أضواء كاشفة : عام دراسي جديد مفعم بالأمل والنجاح
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
عاشت وزارة التربية والتعليم الأسابيع الماضية حالة من الطوارئ استعدادًا لاستقبال الطلاب مع بداية العام الدراسي الجديد 2023ـ2024م.. فقامت بتجهيز وتهيئة المدارس بكافَّة مرافقها وأجهزتها وأثاثها، وإعداد هيئاتها التدريسيَّة والإداريَّة والفنيَّة، وغير ذلك من الاستعدادات حتى انتظم أكثر من 780 ألف طالب وطالبة في صفوفهم المدرسيَّة وعلى مقاعدهم الدراسيَّة بمختلف مراحل التعليم، لتبدأ البلاد بذلك خطوة جديدة في مَسيرة تنمية العُماني الذي تعوِّل عليه مُهمَّة النهوض بها والوصول بها للمعالي.
لقَدْ شقَّت مَسيرة النهضة العُمانيَّة الحديثة طريقها في مواجهة كثير من التحدِّيات شاهرةً سلاحَي العِلْم والعمل الجادِّ، فحقَّقت ـ بفضل الله تعالى والفكر الثاقب والرؤية المستنيرة للقيادة الحكيمة وتكاتف سواعد أبنائها المخلصين ـ من الإنجازات ما لَمْ تستطع غيرها تحقيقه في هذه الفترة الزمنيَّة الوجيزة.. حيث وضعت القيادة الحكيمة هدف بناء العُماني قَبل البنيان واعتباره شريكًا أساسيًّا في مَسيرة البناء، ووضعت الخطط التي جعلت من المواطن هدف التنمية وليس أداتها فقط، فارتفع عدد المدارس من ثلاث عام 1970 حتى وصل إلى 1270 مدرسة في كافَّة محافظات وولايات سلطنة عُمان هذا العام مقرونًا بتقدُّم ملحوظ ومتواصل لمَسيرة التعليم وتطوُّر ملموس للمناهج الدراسيَّة وطريقة التدريس مع التمسُّك بالقِيَم العُمانيَّة الأصيلة، لِيدلَّ ذلك على انتشار الخدمات بأنواعها المختلفة مُحقِّقةً تنمية شاملة تشهدها كافَّة رُبوع الأرض الطيِّبة، وعلى مدى التنامي الكمِّي والكيفي لمَسيرة التعليم الظافرة.
لا شكَّ أنَّ كُلَّ أبٍ فخور بأبنائه الطلبة، ويشعر بسعادة بالغة وهم يحملون كتبهم كسلاحٍ يذهبون به إلى المدرسة، وكُلُّه أمل في أن يحافظوا على ثمار مَسيرة النهضة ويضمنوا لها استمراريَّتها.. إلَّا أنَّ هناك الكثير من الأفكار تَدُور برأسه تصيبه بالقلق مع كُلِّ بداية عام دراسي جديد مِثل إهدار الطالب لوقته فيما لا يفيد، خصوصًا في ظلِّ التطوُّر التكنولوجي الذي تعدَّدت وسائله ونجحت باقتدار في إلهاء الشَّباب وصرف انتباههم عن أيِّ أعمال مفيدة، سواء الهاتف النقَّال أو الإنترنت أو غيرها من وسائل الترفيه التي لا طائل من ورائها في فترة الدراسة بالذَّات.. كذلك تصاعد وتيرة الشَّد والجذب بَيْنَ الأبناء والآباء بسبب أداء الواجبات المدرسيَّة والمذاكرة، ناهيك عن هموم الدروس الإضافيَّة أو ارتفاع أسعار الأدوات المدرسيَّة المختلفة والقرطاسية والملابس والحقائب وغيرها.. إلَّا أنَّها كُلَّها أمور يُمكِن لربِّ الأُسرة تدبيرها بشيء من الحكمة.
إنَّ مسؤوليَّة المؤسَّسة التعليميَّة عظيمة في تنشئة أبنائنا، إلَّا أنَّها وحدها ليس بإمكانها غرس القِيَم العُمانيَّة الأصيلة في نفوسهم، بل يجِبُ أن تتكاتفَ الأُسرة والمُجتمع ككُلٍّ بكافَّة مؤسَّساته الإعلاميَّة والثقافيَّة والرياضيَّة وغيرها مع المدرسة منذ سنوات عمر الأبناء الأولى لخلق جيلٍ واعٍ قادر على حمْلِ لواء مَسيرة النهضة والتنمية وبما يُحقِّق طموحات الآباء والوطن فيهم.
نحمد الله أنَّ خطط التعليم تَسير نَحْوَ الأمام بخطًى وثَّابة وعلى أكمل وجْه والمخرجات من الكُلِّيَّات والمعاهد المختلفة خير دليل على ذلك.. فمعظمها ذو كفاءة عالية يفي بمتطلبات السُّوق، ويواكب التطوُّر التكنولوجي الذي يشهده العالَم والإحصاءات العديدة تثبت ذلك.
لا شكَّ أنَّ الدولة ما زال أمامها الكثير من الآمال والطموحات التي ترجو تحقيقها عن طريق الأجيال التعليميَّة في مراحلها المختلفة.. فالمسؤوليَّة جسيمة وعلى الجميع ـ صغيرًا وكبيرًا ـ أن يعيَ دَوْره جيِّدًا حتى يستطيعَ أن يكُونَ على قدرها فيؤدِّي ما عليه كما يجِبُ.
ومع بداية العام الدراسي نتمنَّى أن يقومَ أولياء الأمور بواجباتهم نَحْوَ أبنائهم في غرس الإيجابيَّة والمسؤوليَّة في نفوسهم إلى جانب تهيئتهم نفسيًّا وذهنيًّا لاستقبال العام الجديد وتعريفهم كيفيَّة التعامل مع أصدقائهم ومُعلِّميهم على أساس من الاحترام المتبادل والمَحبَّة وحُسْن التصرُّف بما يليق بتربيتهم الخلوقة ووجْه بلادهم الحضاري، بالإضافة إلى الحرص على المثابرة والاجتهاد قدر الإمكان وعدم مراكمة الدروس أو تأجيل المذاكرة والواجبات.
ندعو الله أن يجعلَ هذا العام الدراسي عام جدٍّ واجتهاد وتفوُّق ونجاح باهر لجميع أبنائنا الطلاب.. ونرجو مِنْهم جميعًا أن يبذلوا الجهد والإخلاص والتفاني من أجْلِ تحقيق إنجاز علمي مشرِّف، ونتمنَّى أن ينعمَ الطلاب بحياة علميَّة وعمليَّة موفَّقة، وأن يتزوَّدَ الأهل بالمزيد من التعاون والصبر.. وكُلُّ عام والجميع بخير.
**********
عِندما تشكَّلت مجموعة «بريكس» في يونيو 2009م بمشاركة روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا كانت تحمل آمالًا عريضة بتغيير موازين القوى العالَميَّة عن طريق هذه المجموعة بما تضمُّه من دوَل ذات اقتصاد ناشئ قوي مِثل الصين وروسيا والهند.. وبالفعل استطاعت هذه المجموعة أن تضعَ لها موطئ قَدمٍ على السَّاحة الدوليَّة، وأدَّت دَوْرا أساسيًّا في العديد من القضايا العالَميَّة.. ومؤخرًا عقدت المجموعة اجتماع قمَّة في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا وأعادت تسمية المجموعة لتكُونَ «بريكس +» بعد أن فتحت الباب لانضمام 6 أعضاء جُدد هي إيران والسعوديَّة والإمارات والأرجنتين ومصر وإثيوبيا ليحصلوا على كامل عضويَّتهم بحلول يناير 2024.. وهنا يثور تساؤل: هل هذا التوسُّع سيُضيف للمجموعة ويقوِّي شوكتها أم لا؟
بالطبع توسُّع المجموعة يزيد من ثقلها على المستوى الدولي فالاتِّحاد قوَّة.. ورغم أنَّ الدوَل الخمس المؤسِّسة لها تُعدُّ من أكبر الاقتصادات المؤثِّرة في الناتج الإجمالي العالَمي، إلَّا أنَّ الدوَل المنضمَّة حديثًا لها ثقلها أيضًا على المستوى الإقليمي والدولي.. وهذا التحالف سيعمل على أن يتخلصَ من الهيمنة الغربيَّة والأميركيَّة بعد وقت وجيز وتشكيل عالم متعدِّد الأقطاب.
لا شكَّ أنَّ الكيانات المُوَحَّدة تُشكِّل حائط صدٍّ أمام فرض العولمة أو أيِّ رأي أو سياسة ما بالقوَّة ذلك كونها ستحاسب أيَّة دولة تتجاوز حدودها في محاولة فعل ذلك.. والنظام العالَمي الجديد الذي يجِبُ أن يسودَ ويحلمَ به كُلُّ إنسان على وجْه البسيطة وتنشدَه كافَّة الشعوب هو أن تقومَ العلاقات بَيْنَ الدوَل على العدالة والمساواة ومراعاة القِيَم الإنسانيَّة النبيلة، والاحترام المتبادل، والتعايش المبني على المَودَّة والتفاهم والتعاون البنَّاء.. أمَّا تكريس السطوة والهيمنة للدوَل التي تمتلك آليَّات القوَّة فقط فهذا مرفوض؛ لأنَّه سيولِّد الكراهية بَيْنَ الشعوب ويُلغي الهُوِيَّة التي تميِّز كُلَّ شَعبٍ عن الآخر.. وإذا عُدَّت الأرض قرية كونيَّة بالمفهوم الحديث فهذا لا يعني أن يكُونَ حاكم هذه القرية أوحد يستخدم قوَّته في إقصاء باقي دوَل العالَم، وكم من نظام عالَمي حاول أن يفرضَ نَفْسَه على امتداد التاريخ وفشل.. فالزعامة مسؤوليَّة قائمة على التفاهم والشراكة المثمرة التي ترقى بالكون على كافَّة المستويات المادِّيَّة والأخلاقيَّة.
ناصر بن سالم اليحمدي
كاتب عماني
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الع مانی العال م م سیرة
إقرأ أيضاً:
رغم الحرب.. خطة حكومية في لبنان لبداية عام دراسي جديد
يُرتقب أن تفتح المدارس الرسمية اللبنانية أبوابها لموسم دراسي جديد غدا الإثنين بناء على الدعوة التي أطلقها وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي عقب عرضه خطة أعدّتها الوزارة لانطلاقة العام الدراسي.
هذه الدعوة لاقت تفاعل هيئات تعليمية وأهالي تلاميذ ينتظرون أن يعود أطفالهم إلى مقاعد الدراسة، استكمالا لدراستهم، في ظل حرب مدمرة تعيشها لبنان.
معاناة متواصلةلا يكاد الطلاب اللبنانيون ينتهون من معاناة حتى يدخلوا في أخرى، منذ الاحتجاجات الشعبية التي شهدها لبنان عام 2019، مرورًا بوباء كورونا، ووصولا إلى الحرب الدائرة حاليا التي حوّلت كثيرا منهم إلى ضحايا ونازحين.
أم حسام، الوالدة لخمسة أطفال، نازحة من الجنوب إلى إحدى المدارس في صيدا، تستغرب في حديثها لموقع "الحرة" الكلام عن بدء العام الدراسي في ظل الوضع الحالي، والذي خسرت فيه منزلها في القصف.
اضطرت أم حسام إلى إخلاء منزلها مع بدء القصف، ولم تستطع لملمة أي شيء من أغراض العائلة. تقول إنها "لا تفكّر الآن بالتعليم، بل تهتمّ بسلامة أطفالها فقط".
فيما أبو وليد، النازح من منطقة جنوبية أخرى، يقول لموقع "الحرة" إن لديه هاتفًا واحدًا سيضعه بتصرّف ابنه البكر الذي يدرس في الصف الثانوي الأول، لاستكمال تعليمه، "لكن من المستحيل أن يتمكّن من تعليم أطفاله الثلاثة الآخرين، في ظل هذه الظروف وانعدام الإمكانات"، كما يقول.
عودة "خطرة"التوجس نفسه يعيشه مديرو المدارس ومدرسوها والعاملون بها، فقد أكد مدير مدرسة، رفض الكشف عن اسمه، لموقع "الحرة"، أن الثانوية التي يشرف عليها صارت الآن مركزا لإيواء للنازحين.
واحد يُقتل كل يوم.. معاناة و"ندوب نفسية" يعيشها الأطفال بسبب حرب لبنان في تقرير صادم، كشف مكتب اليونيسف تداعيات الحرب على الأطفال في لبنان منذ الرابع من أكتوبر، مسجلا مقتل طفل على الأقل يوميًا، إلى جانب إصابة عشرة آخرين في المواجهات العسكرية.يقول إنه أُبلغ قبل يومين من العودة للدراسة بأن وزارة التعليم أمّنت مركزًا آخر للإشراف عليه، ما يعني "استحالة العودة هذا الأسبوع، قبل الاطلاع على المركز الآخر، والبحث في كيفية تأمين المستلزمات اللوجستية كمقاعد التعليم والألواح وغيرها، لكي يتمكن من تطبيق قرار الوزير".
ويؤكد أن "حاله يشبه حال معظم مسؤولي المدارس في المناطق الآمنة غير القادرة على العودة بالتاريخ المحدّد".
ويشكو بعض المعلمين من صعوبات العودة للمدارس باعتبار أنهم نزحوا إلى مناطق بعيدة، ومنهم مَن لم يتمكّن من جمع أغراضه، في ظل ظروف صعبة تعقد خيارات التعليم بما فيها التدريس عن بعد.
ولهذا السبب، دعت رابطة التعليم الثانوي، في بيان، المديرين إلى "التروّي وعدم الضغط على الأساتذة إلى حين وضوح الرؤية لخطة الوزارة، وما لم يستجب الوزير إلى تأجيل بداية العام الدراسي، كما اعتبروا خطّة العودة للدراية "ضبابيّة" و"تعرّضهم للخطر".
وأكدت الرابطة أن المعلمين مستعدون للعودة للفصول الدراسية "عندما تزول الأسباب والهواجس والإجابة عن التساؤلات والاتفاق عليها".
وبيان رابطة التعليم الثانوي جاء متوافقًا مع بيان رابطة التعليم الأساسي التي دعت إلى "الامتناع عن الحضور ريثما يصدر القرار اللازم والواضح بتحديد بدل الإنتاجية وموعد تسديدها للمعلّمين وطالبت بالتأجيل أيضًا لأسباب لوجيستيّة".
أثر الحربوكان الوزير عباس الحلبي قد أطلق خطة تربوية في ظل الوضع الأمني الحالي بالبلد، وأعلن بموجبها أن التعليم سيكون لمدة ثلاثة أيام أسبوعيا، وبمعدل 21 ساعة في الأسبوع، واعتماد التعليم من بعد في المدارس غير الآمنة.
ووفقا للخطة نفسها، سيكون هناك دوامان حضوريان قبل الظهر، وآخر بعد الظهر يمتد لخمسة أيام. ويحق للطالب أن يتسجّل للدراسة عن بعد في مدرسته، أو حضوريًا في إحدى المدارس الأخرى حيث يقيم بعد النزوح.
الوزير الحلبي يعرض يعرض خطة مرنة لضمان استمرارية التعليم بدعم فرنسي وتنسيق محلي:
للمزيد:https://t.co/kn3z33ZmIs...#وزير_التربية_والتعليم_العالي #وزارة_التربية_والتعليم_العالي #Lebanon #Education pic.twitter.com/t4z3NJx78G
— MEHE_Lebanon (@MeheLebanon) October 30, 2024
ووزارة التربية اللبنانية من أكثر القطاعات تأثرًا بالحرب، إذ استنفرت طواقمها لتأمين مراكز إيواء في بدايات المواجهات العسكرية، وهي اليوم تعد خطة لتأمين التعليم في المدارس الرسمية للنازحين وغيرهم.
كما تسعى الوزارة إلى التعاون مع المدارس الخاصة في تأمين بداية عودة دراسية، وتحاول تأمين مستحقات المعلمين، رغم تبعات الحرب.