عاشت وزارة التربية والتعليم الأسابيع الماضية حالة من الطوارئ استعدادًا لاستقبال الطلاب مع بداية العام الدراسي الجديد 2023ـ2024م.. فقامت بتجهيز وتهيئة المدارس بكافَّة مرافقها وأجهزتها وأثاثها، وإعداد هيئاتها التدريسيَّة والإداريَّة والفنيَّة، وغير ذلك من الاستعدادات حتى انتظم أكثر من 780 ألف طالب وطالبة في صفوفهم المدرسيَّة وعلى مقاعدهم الدراسيَّة بمختلف مراحل التعليم، لتبدأ البلاد بذلك خطوة جديدة في مَسيرة تنمية العُماني الذي تعوِّل عليه مُهمَّة النهوض بها والوصول بها للمعالي.

. فإعداد أجيال المستقبل وتأهيلها هو الأساس الذي تُبنى عليه التنمية الوطنيَّة.
لقَدْ شقَّت مَسيرة النهضة العُمانيَّة الحديثة طريقها في مواجهة كثير من التحدِّيات شاهرةً سلاحَي العِلْم والعمل الجادِّ، فحقَّقت ـ بفضل الله تعالى والفكر الثاقب والرؤية المستنيرة للقيادة الحكيمة وتكاتف سواعد أبنائها المخلصين ـ من الإنجازات ما لَمْ تستطع غيرها تحقيقه في هذه الفترة الزمنيَّة الوجيزة.. حيث وضعت القيادة الحكيمة هدف بناء العُماني قَبل البنيان واعتباره شريكًا أساسيًّا في مَسيرة البناء، ووضعت الخطط التي جعلت من المواطن هدف التنمية وليس أداتها فقط، فارتفع عدد المدارس من ثلاث عام 1970 حتى وصل إلى 1270 مدرسة في كافَّة محافظات وولايات سلطنة عُمان هذا العام مقرونًا بتقدُّم ملحوظ ومتواصل لمَسيرة التعليم وتطوُّر ملموس للمناهج الدراسيَّة وطريقة التدريس مع التمسُّك بالقِيَم العُمانيَّة الأصيلة، لِيدلَّ ذلك على انتشار الخدمات بأنواعها المختلفة مُحقِّقةً تنمية شاملة تشهدها كافَّة رُبوع الأرض الطيِّبة، وعلى مدى التنامي الكمِّي والكيفي لمَسيرة التعليم الظافرة.
لا شكَّ أنَّ كُلَّ أبٍ فخور بأبنائه الطلبة، ويشعر بسعادة بالغة وهم يحملون كتبهم كسلاحٍ يذهبون به إلى المدرسة، وكُلُّه أمل في أن يحافظوا على ثمار مَسيرة النهضة ويضمنوا لها استمراريَّتها.. إلَّا أنَّ هناك الكثير من الأفكار تَدُور برأسه تصيبه بالقلق مع كُلِّ بداية عام دراسي جديد مِثل إهدار الطالب لوقته فيما لا يفيد، خصوصًا في ظلِّ التطوُّر التكنولوجي الذي تعدَّدت وسائله ونجحت باقتدار في إلهاء الشَّباب وصرف انتباههم عن أيِّ أعمال مفيدة، سواء الهاتف النقَّال أو الإنترنت أو غيرها من وسائل الترفيه التي لا طائل من ورائها في فترة الدراسة بالذَّات.. كذلك تصاعد وتيرة الشَّد والجذب بَيْنَ الأبناء والآباء بسبب أداء الواجبات المدرسيَّة والمذاكرة، ناهيك عن هموم الدروس الإضافيَّة أو ارتفاع أسعار الأدوات المدرسيَّة المختلفة والقرطاسية والملابس والحقائب وغيرها.. إلَّا أنَّها كُلَّها أمور يُمكِن لربِّ الأُسرة تدبيرها بشيء من الحكمة.
إنَّ مسؤوليَّة المؤسَّسة التعليميَّة عظيمة في تنشئة أبنائنا، إلَّا أنَّها وحدها ليس بإمكانها غرس القِيَم العُمانيَّة الأصيلة في نفوسهم، بل يجِبُ أن تتكاتفَ الأُسرة والمُجتمع ككُلٍّ بكافَّة مؤسَّساته الإعلاميَّة والثقافيَّة والرياضيَّة وغيرها مع المدرسة منذ سنوات عمر الأبناء الأولى لخلق جيلٍ واعٍ قادر على حمْلِ لواء مَسيرة النهضة والتنمية وبما يُحقِّق طموحات الآباء والوطن فيهم.
نحمد الله أنَّ خطط التعليم تَسير نَحْوَ الأمام بخطًى وثَّابة وعلى أكمل وجْه والمخرجات من الكُلِّيَّات والمعاهد المختلفة خير دليل على ذلك.. فمعظمها ذو كفاءة عالية يفي بمتطلبات السُّوق، ويواكب التطوُّر التكنولوجي الذي يشهده العالَم والإحصاءات العديدة تثبت ذلك.
لا شكَّ أنَّ الدولة ما زال أمامها الكثير من الآمال والطموحات التي ترجو تحقيقها عن طريق الأجيال التعليميَّة في مراحلها المختلفة.. فالمسؤوليَّة جسيمة وعلى الجميع ـ صغيرًا وكبيرًا ـ أن يعيَ دَوْره جيِّدًا حتى يستطيعَ أن يكُونَ على قدرها فيؤدِّي ما عليه كما يجِبُ.
ومع بداية العام الدراسي نتمنَّى أن يقومَ أولياء الأمور بواجباتهم نَحْوَ أبنائهم في غرس الإيجابيَّة والمسؤوليَّة في نفوسهم إلى جانب تهيئتهم نفسيًّا وذهنيًّا لاستقبال العام الجديد وتعريفهم كيفيَّة التعامل مع أصدقائهم ومُعلِّميهم على أساس من الاحترام المتبادل والمَحبَّة وحُسْن التصرُّف بما يليق بتربيتهم الخلوقة ووجْه بلادهم الحضاري، بالإضافة إلى الحرص على المثابرة والاجتهاد قدر الإمكان وعدم مراكمة الدروس أو تأجيل المذاكرة والواجبات.
ندعو الله أن يجعلَ هذا العام الدراسي عام جدٍّ واجتهاد وتفوُّق ونجاح باهر لجميع أبنائنا الطلاب.. ونرجو مِنْهم جميعًا أن يبذلوا الجهد والإخلاص والتفاني من أجْلِ تحقيق إنجاز علمي مشرِّف، ونتمنَّى أن ينعمَ الطلاب بحياة علميَّة وعمليَّة موفَّقة، وأن يتزوَّدَ الأهل بالمزيد من التعاون والصبر.. وكُلُّ عام والجميع بخير.
**********
عِندما تشكَّلت مجموعة «بريكس» في يونيو 2009م بمشاركة روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا كانت تحمل آمالًا عريضة بتغيير موازين القوى العالَميَّة عن طريق هذه المجموعة بما تضمُّه من دوَل ذات اقتصاد ناشئ قوي مِثل الصين وروسيا والهند.. وبالفعل استطاعت هذه المجموعة أن تضعَ لها موطئ قَدمٍ على السَّاحة الدوليَّة، وأدَّت دَوْرا أساسيًّا في العديد من القضايا العالَميَّة.. ومؤخرًا عقدت المجموعة اجتماع قمَّة في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا وأعادت تسمية المجموعة لتكُونَ «بريكس +» بعد أن فتحت الباب لانضمام 6 أعضاء جُدد هي إيران والسعوديَّة والإمارات والأرجنتين ومصر وإثيوبيا ليحصلوا على كامل عضويَّتهم بحلول يناير 2024.. وهنا يثور تساؤل: هل هذا التوسُّع سيُضيف للمجموعة ويقوِّي شوكتها أم لا؟
بالطبع توسُّع المجموعة يزيد من ثقلها على المستوى الدولي فالاتِّحاد قوَّة.. ورغم أنَّ الدوَل الخمس المؤسِّسة لها تُعدُّ من أكبر الاقتصادات المؤثِّرة في الناتج الإجمالي العالَمي، إلَّا أنَّ الدوَل المنضمَّة حديثًا لها ثقلها أيضًا على المستوى الإقليمي والدولي.. وهذا التحالف سيعمل على أن يتخلصَ من الهيمنة الغربيَّة والأميركيَّة بعد وقت وجيز وتشكيل عالم متعدِّد الأقطاب.
لا شكَّ أنَّ الكيانات المُوَحَّدة تُشكِّل حائط صدٍّ أمام فرض العولمة أو أيِّ رأي أو سياسة ما بالقوَّة ذلك كونها ستحاسب أيَّة دولة تتجاوز حدودها في محاولة فعل ذلك.. والنظام العالَمي الجديد الذي يجِبُ أن يسودَ ويحلمَ به كُلُّ إنسان على وجْه البسيطة وتنشدَه كافَّة الشعوب هو أن تقومَ العلاقات بَيْنَ الدوَل على العدالة والمساواة ومراعاة القِيَم الإنسانيَّة النبيلة، والاحترام المتبادل، والتعايش المبني على المَودَّة والتفاهم والتعاون البنَّاء.. أمَّا تكريس السطوة والهيمنة للدوَل التي تمتلك آليَّات القوَّة فقط فهذا مرفوض؛ لأنَّه سيولِّد الكراهية بَيْنَ الشعوب ويُلغي الهُوِيَّة التي تميِّز كُلَّ شَعبٍ عن الآخر.. وإذا عُدَّت الأرض قرية كونيَّة بالمفهوم الحديث فهذا لا يعني أن يكُونَ حاكم هذه القرية أوحد يستخدم قوَّته في إقصاء باقي دوَل العالَم، وكم من نظام عالَمي حاول أن يفرضَ نَفْسَه على امتداد التاريخ وفشل.. فالزعامة مسؤوليَّة قائمة على التفاهم والشراكة المثمرة التي ترقى بالكون على كافَّة المستويات المادِّيَّة والأخلاقيَّة.

ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: الع مانی العال م م سیرة

إقرأ أيضاً:

عبد العال: بيسيرو تفوق على كولر.. والزمالك كان سيخسر بثلاثية حال استمرار جروس

علق رضا عبد العال نجم الكرة المصرية السابق على مباراة القمة بين الأهلي والزمالك مساء أمس السبت، والتي انتهت بالتعادل الإيجابي بهدف لمثله على ستاد القاهرة.

وقال عبد العال في تصريحات لبرنامج "البريمو" مع الإعلامي محمد فاروق، عبر فضائية "TeN": "البرتغالي جوزيه بيسيرو المدير الفني للزمالك تفوق على السويسري مارسيل كولر مدرب الأهلي طوال شوطي المباراة، وحقق ما أراده من المباراة، وفرض أسلوب لعبه رغم الفوارق الفنية بين الفريقين".

وأضاف: "الزمالك كان سيخسر بثلاثية على الأقل أمام الأهلي حال استمرار كريستيان جروس في قيادة الفريق، فالمدرب لم يكن له أي طريقة لعب واضحة، وأضاع على الزمالك العديد من النقاط، وتغييراته متأخرة، ويستبعد بعض اللاعبين بدون مبرر".

مقالات مشابهة

  • كيف يعمل النظام الانتخابي في ألمانيا؟ وما أبرز التعديلات الجديدة التي طرأت عليه هذا العام؟
  • سيرة الفلسفة الوضعية (9)
  • في العراء ووسط الأنقاض..انطلاق العام الدراسي الجديد في غزة
  • التعليم تصدر بياناً صحفياً بشأن بدء العام الدراسي في قطاع غزة
  • عبد العال: بيسيرو تفوق على كولر.. والزمالك كان سيخسر بثلاثية حال استمرار جروس
  • الأكاديمية العليا للقرآن الكريم بالأمانة تختتم العام الدراسي ١٤٤٦ه‍ـ
  • ظاهرة شبحية أرعبت سكان بلدة أمريكية لعقود
  • التعليم تعلن انتهاء العام الدراسي 2023-2024 في غزة
  • خطيب الأوقاف: سيرة النبي مليئة بالرفق والتيسير والإسلام برئ من التشدد.. فيديو
  • التربية في غزة تعلن السبت موعدًا لبدء العام الدراسي