تحت رعاية كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك ( أم الإمارات ) رئيسة الإتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة،الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية ، نظم الإتحاد النسائي العام بالتعاون مع لجنة مؤتمر الأطراف كوب 28، جلسة حوارية تحت عنوان”المرأة الإماراتية والبيئة المستدامة”، أقيمت في مقر الإتحاد النسائي العام بمناسبة يوم المرأة الإماراتية الذي يأتي هذا العام تحت شعار”نتشارك للغد”.

وافتتحت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك فعاليات الجلسة بكلمة ألقتها نيابة عن سموها.. الشيخة حصة بنت سلطان بن خليفةآل نهيان، المستشارة بوزارة الخارجية.

وقالت سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك في كلمتها : “يسعدني أن أحييكم جميعاً، كما يسرني بمناسبة يوم المرأة الإماراتية أن أهنئ بنات الإمارات وجميع النساء المقيمات على هذه الأرض المعطاء، معربة عن خالص أمنياتي القلبية لهن بمزيد من التطور والازدهار في مسيرة حياتهن بما يواكب طموحاتهن وإمكاناتهن المبهرة، ليستكملن أدوارهن المحورية وإنجازاتهن الاستثنائية في جميع المجالات”.

وأضافت سموها: “اليوم ونحن ننعم بإنجازات دولتنا الغالية في جميع القطاعات، ونفخر بما أحرزته بلادنا من تقدم ومكانة رائدة وبشكلخاص في ملف دعم وتمكين المرأة، نستذكر بكل اعتزاز وإجلال القائد المؤسس ورمز الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيبالله ثراه”، الذي كان وراء كل نجاحات المرأة الإماراتية بفضل دعمه وتشجيعه للنهوض بابنة الإمارات، ليترك إرثاً ملهماً سيظل حياً خالداً في نفوس أبناء وبنات وطننا الغالي، زارعاً روح الطموح والتفاؤل، ومحفزاً على الإنجاز، ومقوياً العزيمة في مواجهة التحديات، وممهداً لشعبه الحبيب دروب النهضة والازدهار”.

 

وأضافت سموها: “مع كل عام نحتفل فيه بابنة زايد الحبيبة، تغمرني مشاعر التقدير والاحترام والثناء لكل امرأة تفانت في عملها لدعم مسيرةتنمية بلادنا العامرة واجتهدت لاستشراف مستقبل أكثر إشراقاً وتطوراً وبهاءً للوطن، كما يسعدني أن أحيي كل امرأة أخلصت في واجباتهاالأسرية كإبنة صالحة وزوجة مشجعة وأم مربية لأجيال المستقبل الذي أعتبره أعظم دور على وجه الأرض لما له من بالغ الأثر في إعدادأبنائنا وبناتنا ويضمن الحفاظ على ثقافتنا وجذورنا الأصيلة المتوارثة بين الأجيال، لتظل دولتنا الحبيبة رمزاً من رموز التواصل الرصين بينالماضي والحاضر والمستقبل، وواحة إبداع وابتكار وعطاء إنساني لا ينضب، في ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايدآل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله وسمو الشيخ منصور بن زايد ال نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة وأخوانهم أصحاب السمو أعضاءالمجلس الأعلى للإتحاد حكام الإمارات، التي تعمل وتحرص كل الحرص أن يكون لدولتنا بُعد حضاري وإنساني مرموق، يصنع المستقبل الملائم لأجيالنا القادمة”.

وأوضحت سموها: “في عام الاستدامة الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، ليكون شعارعام 2023، ومع اقتراب موعد استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ(COP28)، يظهر جلياً مدى إيمان القيادة الرشيدة بقدرة المرأة ويؤكد ثقتها فائقة الحدود في إمكاناتها المخلصة على القيادة والعطاء، وذلك من خلال تعيين معالي شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة تنمية المجتمع رائدة مناخ للشباب، ورزان المبارك رائدة المناخ للمؤتمر،وبالتوازي مع ذلك، تواصل معالي مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة، متابعة تنفيذ خطط واستراتيجيات الدولة في مجالات تغير المناخ والبيئة والأمن الغذائي والمائي، فضلاً عن العدد الكبير من العنصر النسائي الذي سيعمل ضمن الفريق الوطني لخروج هذا الحدث العالمي بالصورة التي تليق بالمكانة الرائدة للإمارات في منظومة العمل الخاصة بالتغير المناخي عالمياً”.

وأكدت سموها: “تُعد مشكلة تغير المناخ بالغة الأثر على العالم أجمع، لاسيما بعدما ازدادت وتيرتها في الآونة الأخيرة وتضاعفت موجات الحر والجفاف والأعاصير وحرائق الغابات والفيضانات المدمرة، وأصبحت تؤثر سلباً على أمن واستقرار الدول، ويصعب الأمر بشكل أشدوطأة على الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفاً وفى مقدمتها النساء، الأمر الذي تداركته دول العالم والمؤسسات الأممية المعنية بمكافحة الأضرارالبيئية الناتجة عن التغير المناخي، ومن ثم بدأ العمل على وضع الأطر والاتفاقيات الخاصة بـ”العمل المناخي المستجيب للنوع الاجتماعي”.

وتابعت سموها: “ومن هذا المنطلق يعمل الاتحاد النسائي العام وفق توجيهات القيادة الرشيدة على إطلاق مبادرات تعزز من جهود الدولةلحماية المناخ لصالح الأجيال القادمة وتتيح بيئة تمكينية للمرأة وزيادة الوعي العام حول المساواة بين الجنسين وتغير المناخ، وذلك نظراًلأهمية مشاركة المرأة في منظومة العمل الخاصة بالتغير المناخي، والتي لها دور مؤثر في معالجة جذور التحديات العالمية التي تؤثر على منظومة التنمية المستدامة ولعل التغير المناخي من أهم ركائزها، ولعل من أبرز المبادرات التي تم إطلاقها مبادرة “التغيير المناخي والمساواةبين الجنسين”، التي جاءت بتنظيم من وزارة الخارجية والاتحاد النسائي العام ومكتب اتصال هيئة الأمم المتحدة للمرأة في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث عملت على إقامة برنامج شامل من الفعاليات لتفعيل دور المرأة في حوارات التغير المناخي”.

وأشارت سموها: “ومن هذا المنطلق يسرنا أن نؤكد أن دولة الإمارات تتطلع دائماً للعمل مع جميع الحكومات والهيئات والمنظمات الدوليةالمعنية لتعزيز دور المرأة في حماية البيئة وتحقيق الاستدامة، لما تمثله المرأة من محرك رئيس لإيجاد حلول مبتكرة لمواجهة تداعيات التغيراتالمناخية على كافة الأصعدة، ونحن كلنا ثقة بأن هناك توافقا عالمياً في هذا الشأن، بما يبشر بالقدرة على إيجاد حلول أكثر إبداعاً وإمكانيةأكبر للابتكارات التي تلبي احتياجات العالم فيما يعنى بالاستدامة وتغير المناخ”.

واختتمت سموها: “بهذه المناسبة الغالية على قلوبنا أقول لكل النساء والفتيات المخلصات للوطن.. الملتفات حول القيادة.. المتطلعات لأن تكونب لادهن في المقدمة دائماً نقول حفظكن الله.. رعاكن الله.. ووفقكن الله لخدمة الوطن الغالي. أمامنا أعوام مديدة تمضي فيها بلادنا نحومستقبل أعظم وأجمل بإذن الله تعالى. بكن ومعكن يا بناتي الغاليات سنضيف إنجازات جديدة، ونسير بنموذجنا الإماراتي إلى أرحب الآفاق ونتابع الخطى في دروب التنمية، ونواصل مسيرة التقدم، ومنافسة دول العالم على المراكز الأولى في كل مؤشرات التنمية المستدامة”.

ومن ناحيتها قالت سعادة رزان المبارك، رئيسة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، في كلمة ألقتها نيابة عن فريق عمل مؤتمر الأطراف كوب 28: “يسرني أن أتوجه بالشكر للاتحاد النسائي لإقامة هذا التجمع المبارك ولالتزامهم بجدول النهوض بالمرأة الإماراتية. وفي هذا اليوم نحتفل جميعا بثمرات هذه المسيرة المعطاءة، حيث يتم منح أكثر من نصف الشهادات الجامعية في مجالات العلوم والتكنولوجيا الى النساء وفي مجال البيئة تتولى النساء جميع هيئاتنا البيئية الحكومية. كما تشكل المرأة نصف المجلس الوطني الاتحادي وثلث مجلس الوزراء”.

وأضافت: “بمناسبة يوم المرأة الإماراتية الذي يتزامن مع ذكرى تأسيس الاتحاد النسائي العام لدولة الإمارات العربية المتحدة في عام1975، أتقدم بالشكر والعرفان لمقام سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك التي قالت وفعلت، التي حرصت وثابرت، التي عملت على نهج متسق ليس فقط لتمكين المرأة ولكن من خلالها خلقت وطن متأصل بثقافة وقيم ونهج زايد الخير ويشرفني حقا تولي منصب رائدة الأمم المتحدةللمناخ في الفريق القيادي لمؤتمر الأطراف COP28 جنبا الى جنب مع معالي شما المزروعي، بصفتها رائدة الشباب في (COP28). كأول رئيسة عربية في تاريخ الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة – الذي يعد أكبر منظمة عالمية تعنى بالطبيعة أشعر بكل الامتنان للفرص التي أتيحت لي في موطني. كما افتخر بمشاركة العديد من النساء وتمثيلهن القوي لدولتنا في مؤتمر الأطراف (COP28) حيث يمثلن أكثر من النصف من مفاوضينا”.

وأضافت : “بحكم منصبي كرائدة الأمم المتحدة للمناخ لمؤتمر الأطراف COP28 سوف أباشر بالعمل على المعادلة بين الجنسين وذلك منخلال زيادة التمثيل وإبراز التجارب المختلفة للنساء المتأثرات بتغير المناخ ولا سيما من مجتمعات الخطوط الأمامية ، إذ أن غالبا ما تكون النساء خاصة في مجتمعات الشعوب الأصلية والقروية أول من يعاني من آثار تغير المناخ وفقدان الطبيعة ومع ذلك كثيرا ما يتم استبعادهن من اتخاذ القرارات التي تؤثر عليهن بشكل مباشر ولا أن تتغير هذه الآلية كرائدة الأمم المتحدة للمناخ يتمحور دوري على حشد الجهاتالفاعلة غير الحكومية، مثل الشركات الخاصة والمؤسسات الخيرية ومنظمات المجتمع المدني وغيرها لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق أهداف اتفاق باريس والتواصل مع الأطراف لسد الفجوات”.

ومن جانبها أعربت سعادة هيفاء الكيلاني، رئيسة مجلس إدارة المنتدى العربي الدولي للمرأة، عن سعادتها بالمشاركة في إحتفال دولةالإمارات العربية المتحدة بيوم المرأة الإماراتية، مبدية اعتزازها بالدور الريادي الذي تقدمه دولة الإمارات في دعم وتمكين المرأة وإدماجها في مجال الأعمال والتطوير المستدام في مختلف القطاعات.

وتقدمت بجزيل الشكر والتقدير إلى سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، للدعم الكبير والسخي الذي تقدمه للمرأة لتتمكن من تبوؤ مكانتهاالمستحقة وتعزيز قدراتها والإيمان بها حتى تمكنت من الوصول إلى أعلى المراكز القيادية في شتى المجالات.

وأكدت سعادتها أن تعيين دولة الإمارات للقيادات النسائية في مؤتمر المناخ كوب 28 يعزز التزامها بمستقبل مستدام على نطاق عالمي ويوجه رسالة عالمية حول التغلب على المعوقات وبناء جسور التعاون المشترك، لافتة إلى أن التقدم الكبير الذي وصلت له الإمارات يعد نتيجةعقود من الاستثمار الاستراتيجي من قبل القيادة الرشيدة في مجال التعليم، مما جعل دولة الإمارات مركز ذو مستوى عالمي للمعرفةوالبحوث والعلوم.

وأضافت: “يتشرف المنتدى أن يكون قد حافظ على علاقات قوية متميزة مع دولة الإمارات ونسائها من المبتكرات والقياديات. بينما نتطلع بحماس إلى مؤتمر الأطراف كوب 28 والنتائج الكبيرة المتوقعة من الحدث، نتمنى لجميع نساء الإمارات أطيب التمنيات بتحقيق مزيد منالإنجازات والنجاحات”.

وشارك في الجلسة نخبة من أبرز الشخصيات المؤثرة، إذ تحدثت معالي مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة، عن أهميةالدورة الـ 28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التغير المناخي “كوب 28” للعالم عامة ولدولة الإمارات العربية المتحدة علىوجه الخصوص، كما استعرضت استراتيجية الدولة من خلال وزارة التغير المناخي والبيئة في مواجهة التحديات التي تواجه ملف التغيرالمناخي واستدامة البيئة لأجيال الغد.

ومن جانبها قدمت سعادة الدكتورة نوال الحوسني، المندوب الدائم للدولة لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا”، خلال مشاركتها في الجلسة، نبذة عن دور الوكالة الدولية للطاقة، وتحدثت عن أهم التحديات التي تواجه العالم بشكل عام ودولة الإمارات بشكل خاص في مجالالطاقة، كما سلطت الضوء على جهود الدولة في مجال الطاقة النظيفة والبديلة وعلاقة ذلك بمواجهة التغير المناخي.

فيما تطرقت سعادة طيبة الهاشمي، الرئيس التنفيذي لأدنوك البحرية، للتحدث عن خطوات الدولة من خلال قطاع النفط والغاز في التوجهن حو مستقبل أكثر استدامة، وكذلك جهود أدنوك في تحقيق هذه الرؤية.

ومن ناحيته شارك عمر اليزيدي، نائب مدير عام المركز الوطني للأرصاد، بورقة عمل خلال الجلسة وتحدث عن مدى التغييرات والتأثيرات خاصة بالمناخ في الدولة خلال السنوات الأخيرة واستعراض جهودالدولة وجاهزيتها في التنبؤ العواصف والأمطار الغزيرة واتخاذ الإجراءات الاحترازية وتوعية المجتمع بها، وحرص خلال كلمته على تقدير دورالمرأة الإماراتية ومساهماتها في المركز الوطني للأرصاد.

وفي ختام الجلسة قدمت الطالبة غاية الأحبابي، سفيرة اليونيسيف لكوب 28 لليافعين، كلمة أجيال المستقبل، والتي قالت خلالها إن المرأةالإماراتية لطالما اهتمت بتعزيز الاستدامة من قبل أن يظهر هذه المفهوم على الساحة ويتم تداوله بشكل واسع والالتفات إلى غايته، حيثكانت تعمل منذ القدم على الاهتمام بالزراعة المنزلية والإبداع في إعادة تدوير جميع الأشياء المنزلية بطريقة مبتكرة وجميلة، مشيرة إلى أنهاتعمل هي وأبناء جيلها للسير على هذا النهج في سبيل الحفاظ على البيئة.

وأضافت: “من خلال عملي كسفيرة اليونيسيف لكوب 28 لليافعين أواصل مع أقراني العمل على صنع نموذج مميز لمشاركة اليافعين فيمؤتمر “COP28″ بما يجسد رؤية حكومة الدولة وتوجه القيادة الرشيدة لإعداد اليافعين الإماراتيين للقيادة في المستقبل لعملية صناعةالقرار في العمل المناخي، ونحن نعمل حالياً للمساهمة في رفع وعي الأطفال واليافعين بدور الإمارات في قضايا المناخ، والأخذ بآرائهمواحتياجاتهم في سياسة المناخ الدولية، مع فتح باب الحوار ودعم الابتكار لبناء الوعي حول أهمية دورهم في تفعيل أهداف التنمية المستدامةفي دولة الإمارات”.

وضمن فعاليات الحدث أعلن الاتحاد النسائي العام بالتعاون مع المركز الوطني للأرصاد الجوية عن تدشين شاشة إلكترونية خاصةبالاستدامة، تخدم سكان منطقة المشرف عبر تقديم بث حي ومباشر حول الحالة الجوية ونسب التلوث والنقاء اليومية، وذلك لخدمة احتياجات سكان المنطقة الصحية والرياضية والبيئة، حيث تتواجد الشاشة عند التقاطع الرئيسي للشارع العام المؤدي إلى مبنى الاتحاد النسائي العام.

وعلى هامش الجلسة نظم الاتحاد النسائي العام معرضا مصاحبا ضم ملابس وأدوات تراثية مصنعة من مواد معاد تدويرها، إذ يعكس الزي التقليدي للمرأة الإماراتية جانبا من التراث الإماراتي، وتم تنفيذ المنتجات من قبل أكاديمية الحرفيات الإماراتيات التي أطلقتها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك عام 2020، بهدف تعزيز التراث الإماراتي ونقله للأجيال القادمة.


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

البابا فرنسيس.. بطل في العمل المناخي

طه حسيب (أبوظبي)

رَحَلَ البابا فرنسيس بعد إنجازات غير مبسوقة في تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، أهمها: توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي مع شيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب في 4 فبراير2019، وتعزيزه للحوار بين الأديان، وقيامه بزيارات غير مسبوقة لأربع دول عربية وإسلامية، مقدماً رسائل كبرى في الحوار والتسامح والعيش المشترك. 
 وفي المجال البيئي والتحذير من خطر التغير المناخي، ترك البابا الراحل تركة ثرية، أهمها إصدار وثيقة «لاوداتو سي» أو «كن مسبِّحاً» في عام 2015 بهدف حماية البيئة ومواجهة التحديات الناجمة عن التغير المناخي. ومن إنجازات البابا فرنسيس، أنه بذل جهداً لفتح عيون كاثوليك العالم البالغ عددهم 1.3 مليار نسمة لمخاطر تغير المناخ، وطوال حياته، كان صريحاً بشأن هذه المخاطر، خاصة تأثيرها على أفقر دول العالم وأكثرها ضعفاً، وخلال قيادته للكنيسة الكاثوليكية، تحدث البابا فرنسيس بشكل متكرر عن تغير المناخ.
البابا فرنسيس اسمه الأصلي: خورخي ماريو بيرغوليو، اختار اسمه البابوي تيمناً باسم القديس فرنسيس الأسيزي (1181-1226 ميلادية)، الشهير بحبه للفقراء والمهمشين واهتمامه بالطبيعة، حيث تبنى فرنسيس الأسيزي منطق احترام الطبيعة ورعاية جميع مكوناتها بدلاً من الهيمنة عليها في إطار صداقة بين الكائنات ضمن ما يسمى بـ «العائلة العالمية». 

وبالعودة إلى وثيقة «لاوداتو سي»، فإنها تتكون من 6 فصول و73 فقرة، أراد من خلالها البابا فرنسيس أن يحدد ويكمِّل ما أكّده حول علم البيئة المتكامل، ليطلق إنذاراً ودعوةً إلى المسؤولية المشتركة إزاء حالة الطوارئ المتعلقة بالتغير المناخي. 

في الفصل الأول من الوثيقة، يؤكد البابا الراحل أن علامات التغير المناخي مهما حاولنا أن ننكرها أو نخفيها أو نجعلها نسبية، إلا أنَّها حاضرة وأكثر وضوحاً، ويضيف أن السنوات الأخيرة شهدت ظواهر مناخية متطرفة، وظهرت فترات متكررة من الحرارة غير الطبيعية والجفاف، وغيرها من تذمرات الأرض، إنه مرض صامت يؤثر علينا جميعاً.
دعوة للصدق والشجاعة والمسؤولية

وتقول الوثيقة: «إن الحدّ من الغازات المسبّبة للاحتباس الحراري يتطلّب صدقاً وشجاعةً ومسؤوليةً، وبالأخص من قِبَل البلدان الأكثر قدرة والأكثر تسبباً في التلوث. أما مؤتمر الأمم المتحدة حول التنمية المستدامة، المُسَمّى ريو+20 (ريو دي جانيرو 2012)، فقد أصدر بياناً نهائيّاً مسهباً في محتواها وفي عدم جدوها. فالمفاوضات الدولية لا تستطيعُ إحرازَ تقدّم ملحوظ بسبب مواقف البلدان التي تضع مصالحها الوطنية الخاصة فوق مصالح الخير العام العالمي». 

 وفي الوثيقة، يحذر البابا فرنسيس من أن «بعض التغيرات المناخية التي يسببها الإنسان تزيد بشكل كبير من احتمال وقوع أحداث متطرفة أكثر تواتراً وأكثر شدة». وإذ ذكّر أنه إذا تمَّ تجاوز زيادة درجة الحرارة بدرجتين مئويتين «سوف تذوب القمم الجليدية في غرينلاند وجزء كبير من القارة القطبية الجنوبية، مع عواقب هائلة وخطيرة على الجميع».
ما نشهده الآن هو تسارع غير عادي في ظاهرة الاحتباس الحراري، بسرعة كبيرة لدرجة أنه لا يستغرق الأمر سوى جيل واحد - وليس قروناً أو آلاف السنين لكي نتنبّه لذلك. وبالتالي «من المحتمل في غضون سنوات قليلة أن يضطر العديد من السكان إلى نقل منازلهم بسبب هذه الأحداث». كذلك درجات الحرارة القصوى هي «تعبيرات بديلة للسبب عينه». 

إشادة سايمون ستيل 

أخبار ذات صلة الفاتيكان يحدد موعد جنازة البابا فرنسيس اجتماع في روما لترتيب جنازة البابا فرنسيس

وعن رحيل البابا فرنسيس، يقول سايمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC): «البابا فرنسيس قامة كبرى ورمز شاهق للكرامة البشرية، وبطل عالمي في العمل المناخي، وأيضاً لعب دوراً حيوياً في توصيل رسالة التغير المناخي». 
وأوضح ستيل أن دعوة البابا الدؤوبة ذكّرتنا بأنه لا يمكن أن يكون هناك أي ازدهار مشترك حتى نصنع السلام مع الطبيعة، ونقوم بحماية الأكثر ضعفاً، حيث إن التلوث والتدمير البيئي يضعان كوكبنا على مقربة من نقطة الانهيار.
وأضاف ستيل أن البابا فرنسيس كان لديه معرفة عميقة وعملية بتعقيدات التغير المناخي، وجمعت قيادته قوى الإيمان والعلم لتقديم الحقائق وتسليط الضوء على تكاليف أزمة المناخ لمليارات الناس.
وحسب ستيل، «سيشعر الملايين بالحزن العميق على رحيل البابا فرنسيس، لكن رسالته ستظل حية وهي: أن الإنسانية مجتمع. وعندما يتم التخلي عن أي مجتمع واحد، وتركه للفقر والجوع والكوارث المناخية والظلم، فإن البشرية جميعها تتضاءل بعمق، مادياً وأخلاقياً». 

آل جور: بابا الشعوب

 نائب الرئيس الأميركي الأسبق، الناشط البيئي المخضرم آل جور، أكد في تدوينة على منصة إكس أن «البابا فرنسيس سيتذكره الجميع بكونه (بابا الشعوب)، لقد كان بطلاً لا يكل في مجال العمل المناخي، لما لديه من قناعة راسخة بأنه من أجل رعايتنا بعضنا بعضاً وحماية الأكثر ضعفاً بيننا ينبغي علينا أن نوقف تدمير خلق الله.. وأن قيادته المتواضعة في أزمة المناخ دشنت حركة أخلاقية ستستمر في إضاءة الطريق إلى الأمام للبشرية. ألهمت دعوته للعدالة الاجتماعية والاقتصادية المليارات في جميع أنحاء العالم». 

رسالة فرنسيس إلى «كوب 28»

وفي رسالته الموجهة إلى مؤتمر «كوب 28» الذي انعقد في دبي خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 13 ديسمبر 2023، أكد البابا فرنسيس ضرورة أن يحقق المؤتمر «تحولاً حاسماً» في جهود التصدي للتغير المناخي، مستنكراً تغليب البعض المصالح الخاصة على الصالح العالمي للبشرية. وقدم البابا آنذاك رسالة واعية عن التحول المنشود في مجال الطاقة، حيث قال «لا يمكننا التخلي عن الحلم بأن يؤدي (كوب 28) إلى تسريع حاسم لتحول الطاقة بتبني التزامات فعالة يمكن مراقبتها بشكل دائم»، مضيفاً أن «المفاوضات الدولية بشأن خفض الانبعاثات لا يمكن أن تحرز تقدماً بشكل ملموس بسبب مواقف البلدان التي تفضل مصالحها الوطنية على الصالح العام العالمي». وأشار إلى أنه «على الرغم من المفاوضات والاتفاقيات العديدة إلا أن الانبعاثات العالمية مستمرة في النمو»، مشيراً إلى أن «التحول الضروري نحو الطاقات النظيفة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والتخلي عن الوقود الأحفوري لا يمضي بالسرعة الكافية». 

تنمية تتميز بالإنسانية

 وفي الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29) الذي انعقد في باكو بأذربيجان من 11 إلى 22 نوفمبر 2024، وكان هدفه الرئيس حشد المزيد من التمويل لدعم وتحفيز العمل المناخي، وجَّه البابا الراحل رسالته، داعياً إلى هيكلية مالية دولية جديدة تتمحور حول الإنسان، وتنطلق من مبادئ المساواة والعدالة والتضامن، مشيراً إلى أنه لدينا الموارد التكنولوجية والبشرية اللازمة لتغيير المسار والوصول إلى تنمية متكاملة تتميز بالإنسانية والاشتمال.
وأكد البابا في رسالته إلى «كوب 29»، أن «المعطيات العلمية المتوافرة لدينا تشير إلى أن الحفاظ على الخليقة بات اليوم مسألة ملحة للغاية لا تقبل الانتظار، كما أنها مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالحفاظ على السلام، ثم حذّر من أنانية الأفراد والدول والمجموعات، التي تغذي أجواء انعدام الثقة والانقسامات، ولا تتلاءم مع احتياجات عالم نعيش فيه جميعاً كأعضاء في عائلة واحدة». ولفت إلى أن «المجتمع المعولم جعل منا جيراناً لكن لم يجعل منا أخوة. كما أن التنمية الاقتصادية لم تحد من عدم المساواة، بل على العكس لقد ساهمت في تقديم المصالح الخاصة على حساب مبدأ حماية الضعفاء، فضلاً عن كونها فاقمت المشاكل البيئية».
وفي 5 سبتمبر 2024، دعا البابا فرنسيس للتصدي لخطر تغير المناخ والتطرف، أثناء زيارته‭ ‬لمسجد الاستقلال في جاكرتا، هو أكبر مسجد في جنوب شرق آسيا. وخلال رحلة البابا إلى إندونيسيا، أصدر البابا إعلاناً مشتركاً مع إمام إندونيسيا الأكبر نصر الدين عمر، دعا خلاله إلى «اتخاذ إجراءات حاسمة» للتصدي لظاهرة الاحتباس الحراري.
رؤية صائبة ودعوات مخلصة لمواجهة التغير المناخي والحفاظ على الطبيعة، ترجمها البابا فرنسيس في خطوة عملية هي وثيقة «لاوداتو سي» أو «كن مسبِّحاً» في عام 2015 بهدف حماية البيئة ومواجهة التحديات الناجمة عن التغير المناخي، إضافة إلى رسائله لمؤتمرات المناخ السنوية، كل هذا يترك بصمة خالدة له كقيادة دينية عالمية كبرى في العمل المناخي. 

مقالات مشابهة

  • الشيخة فاطمة: أعتز بابنة الإمارات وأشدُّ على يديها
  • برعاية الشيخة فاطمة.. أبوظبي تستضيف مؤتمر «تمكينها»
  • الشيخة فاطمة بنت مبارك: المعرفة والعلم قوة
  • الشيخة فاطمة: مبادرة “بركتنا” تعزز رؤية القيادة الرشيدة في دعم كبار المواطنين
  • الشيخة فاطمة بنت مبارك تكرم الخريجات المتفوقات من مؤسسات التعليم العالي
  • برعاية الشيخة فاطمة.. أبوظبي تستضيف مؤتمر “تمكينها ” لتسريع التمكين الاقتصادي للمرأة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية
  • الشيخة فاطمة: مبادرة «بركتنا» تعزز رؤية القيادة الرشيدة في دعم كبار المواطنين
  • الشيخة فاطمة: «بركتنا» تعكس رؤية القيادة في بناء مجتمع مستدام
  • الشيخة فاطمة: مبادرة «بركتنا» تعكس رؤية الإمارات في بناء مجتمع مستدام
  • البابا فرنسيس.. بطل في العمل المناخي