها، وطالت شجيرات الحناء ثم تداخلت مع بعضها وبدأت في الذبول، حدثتها عن وعدها لي بوضع الحناء في قدمي في ليلة الحناء، صمتت هذه المرة دون رد، شعرت بأن عمتي سليمة تذبل بسرعة هذه الأيام، أصبح حتى كلامها وطعامها يتناقص بطريقة واضحة، وتحدق في السماء معظم الأحيان.
بعد ثلاثة أيام من حديثي معها، وجدتها تجهز الحناء وتسكب عليه ماء الليمون المجفف، كانت تعجنه بحماس، وقالت لي: اليوم ضعي لي الحناء.
وضعتُ لها الحناء فوق كل تلك التشققات التي برزت بأشكال مختلفة، ووضعتْ رأسها على الوسادة، قبلتُ يديها بكل حنان، وقبّلتْ يديّ بحرارة، وأمسكتني لتتأمل ملامحي لدقيقة كاملة.
في الصباح ذهبتُ لأسألها عن الحناء الذي وضعته، تعجبتُ حين شاهدتُ باب غرفتها المغلق، فتحته بسرعة، وتحت الضوء المنبعث من المصباح وجدتُ جسد عمتي كما تركته بالأمس، رفعتُ الغطاء عنها بقلب مرتجف، هززتها عدة مرات، ما زالت رائحة الحناء تنتشر في أرجاء الغرفة، وقطعتي القماش تغطي قدميها، بينما نظراتها مصوبة نحو سقف الغرفة بكل صمت وسكون.
أمل المغيزوية قاصة عمانية