اتحاد الغرف السياحية: مصر قادرة على جذب 30 مليون سائح في 5 أعوام
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
كشف حسام هزاع، الخبير السياحي وعضو الاتحاد المصري للغرف السياحية، أن الدولة المصرية تمتلك إمكانيات جذب 30 مليون سائح خلال 5 أعوام إذا التزمت بالشروط الواجب توافرها لتحقيق ضخ ذلك العدد داخل الأراضي المصرية.
وأشار هزاع في تصريحات لـ«الأسبوع» إلى أن ذلك العدد المستهدف الذي يبلغ حوالي 30 مليون سائح يتطلب طاقة استيعابية من الفنادق، لافتا إلى ضرورة توافر 250 ألف غرفة فندقية، في حين أن إجمالي الغرف الفندقية القائمة في الوقت الحالي تبلغ حوالي 210 غرفة فقط، وهو ما يتطلب زيادة في إنشاء الغرف الفندقية اللازمة لاستيعاب العدد المستهدف.
وشدد على أنه لا بد من وجود استثمار في الطيران الخاص المنخفض التكاليف، مشيراً إلى تأخر وجود الاستثمار في الطيران بالشكل الكافى في مصر مع انتشار التعامل على أساس ذلك النظام من قبل دول مختلفة عدة.
ولفت إلى أهمية حصول المستثمرين على تسهيلات للحصول على قروض تخص النقل السياحي تستوعب أعداد الزائرين.
تصدير العقار يساهم في ضخ المزيد من الأفواج السياحيةوأوضح الخبير السياحي أن اتجاه الدولة إلى دراسة دقيقة ومفصلة لآلية العمل بتصدير العقار واعتماده من الدولة سيساهم في زيادة الإقبال السياحي وذلك لما سوف يوفر من أماكن ضيافة إضافية لاستقبال أعداد إضافية من السياح ولكن مع ضرورة إخضاعه للمعايير المطلوبة ومراقبة مؤسسات الدولة المختلفة وعلى رأسهم وزارة السياحة والآثار، موضحاً ضرورة ملازمته للأسس والمقاييس التى يتم فرضها على الغرف الفندقية.
ونوه العضو بغرف السياحة إلى ضرورة القضاء على الكيانات الوهمية التي تنافس الكيانات الرسمية والتي تتسبب بتشويه الصورة السياحية أمام الزائرين نظراً لأساليب الاحتيال التي تتبعها تلك الكيانات لاستقطاب السائحين.
اقرأ أيضاًعضو بغرفة شركات السياحة: العمل بمقترح «تصدير العقار» سيحدث قفزة في القطاع
عضو غرفة شركات السياحة يطالب بلجان تفتيش بعد قرار تسجيل عقود إدارات الفنادق
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: السياحة القطاع السياحي السائحين الاقتصاد اليوم تصدير العقار الاقتصاد الآن الغرف الفندقية
إقرأ أيضاً:
30 معلما في 4 جولات.. مسارك السياحي لاستكشاف العاصمة الألبانية تيرانا
تيرانا – تعدّ العاصمة الألبانية تيرانا نموذجًا فريدًا يمثل مزيجًا يجمع بين التاريخ والحداثة المتسارعة. منذ أن أصبحت عاصمة ألبانيا الدائمة في مطلع عام 1925، وجمعت المدينة بين التراث الثقافي العريق والتطورات المعمارية الحديثة، مما جعلها واحدة من أبرز العواصم في منطقة البلقان.
اليوم، تُعد تيرانا مركزًا ثقافيًا وحضاريًا مميزًا، حيث تشتهر بمقاهيها ومطاعمها التي تمزج بين الحداثة والتراث، وتحولت بعضها إلى متاحف إثنوغرافية تروي قصص المدينة وتاريخها الاجتماعي والشعبي، وبين شوارعها الحديثة وأحيائها التاريخية، يستمتع الزوار بتجربة مميزة من المأكولات المحلية والعالمية في أجواء ضيافة ألبانية تحفر في قلوب الزوار ذكريات جميلة استثنائية لا تُنسى.
منذ تأسيسها في عام 1614، شهدت تيرانا تطورًا معماريًا لافتًا، حيث تمتزج المعالم العثمانية التقليدية بلمساتها الألبانية الأصيلة، مع لمسات أوروبية وإيطالية عصرية، فضلاً عن معالم من العهد الشيوعي البائد بلمسة سوفيتية، مما يمنح المدينة طابعًا فريدًا وجاذبًا للسياح من مختلف أنحاء العالم.
تيرانا.. محطات تاريخية وتطورات متسارعة
تعد تيرانا، العاصمة الألبانية، واحدة من المدن التي تحمل في طياتها قصصًا تاريخية غنية وتطورات معمارية لافتة، جعلت منها وجهة سياحية فريدة تجمع بين عبق الماضي وأصالة الحاضر. أصل اسم المدينة يظل محط جدل؛ إذ يعتقد البعض أن الاسم مشتق من "تيركانوس"، قلعة قديمة كانت تقع بالقرب من المدينة، بينما يشير آخرون إلى جذور الاسم في الكلمة اللاتينية "tyros" واليونانية "turos"، التي تعني "مكان منتجات الألبان"، في إشارة إلى تاريخ المنطقة العريق في إنتاج الألبان.
إعلانتمتد جذور الحياة الحضرية في تيرانا إلى ما قبل العصور الوسطى، حيث اكتُشفت "فسيفساء تيرانا" في غرب المدينة عام 1972، ليكشف عن بقايا منزل ريفي يعود للقرن الأول الميلادي. كما شهدت المدينة في العهد البيزنطي تطورًا كبيرًا، حيث شُيدت قلعة تيرانا في القرنين الرابع والسادس الميلادي كجزء من التحصينات التي أمر بها الإمبراطور جستنيان. ورغم أن المدينة لم تكن تعرف في العصور الوسطى كمدينة كبيرة، فإنها دخلت التاريخ من خلال الوثائق الفينيسية في القرن الثاني عشر، حينما استخدمها الأمير الألباني المتمرد على العثمانيين إسكندر بك كمركز عسكري استراتيجي.
في عام 1614، أسس سليمان باشا بارجيني المدينة الحديثة، حيث شُيد مسجد وحمام ومخبز وخان، مما جعل تيرانا مركزًا تجاريًا حيويًا في منطقة البلقان. بعد أن أصبحت تيرانا عاصمة مؤقتة في عام 1920، شهدت المدينة نقلة نوعية. وتطورت سريعا بعد أن أصبحت عاصمة دائمة في 31 يناير 1925، ليبدأ معها عصر جديد من التطور العمراني والتخطيط الحضري.
اليوم، تُعد تيرانا المركز السياسي والإداري لألبانيا، وتستقطب العديد من الأنشطة الثقافية والتعليمية. وقد حصلت في عام 2022 على لقب "عاصمة الشباب الأوروبية"، وفي يناير 2023 فازت بلقب "المدينة الأوروبية للرياضة". المدينة اليوم تتمتع بمزيج من الأنشطة الثقافية، والمطاعم، والمقاهي التي تجعلها وجهة سياحية لا مثيل لها.
مسار سياحي لاستكشاف 30 معلمًا في 4 جولاتفي الذكرى المئوية للعاصمة الألبانية.. تقدم الجزيرة نت مسارًا سياحيًا مثاليًا لاكتشاف معالم العاصمة الألبانية تيرانا عبر أربع جولات مميزة، تستكشف خلالها نحو ثلاثين معلمًا سياحيًا يعكس التنوع الثقافي والتاريخي والطبيعي للمدينة. تنطلق كل جولة في اتجاه جغرافي مختلف، مقدمةً تجربة استثنائية تجمع بين المعالم التاريخية، المعمارية، الثقافية، والطبيعية. وتسهم هذه الجولات في إبراز تطور تيرانا عبر العصور، مُظهرةً غنى تراثها الثقافي الذي يجعلها وجهة سياحية لا تُنسى.
إعلاننبدأ مسارنا السياحي الأول من ساحة إسكندر بك، القلب النابض لتيرانا، التي شهدت تحولات معمارية منذ أن أصبحت عاصمة ألبانيا عام 1925. حيث يلتقي الطراز العثماني مع التأثيرات الإيطالية والسوفيتية في تناغم فريد، وصولًا إلى التحديثات التي أُدخلت في 2017، مما يعكس تنوع تاريخ المدينة واختلاف فتراتها الزمنية.
ثم نواصل التجوال في الجهة الجنوبية الشرقية من ساحة "إسكندر بك"، حيث نصل إلى معلم أثري أصبح أيقونة للعاصمة تيرانا منذ القرن العشرين وحتى يومنا هذا. إنه جامع "أدهم بك"، الذي يعد أحد أبرز المعالم التاريخية والثقافية في العاصمة الألبانية، ومثالًا نادرًا للعمارة العثمانية التي نجحت في الحفاظ على وجودها في ألبانيا.
بجوار الجامع العثماني الأثري، لا يمكن أن تفوتك رؤية برج رائع يقف شامخًا إلى جانبه من الجهة الشرقية. إنه "برج الساعة"، أحد أبرز المعالم التاريخية التي تعكس تطور العاصمة تيرانا المعماري. ظل هذا البرج أطول مبنى في العاصمة حتى عام 1970.
بعد زيارة "برج الساعة"، ننتقل إلى "قصر الثقافة"، الذي يهيمن على المنطقة الشرقية من ساحة "إسكندر بك". شُيد في عام 1960 على أنقاض البازار القديم، وافتُتح في 1966. يتميز بتصميم يجمع بين التراث المحلي والنمط المعماري العالمي، ويضم المسرح الوطني للأوبرا والباليه، المكتبة الوطنية، وقاعات للمعارض والفعاليات الثقافية.
تواصل مسارك باتجاه شمال شرق ساحة "إسكندر بك" لتجد نفسك أمام "فندق تيرانا الدولي"، المعلم الذي يروي قصة تطور العاصمة الألبانية. بُني عام 1979 خلال الحقبة الاشتراكية، وكان رمزًا للفخامة ومخصصًا للوفود الرسمية والسياح الأجانب.
في منتصف الساحة من الجهة الشمالية، يقف "المتحف التاريخي الوطني" بمبناه المميز الذي يزينه رسومات جدارية حديثة تعكس مفاهيم الحقبة الشيوعية، ويُعد أكبر متحف في ألبانيا وأحد أبرز معالمها الثقافية، حيث يقدم لمحة شاملة عن تاريخ البلاد الغني. ويمثل وجهة ثقافية مثالية لاستكشاف التراث الألباني.
بينما تسير في الجهة الجنوبية الغربية من ساحة "إسكندر بك" في تيرانا، يلفت انتباهك "بنك ألبانيا"، الذي يتميز بتصميم عقلاني وفسيفساء فنية رائعة من إبداع جوليو روسو عام 1939. داخل البنك، تجد متحفًا فريدًا يعرض مجموعات تاريخية من العملات، مع أنشطة تعليمية تفاعلية تجذب الزوار المهتمين بالتاريخ والاقتصاد.
إعلانوفي منتصف الجهة الجنوبية من الساحة، يقف تمثال إسكندر بك شامخًا، يروي قصة الكفاح الألباني في العصور الوسطى. شُيد عام 1968 تكريمًا له في الذكرى الخمسمائة لوفاته، وأصبح التمثال رمزًا للوطنية في ألبانيا.
خلف تمثال إسكندر بك في الجهة الجنوبية من الساحة، تجد حديقة أوروبا ذات الشكل البيضاوي، حيث الأشجار تحيط بك من كل جانب، مما يتيح لك فرصة الاستراحة على المقاعد المخصصة قبل أن تواصل مسارك السياحي.
بعد الخروج من الحديقة باتجاه الجنوب، ستلفتك معالم تاريخية مجاورة، حيث يروي المجمع الوزارات الأثري المصنف كموقع ثقافي منذ عام 2000 قصة تطور العاصمة في ثلاثينيات القرن العشرين بتصميم كلاسيكي جديد يعكس الهوية الوطنية والطابع الأوروبي.
وخلف مبنى البلدية من جهتها الجنوبية، يقودك مدخل بسلالم إلى متحف "بونك آرت 2″، وهو ملجأ نووي سابق تحول إلى شاهد على قمع النظام الشيوعي في ألبانيا. ويُعد من أكثر المتاحف تأثيرًا في البلاد، حيث يروي بفن وعُمق إحدى أكثر الفترات ظلمة في تاريخ ألبانيا.
ينطلق مسارنا الثاني عبر "بوليفارد شهداء الوطن"، الشارع الحيوي الذي يقسم العاصمة تيرانا إلى شطرين، ويأخذنا في رحلة نحو أبرز معالم المدينة. أثناء سيرنا، نصل إلى واحدة من أهم الوجهات السياحية الطبيعية في وسط تيرانا، حديقة "الشباب"، التي تُعد المكان المثالي للاسترخاء والترفيه بفضل مساحاتها الخضراء الواسعة، ومرافقها المخصصة للأطفال، بالإضافة إلى المقاهي المميزة مثل "تايوان". إنها بحق وجهة تجمع بين الراحة والأنشطة الترفيهية، ما يجعلها محط اهتمام الزوار المحليين والسياح على حد سواء.
وعلى ضفاف حديقة "الشباب" الجنوبية، يمتد نهر لانا الذي ينساب من الشرق إلى الغرب، مُقسمًا العاصمة إلى نصفين: شمالي وجنوبي. يعد هذا النهر أكثر من مجرد معلم طبيعي؛ فهو بمثابة خريطة حية تساعد الزوار على التنقل بسهولة بين أحياء المدينة. بفضل مجرى النهر، يصبح من السهل على الزوار فهم تخطيط تيرانا والتوجه إلى مختلف الأماكن دون عناء أو تعقيد.
إعلانعند عبور نهر لانا واستمرارك في السير على بوليفارد شهداء الوطن، سترى على يسارك هرم تيرانا الشاهق. هذا المعلم، الذي افتُتح في 1988 كمتحف مخصص للديكتاتور أنور هوجا، شهد تحولات كبيرة في تاريخه. اليوم، أصبح الهرم مركزًا ثقافيًا دوليًا، يعكس ألبانيا الحديثة ويتيح للشباب فرصة للإبداع من خلال برامج تعليمية في مجالات التكنولوجيا والفن.
بينما نواصل السير في شارع شهداء الوطن، نصل إلى ساحة الأم تيريزا، التي تتميز بموقعها الاستراتيجي ومزيجها المعماري الإيطالي الذي يندمج بتناغم مع الهوية الألبانية. اليوم، تُعد الساحة مركزًا حيويًا يضم مجمعًا إداريًا وسياسيًا، وتستضيف العديد من الفعاليات والمهرجانات السنوية التي تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، مما يجعلها واحدة من أبرز الرموز الثقافية في العاصمة.
خلف ساحة الأم تيريزا، تلوح تلال خضراء مليئة بالأشجار المرتفعة، لتأخذك في مسار مرصوف نحو بحيرة تيرانا الاصطناعية. هنا، تشعر وكأنك انتقلت من صخب العاصمة إلى أحضان الطبيعة الهادئة. تُعد حديقة البحيرة الكبرى واحدة من أجمل وجهات تيرانا الطبيعية، وتتميز بتنوع بيئي فريد يضم أكثر من 120 نوعًا من الأشجار والشجيرات، بالإضافة إلى كونها ملاذًا للعديد من الطيور، وتعد وجهة مثالية للباحثين عن استراحة هادئة جنوب المدينة.
يأخذنا المسار الثالث عبر ممشى "مراد توبتاني"، أحد أكثر الأماكن سحرًا في قلب تيرانا، عند التجول في الممشى الأثري بلمساته المعاصرة، يجد الزائر نفسه في رحلة ساحرة تمتد بين ملامح تيرانا التاريخية ونبضها العصري. ينطلق المسار من بوليفارد شهداء الوطن، حيث يفتح الطريق أبوابه لمشاهد متباينة تعكس التحولات التي شهدتها العاصمة الألبانية. على يمين الممشى، تقف قلعة تيرانا شامخة، محتفظة بأسرار الماضي، في حين يعكس مركز توبتاني التجاري الحديث صورة المدينة المتجددة، في حوار مرئي بين التراث والحداثة.
إعلانعلى الجانب الشمالي، يبرز سراي توبتاني، القصر العثماني الفريد الذي كان شاهدًا على تاريخ ألبانيا السياسي والثقافي. من مقر للسفارة الأمريكية إلى أول مكتبة وطنية، يحتفظ القصر بجمال معماري يجمع بين الشرق والغرب، ليكون أحد أبرز الشواهد على التفاعل الحضاري الذي ميز تيرانا عبر العصور.
مع استمرار السير، يقودنا الطريق نحو المبنى القديم للمكتبة الوطنية، ذلك المكان الذي شهد لحظات فارقة في تاريخ ألبانيا، حيث رُفع علم الاستقلال لأول مرة عام 1912، وكان مقرًا للحكومة المؤقتة عام 1920. وبين جدرانه، احتضن إرثًا ثقافيًا غنيًا تحول إلى منارة معرفية، ما يجعله اليوم مقصدًا لعشاق الأدب والتاريخ.
على امتداد الممشى، يظهر معهد المضطهدين السياسيين السابقين، وهو مبنى يحمل في طياته قصة تحولات سياسية واجتماعية شهدتها ألبانيا. بني في عشرينيات القرن الماضي كمقر للسفارة الإيطالية، مزج بين الطراز الإكليتيكي وملامح من آرت نوفو، ثم تحول لاحقًا إلى رمزٍ لتخليد ذكرى ضحايا الاضطهاد السياسي، ليعكس كيف تحتفظ المباني بروح الأزمنة التي مرت بها.
في نهاية المسار، يقف الزائر أمام جسر طباق، هذا الجسر العثماني الأنيق الذي كان جزءًا من شبكة تجارية حيوية في القرن الثامن عشر، حيث مرَّ عبره التجار والمسافرون في طريقهم بين الجبال والسهول. اليوم، وبعد ترميمه، يقف كمعلم سياحي يربط الماضي بالحاضر، ويذكّر الزائر بروح تيرانا المتأصلة في تفاصيلها المعمارية.
هكذا، يروي ممشى مراد توبتاني قصة تيرانا بتفاصيلها الحية، حيث تتناغم الأحجار القديمة مع الزجاج اللامع، وتلتقي الذكريات بالمستقبل في مشهدٍ فريد يجسد جوهر المدينة المتجدد.
تأخذنا جولتُنا الرابعة في شوارع تيرانا لتكتشف معالم تاريخية لا تنسى، حيث تتناغم القصص العثمانية والإسلامية مع معالم ثقافية وتاريخية. نبدأ زيارتنا بمقر المشيخة الإسلامية الألبانية، الذي لا يُعد فقط رمزًا دينيًا، بل هو أيضًا شاهد حي على تاريخ طويل من التعايش الثقافي والديني في المدينة. على بُعد خطوات، يبرز جامع تيرانا الكبير، تحفة معمارية تجمع بين الطراز العثماني والتقنيات الحديثة. هذا المعلم، الذي بُني بعد عقود من القمع، أصبح اليوم أكبر صرح ديني في البلقان، ليعكس التنوع الثقافي الذي تتمتع به ألبانيا.
إعلانتاريخ المدينة لا يكتمل دون الإشارة إلى تمثال سليمان باشا يارجيني، مؤسس تيرانا في القرن السابع عشر. أسس هذا القائد العثماني أول المساجد، الأسواق، والحمامات التي كانت نواة لمدينة تيرانا الحديثة. ومع مرور الزمن، تم تخليد ذكره في نصب تذكاري في ساحة التحرير، ليبقى شاهداً على بداية تأسيس المدينة. وفي الجهة المقابلة له يقبع قبر كابلان باشا، الذي يعود إلى الحقبة العثمانية، ليشهد على عظمة العمارة العثمانية في المدينة.
تأخذنا خطواتنا التالية إلى البازار الجديد الأثري، الذي أسس في الثلاثينيات من القرن الماضي. هذه المنطقة تمثل مزيجًا من التراث المعماري التقليدي والتحديث العصري، فهنا يُمكنك أن تشعر بنبض المدينة القديمة أثناء تجوالك بين المتاجر التي تحتفظ بذكريات الماضي بينما تمزج بين العصور المختلفة.
ومع انطلاقنا بالسيارة لزيارة معلمين ثقافيين، نبدأ بفيلا سالي شياكو، أقدم منازل تيرانا وأحد أروع الأمثلة على المنازل التقليدية التي احتفظت بسحرها وأصالتها. الفيلا ليست مجرد منزل قديم؛ إنها معلم ثقافي يروي قصة الفنان الألباني الشهير سالي شياكو، الذي ترك بصمة واضحة في عالم الفن الألباني.
وفي ختام جولتنا، نتوجه نحو غرب تيرانا لزيارة "فسيفساء تيرانا"، أقدم كنوز العاصمة الألبانية. تعود هذه الفسيفساء إلى القرن الثالث الميلادي، وكانت جزءًا من فيلا رومانية. في القرنين الخامس والسادس، شُيدت كنيسة على نفس الموقع، ثم اكتُشفت أطلالها عام 1972 خلال أعمال البناء في حي "بارتيزاني". وفي العام التالي، تم إعلان الفسيفساء معلمًا ثقافيًا، لتصبح جزءًا من ذاكرة المدينة الحية.
تظل تيرانا مدينة تجمع بين الماضي والحاضر، حيث تروي شوارعها كل تفاصيل الحقبة العثمانية والإسلامية بلمسات من الحداثة. وكل زاوية فيها تذكرنا بأن التاريخ لا يموت، بل يظل حيًا في ذاكرة هذه المدينة الفريدة.
إعلانوالآن، دعونا نبدأ مسارنا السياحي لاستكشاف سحر وأسرار العاصمة الألبانية تيرانا، عبر أربع جولات فريدة من نوعها…
الجولة الأولى.. قلب العاصمة ساحة "إسكندر بك" .. تعكس مراحل تطور الطراز المعماري للعاصمةفي قلب تيرانا، تنبض ساحة "إسكندر بك" بروح التاريخ وتروي قصة تحول معماري امتد لعقود. هذه الساحة، التي لطالما كانت محور المدينة، شهدت تحولات كبرى تعكس فصولًا من تاريخ ألبانيا، منذ أن وضع المهندس أرماندو براسيني أولى لبناتها عام 1925، مرورًا بالتعديلات التي أدخلها المهندس فلوريستانو دي فاوستو وفق أسلوب النهضة الجديدة، ثم التأثيرات الإيطالية خلال الاحتلال عام 1939 بإشراف المهندس غيراردو بوسيو.
كانت الساحة في الماضي مجرد دوار تحيط به المباني البارزة، مثل البازار القديم والكاتدرائية الأرثوذكسية ومبنى البلدية القديم. لكن التحولات التاريخية غيّرت معالمها، بدءًا من تمثال ستالين الذي أُزيل عام 1968 ليحل محله النصب التذكاري للبطل القومي إسكندر بك، ثم تمثال أنور خوجا الذي سقط مع انهيار النظام الشيوعي عام 1991.
شهدت الساحة تحديثًا جذريًا في 2017، حيث تم رصفها بأحجار طبيعية مستخرجة من مختلف أنحاء ألبانيا، لتجسد روح التنوع الوطني، كما زُرعت مئات الأشجار والزهور التي أضفت عليها لمسة جمالية استثنائية. لم يكن التطوير مجرد تجميل، بل كان خطوة نحو الاستدامة، حيث تم اعتماد تقنيات بيئية متقدمة مثل أنظمة الري بمياه الأمطار والإضاءة الشمسية، مما جعلها نموذجًا للمدن العصرية الصديقة للبيئة.
اليوم، تقف الساحة شاهدة على عراقة تيرانا، محاطة بمعالمها البارزة مثل فندق تيرانا الدولي، قصر الثقافة، المسجد العثماني، برج الساعة، ومتحف التاريخ الوطني. وقد حازت على جوائز معمارية مرموقة، مثل الجائزة الأوروبية للمساحات العامة الحضرية في عام 2018، كما فازت بالمركز الثاني لجائزة الاتحاد الأوروبي للعمارة المعاصرة لعام 2019، لتؤكد مكانتها كقلب نابض للحياة والثقافة في العاصمة الألبانية.
إعلان جامع أدهم بك.. تحفة عثمانية صمدت أمام الزمنفي قلب العاصمة الألبانية تيرانا، يقف جامع أدهم بك شاهدًا على تاريخ المدينة، متحديًا العصور التي حاولت طمس معالمه، وأبرزها الحقبة الشيوعية التي دمرت مئات المساجد والكنائس، لكنها عجزت عن إسقاط هذا الصرح الإسلامي العريق. إلى جانبه، يجاوره برج الساعة، ليشكلا معًا أيقونة معمارية لا تخطئها عين، وصورة خالدة تزين جميع الأدلة السياحية التي تعرّف بتيرانا.
تأسس الجامع عام 1793 على يد مولا بك، لكن القدر لم يمهله لإتمامه، فواصل ابنه الحاج أدهم بك البناء حتى اكتمل عام 1823. وُلد أدهم بك في عائلة تحمل جذورًا عميقة في تاريخ المدينة، فهو حفيد سليمان باشا بارجيني، مؤسس تيرانا عام 1614، مما يربط المسجد ببداية نشأة العاصمة نفسها.
يتميز جامع أدهم بك بتصميمه الفريد الذي يمزج بين الروحانية والفن المعماري الإسلامي، حيث تتزين قاعته بزخارف هندسية رائعة، وتعلوها قبة نقشت عليها آية الكرسي، تحيط بها أسماء الله الحسنى بأسلوب إبداعي فريد. أما المئذنة الرفيعة، فتقف شامخة بسلالمها الحلزونية، كأنها تتحدى الزمن.
لم يكن الجامع مجرد مكان للصلاة، بل كان رمزًا للهوية الثقافية للألبان، ما جعله واحدًا من الجوامع القليلة التي نجت من الهدم خلال فترة الحكم الشيوعي. أُغلق عام 1967 عندما مُنعت جميع الأديان، لكنه عاد للحياة عام 1991 وسط احتفال مهيب جمع الآلاف، في لحظة تاريخية أعادت الأمل للروح الألبانية المتعطشة للحرية.
واليوم، بعد عمليات ترميم شاملة انتهت عام 2021، يستعيد جامع أدهم بك مكانته كتحفة عثمانية وسط تيرانا، ويظل شاهدًا على رحلة المدينة بين الماضي والحاضر، جامعًا بين التاريخ والإيمان والفن في مشهد واحد. ويجذب الزوار من مختلف الأديان والثقافات.
إعلان "برج الساعة" في تيرانا.. أطول مبنى بالعاصمة حتى 1970يُعد "برج الساعة" في تيرانا واحدًا من أبرز المعالم التاريخية والمعمارية التي تعكس تاريخ العاصمة وتطورها. بدأ بناء البرج في عام 1822 تحت إشراف الحاج أدهم بك وبتمويل من العائلات الثرية في تيرانا. يقع البرج في ساحة "اسكندر بك"، التي تُعتبر قلب العاصمة النابض.
كان البرج أطول مبنى في العاصمة حتى عام 1970، حيث ظل يشكل رمزًا تاريخيًا ومعماريًا مهمًا في تيرانا. بلغ ارتفاع البرج عند بنائه 30 مترًا، وكان مزودًا بآلية يدوية لاحتساب الوقت مع جرس نحاسي لدقات الساعة، دون وجود واجهات أو عقارب. النظام المستخدم حينها صُنع من قبل عائلة توفينا، المعروفة بصناعة الساعات في شمال شرق المدينة.
في عام 1928، خضع البرج لتطوير شامل أضاف 5 أمتار إلى ارتفاعه ليصل إلى 35 مترًا، مع تركيب شرفة وأربع واجهات للساعات مزودة بعقارب وسقف على الطراز الفينيسي، ضمن مشروع تحديث المدينة. كما أُحضرت ساعة حديثة من ألمانيا لتعكس التوجهات العصرية آنذاك.
منذ ذلك الوقت، أصبح البرج مزيجًا فريدًا يجمع بين النقوش الحجرية العثمانية في قاعدته والطراز الغربي الحديث في جزئه العلوي. وفي ثلاثينيات القرن الماضي، أُضيء البرج ليلاً للمرة الأولى. ورغم تعرضه لأضرار خلال الحرب العالمية الثانية، أُعيد ترميمه في يوليو 1946.
اليوم، يُعد "برج الساعة" رمزًا لمدينة تيرانا، ويشكل مع جامع "أدهم بك" معلمًا معماريًا فريدًا يجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم. يتناغم البرج مع ساحة "اسكندر بك" ليصبح جزءًا من الهوية الثقافية للعاصمة الألبانية.
لكن مع التطورات العمرانية الأخيرة، بدأت الأبراج الحديثة منذ عام 2019 تحجب رؤية البرج، مما يهدد مكانته كجزء من الهوية الثقافية للمدينة ويستدعي جهودًا لحماية هذا المعلم الفريد.
قصر الثقافة في تيرانا.. من رمز شيوعي إلى منارة فنية إعلانفي قلب تيرانا، حيث تلتقي العراقة بالتجدد، ينهض "قصر الثقافة" شامخًا في الجانب الشرقي من ساحة إسكندر بك، شاهدًا على تحولات العاصمة الألبانية. لم يكن هذا الصرح دائمًا هنا، فقد شُيّد عام 1960 على أنقاض البازار القديم للمدينة، كجزء من مشروع معماري مستوحى من قصر المؤتمرات في روما ومحطة فنلندا في سانت بطرسبرغ، ليجسد رؤية الدولة الشيوعية آنذاك في تعزيز الثقافة وفق أيديولوجيتها.
ورغم ارتباطه بالبداية بذلك العهد، إلا أن "قصر الثقافة" اليوم أصبح مركزًا للحياة الثقافية والفنية في تيرانا، حيث يحتضن المسرح الوطني للأوبرا والباليه، الذي يتسع لألف مشاهد. كما تحتضن جدرانه المكتبة الوطنية، وهي منارة علمية تفتح أبوابها للباحثين وعشاق القراءة. في أروقته، تتردد أصداء الفعاليات الفنية والمعارض، ما يجعله ملتقى للفن والمعرفة.
ما يميز هذا الصرح ليس فقط محتواه، بل أيضًا مظهره المعماري الفريد، إذ يغطيه الرخام المحلي المُنتقى بعناية، في انسجام بين التقاليد الألبانية واللمسات العصرية التي تعكس حيوية العاصمة. واليوم، لم يعد مجرد مبنى شُيّد في الحقبة الشيوعية، بل أصبح رمزًا للحداثة الثقافية في تيرانا، حيث تُعقد فيه الفعاليات الكبرى والمؤتمرات الوطنية، مما يجعله نقطة جذب سياحي وثقافي لا تُفوّت.
المكتبة الوطنية لألبانيا.. أقدم مؤسسة ثقافية في البلادتأسست المكتبة الوطنية لألبانيا (BKSH) في 10 يوليو 1920، وتُعد أقدم مؤسسة ثقافية في البلاد، حيث بدأت مجموعتها الأولى عام 1917، وافتتحت رسميًا عام 1922 بمجموعة من 6000 مجلد فقط. اليوم، تضم المكتبة أكثر من مليون مجلد، مما يجعلها مركزًا رئيسيًا للثقافة والمعرفة.
إعلانشهدت المجموعات التي تتناول الدراسات الألبانية توسعًا كبيرًا بعد الحرب العالمية الثانية، وكان ذلك نتيجة لمصادرة مكتبات ومجموعات خاصة تعود لشخصيات ثقافية بارزة معارضة للنظام الشيوعي في ذلك الوقت.
أدت التحولات الديمقراطية في تسعينيات القرن العشرين إلى تغييرات جذرية في سياسات المكتبة الوطنية. فبعد أن كانت تتبع نموذج مكتبات أوروبا الشرقية، الذي فرض قيودًا صارمة على توفير المعلومات واستخدام بعض فئات الأدب، أصبحت المكتبة اليوم مفتوحة بالكامل للجمهور العام.
اليوم، تُعد المكتبة الوطنية مركزًا أرشيفيًا لحفظ التراث الثقافي المكتوب للشعب الألباني، حيث تجمع وتعالج وترمم النصوص التاريخية وتتيحها للجمهور، مما يجعلها وجهة ثقافية وسياحية مميزة لعشاق الأدب والتاريخ.
فندق تيرانا.. رمز التحول من العهد الشيوعي إلى الحداثةفي ساحة إسكندر بك، يتربع فندق تيرانا الدولي كواحد من أبرز معالم المدينة وأكبر فنادق ألبانيا، محتفظًا بمكانته المرموقة على مدار عقود. بُني عام 1979 خلال الحقبة الاشتراكية، واشتهر بهندسته المعمارية المميزة وطابعه الفخم الذي جعله أطول مبنى في البلاد آنذاك، واستخدم حصرًا لاستضافة الوفود الرسمية والسياح الأجانب، مما أضفى عليه هالة من الغموض.
خضع الفندق لتجديد شامل عام 2001، أعاد إليه بريقه بتحويله إلى منشأة فاخرة بمعايير دولية من فئة الأربع نجوم. وفي عام 2015، شمل تحديث آخر واجهته الزجاجية الممتدة، مما أضفى عليه لمسة عصرية مع الحفاظ على طابعه المهيب ومساحاته الرحبة.
يشكل الفندق نقطة انطلاق مثالية لاستكشاف معالم تيرانا الثقافية والتاريخية مثل قلعة تيرانا والمتحف الوطني، إلى جانب قربه من المؤسسات الحيوية كبرلمان ألبانيا والوزارات والبنك المركزي.
إعلانرغم فقدانه صفة "المعلم الثقافي" عام 2015، يبقى فندق تيرانا الدولي شاهدًا على تحول العاصمة من الحقبة الاشتراكية إلى حاضرها المزدهر، جامعًا بين أصالة الماضي ورفاهية الحاضر.
المتحف التاريخي الوطني.. بوابة لفهم تاريخ ألبانيا المتنوعيُعَدُّ المتحف التاريخي الوطني في تيرانا أكبر متحف في ألبانيا ومعلماً ثقافياً هاماً ويشكل بوابة لفهم تاريخ ألبانيا الغني والمتنوع، مما يجعله وجهة ثقافية وتعليمية مثالية للسياح والمحليين على حد سواء.
افتُتح المتحف في 28 أكتوبر 1981، ويغطي مساحة إجمالية تبلغ 27,000 متر مربع، منها 18,000 متر مربع مخصصة للعرض، حيث يُقدَّم أكثر من 4,750 قطعة أثرية تغطي فترة تمتد من الألفية الرابعة قبل الميلاد وحتى منتصف القرن العشرين.
يضم المتحف ثمانية أجنحة رئيسية تُبرز مختلف جوانب التاريخ الألباني، بدءًا من العصور القديمة، مرورًا بالقرون الوسطى، وحتى عصر النهضة والاستقلال.
جناح العصور القديمة: يحتوي هذا الجناح على حوالي 400 قطعة، منها أدوات من العصر الحجري الحديث، وأسلحة من العصر البرونزي والحديدي، وأوانٍ خزفية من الحقبة الإغريقية. تُبرز القطع الأثرية مثل "موزاييك ميسابليك" و"جميلة دورس" الإبداع الفني للحضارة الإليرية، بالإضافة إلى تمثيل الآلهة مثل ميداورو، إله الحرب، وردون، إله البحار. جناح القرون الوسطى: يُسلط الضوء على المقاومة الألبانية ضد الاحتلالات الأجنبية من القرن السادس حتى الخامس عشر. يحتوي الجناح على رموز كالأختام والنقوش الحجرية وأعمال معمارية مثل بوابة دير القديس يوحنا فلاديمير. جناح عصر النهضة الوطنية: يعرض التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها ألبانيا من القرن التاسع عشر حتى إعلان الاستقلال. يتميز بعرض خرائط ووثائق تسلط الضوء على الروابط التجارية والثقافية مع دول البلقان. جناح الاستقلال: يوثق جهود الحكومة الوطنية في فلورا عام 1912، والصراعات التي واجهتها ألبانيا من أجل ترسيم حدودها واستقلالها الكامل. جناح الأيقونات: يحتوي على 65 أيقونة تعود إلى القرون بين الرابع عشر والتاسع عشر، والتي صممها فنانون ألبان بارزون مثل أونوفري وكوستاندين زوغرافي. جناح الثقافة الشعبية: يُبرز الملابس التقليدية من جميع أنحاء ألبانيا، بما في ذلك أزياء الشتات الألباني في إيطاليا. جناح الحرب ضد الفاشية: يُوثق النضال الألباني ضد الغزو الإيطالي والألماني خلال الحرب العالمية الثانية. جناح الإبادة الجماعية الشيوعية: يُبرز الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت خلال فترة الحكم الشيوعي (1944-1991).إذا كنت مهتمًا بالتعرف على التاريخ المضطرب لألبانيا، فهذا هو المكان المناسب. تستغرق الزيارة حوالي ثلاث ساعات إذا كنت ترغب في التعمق والتعلم.
بنك ألبانيا.. معلم معماري ومتحف فريد في قلب العاصمة إعلانفي الجهة الغربية من ساحة "إسكندر بك" وسط العاصمة تيرانا، يقع مبنى بنك ألبانيا، ويعد نموذجًا بارزًا للطراز العقلاني المعماري الذي ازدهر في أوروبا خلال القرن العشرين. صمم المبنى البروفيسور الإيطالي فيتوريو باليو موربورغو عام 1937، وافتُتح رسميًا في 30 أكتوبر 1938. تلفت قاعة الاستقبال الدائرية الأنظار بلوحة فسيفسائية ضخمة، أبدعها الفنان الإيطالي جوليو روسو عام 1939، مما يجعلها نقطة جذب فنية وسياحية.
داخل هذا المبنى التاريخي، يمكن للزوار استكشاف متحف بنك ألبانيا، الذي افتُتح في 30 أكتوبر 2015. يعرض المتحف في طابقه الأول مجموعة نادرة من العملات المعدنية والأوراق النقدية التي توثق التاريخ النقدي للبلاد منذ العصور القديمة.
أما الطابق الثاني، فيقدم معلومات عن دور البنك المركزي في استقرار الاقتصاد الوطني، إلى جانب أنشطة تعليمية تفاعلية تناسب الزوار من جميع الأعمار. يُعد بنك ألبانيا ومتحفه وجهة سياحية ثقافية تجمع بين التاريخ والفن، مما يجعله محطة مميزة لزوار العاصمة الألبانية.
تمثال إسكندر بك.. أسطورة خالدة في قلب تيراناوفي قلب ساحة إسكندر بك بتيرانا، يتربع تمثال إسكندر بك شامخًا، كأنما يروي بصمته الخالدة في تاريخ ألبانيا. منذ عام 1968، وقف هذا التمثال شاهدًا على كفاح الألبان في العصور الوسطى، وهو من إبداع النحات الشهير أوديسيه باسكالي، بالتعاون مع أندريا مانو وياناك باكو، تخليدًا لذكرى البطل القومي بمناسبة مرور 500 عام على وفاته.
قبل أن يحتل مكانه في قلب العاصمة، كان في الساحة تمثال إسماعيل تشمال، مؤسس الدولة الألبانية، إلا أن اختيار إسكندر بك ليكون الرمز المركزي يعكس مكانته العظيمة في الوجدان الألباني. وما يزيد من رمزية هذا التمثال أن نُسَخه تتواجد في أربع مدن رئيسية: كرويا، تيرانا، بريشتينا، وسكوبيا، مما يجسد وحدة الشعوب الألبانية عبر الحدود.
إعلان حديقة أوروبا.. استراحة هادئة وسط صخب العاصمةخلف تمثال إسكندر بك، تمتد حديقة أوروبا ذات الشكل البيضاوي، كواحة هادئة وسط صخب العاصمة. تحيط بها الأشجار الوارفة والمباني الكلاسيكية، بينما توفر المقاعد المنتشرة في أرجائها فرصة مثالية للاستراحة والتأمل. المساحات المفتوحة تمنح الزائر إطلالة رائعة على الطراز المعماري الإيطالي المحيط بالمكان.
وعلى مقربة منها، يقف متحف بونك آرت 2، شاهدًا على تاريخ ألبانيا الحديث، مما يجعل الحديقة محطة استراحة مثالية للاسترخاء والتقاط الصور التذكارية قبل مواصلة استكشاف تيرانا.
مجمع الوزارات.. تحفة معمارية كلاسيكية تعكس تحول تيرانا إلى عاصمة حديثةفي ثلاثينيات القرن الماضي، كانت تيرانا تخطو خطواتها الأولى نحو التحول إلى عاصمة حديثة، فشهدت ساحة إسكندر بك نهضة معمارية غيّرت ملامحها بالكامل. أشرف المعماريان الإيطاليان أرماندو براسيني وفلورستانو دي فاوسطو على مشروع بناء ضخم بين عامي 1929 و1931، حيث صُمم مجمع الوزارات وبلدية المدينة بأسلوب كلاسيكي جديد يحمل بصمة دي فاوسطو، الذي مزج في تصاميمه بين الطابع الأوروبي الغربي بسمته الايطالي والرموز الوطنية الألبانية، مثل الإسكندر الأكبر وإسكندر بك.
ساهم هذا التطور العمراني في إضفاء طابع مميز على مركز المدينة، حيث تداخلت القيم التاريخية مع الهوية الحديثة، ليُصبح المجمع لاحقًا جزءًا من التراث الثقافي للعاصمة. وفي عام 2000، تم تصنيفه كموقع أثري، ليبقى شاهدًا على التحولات التي جعلت تيرانا وجهة حضارية متجددة.
إعلان متحف "بونك آرت 2".. يروي قصة قمع النظام الشيوعي في ألبانيايقع متحف "بونك آرت 2″، في قلب العاصمة تيرانا بالقرب من وزارة الداخلية القديمة، حيث كان في الأصل ملجأ نوويًا تم بناؤه بين عامي 1981 و1986 في إطار مشروع تحصين واسع. كان هذا الملجأ مخصصًا لحماية النظام الشيوعي من الهجمات النووية والكيميائية، وهو جزء من شبكة من المنشآت السرية التي تم بناؤها في تلك الفترة. اليوم، تحول الملجأ إلى متحف يروي قصة الحقبة الشيوعية في ألبانيا، ويُعد أحد الأماكن الأكثر تأثيرًا في البلاد لتسليط الضوء على القمع السياسي الذي عانى منه الشعب الألباني خلال فترة حكم أنور هوجا.
بعد سقوط النظام الشيوعي في ألبانيا عام 1991، تم تحويل الملجأ النووي إلى متحف يعكس معاناة الشعب الألباني تحت وطأة القمع. متحف "بونك آرت 2″، يقدم للزوار نافذة على تاريخ وزارة الداخلية الألبانية وجهاز الأمن الشيوعي الذي كان أداة رئيسية في مراقبة الشعب وقمع المعارضين. يضم المتحف صورًا ووثائق حية تروي مآسي نحو 100 ألف ألباني تعرضوا للاعتقال، التعذيب، والعمل في معسكرات السجون.
المتحف يتكون من 40 غرفة تمتد على مساحة 1000 متر مربع، تتنوع بين معارض تروي تطور جهاز الشرطة السرية "سيوريمي" وكيفية مراقبة المواطنين الألبان. يعرض المتحف أيضًا تقنيات المراقبة مثل الكاميرات المخبأة وأجهزة التنصت، ليُتيح للزوار فكرة عن كيفية رصد الحياة اليومية للألبانيين. ومن خلال أعمال فنية معاصرة، يدمج بنك آرت 2 بين التاريخ والفن، حيث يخلق الأضواء والألوان جوًا يعكس الانفصال بين الماضي والحاضر.
يقدم المتحف أيضًا نظرة عميقة على تاريخ وزارة الداخلية الألبانية من عام 1912 وحتى 1991، موضحًا كيفية استخدام "سيجوريمي" كأداة للسيطرة على الشعب وفرض الرقابة على كل جوانب الحياة اليومية. تروي المعروضات كيف كانت السلطات الشيوعية تستخدم أجهزة الأمن لفرض سياسة الخوف والترهيب، مما أثر على المجتمع الألباني بشكل عميق.
إعلانعند زيارة متحف "بونك آرت 2″، يُحاط الزوار بتجربة تفاعلية تأخذهم إلى قلب الأحداث التاريخية المظلمة. تعليق صوتي يذكر أسماء المعتقلين السياسيين والأحداث المهمة في التاريخ الألباني، مما يعزز من التجربة الحسية ويحاكي واقع القمع الذي كان سائداً في تلك الفترة. لا تقتصر الزيارة على كونه موقعًا تاريخيًا فقط، بل يصبح بمثابة أداة توعية تهدف إلى الحفاظ على ذاكرة الجماعة وتقديم شهادة حية على التجربة الألبانية تحت النظام الشيوعي.
الجولة الثاني.. بوليفارد "شهداء الوطن" حديقة الشباب.. مساحة خضراء حيوية وسط التحولات العمرانية الضخمةبعد مغادرتنا منطقة مجمع الوزارات ذات الطراز الإيطالي، نتابع سيرنا في شارع "بوليفارد شهداء الوطن" الحيوي، الذي يعد من أهم شوارع العاصمة الألبانية؛ وتقابلنا على يسارنا حديقة "الشباب" التي تعد واحدة من أبرز الوجهات السياحية في العاصمة الألبانية تيرانا، حيث تجمع بين الجمال الطبيعي والتاريخ المعماري الذي يعكس فترة حاسمة في تطور المدينة. تم تخطيط الحديقة في عام 1931، ضمن خطة شاملة لتطوير مركز العاصمة، والتي شملت بناء العديد من المباني الحكومية على الطراز المعماري الإيطالي الذي كان سائدًا في تلك الفترة. وبنيت الحديقة في عام 1949، لتصبح مساحة خضراء تتوسط هذا التطور العمراني الهائل.
كان المشروع جزءًا من تصميم واسع النطاق قاده المعماريان الإيطاليان براسيني ودي فوستو، اللذان أضافا لمسات إيطالية مميزة على مجمع الوزارات، بلدية تيرانا، البنك الوطني، وساحة "إسكندر بك" الشهيرة. كما تم تضمين النافورة الدائرية في قلب الساحة، التي أصبحت من أبرز معالم المدينة.
ما يميز حديقة "الشباب" هو تاريخها الذي يرتبط بالشباب التيرانيين الذين قاموا بزراعة الأشجار في الحديقة في عام 1949، مما منحها اسمها الحالي. بفضل هذه الجهود التطوعية، أصبحت الحديقة واحدة من أجمل المساحات الخضراء في مركز المدينة.
في مدخل حديقة الشباب من الجهة الشمالية الشرقية، يقع نصب مئوية الاستقلال، الذي يعد من المعالم الثقافية والتاريخية البارزة في تيرانا. تم إزاحة الستار عن هذا النصب في نوفمبر 2012، ليحتفل بذكرى مرور 100 عام على إعلان استقلال ألبانيا عن الإمبراطورية العثمانية في 28 نوفمبر 1912.
إعلانيتميز النصب بتصميمه الفريد الذي يجمع بين الحداثة والرمزية الوطنية، حيث يتكون من هيكل فولاذي بارتفاع 8 أمتار يشبه بيتًا مقطوعًا عند محاوره ومقسمًا إلى جزئين. يحمل النصب رموزًا قوية مثل النسر ذي الرأسين وبيان الاستقلال المنقوش داخل هيكله، ما يجعله تمثالًا يعكس الروح الوطنية والتاريخ الغني لألبانيا.
صمم النصب المهندسان المعماريان الكوسوفي فيسار أوبريجا والألماني كاي رومان كيكلّا، اللذان استلهموا تصميمه من العمارة التقليدية الألبانية، ما أضفى عليه لمسة من الأصالة والجمال. تشكل هذه الحديقة مع النصب مجمعًا تاريخيًا وثقافيًا يعكس أهمية هذه المناسبة الوطنية.
اليوم، تعد حديقة "الشباب" وجهة سياحية مثالية في قلب تيرانا، حيث يمكن للزوار التنزه بين الأشجار، والاستمتاع بمساحات للأطفال وأماكن للاسترخاء، فضلاً عن المقاهي والمطاعم مثل "تايوان" التي توفر أجواءً مريحة في هذا المكان التاريخي.
نهر "لانا".. مجرى مائي يشطر العاصمة لشطرينعلى ضفاف حديقة "الشباب" الجنوبية، يتدفق نهر لانا الذي يشق مجراه من الشرق إلى الغرب، مُقسمًا العاصمة الألبانية إلى شطرين: شمالي وجنوبي. لكن نهر لانا ليس مجرد معلم طبيعي، بل هو بمثابة الخريطة الحية للمدينة. بفضل مجراه، يستطيع الزوار التنقل بين أحياء تيرانا بسهولة ويسر، حيث يقدم إشارات مرجعية واضحة تساعد على فهم تخطيط المدينة والتنقل بين معالمها.
تتميز تيرانا بكونها مدينة صغيرة نسبيًا، وهو ما يجعل من السهل حفظ شوارعها الرئيسية وأحيائها المترابطة، والتي تتقاطع جميعها في ساحة إسكندر بك. هذه الساحة تشكل قلب العاصمة النابض، ومن خلالها يمكن الوصول بسهولة إلى الطريق الدائري القديم الذي يحيط بالمدينة. هذه البنية المتكاملة تسهم في جعل التنقل في تيرانا تجربة سياحية مريحة وسلسة، حيث يتيح للزوار فرصة استكشاف معالم المدينة من دون عناء أو تعقيد.
إعلان هرم تيرانا.. من متحف ديكتاتور إلى مركز ثقافي عالميعندما تعبر النهر وتستمر في السير على بوليفارد شهداء الوطن، تجد أمامك معلمًا شاهقًا رائعًا على يسارك، إنه "هرم تيرانا" الذي يطل على زواره وكأنه يحكي لهم قصة التحولات الجذرية التي مرت بها ألبانيا. افتُتح هذا المعلم في 14 أكتوبر 1988 كمتحف مخصص للديكتاتور أنور هوجا (1908-1985)، ليحمل معه إرث حقبة من الحكم الشيوعي القاسي في ألبانيا (1945-1990).
بدأ بناء الهيكل في عام 1986، واكتمل في 1988، ليظل متحفًا لسنوات طويلة حتى عام 1991. تم تصميم هذا المعلم الفريد من نوعه على شكل جناحي نسر، الذي يمثل رمزًا للأمة الألبانية، وهو أمر يمكن مشاهدته بوضوح من السماء. أما من الأرض، فإنه يشبه هرمًا ضخمًا يبرز وسط العاصمة. وقد قام بتصميمه فريق من المعماريين تحت إشراف ابنة أنور هوجا وزوجها، ليشكل واحدًا من أهم المشاريع المعمارية في تلك الحقبة.
بعد سقوط الشيوعية في بدايات تسعينيات القرن الماضي؛ تحول الهرم إلى رمز آخر؛ رمزًا للمرحلة الانتقالية التي مرت بها ألبانيا. فبعد عام 1991، تم إعادة تصميمه ليصبح مركزًا ثقافيًا دوليًا، حيث استضاف العديد من المعارض والمؤتمرات، وكذلك فعاليات وطنية ودولية. هذه النقلة جعلت الهرم يشكل نقطة تحوّل من إرث الديكتاتورية إلى فضاء مفتوح للحرية والإبداع.
بينما اليوم، تحول الهرم إلى مركز ثقافي مخصص للشباب، حيث يركز على التعليم الرقمي، وتكنولوجيا المعلومات، والفن. فقد أصبح أكبر مركز في ألبانيا لتعليم الشباب المهارات التكنولوجية والفنية، حيث يوفر برامج تعليمية مبتكرة في مجالات مثل البرمجة، والروبوتات، والرسوم المتحركة، وتصميم المواقع، والموسيقى، وغيرها من الدورات التي تجمع بين الفن والتكنولوجيا. كما يضم الهرم 18 قاعة دراسية بالإضافة إلى 14 قاعة مفتوحة للنشاطات في الهواء الطلق، مما يجعله مكانًا مثاليًا للشباب للتعلم والإبداع.
إعلانومن خلال مشروع تجديدي ضخم بالتعاون مع المؤسسة الألبانية الأمريكية للتنمية (AADF) وبلدية تيرانا، تم تحويل الهرم إلى مركز تكنولوجي حديث. فاليوم، يُعتبر الهرم واحدًا من أكبر المراكز التكنولوجية في المنطقة، مما يجعله وجهة هامة ليس فقط للزوار المحليين بل أيضاً للزوار الدوليين.
لقد أصبح الهرم رمزًا لرحلة ألبانيا من الماضي إلى المستقبل، ليكون منصة ثقافية وتعليمية تشجع على الابتكار والتقدم. اليوم، يستقبل الهرم أكثر من 4000 طالب في الأسبوع، ليكون بذلك مركزًا حيويًا للشباب، يجمع بين التعليم، الفن، والتكنولوجيا في بيئة مشجعة على التبادل الثقافي والتعلم المستمر.
ساحة الأم تيريزا: مجمع معماري ثقافي وفضاء للفعاليات والمهرجانات السنويةوبينما نواصل السير في شارع شهداء الوطن، تتناثر أمامنا معالم معمارية ضخمة مثل مبنى رئاسة الوزراء، البرلمان الثاني، وقصر الرئاسة، إلى جانب فندق حديث، حتى نصل إلى نهاية الشارع حيث تقع ساحة الأم تيريزا، التي تعد من أبرز الوجهات في العاصمة الألبانية.
تعد الساحة امتدادًا طبيعيًا لهذا الشارع العريق الذي يحمل تاريخ المدينة في كل زاوية. صُممت الساحة بين عامي 1939 و1941 بواسطة المهندس الإيطالي غيراردو بوسيو، كجزء من مشروع معماري خلال فترة الاحتلال الإيطالي، وكانت تُعرف آنذاك باسم "بيازا ليتوريو". تم تغيير اسمها لاحقًا تكريمًا للراهبة الألبانية الشهيرة الأم تيريزا، التي ألهمت العالم بأعمالها الإنسانية.
ما يميز الساحة هو موقعها الاستراتيجي في الجزء الجنوبي من تيرانا، حيث تطل من الشمال على بحيرة العاصمة الاصطناعية، إلى جانب المباني التاريخية التي تحيط بها. تم تصميم هذه المباني لتشكل مجمعًا إداريًا وسياسيًا ورياضيًا متكاملًا. من أبرز معالم الساحة:
إعلان رئاسة جامعة تيرانا والمتحف الأثري، الموجودان في مبنى كان يُعرف باسم "كازا ديلا جوفينتو ليتوريا ألبانيزي"، والذي يتميز بتصميمه على شكل حرف "U" لخلق تناغم بصري لافت. جامعة الفنون، التي كانت تقع في "كازا ديل أوبرا ديل دوبولافورو ألبانيزي"، وهي اليوم مركز للإبداع الفني والثقافي. جامعة البوليتكنيك، التي تقف في موقع "كازا ديل فاسيو" أو "بالاتزو ليتوريو"، وتتميز بتصميمها الضخم والطابع الكلاسيكي الواضح.تجسد ساحة الأم تيريزا مزيجًا متناغمًا بين الطابع المعماري الإيطالي والهوية الألبانية، وبفضل تصميمها الواسع والمنظم، أصبحت مركزًا حيويًا يحتضن العديد من الأنشطة والفعاليات والمهرجانات السنوية الهامة التي تجذب الزوار من داخل ألبانيا وخارجها، مما يجعلها أحد الرموز الثقافية لتيرانا.
حديقة البحيرة الكبرى في تيرانا.. "رئة العاصمة" الخضراءوعلى بعد خطوات من ساحة الأم تيريزا، تبدأ رحلة نحو عالم آخر من الطبيعة الخلابة. خلف الساحة، حيث تلوح تلال خضراء مزينة بالأشجار المرتفعة، تبدأ المسارات المرصوفة التي تقودك مباشرة إلى بحيرة تيرانا الاصطناعية، حيث تتناثر مياه البحيرة بين التلال لتشكل مشهدًا ساحرًا يلامس السكون والهدوء بعيدًا عن صخب المدينة. هنا، لا تشعر فقط وكأنك في مكان آخر، بل أنك في ملاذ طبيعي يخطف الأنفاس.
تُعد حديقة البحيرة الكبرى في جنوب تيرانا واحدة من أروع الوجهات الطبيعية في العاصمة، بل تُلقب بـ"رئة المدينة" بفضل مساحتها الواسعة وتنوعها البيئي الفريد. تأسست الحديقة في خمسينيات القرن الماضي، وكان إنشاؤها بمثابة استجابة لاحتياجات سكان تيرانا للحصول على مساحة خضراء للاسترخاء وممارسة الأنشطة الرياضية. لكن أهم ما يميز الحديقة هو بحيرتها الاصطناعية التي تعد أكبر مساحة خضراء في المدينة، وتمنح الزوار فرصة للتجول في مساراتها أو ممارسة الجري بين الأشجار والشجيرات التي يتجاوز عددها الـ120 نوعًا.
بدأ المشروع في عام 1955 ببناء البحيرة، التي استفادت من المياه القادمة من المناطق المجاورة، لتشكل توازنًا بيئيًا رائعًا وسط المدينة. كما تم بناء سد لحماية المدينة من الفيضانات، وفي عامي 1957 و1958، بدأت عمليات زراعة النباتات وتطوير البنية التحتية للحديقة التي أصبحت اليوم واحدة من أكثر الأماكن شهرة في تيرانا. تمتد الحديقة على تلال منخفضة، وتوفر مشهدًا طبيعيًا ساحرًا يتضمن البحيرة التي تُزينها الخلجان الصغيرة والجزر الطبيعية.
وفيما تتنقل بين مسارات الحديقة، يلفتك تنوع المعالم التاريخية والثقافية التي تحتضنها، مثل كنيسة القديس بروكوبيوس والنُصب التذكارية التي تخلد أسماء شخصيات ألبانية بارزة. كما تحتفظ الحديقة بذكرى الجنود البريطانيين والألمان الذين سقطوا في الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى ضريح العائلة الملكية الألبانية الذي تم تشييده في عام 2012.
إعلانتعد الحديقة أيضًا موطنًا للعديد من الطيور والحيوانات التي تساهم في إثراء الحياة البرية في المنطقة. من الطيور مثل البلبل المغرد والبومة والعصفور الصخري، إلى الحيوانات الصغيرة مثل السلاحف والسحالي، فإن هذه الحديقة توفر تجربة طبيعية غنية ومتكاملة.
تمتد حديقة البحيرة الكبرى على مساحة تزيد عن 156 هكتارًا، بينما تمتد البحيرة نفسها على 4.5 هكتار، مما يجعلها من أضخم المساحات الخضراء في تيرانا، وتحولها إلى نقطة جذب سياحية مميزة في العاصمة.
تُعد الحديقة اليوم من أهم معالم تيرانا السياحية، حيث يقصدها الزوار من مختلف أنحاء العالم للاستمتاع بجمالها الطبيعي والأنشطة المتنوعة التي تقدمها في بيئة صحية وطبيعية.
الجولة الثالثة.. ممشى "مراد توبتاني" ممشى مراد توبتاني: لقاء بين التاريخ والحداثة في قلب تيرانايُعد ممشى "مراد توبتاني" واحدًا من أبرز المعالم السياحية في قلب تيرانا. يبدأ هذا المسار الرائع من شارع بوليفارد شهداء الوطن، الذي يعد أحد أهم شوارع العاصمة، ويشق طريقه في اتجاه الشرق ليعبر بين معالم تاريخية رائعة وأخرى عصرية.
على الجهة اليمنى من الممشى، تقع قلعة تيرانا التاريخية، بينما يقابلها على اليسار مول طوبتان العصري الذي يعكس لمسات الحداثة. وفي الجهة الشمالية، يُشاهد قصر طوبتات الأثري، الذي يجاوره أول فندق خمس نجوم تم افتتاحه في العاصمة الألبانية. ومع تقدمك في المسار، ستصل إلى جسر طباق الأثري على ضفاف نهر لانا، ليختتم ممشى "مراد توبتاني" جولة تاريخية تجمع بين المعالم الطبيعية والأثرية.
تم افتتاح الممشى في 10 أكتوبر 2011، بعد أعمال ترميم شاملة بدعم من الاتحاد الأوروبي، ليُصبح مساحة مفتوحة يُحتفل فيها بالتراث التاريخي والثقافي. ويعبر الممشى العديد من المعالم التاريخية البارزة مثل قلعة تيرانا، أكاديمية العلوم، الحديقة الشعبية، **المكتبة الوطنية القديمة، وأيضًا مبنى المضطهدين السياسيين، ليجعل من هذه المنطقة واحدة من الوجهات المميزة التي تجمع بين الماضي والحاضر في تيرانا.
إعلان قلعة تيرانا.. معلم أثري تحول لمنتزه سياحي في قلب المنطقة الأثريةتُعد قلعة تيرانا من أبرز الوجهات السياحية التي تجمع بين عبق التاريخ وسحر الحداثة، مما يجعلها رمزًا حيًا للتراث الثقافي في العاصمة الألبانية. أُدرجت كموقع أثري عام 1973، لتصبح شاهدة على تطور المدينة وهويتها عبر العصور.
تقع القلعة عند تقاطع الطرق القديمة التي ربطت بين الشرق والغرب، حيث شُيدت بالقرب من أطلال قلعة الإمبراطور جستنيان. تعود ملكيتها إلى عائلة توبتاني، إحدى أغنى وأعرق العائلات في ألبانيا والبلقان، والتي انتقلت من مدينة كرويا الجبلية الشمالية إلى تيرانا في القرن السابع عشر.
كانت القلعة مسرحًا للعديد من التحولات التاريخية. ففي القرن التاسع عشر، اندلعت معارك شرسة بين عائلة توبتاني وعائلة بوشاتلي من اشكودرا، أبرزها حصار عام 1817 الذي دام خمسة أشهر وألحق أضرارًا جسيمة بالقلعة. وفي عام 1832، أمر محمد رشيد باشا بهدمها بالكامل ضمن خطة تهدف إلى تقليص نفوذ القلاع في المنطقة.
رغم الدمار الذي لحق بها، استُعيدت القلعة من خلال عمليات ترميم دقيقة، لتتحول إلى وجهة ثقافية وسياحية نابضة بالحياة. اليوم، تُمثل القلعة مزيجًا فريدًا من الماضي والحاضر، حيث توفر للزوار ممرات مخصصة للمشاة لاستكشاف أجواءها التاريخية والمعاصرة.
يُعد "الشارع داخل القلعة" محور جذب رئيسي، إذ يضم متاجر تعرض المنتجات الحرفية التقليدية ومعارض فنية تجسد التراث الألباني بتفاصيل عصرية. كما تُقام فعاليات ثقافية متنوعة تشمل الحفلات الموسيقية والمعارض الفنية التي تضفي حيوية خاصة على تجربة الزوار.
إلى جانب ذلك، تقدم القلعة فرصة فريدة لتذوق الأطباق التقليدية في أجواء مفعمة بالثقافة المحلية، مما يجعلها وجهة مثالية لمحبي التراث والطعام الأصيل.
بتصميمها المستطيل الذي يمتد من الشرق إلى الغرب وسورها الذي يحكي قصص العصور الماضية، تظل قلعة تيرانا شاهدًا على التاريخ الغني للمدينة. وبينما تحتضن القلعة حكايات الزمن القديم، فإنها ترحب بالمستقبل بروح متجددة، لتكون رمزًا دائمًا لهوية العاصمة وثقافتها.
إعلانزيارة قلعة تيرانا ليست مجرد رحلة سياحية، بل تجربة غنية تستحضر عبق التاريخ مع لمسة معاصرة. إنها دعوة لاكتشاف قلب العاصمة الألبانية حيث يمتزج الماضي بالحاضر في انسجام ساحر.
تُعد قلعة تيرانا من أبرز المعالم الأثرية التي تجمع بين عراقة الماضي وسحر الحاضر، أعيد ترميمها لتصبح اليوم وجهة ثقافية نابضة بالحياة. تحتضن القلعة فعاليات فنية وموسيقية ومتاجر للحرف التقليدية، ما يجعل زيارتها تجربة فريدة تمتزج فيها روح التراث بلمسة عصرية مبهرة.
مركز توبتاني: تجربة تسوق حديثة في قلب تيرانافي قلب **تيرانا** النابضة بالحياة، حيث يلتقي التاريخ بالحاضر، يرتفع **مركز توبتاني للتسوق** كرمز للتطور العمراني الحديث الذي تشهده العاصمة الألبانية. فمنذ افتتاحه، أصبح هذا المركز أكثر من مجرد وجهة للتسوق، بل تحول إلى مساحة حضرية حيوية تجمع بين التسوق، الترفيه، والأعمال في بيئة أنيقة وعصرية.
عند دخولك المبنى، ستجد نفسك وسط عالم من الأضواء والانعكاسات، حيث تتوزع **المحال التجارية** حول ردهة مركزية تتلألأ بفضل الجدران الزجاجية والمرايا التي تعكس الأضواء بطريقة مبهرة. في الطوابق العليا، تحتل **المكاتب** مساحات فسيحة بإطلالات بانورامية على المدينة، حيث يمكن للعاملين الاستمتاع بمشهد تيرانا الحديثة من نوافذهم.
لكن سحر مركز توبتاني لا يقتصر على داخله فقط، بل يمتد إلى الشارع، حيث صُممت واجهته الخارجية بشرفات أنيقة وسلالم تدمج بين **المبنى والحياة الحضرية** المحيطة به. وتزيد **الشاشات الرقمية الضخمة** من تفاعله مع المدينة، حيث تعرض الإعلانات وتبث الفعاليات الكبرى، مما يجعله نقطة تجمع ديناميكية للسكان والزوار.
إعلانيقع المركز في شارع **عبد توبتاني**، أحد أهم الشوارع في قلب تيرانا، ليكون شاهدًا على تطور المدينة وتحولها إلى وجهة عصرية تجذب الباحثين عن تجربة تسوق حديثة ومريحة في أجواء تفيض بالحيوية والتجدد.
سراي توبتاني.. تحفة معمارية عثمانية تروي تاريخ تيرانا الثقافيفي قلب العاصمة الألبانية تيرانا، تقف سراي توبتاني كإحدى أهم المعالم التاريخية التي تجسد عراقة العمارة العثمانية وتأثيراتها على التراث المحلي. يعود تاريخ بناء هذه السراي إلى الفترة بين عامي 1833 و1840، وقد أنشأها أفراد من عائلة توبتاني الشهيرة لتكون دار استقبال للضيوف ومقرًا يعكس مكانتهم الاجتماعية الرفيعة.
تمتد سراي توبتاني على مساحة كبيرة، تحتوي على 32 غرفة مزخرفة بأسلوب عثماني شرقي. يتسم التصميم باستخدام الجدران السميكة المصنوعة من الطوب المدعوم بعوارض خشبية مضادة للزلازل، مما يمنح المبنى طابعًا يشبه القلعة. يُظهر التصميم الداخلي والخارجي اهتمامًا كبيرًا بالزخارف الخشبية والنقوش الزهرية التي تزين الأسقف والنوافذ، بينما تُحاط السراي بحديقة واسعة تضم بئرًا ومداخل محمية بجدران عالية وبوابة رئيسية ضخمة.
على مر العقود، مرت السراي بتحولات عديدة في استخداماتها. خلال العشرينيات من القرن الماضي، أصبحت مقرًا مؤقتًا للسفارة الأمريكية في ألبانيا. لاحقًا، خلال عهد الملك أحمد زوغو، تحولت إلى أول مكتبة وطنية في البلاد، حيث احتضنت الكنوز الثقافية والمعرفية للأمة. ومع دخول فترة الحكم الشيوعي، استُخدمت كمقر لمعهد حماية الآثار والثقافة. في عام 1963، أُعلنت السراي كموقع أثري محمي من قبل الدولة، لتبقى شاهدة على تاريخ غني ومتنوع.
في العقود الأخيرة، تعرضت السراي لعدد من التحديات، من بينها الإهمال والحرائق، مما أدى إلى تضرر أجزاء منها. إلا أن الجهود جارية لاستعادتها وترميمها. وقد صرحت وزارة الثقافة بأن الهدف المستقبلي هو تحويل السراي إلى متحف ثقافي يعكس تاريخ تيرانا والعلاقات التاريخية بين ألبانيا والولايات المتحدة.
إعلانبالرغم من كونها غير مفتوحة حاليًا للجمهور، تُعتبر سراي توبتاني رمزًا للتراث الثقافي في تيرانا ووجهة مميزة لمحبي العمارة والتاريخ. يجذب هذا المعلم الأنظار بسبب قيمته التاريخية والفنية، ويأمل السكان المحليون والزوار أن تُستعاد السراي لتصبح جزءًا نابضًا بالحياة من المشهد الثقافي للعاصمة.
ختامًا، تبقى سراي توبتاني شاهدة على فصول متعددة من تاريخ ألبانيا، وواحدة من أجمل النماذج التي تعكس اندماج العمارة الشرقية والغربية في قلب البلقان.
مبنى معهد المضطهدين السياسيين السابقين.. مزيج من الفن المعماري والتاريخ السياسيتواصل سيرك تجاه الشرق وتعبر الشارع الي يمتد من جنوب العاصمة لشمالها لتجد أمامك على يسارك نحو الجنوب مبنى فريد في طرازه يلفت أنظار ويدفعك للتوقف والتأمل في روعته ولكن يلفت نظر نصب عجيب أمامه وكأنه يشير لمعاناة حدثت في الماضي وحينما تقترب وتقرأ اللافتة المعلقة على باب المبنى تفهم الحكاية المؤلمة..
في قلب تيرانا، وتحديدًا في شارع "جورج دبليو بوش"، يقف مبنى معهد المضطهدين السياسيين السابقين كمعلم ثقافي وتاريخي يعكس ماضي ألبانيا وتراثها المعماري. يعود تاريخ بناء هذا المبنى إلى عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين، حيث صُمم ليكون مقرًا للسفارة الإيطالية
يمثل المبنى مزيجًا فريدًا من الطراز الإكليتيكي (Eclectic Architecture)، وهو نمط معماري يجمع بين أساليب متعددة، مع تأثيرات شرقية واضحة تُبرز الروح المحلية، بالإضافة إلى لمسات بسيطة من أسلوب "آرت نوفو" (Art Nouveau) المعروف بخطوطه الانسيابية وزخارفه الأنيقة. هذا المزج أضفى على المبنى شخصية متميزة تجمع بين العراقة والتجديد.
في عام 2007، أُعلن المبنى كمعلم ثقافي، ما يجعله أحد الرموز المهمة للتراث المعماري في ألبانيا. هذا الإعلان يعكس تقديرًا للجهود المبذولة للحفاظ على الصروح التاريخية التي تشهد على فترات سياسية واجتماعية مختلفة في تاريخ البلاد.
إعلاناليوم، يُستخدم المبنى كمقر لمعهد المضطهدين السياسيين السابقين في ألبانيا، وهي مؤسسة تسلط الضوء على حقوق الأشخاص الذين عانوا من الاضطهاد السياسي في حقبة الحكم الشيوعي. يهدف المعهد إلى الحفاظ على ذكرى هؤلاء الأشخاص وتعزيز الوعي بقيم الحرية والديمقراطية.
لا يمثل المبنى مجرد صرح معماري جميل فحسب، بل يُعد شهادة على تطورات تاريخية وسياسية عاصفت بألبانيا خلال القرن العشرين. زيارته تتيح فرصة للتأمل في الماضي واستيعاب دروسه، إلى جانب التمتع بجمال التصميم المعماري الذي يعكس رؤية فنية عابرة للزمن.
المبنى القديم للمكتبة الوطني..ملتقى التاريخ والثقافة في تيراناوفي مقابله على يسارك في الجهة الشمالية تشاهد مبنى مرتفع على سلاسم صاعدة وكأنك ترتقي في المكان والوعي حينما تدخل من باب هذا المبنى الرائع البديع إنه..
يقف المبنى القديم للمكتبة الوطنية في تيرانا كشاهدٍ على لحظاتٍ مفصلية في تاريخ ألبانيا. في 26 نوفمبر 1912، ومع انتهاء خمسة قرون من الحكم العثماني، شهدت الساحة أمام هذا المبنى رفع علم الاستقلال لأول مرة في مدينة تيرانا، في احتفال وطني شارك فيه رموز بارزون مثل عبدي طبطاني، ومحمد بازاري، وإبراهيم أغاليو، وشفقت ندرَوْقي.
بعد ذلك بسنوات قليلة، وتحديدًا في 11 فبراير 1920، أصبح المبنى مقرًا للحكومة المؤقتة الألبانية التي انبثقت عن مؤتمر لوشنيا، بالتزامن مع إعلان تيرانا عاصمة للبلاد.
في عام 1945، تحول المبنى إلى مقر المكتبة الوطنية الألبانية، ليصبح مركزًا للمعرفة والثقافة في البلاد. ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، كانت المكتبة تمتلك مجموعة ضخمة تضم 15,000 مجلد. وشهدت المجموعة تطورًا ملحوظًا، خاصة في مجال الدراسات الألبانية، نتيجة مصادرة مكتبات خاصة ومجموعات شخصية لعدد من رموز الثقافة في ظل النظام الشيوعي آنذاك.
إعلاناليوم، يواصل هذا المبنى العريق أداء دوره الثقافي، حيث يضم قسم الأدب الأجنبي، وقاعات قراءة متعددة مخصصة للغات المختلفة، بما في ذلك الألمانية، الإيطالية، الفرنسية، الإنجليزية، واللغات الكلاسيكية. زيارة هذا المكان تمنحك فرصة للغوص في أعماق التاريخ، والاطلاع على إرث ثقافي ومعرفي يجعل منه معلمًا لا غنى عنه لعشاق التراث والتاريخ في تيرانا.
جسر طباق – تيرانا: تحفة معمارية على ضفاف نهر لاناوقبيل انتهاء الممشى تشاهد منطقة في غاية الروعة فهناك على يسارك حديثة 1 مايو الرائعة المنفتحة في الأجواء المفتوحة والتي تحولت لمجمع من المقاهي والمطاعم وفي نفس مسارك على الممشى مقاهي أصغر رائعة ثم في نهاية الممشى على يسارك تشاهد جسر طبق الحجري الرائعة وهو يتجه من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي ليخبرك أنه تم في الماضي تحويل مسرى مجرى نهر لان وهذه حكايته
يعد جسر طباق أحد أبرز المعالم المعمارية التاريخية في تيرانا، حيث يجسد روعة الفن المعماري العثماني في القرن الثامن عشر. هذا الجسر الحجري كان يشكل جزءًا أساسيًا من البنية التحتية الحيوية للمدينة في تلك الفترة، فقد ربط تيرانا بالمنطقة الجبلية الشرقية عبر طريق القديس جورج، وكان يُستخدم كمعبر للمشاة وأيضًا لنقل المواشي من القرى إلى المدينة حتى ثلاثينيات القرن الماضي.
كان لجسر طباق دور اجتماعي واقتصادي بالغ الأهمية. فقد تم بناؤه بتمويل من نقابة دباغي الجلود، التي كانت تحتل مكانة مرموقة في الحياة الاقتصادية لتيرانا آنذاك. كان الجسر يربط بين ضفتي نهر لانا، ويُستخدم في تسهيل تجارة الجلود والمواشي، حيث كانت محلات الجزارين وورش دباغة الجلود تنتشر على ضفافه. وبذلك، أصبح الجسر عنصرًا أساسيًا في النشاط الاجتماعي والاقتصادي للمدينة في تلك الفترة.
من الناحية المعمارية، يمثل جسر طباق شهادة حية على التقاليد العريقة في البناء واحترافية الحرفيين المحليين. يتميز الجسر بتصميمه المتناسق وتوزيع عناصره الهندسية بشكل متوازن، مما يضفي عليه جمالًا فنيًا مميزًا. يرتفع الجسر حوالي 7.5 أمتار، ويبلغ طول القوس الرئيسي 8 أمتار، ما يمنحه شكله الشامخ. تم بناء القوس من طبقتين من الأقواس الجانبية التي تضفي عليه المتانة، بينما يبلغ عرض الممر 2.5 متر، مرصوف بحجارة نهرية غير منتظمة، مما يضيف إلى جمالية الجسر التقليدية.
مع مرور الوقت، فقد الجسر دوره الحيوي بعد تحويل مجرى نهر لانا في ثلاثينيات القرن الماضي، ليصبح شبه مهدم. إلا أن الجسر شهد عمليات ترميم واسعة في تسعينيات القرن الماضي، حيث تم إعادة تجديده ليعود إلى حالته الأصلية ويُعاد استخدامه من قبل المشاة. وفي عام 2007، تم اكتشاف حوض صناعي أسفل الجسر أثناء أعمال تطوير البنية التحتية، مما أضاف إلى رونقه التاريخي وأكد على قيمة هذا المعلم العريق.
اليوم، يُعد جسر طباق واحدًا من أهم معالم التراث الثقافي في تيرانا، ويعد شاهدًا حيًا على فن العمارة العثمانية في المدينة. بفضل ترميمه والمحافظة عليه، أصبح الجسر نقطة جذب سياحي بارزة، حيث يمكن للزوار التمتع بجماله المعماري والتاريخي في قلب المدينة، والاستمتاع بجولة فريدة تنقلكم عبر الزمن.
إعلان الجولة الرابعة.. معالم عثمانية، ثقافية، تاريخية معالم ومؤسسات المشيخة الإسلامية.. مزيج من التاريخ العريق والأصالة المعماريةتعد المشيخة الإسلامية الألبانية حجر الزاوية في التاريخ الديني والثقافي لألبانيا، حيث تجسد مؤسساتها ومعالمها مزيجًا فريدًا من الأصالة المعمارية والعراقة التاريخية. تأسست المشيخة في عام 1923 في تيرانا، لتكون بمثابة إعلان عن استقلال المسلمين في ألبانيا عن الخلافة العثمانية، ما أسهم في تعزيز الهوية الدينية والثقافية للألبان.
تُعد المؤسسات التابعة للمشيخة، مثل المدارس الدينية والأوقاف الإسلامية، منارة لنشر التعليم الديني باللغة الألبانية وتنظيم الشؤون الإسلامية بما يتناسب مع متطلبات العصر الحديث. زيارة هذه المعالم لا تقتصر على كونها رحلة عبر الزمن، بل هي فرصة لاكتشاف التحولات الثقافية والدينية التي شهدها المجتمع الألباني.
من خلال مؤسساتها التاريخية والمعمارية، تقدم المشيخة الإسلامية صورة حية عن التوازن بين العراقة الإسلامية والحداثة الأوروبية، مما يجعلها جزءًا أساسيًا في فهم الهوية الثقافية والدينية للألبان.
مقر المشيخة الإسلامية الألبانية.. من قصر أميرات إلى رمز ديني بارزفي قلب العاصمة تيرانا، يقف مقر المشيخة الإسلامية الألبانية كدليل حي على التحولات الزمنية والتاريخية التي مرت بها المدينة. كان المبنى في البداية ملكًا للمشيخة، قبل أن يُستأجر عام 1927 من قبل العائلة الملكية ليصبح قصرًا للأميرات شقيقات الملك أحمد زوغو الأول بعد إعلان الملكية في ألبانيا.
مؤسسات المشيخة الإسلامية، التي تأسست عام 1923، تقف اليوم شاهدًا على قرن من الاستقلال الديني والثقافي في ألبانيا. هذا المكان الذي كان في يوم من الأيام ملاذًا للأميرات، تحول ليصبح معقلًا روحانيًا يعكس مزيجًا من العمق الروحي والمعماري.
إعلانمرت سنوات من التحولات السياسية والاجتماعية، حيث تم تأميم القصر في ستينيات القرن الماضي أثناء الحكم الشيوعي. ومع عودة الديمقراطية في التسعينيات، استعادت المشيخة ملكية المبنى، لكنها اختارت هدمه وإقامة مقر حديث يعكس الهوية الإسلامية المتجددة.
اليوم، يشكل المقر الجديد للمشيخة الإسلامية في تيرانا رمزًا يجسد التوازن بين التراث والحداثة، ويظل وجهة بارزة تروي قصة ماضي المدينة في ظل روحها المستقبلية.
ويلوح في الأفق جامع تيرانا الكبير، المعروف أيضًا باسم جامع نامازجه، كأضخم صرح ديني في منطقة البلقان. بقبابه الفخمة ومآذنه الشاهقة، يبرهن هذا الجامع على عودة الروح الإسلامية إلى العاصمة الألبانية بعد عقود من القمع. يجسد جامع تيرانا الكبير مزيجًا رائعًا بين الطراز العثماني الكلاسيكي ومتطلبات العصر الحديث، ليصبح نقطة التقاء بين الماضي والحاضر.
بدأت فكرة بناء الجامع بعد سقوط النظام الشيوعي في 1991، عندما تقلص عدد المساجد في العاصمة، مما اضطر العديد من المصلين إلى أداء صلواتهم في الشوارع. وفي عام 1992، وضع الرئيس الألباني الأسبق صالح بريشا حجر الأساس للمشروع، لكن العراقيل السياسية أخرت تنفيذه. وفي عام 2010، تم اتخاذ القرار باستكمال المشروع برعاية رئيس بلدية تيرانا آنذاك، إيدي راما، بتمويل بلغ 30 مليون يورو، شاركت فيه رئاسة الشؤون الدينية التركية "ديانات".
أعمال البناء بدأت في 2015 بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأُقيم حفل الافتتاح الرسمي في 10 أكتوبر 2024 بحضور شخصيات رفيعة من ألبانيا وتركيا. يمتد الجامع على مساحة 10,000 متر مربع، ويحتوي على أربع مآذن شاهقة بارتفاع 50 مترًا، وقبة ضخمة بارتفاع 30 مترًا، مما يضفي عليه طابعًا عثمانيًا أصيلًا.
إعلانيتسع الجامع لـ 8,000 مصلٍّ في قاعته، بالإضافة إلى 2,000 آخرين في الساحات الخارجية، ليصل إجمالي القدرة الاستيعابية إلى 10,000 شخص في وقت واحد. ويحتوي على مرافق ثقافية وتعليمية، مما يجعله أكثر من مجرد مكان للعبادة.
أصبح جامع تيرانا الكبير اليوم معلمًا سياحيًا بارزًا، يعزز من حضور الثقافة الإسلامية في ألبانيا ويجسد روح التسامح الديني والتنوع الثقافي في البلاد، ليظل رمزًا للحفاظ على الهوية الدينية والثقافية للألبان وجسرًا يربط الماضي المتجذر بالحاضر المتجدد.
سليمان باشا بارجيني.. مؤسس تيرانافي صفحات تاريخ العاصمة الألبانية، يتألق اسم سليمان باشا يارجيني كأحد الشخصيات البارزة التي أسست مدينة تيرانا، والتي أصبحت بعد ثلاثة قرون من تأسيسها عاصمة نابضة بالحياة.
في أوائل القرن السابع عشر، حمل هذا القائد العثماني رؤيته الحضارية ليؤسس تيرانا على أسس متينة من المساجد، الأسواق، والحمامات التركية، ليصبح بذلك مؤسسًا للمدينة التي نراها اليوم. تمثال سليمان باشا، الذي يقف في ساحة التحرير، يروي للزوار قصة الرجل الذي أسس هذه العاصمة.
وُلد سليمان باشا في بلدة يارجين، إلا أنه عاش في قرية موليت جنوب تيرانا. بعد مسيرة عسكرية مرموقة كجنرال في الجيش العثماني، عاد إلى مسقط رأسه محملاً برؤية حضارية وبرغبة في تحقيق مشاريعه، وهو ما تحقق بفرمان سلطاني يتيح له تنفيذ رؤيته.
في عام 1614، اتخذ سليمان باشا خطوة تاريخية بتأسيس أول معالم تيرانا، حيث بنى المسجد الأول، وحمامًا تركيًا، ومخبزًا، وسوقًا، لتشكل هذه المنشآت الأربع الأساس الذي ساهم في تحول المنطقة إلى مركز حضري مزدهر.
تم تخليد ذكرى هذا القائد عام 2000 بنصب تذكاري رائع من تصميم النحات ماكسيم شردهي، والذي يقف إلى جانب نصب "جندي التحرير" في ساحة رئيسية، ليظل شاهدًا على إرث رجل لم يكن قائدًا عسكريًا فحسب، بل مؤسسًا ترك بصمة خالدة في تاريخ ألبانيا.
اليوم، يُعد تمثال سليمان باشا معلمًا ثقافيًا وسياحيًا بارزًا، رمزًا للذاكرة التاريخية وبداية النهضة الحضرية التي شكلت ملامح العاصمة الألبانية.
إعلان قبر كابلان باشا.. شاهداً على التاريخ العثماني في قلب تيرانابين أعمدة مثمنة تتحدى عوادي الدهر، يقف قبر كابلان باشا، كأحد أبرز المعالم العثمانية التي تحكي فصولًا من تاريخ المدينة. بُني هذا القبر بين عامي 1820 و1830 ليخلد ذكرى حاكم تيرانا، "كابلان باشا توبتاني"، الذي توفي عام 1819. واليوم، يُعد القبر واحدًا من القلائل التي بقيت شاهدة على الطراز المعماري العثماني في العاصمة الألبانية.
يتخذ القبر شكلًا مثمنًا، ويضم ثمانية أعمدة حجرية متينة، مزينة بتصاميم كورنثية مزخرفة تنبثق منها أقواس متقنة الزخرفة، تحمل نقوشًا نباتية دقيقة تعكس الإبداع العثماني في العمارة. القبر، الذي لم يعد يضم سقفًا أو قبة، يثير التساؤل حول ما إذا كان قد اكتمل في شكله الأصلي أم تعرض للتغير بفعل الزمن.
في الماضي، كان القبر جزءًا من أقدم وأجمل مجمع أثري في تيرانا، يتضمن قبر سليمان باشا بارجيني مؤسس العاصمة ومسجده الذي يحمل اسمه، مما جعله مركزًا دينيًا وثقافيًا بارزًا. لكن هذا المجمع الذي كان يضم ستة قبور ضخمة بتصاميم مشابهة، تعرض للتدمير خلال الحرب العالمية الثانية، ولم يبقَ منه سوى قبر كابلان باشا الذي ظل صامدًا رغم الأضرار التي لحقت به.
ينتمي كابلان باشا إلى عائلة توبتاني، إحدى أكثر العائلات نفوذًا في ألبانيا خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وقد لعب دورًا هامًا في تاريخ تيرانا، حيث جسد فترة من القوة والتأثير السياسي في المنطقة.
في عام 1948، تم تصنيف قبر كابلان باشا كمعلم ثقافي من الفئة الأولى، تقديرًا لقيمته التاريخية والمعمارية. وعلى الرغم من أن القبر بات اليوم فارغًا، حيث تم استخراج رفات كابلان باشا ودفنها في إسطنبول، إلا أنه يظل رمزًا للتراث العثماني ووجهة تستقطب الزوار الراغبين في استكشاف ماضي المدينة الغني.
إعلانيمثل قبر كابلان باشا شهادة حية على براعة العمارة العثمانية وتأثيرها العميق في هوية العاصمة الألبانية. زيارة هذا القبر الأثري تمنح السائح فرصة فريدة لاستكشاف التاريخ العثماني الغني في تيرانا وفهم الأبعاد الثقافية والدينية التي شكلت هوية المدينة عبر العصور، مما يجعل من الرحلة السياحية تجربة ثقافية ملهمة وممتعة.
"البازار الجديد".. استكشاف التقاليد الألبانية في أجواء تراثية بنكهات معاصرةفي ساحة أفني روستيمي، على بُعد خطوات قليلة من مركز مدينة تيرانا نحو الشرق، يبرز "البازار الجديد" كأحد أبرز المعالم التجارية التاريخية التي ما زالت تحتفظ بجمالها التقليدي. رغم التجديدات المعمارية التي أُضيفت له بلمسات إيطالية عصرية، إلا أن البازار حافظ على أصالته، مما يجعله وجهة مثالية لعشاق التاريخ والجمال المعماري المدمج بين الماضي والحاضر.
تأسس "البازار الجديد" عام 1931 استجابةً للنمو السريع في النشاط التجاري بالعاصمة تيرانا، حيث أصبح البازار القديم عاجزًا عن تلبية احتياجات السوق المتزايدة. وبعد هدم البازار القديم في عام 1959، أصبح "البازار الجديد" المركز الرئيسي لتجارة اللحوم والأسماك والخضروات والفواكه في المدينة، ليظل طوال عقود نقطةً محورية للمتسوقين والزوار.
يزين هذا البازار الرائع مسجد كوكونوزي التاريخي، الذي يعود إلى عام 1750، ليضفي لمسة إسلامية تقليدية بطابعها العثماني الأصيل، مما يضفي على المنطقة التي انطلقت منها العاصمة قبل قرون طابعًا ألبانيًا مميزًا يجسد تاريخًا طويلًا من الحضارة والثقافة.
البازار الجديد ليس مجرد سوق تجاري، بل هو لوحة فنية حية تعكس مزيجًا فريدًا من الطراز المعماري التقليدي والأصالة العثمانية. أثناء التجول بين الأزقة والممرات المغطاة، ستلاحظ كيف يتناغم الطراز المعماري الألباني الخشبي التقليدي مع الواجهات الإيطالية الحديثة التي أضيفت خلال تجديد البازار عام 2017. هذا المزيج من التراث والحداثة جعل من البازار وجهة سياحية مميزة تستهوي زوار تيرانا من مختلف أنحاء العالم.
إعلانيمثل البازار الجديد وجهة متميزة للتسوق، حيث يضم العديد من الأقسام المتنوعة التي تقدم مجموعة واسعة من المنتجات المحلية الطازجة. في سوق الألبان ومنتجات اللحوم، يمكن للزوار تذوق ألذ الأطعمة التقليدية، بينما يقدم سوق الخضروات والفواكه تشكيلة غنية من المنتجات المزروعة محليًا في المناطق المحيطة بتيرانا.
إضافة إلى ذلك، يعد البازار مكانًا مثاليًا لاكتشاف الحرف اليدوية الألبانية المميزة. من الأعمال النحاسية الرائعة التي تعكس براعة الحرفيين المحليين، إلى الأعمال الخشبية المصنوعة يدوياً التي تحمل الطابع الألباني التقليدي، يجد الزوار أيضًا سجادًا ألبانيًا أصليًا بألوانه الزاهية وتصاميمه الفريدة. كما يُمكن للزوار شراء هدايا متنوعة من المنتجات المحلية المميزة، التي تمثل جزءًا من الثقافة الألبانية الغنية وتعتبر تذكارًا رائعًا.
مع مرور الوقت، أصبحت المنطقة المحيطة بالبازار مركزًا حيويًا يضج بالحياة. المحلات التجارية والمقاهي والمخابز تنتشر في أنحاء المكان، مما يجعل منه نقطة لقاء حيوية للزوار المحليين والأجانب. وفي المساء، تزدحم المقاهي والمطاعم بالأجانب، خاصة الإيطاليين، الذين يفضلون الاستمتاع بالأجواء الدافئة. تعتبر المطاعم المحيطة فرصة رائعة لتذوق المأكولات الألبانية التقليدية إلى جانب الأطباق المتوسطية التي تحاكي ثقافات مختلفة، مما يضيف لمسة عالمية للمكان ويجعله نقطة جذب للسياح الأوروبيين الراغبين في التعرف على عادات وثقافات الشعوب والاستمتاع بأجواء تراثية فريدة ومميزة.
لا يتوقف سحر البازار الجديد عند التسوق فحسب، بل يمتد ليشمل أجواء من المرح والنشاط الثقافي. فالبازار يعمل على مدار 24 ساعة، حيث يبدأ النهار بنشاط تجاري مركز حول بيع المنتجات الطازجة، ليتحول في فترة ما بعد الظهر إلى مركز حيوي لفنون الطهو. وفي عطلات نهاية الأسبوع، يتحول البازار إلى مكان يعج بالفعاليات الثقافية والفنية مثل معارض الحرف اليدوية، والحفلات الموسيقية، وعروض المسرح للأطفال، مما يضفي على المكان روحًا فنية مليئة بالبهجة.
إعلانتجديد البازار في عام 2017 كان خطوة هامة لاستعادة جزء من هوية تيرانا الثقافية وتعزيز اقتصادها المحلي. لم يقتصر المشروع على إعادة البناء، بل كان جزءًا من رؤية لتطوير المدينة وجعلها أكثر جذبًا للسياح، حيث أضاف حيوية جديدة من خلال الأنشطة الاجتماعية والثقافية التي تُنظم هناك.
مدرسة تيرانا الإسلامية.. رائدة التعليم الشرعي في ألبانيا على مدار قرننواصل سيرنا نحو الشرق، وعلى بُعد حوالي 5 كم، نصل إلى مبنى جميل ضخم، إنه "مدرسة تيرانا الإسلامية"، المعروفة أيضًا بـ "مدرسة الحاج محمود داشي". تأسست عام 1924 بقرار من المؤتمر الأول للمشيخة الإسلامية الألبانية، وذلك لتلبية الحاجة المتزايدة للكوادر الدينية المؤهلة في البلاد. تعد هذه المدرسة أحد أبرز معالم التعليم الشرعي والتراث الثقافي في ألبانيا.
اكتمل بناء المدرسة عام 1931 بأسلوب معماري يُعرف بـ"الدولي"، الذي يدمج بين أنماط معمارية متعددة، مما أضفى عليها طابعًا مميزًا جعلها نقطة جذب ثقافية وتعليمية. شهد حفل افتتاحها حضور السياسي والمفكر البارز مهدي فراشري، الذي ألقى كلمة مؤثرة تعبيرًا عن أهمية هذه المؤسسة في تعزيز التعليم الشرعي.
طوال أربعة عقود، كانت المدرسة منارة للعلم والمعرفة، قبل أن تتعرض للإغلاق عام 1964 خلال الحكم الشيوعي الذي حظر النشاطات الدينية. ومع بداية التحولات الديمقراطية في ألبانيا، أعيد افتتاح المدرسة عام 1991، لتستعيد دورها كمركز تعليمي إسلامي تحت إدارة المشيخة الإسلامية الألبانية.
اليوم، تُعد المدرسة جزءًا من التراث الثقافي الوطني الألباني، حيث تم تصنيفها رسميًا ضمن قائمة المعالم التراثية عام 2007؛ لتظل مدرسة تيرانا الإسلامية رمزًا حيًا للتعليم الشرعي في ألبانيا، وشاهدًا على التحديات والتحولات التي مر بها التعليم الإسلامي على مدار قرن من الزمان.
إعلان فيلا "سالي شياكو".. أقدم منازل العاصمة التاريخيةفي شمال العاصمة تيرانا، تقع فيلا "سالي شياكو"، التي تعد أقدم منزل تقليدي محفوظ في العاصمة وألبانيا. تمثل هذه الفيلا نموذجًا رائعًا للمنازل التقليدية القديمة التي تعكس سحر الماضي الألباني. يتميز تصميم الفيلا ببساطته وأناقتها، حيث تتداخل فيه العناصر المعمارية التقليدية مع الطراز الخشبي الذي يضفي عليها أصالة واضحة.
تتمثل قيمة الفيلا في تفاصيلها المعمارية الفريدة؛ فالأرضية مرصوفة بالحجر الطبيعي، مما يضفي على المكان طابعًا ريفيًا يعود إلى الزمن القديم. كما يمكن للزوار مشاهدة البئر القديم الذي كان يستخدمه سكان المنزل لتوفير المياه، ما يضفي عليها بُعدًا تاريخيًا يتعلق بالحياة اليومية في ذلك العصر.
تتمتع الفيلا أيضًا بنوافذ جميلة تتيح للزوار إطلالة رائعة على الحديقة المحيطة. أما تصميمها الداخلي فيظهر بوضوح من خلال الأسلوب التقليدي الذي يجسد البساطة والعملية في نفس الوقت، مع الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة مثل الأبواب والنوافذ المصنوعة من الخشب المتين.
يعد هذا المعلم التاريخي ليس فقط من أهم المعالم الثقافية في تيرانا، بل أيضًا شاهدًا على تطور العمارة التقليدية في ألبانيا على مر العصور.
"فسيفساء تيرانا".. أقدم كنوز العاصمة الأثريةنتوجه إلى محطتنا الأخيرة في جولتنا الرابعة والأخيرة غرب المدينة حيث "فسيفساء تيرانا"، أقدم أثر تم اكتشافه في العاصمة. تشير الدراسات إلى أن هذه الفسيفساء كانت جزءًا من فيلا رومانية تعود إلى القرن الثالث الميلادي، حيث زُينت أرضية الطابق السفلي للفيلا بتصاميم فريدة.
في القرنين الخامس والسادس الميلاديين، شُيدت كنيسة على نفس الموقع، وتم اكتشاف أطلالها عام 1972 أثناء أعمال بناء في حي "بارتيزاني". في العام التالي، أُعلنت الفسيفساء معلمًا ثقافيًا، ما أضاف بُعدًا تاريخيًا غنيًا لهذه المنطقة.
إعلاناليوم، يمكن للزوار مشاهدة بقايا الكنيسة البيزنطية وبعض الفسيفساء المكتشفة، التي تتميز بزخارف هندسية ورسومات لحيوانات كالطواجن والأسماك. أُعيد فتح الموقع للجمهور في 23 يناير 2010، وأصبح يُعرف أيضًا باسم "فسيفساء كنيسة القديس جورج".
تمثل فسيفساء تيرانا شهادة حية على التاريخ المبكر لهذه المنطقة، قبل أن تتحول إلى مدينة معروفة. يكشف هذا الموقع الأثري عن ملامح الحياة في العصور الرومانية والمسيحية المبكرة، مما يجعله مصدرًا قيمًا لدراسة تطور الحياة في هذه البقعة الجغرافية ويُضفي بُعدًا تاريخيًا غنيًا على فهم السياق الأوسع لمدينة تيرانا.
شهدت فسيفساء تيرانا مؤخرًا نقلة نوعية في التوثيق باستخدام تقنية الجيجابيكسل، التي أتاحت الكشف عن تفاصيل دقيقة وألوان نابضة بالحياة لم تكن مرئية من قبل. هذه الخطوة عززت من مكانة الفسيفساء كرمز للتراث الثقافي الألباني، ووفرت للجمهور رؤية جديدة ومبتكرة لهذا الكنز الأثري.
لم يعد المشروع مقتصرًا على كونه معلمًا سياحيًا أو متحفًا رقميًا فحسب، بل تحول إلى مركز للتعليم والابتكار، حيث أصبح موقع الفسيفساء وجهة تعليمية رئيسية للطلاب من تخصصات التاريخ والجغرافيا والاقتصاد. يتعرف الطلاب عن قرب على التراث المادي للمدينة، كما قدم مختصون من إدارة التراث الثقافي في دوريس معلومات قيّمة حول أهمية الفسيفساء، مما ساهم في تعزيز فهم الأجيال الجديدة لهذا الإرث الثقافي.
بفضل جهود الترميم المستمرة، استعاد هذا الكنز الأثري رونقه، ويجري حاليًا التخطيط لتحويل المنطقة إلى نقطة جذب سياحي رئيسية. يُتوقع أن تصبح المركز الشامل الذي يقدم معلومات عن الفسيفساء الأخرى المنتشرة في أنحاء ألبانيا، مما يعزز مكانتها كوجهة سياحية بارزة ومصدر فخر ثقافي.
إعلانتابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline