مقاتلات «أف 16» لن تغير حرب أوكرانيا
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
مقاتلات «أف 16» لن تغير حرب أوكرانيا
إسرائيل تتوفر على أكثر من 250 مقاتلة «أف 16»، ولا تنفعها لا في مواجهة حزب الله ولا إيران حاليا.
روسيا الآن تعتبر أنها تخوض حربا حقيقية، وبالتالي مستعدة لكل الاحتمالات بما فيها مواجهة الحلف الأطلسي.
لم تعد الطائرات المقاتلة تحسم الحروب، لو كانت تحسم الحروب لكانت دول الخليج قد قضت على المقاتلين الحوثيين في حرب اليمن.
هل ستغير مقاتلات «أف 16» مجرى الحرب الحالية كما يصدر عن الكثير من السياسيين والرئيس الأوكراني زيلينسكي نفسه؟ الجواب سيكون بالنفي
سيكون أسهل للروس إسقاط طائرة مقاتلة مثل «أف 16» بدل المسيرات التي تعتبر أكبر تحد لأنظمة الدفاع الجوي لأنها جديدة ومفاجئة للجيوش.
توجد معطيات ميدانية لا يمكن تجاهلها فقد شيدت روسيا أسوارا بطول 800 كلم تفصل الشرق عن باقي أوكرانيا وتبقى عملية تجاوزها صعبة للغاية.
لم تعد لأوكرانيا قواعد كافية لحماية المقاتلات، إذ يبقى السؤال: أين ستخفي هذه المقاتلات من أعين الأقمار الاستطلاعية الروسية ومن الصواريخ فرط صوتية؟
كانت روسيا تعتبر التدخل العسكري «عملية عسكرية» بمعنى أنها محدودة، حيث راهنت على انقلاب القيادة العسكرية الأوكرانية ضد الرئيس لإنقاذ البلاد من الدمار.
كل حديث عن سلاح جديد ترافقه بروباغندا كبيرة، وهو ما حدث مع نظام الدفاع الجوي الأمريكي «باتريوت»، وتكرر مع صواريخ «هيمارس» ثم مع دبابات «ليوبارد».
صممت أنظمة الدفاع الجوي الروسي خلال الأربعين سنة الأخيرة لمواجهة المقاتلات الغربية من طراز «أف 16» و«أف 15» و«أف 18» ثم «أف 35» ورافال ويوروفايتر.
* * *
يركز الإعلام الغربي كثيرا على فرضية تسليح القوات الأوكرانية بمقاتلات «أف 16» الأمريكية، ويبّشر بتغيير مقبل في ميزان الحرب لصالح أوكرانيا ضد روسيا خلال الشهور المقبلة.
غير أن استعمال هذه المقاتلات لن يحدث أي تغيير مثلها مثل باقي الأسلحة التي جرى الترويج لها في الماضي. هذا يدفع إلى التساؤل حول مصداقية الأخبار الواردة في وسائل إعلام، تعتبر رزينة، حول مسار الحرب ونوعية التحليلات والمعلومات.
بعد اندلاع الحرب الروسية ضد أوكرانيا، أي ابتداء من شهر مايو/أيار من السنة الماضية، بدأ تيار في الغرب مكون من سياسيين وإعلاميين وخبراء في التاريخ العسكري والعتاد الحربي، يحاولون إقناع الرأي العام الغربي وجزء كبير من العالم بقرب الحسم في الحرب، بفضل قرار الحلف الأطلسي تزويد أوكرانيا بالسلاح المتطور.
وعمليا، بدأ الإعلام الغربي يطالعنا ومنذ يناير/كانون الثاني الماضي عبر حلقات بمزايا كل سلاح جديد سيمنح للجيش الأوكراني. وجرى الحديث بنوع من التشويق والمبالغة عن العتاد الغربي المتطور الذي بفضله سيحقق الجيش الأوكراني الهجوم المضاد، وسيطرد الروس من الأراضي التي احتلوها، وهي منطقة القرم ودونباس.
وعمليا، كل حديث عن سلاح جديد ترافقه بروباغندا كبيرة، وهو ما حدث مع نظام الدفاع الجوي الأمريكي «باتريوت»، وتكرر بإسهاب مع صواريخ «هيمارس» ثم مع دبابات «ليوبارد».
ولم ينتج عن هذه الأسلحة أي تقدم حقيقي لقوات أوكرانيا. والآن يجري الحديث عن مقاتلات «أف 16» الأمريكية، حيث قررت الدنمارك والنرويج وهولندا تزويد أوكرانيا بهذه المقاتلات.
والتساؤل العريض: هل ستغير هذه المقاتلات مجرى الحرب الحالية كما يصدر عن الكثير من السياسيين والرئيس الأوكراني زيلينسكي نفسه؟ الجواب سيكون بالنفي للأسباب التالية:
*في المقام الأول، يجب انتظار على الأقل سنة كاملة حتى يستعمل سلاح الجو الأوكراني هذه المقاتلات، وهذه الفترة الزمنية قد تقع فيها تطورات، لاسيما في ظل تراجع الذخيرة لدى الأوكرانيين، وشبح التقدم الروسي نحو الوسط خلال الشتاء المقبل.
*في المقام الثاني، عدد من الدول الأوروبية تتخلى عن هذه الطائرات لصالح «أف 35» لأنها تنتمي إلى جيل سابق، ولا يمكنها حسم حرب ضد دولة قوية مثل روسيا.
وتفيد التجربة أن روسيا تجد صعوبة في اعتراض بعض الطائرات المسيرة، ولن تجد صعوبة في اعتراض مقاتلات متقدمة مثل «أف 16»، لأن أنظمة الدفاع الجوي الروسي جرى تصميمها خلال الأربعين سنة الأخيرة لمواجهة المقاتلات الغربية من طراز «أف 16» و«أف 15» و«أف 18» ثم «أف 35» علاوة على رافال ويوروفايتر.
وبالتالي، سيكون أسهل للروس إسقاط طائرة مقاتلة مثل «أف 16» بدل المسيرات التي تعتبر أكبر تحد لأنظمة الدفاع الجوي لأنها جديدة ومفاجئة للجيوش.
كما أن «أف 16» التي تتوفر عليها الدول الأوروبية تبقى دون نظيرتها الأمريكية في المناورة وتصويب القوة النارية، وستجد صعوبات في مواجهة طائرات سوخوي الروسية في الحرب الجوية.
*في المقام الثالث، سيكون أسهل للروس إسقاط طائرة مقاتلة مثل «أف 16» بدل المسيرات التي تعتبر أكبر تحد لأنظمة الدفاع الجوي لأنها جديدة ومفاجئة للجيوش.
لم تعد الطائرات المقاتلة تحسم الحروب، لو كانت تحسم الحروب لكانت دول الخليج قد قضت على المقاتلين الحوثيين في حرب اليمن، كما أن إسرائيل تتوفر على أكثر من 250 مقاتلة «أف 16»، ولا تنفعها لا في مواجهة حزب الله ولا إيران حاليا.
*في المقام الرابع، لم تعد لأوكرانيا قواعد كافية لإيواء وحماية المقاتلات، إذ يبقى السؤال: أين ستخفي هذه المقاتلات من أعين الأقمار الاستطلاعية الروسية ومن الصواريخ فرط صوتية؟
*في المقام الخامس، كانت روسيا تعتبر التدخل العسكري «عملية عسكرية» بمعنى أنها محدودة، حيث راهنت على انقلاب القيادة العسكرية الأوكرانية ضد الرئيس لإنقاذ البلاد من الدمار، لكن روسيا الآن تعتبر أنها تخوض حربا حقيقية، وبالتالي مستعدة لكل الاحتمالات بما فيها مواجهة الحلف الأطلسي.
في غضون ذلك، توجد معطيات ميدانية لا يمكن نهائيا تجاهلها وتتلخص في تشييد روسيا لأسوار على طول 800 كلم تفصل بين شرق أوكرانيا عن باقي أوكرانيا، وتبقى عملية تجاوزها صعبة للغاية. ولهذا، لا يمكن نجاح أي هجوم مضاد ضد القوات الروسية.
وكان قائد الأركان العسكرية الأمريكية الجنرال مارك ميلي قد أعرب في فبراير/شباط الماضي، أنه لا يمكن انتظار نتائج تذكر من الهجوم المضاد خلال 2023، وعاد وكرر هذا منذ أسبوعين.
ويؤكد «الحرب على الأوراق شيء وفي الواقع شيء آخر حيث يموت الناس»، في إشارة إلى الفرق بين المقالات الإعلامية والواقع العسكري في الميدان. فمن نصدق رئيس الأركان العسكرية للجيش الأمريكي، أم عناوين صحف غربية وتحليلات بعض المحللين.
ومن جانبه، قال فيليبس بي أوبراين أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة سانت أندروز في أسكتلندا، لصحيفة «الغارديان» يوم 14 يونيو/حزيران الماضي: «إن أوكرانيا تحاول القيام بشيء (ربما) لم يتم تنفيذه بنجاح من قبل. إنها تحاول شن هجوم واسع النطاق باستخدام المدرعات والدبابات، من دون التفوق الجوي ضد عدو متحصن لديه ترسانة كبيرة من الأسلحة الدفاعية».
كما يمكن الاستشهاد بتحليلات الجنرال الفرنسي المتقاعد دومنيك ديلوارد، الذي كان مسؤولا عن الحرب الإلكترونية في وزارة الدفاع الفرنسية، الذي قال منذ أيام «يجب أن نكون واقعيين، الجيش الأوكراني لا حظ له في مواجهة الجيش الروسي بحكم الفارق الكبير في القوة بين الطرفين».
وكان هو الرأي الذي يردده منذ اندلاع الحرب شأنه شأن عدد من العسكريين في الغرب الذين لهم دراية حقيقية بميدان الحرب وموازين القوى العسكرية.
يمكن استعادة مئات المقالات التي جرى نشرها حول دور ليوبارد وهيمارس وباتريوت لتغيير مجرى الحرب، والمقارنة بين التحليلات غير الواقعية والواقع المر للحرب. وهكذا، تستمر الحرب، وتبقى المعطيات التي لا جدال حولها وهي:
أوكرانيا فقدت وربما إلى الأبد أكثر من 120 ألف كلم مربع من أراضيها في شرق البلاد، التي تعد أهم الأراضي من الناحية الاقتصادية، وفقدت أكثر من أربعة ملايين من شعبها الذين لجأوا إلى الخارج.
وتراجع اقتصادها بأكثر من 40%، وستحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات لإعادة البناء ستكون أغلبها قروضا، وفشلت جميع الهجمات المضادة للجيش الأوكراني ضد القوات الروسية.
أوكرانيا ضحية حسابات جيوسياسية استغلت الحماس الوطني والقومي للشعب الأوكراني، وهكذا أصبح هذا البلد بين مطرقة هوس قيادة موسكو بحماية أمنها القومي، ولو تطلب الأمر تمزيق الدولة الجارة وسندان الغرب الذي يريد إضعاف روسيا من البوابة الأوكرانية حتى لا تشكل حلفا ثنائيا قويا مع الصين.
*د. حسين مجدوبي كاتب وباحث مغربي
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: روسيا مقاتلات أف 16 أوكرانيا حرب أوكرانيا المسيرات الهجوم المضاد أنظمة الدفاع الجوي الدفاع الجوی فی مواجهة فی المقام أکثر من لا یمکن لم تعد
إقرأ أيضاً:
عكس ترامب..حلفاء أوكرانيا يخططون لعقوبات جديدة على روسيا
كشف حلفاء أوكرانيا الرئيسيون في أوروبا، اليوم الإثنين، زيادة كبيرة في مساعداتهم لكييف، ودراسة فرض عقوبات جديدة على روسيا لإجبارها على قبول وقف إطلاق النار.
وفي بيان مشترك بعد اجتماعهم في مدريد، دعا وزراء خارجية إسبانيا، وألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وبريطانيا، وبولندا، ومعهم المسؤولة عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، روسيا إلى الموافقة على "وقف إطلاق نار فوري وغير مشروط، مع تنفيذه بشكل كامل".
Our support for Ukraine’s independence, sovereignty, and territorial integrity is unwavering.
Peace must be just and lasting.
Together with our partners, we remain committed to political, financial, economic, humanitarian, military and diplomatic support for Ukraine. (2/2) pic.twitter.com/HT7BQVWQHG
وعبر الوزراء عن استعدادهم لمزيد الضغط على موسكو، بعقوبات جديدة عليها، حتى تصبح كييف في "أفضل وضع ممكن لضمان سلام عادل ودائم".
وأكدوا أيضاً زيادة التمويل العسكري والدعم السياسي والإنساني للمجهود الحربي لأوكرانيا، دون مزيد من التفاصيل.
وقالت الدول إن أي اتفاق سلام يجب أن يكون مدعوماً بضمانات أمنية موثوقة لأوكرانيا، مضيفة "نحن على استعداد لدور قيادي في هذا الصدد".
وأكدت الدول أنها لن تقبل بأي اتفاق يقيد قطاع الدفاع الأوكراني أو الوجود العسكري للدول الشريكة على الأراضي الأوكرانية.
وعقد هذا الاجتماع في الذكرى الثالثة لاستعادة بلدة بوتشا الأوكرانية التي انتشرت صور لجثث قتلى مدنيين متناثرة بأنحائها. ونفت روسيا قتل المدنيين فيها، ووصفت اللقطات بتمثيلية.
وأكد الوزراء التزامهم بضمان المساءلة الكاملة عن جرائم الحرب، والعمل على إنشاء محكمة خاصة بالمجلس الأوروبي.
وشدد البيان الختامي على ضرورة بقاء الأصول الروسية المصادرة مجمدة حتى تنهي موسكو الحرب وتعوض أوكرانيا عن الخسائر التي تسببت فيها. وحثت إسبانيا حلفاءها على استخدام هذه الأصول، لتمويل المساعدات لأوكرانيا، أو لتعزيز إنفاقهم الدفاعي.
وقبل الاجتماع دعت كالاس، الإثنين، روسيا إلى إظهار حسن النية والموافقة على وقف إطلاق النار في أوكرانيا. وقالت إن من المبادرات التي يمكن لموسكو أن تظهر بها حسن النية "إعادة الأطفال الأوكرانيين الذين رحتلهم إلى روسيا... وإطلاق سراح أسرى الحرب".
ودعت كالاس أيضاً الولايات المتحدة إلى الضغط على الكرملين لإنهاء الصراع الدامي المستمر منذ 3 أعوام .
الاتحاد الأوروبي يدعو روسيا للموافقة على إنهاء حرب أوكرانيا - موقع 24دعت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، روسيا، اليوم الاثنين، إلى إظهار حسن النية والموافقة على وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وفي الوقت نفسه، قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، إن على روسيا أن ترد بشكل واضح على الولايات المتحدة إذا كانت ترغب في السير على طريق السلام أم لا.
وتتزايد خيبة أمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من الجمود بعد جهود بذلها للتوصل إلى اتفاق سلام، وتبنيه لموقف أكثر تصالحاً مع روسيا قوبل بحذر من حلفائه الأوروبيين.
وعن نشر قوات حفظ سلام في أوكرانيا، الذي تسعى إليه فرنسا وبريطانيا، قال وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي، إن الحكومة الأوكرانية هي التي ستقرر إذا كانت ستسمح بوجود قوات أجنبية على أراضيها وموعد ذلك.