القراءة الأولية لخطاب البرهان تقول بأن الخطاب مثل صفعة قوية على خد الحرية والتغيير، وان مضمونه اعلانا لحقيقة معلومة من واقع الميدان، وهي بأن استراتيجية الجيش تقوم على سحق القوة المتمردة وإنهاء التمرد،

ولكن الناظر للمشهد الكلي يثير فضوله تناقض هذا الخطاب مع قبول الجيش بمنبر جدة للتفاوض، والتأويل للقبول ليس مرهقا ولا يحتاج إلي عبقرية، فالجيش يري في منبر جدة طريقا لمسار واحد وهو استسلام القوة المتمردة، مع شروط وضمانات معلومة في مثل هذه المفاوضات ،

وعليه فإن أحلام اليقظة التي حاولت قوي الحرية والتغيير ان تجعلها حقيقة بخطاب بائس من حزب الأمة وياسر عرمان موجه للفريق البرهان بعد خروجه، رد عليها الرجل بحسم يشبه طبيعة الصراع على الارض، مسار جدة ليس منصة للتفاوض السياسي وإنما تفاوض لإنهاءالحرب، أتمني أن يصدق البرهان في أقواله وان لا يسقط في أول اختبار لهذه الأقوال في ميدان الحقيقة.

علي عثمان

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

هوغو بال والدادية: فن الفوضى أم فلسفة الحرية

عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، أحدثت دمارًا هائلًا في أوروبا، مما أدى إلى فقدان الثقة في القيم التقليدية التي كانت تحكم العالم. في ظل هذه الفوضى، وُلدت حركة فنية جديدة قلبت المفاهيم الجمالية رأسًا على عقب: الدادية. كان هوغو بال أحد أبرز مؤسسي هذه الحركة، والتي لم تكن مجرد اتجاه فني، بل كانت ثورة فكرية رفضت المنطق والعقلانية، وسعت إلى إعادة تعريف الفن بطرق غير مسبوقة.

ما هي الدادية؟

ظهرت الدادية في عام 1916 داخل كاباريه فولتير في زيورخ، حيث اجتمع فنانون وأدباء هاربون من الحرب، وقرروا التمرد على كل ما يمثله المجتمع التقليدي، من السياسة إلى اللغة وحتى الفن نفسه. رفضت الدادية فكرة أن الفن يجب أن يكون جميلاً أو منظمًا، وبدلاً من ذلك، تبنت العشوائية والعبث والسخرية كأسلحة ضد النظام الذي أدى إلى الخراب.

هوغو بال: الأب الروحي للفوضى الفنية

كان هوغو بال أحد الشخصيات المحورية في هذه الحركة، واشتهر بأدائه الشعري الغريب الذي كان يعتمد على أصوات وكلمات غير مفهومة، مثل قصيدته الشهيرة “كراتش كراسش”. رأى بال أن اللغة التقليدية فقدت معناها بسبب استخدامها في الدعاية السياسية والحرب، فابتكر لغة صوتية جديدة تعبر عن مشاعر إنسانية خالصة، بعيدًا عن القيود اللغوية المعتادة.

الفوضى أم الحرية؟ جدل لم ينتهِ بعد

واجهت الدادية انتقادات كثيرة، حيث اتهمها البعض بأنها عبثية بلا هدف، بينما رأى آخرون أنها كانت تحاول تحرير الفن من القيود المفروضة عليه. كان هوغو بال نفسه يؤمن بأن الدادية ليست مجرد عبث، بل هي دعوة لإعادة النظر في كل شيء، حتى في أكثر الأفكار بداهة.

إرث الدادية في الفن المعاصر

على الرغم من أن الدادية كحركة لم تستمر طويلًا، إلا أن تأثيرها امتد إلى العديد من الحركات الفنية اللاحقة مثل السريالية والفن المفاهيمي. كما يمكن رؤية تأثيرها في ثقافة البانك، والكولاج، وحتى في بعض أشكال الفنون الرقمية الحديثة التي تعتمد على العشوائية والتجريب.

كانت الدادية أكثر من مجرد حركة فنية، بل كانت موقفًا فلسفيًا تجاه العالم، وخاصة تجاه مجتمع دمرته الحرب. وبينما قد تبدو أعمال الداديين غير مفهومة أو صادمة، إلا أنها كانت محاولة جريئة لإعادة تعريف ماهية الفن. واليوم، لا يزال الجدل قائمًا: هل كانت الدادية فوضى بلا معنى، أم أنها كانت قمة الحرية الإبداعية؟


 

مقالات مشابهة

  • تراجع ترامب عن خطاب التهجير.. ما الذي حدث؟
  • هوغو بال والدادية: فن الفوضى أم فلسفة الحرية
  • اليوم.. قطع التيار الكهربائي عن عدة مناطق بحي الزهور ببورسعيد
  • الحرب وجمود الخطاب
  • بسبب تأييده لفلسطين.. الشرطة الألمانية تستدعي مخرج صيني بمهرجان برلين السينمائي
  • قرابة 14 ألف شخص.. جهود البحث عن مفقودي غزة تصطدم بحائط الاحتلال
  • السوداني يطمئن المسيحيين العراقيين: مستمرون في محاربة خطاب الكراهية وتعزيز التنوع الديني
  • الأغا: تسليم الجثامين في خان يونس صفعة لنتنياهو وفشل استخباراتي للاحتلال الإسرائيلي
  • أحمد الأغا: تسليم جثامين الإسرائيليين في بني سهيلة صفعة لنتنياهو وفشل استخباراتي للاحتلال
  • كاتب صحفي: تسليم جثامين الإسرائيليين صفعة لـ«نتنياهو» وفشل استخباراتي للاحتلال|فيديو