جريدة الوطن:
2024-12-24@16:30:43 GMT
فن الدبلوماسية.. وعلاقته بعلم الفلك والتنجيم «1»
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
يتساءل الكثيرون ما علاقة فنِّ الدبلوماسيَّة بعِلْمِ الفلك والتنجيم؟ وهل بعض السَّاسة على مختلف مُسمَّياتهم والدبلوماسيون وكبار الشخصيَّات وغيرهم يعتمدون على عِلْم الفلك والتنجيم في خططهم الاستراتيجيَّة والتكتيكيَّة؟ وهل رجال الأعمال وبقيَّة شرائح المُجتمع من كلا الجنسَيْنِ مهتمون بعِلْمِ الفلك والتنجيم في تحرُّكاتهم وسلوكهم اليومي وعواطفهم وعلاقاتهم مع الآخرين؟
والجواب هو بسيط جدًّا لهذه الأسئلة والاستفسارات بخصوص علاقة فنِّ الدبلوماسيَّة وتفرُّعاته بعِلْمِ الفلك والتنجيم.
في مقال اليوم نغوص في مفاهيم ونظريَّات وتاريخ عِلْمِ الفلك والتنجيم على أمل أن نتطرَّقَ بالمقال القادم على علاقتهما بفنِّ الدبلوماسيَّة وكيفيَّة اعتماد بعض من الرؤساء، كبار القادة، الدبلوماسيين، كبار الشخصيَّات، وشرائح أخرى من النَّاس بعِلْمِ التنجيم والفلك في تحرُّكاتهم وأهدافهم. وبكُلِّ تأكيد فإنَّ المستقبل لا يعرفه إلَّا الله سبحانه وتعالى.
في البداية نتعرَّف على مفهوم وتاريخ عِلْمِ الفلك والتنجيم، فعِلْمُ الفلك يُعرَّف بأنَّه مدار النجوم، ويبحث في الأجرام العلويَّة وأحوالها، بالإضافة إلى أنَّه يدرس الفيزياء الفلكيَّة والذي يتعامل مع السُّلوك والعمليَّات الديناميكيَّة للأجرام والظواهر السماويَّة وتأثيرها على سلوك البَشَر، ويدرس الفضاء الكوني ككُلٍّ. وهو من أقدم العلوم الطبيعيَّة التي درست منهجيَّة السَّماء ودَوَران الكواكب والأقمار والنجوم والمجرَّات والمُذَنَّبات وعلاقتها بالأبراج وحياة وعواطف البَشَر. وقدَّمت حضارات البابليون واليونانيون والهنود والمصريون دراسات ونظريَّات متنوِّعة مِنْها عِلْمُ القياسات الفلكيَّة والمِلاحة الفلكيَّة، وعِلْمُ الفلك الرصدي وصنع التقويمات، وعِلْمُ التنجيم.
واشتُهرت بابل القديمة بعِلْمِ التنجيم؛ بسبب وجود مكان الملكَيْنِ (هاروت وماروت) كما ذكرهما القرآن الكريم واللَّذيْنِ نزَلا من السَّماء إلى الأرض وهما موجودان في بئر في مدينة بابل الأثريَّة، وكان المُنجِّمون يُفسِّرون الظواهر بمختلف أنواعها مستندين إلى عِلْمِ التنجيم وحركة الأبراج ومدار الكواكب.
خلال القرن الخامس قَبل الميلاد، يعتمد النَّاس في حياتهم على دائرة بروجٍ مُكوَّنة من (12) برجًا يمتدُّ كُلٌّ مِنْها على (30) درجة، وإذا كان البابليون قَدْ أعطَوا هذه البروج أسماءً لها دلالات معيَّنة في حضارتهم، فإنَّ الفضل في ربط النجوم بأحداث كوكب الأرض يَعُودُ إلى الكلدانيِّين الذين اعتمدوا النجوم وحركاتها في تفسير ظواهر معيَّنة، أو التنبُّؤ بأحداث مستقبليَّة أو كوارث طبيعيَّة.
ويُمكِن القول إنَّ بطليموس وهالي، ومن بعدهما نيوتن، أسهموا في تعزيز سطوة عِلْم التنجيم من خلال ربط ما يجري على الأرض بالنجوم والكواكب، خصوصًا الشمس والقمر وبقيَّة الأبراج، وإن كان الاعتقاد السَّائد بما أنَّ المدَّ والجَزْرَ بسبب حركة الأرض، فلا بُدَّ من أن تكُونَ حظوظ النَّاس ومستقبل البلد بيد النجوم والتي أيضًا تؤثِّر على صحَّة الإنسان.
الفلك والتنجيم كانا يتعاملان كعِلْمٍ واحد، ولكن أخَذَا بالانفصال تدريجيًّا عن بعضهما البعض، وتحديدًا في عصر التنوير (القرن الثامن عشر) وهو قرن الأفكار والعلوم الحديثة، وكان من ضِمْنها عِلْمُ الفلك الذي عُدَّ هو الأساس، وعِلْمُ التنجيم يعمل من خلاله.
عِلْمُ التنجيم يُعرف بأنَّه العِلْمُ الذي يدرس تأثير الأجرام السماويَّة والأجسام الكونيَّة، ومواقع النجوم والشمس والقمر والأبراج، وتأثيرها على حياة وسلوك وشخصيَّة وصحَّة الإنسان. وبشكلٍ عامٍّ يختلف عِلْمُ التنجيم باختلاف الثقافة التي ينشأ من خلالها، وينقسم عِلْمُ التنجيم إلى ثلاثة أقسام رئيسة وهي:(عِلْمُ التنجيم الدنيوي): وهو العِلْمُ الذي يتحقَّق من الأحداث العالَميَّة والتنبُّؤ بالحروب والكوارث الطبيعيَّة والاقتصاديَّة.. وغيرها من الأمور، و(عِلْمُ التنجيم الاستجوابي): يقوم هذا النَّوع من التنجيم على التنبُّؤ وتحليل حدَثٍ شخصي، و(عِلْمُ تنجيم الولادة): يقوم هذا النَّوع من التنجيم على التنبُّؤ والتحليل استنادًا إلى تاريخ ولادة الشَّخص.
يؤكِّد بعض العلماء أنَّ للقمر عِند اكتماله تأثيرًا مباشرًا على السُّلوك الإنساني، وجعله أكثر اضطرابًا وميلًا للعنف، ويؤثِّر على الحالة النَّفْسيَّة والمزاجيَّة والعقليَّة للإنسان، والسَّبب في ذلك أنَّ حالة المدِّ وزيادة الدم التي ذكرها الأقدمون عِند اكتمال القمر، وتأثير القوى الكهرومغناطيسيَّة وقوى الجاذبيةَّ عِند اشتدادها في الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من الشهر القمري على الجهاز العصبي. وإنَّ تأثير القمر والأبراج والأجرام السماويَّة القريبة من الأرض على صحَّة وسلوك الإنسان واضحة جدًّا في منتصف كُلِّ شهر قمري. وأكَّدت البحوث العلميَّة الطبيَّة أنَّ النجوم والأبراج لها تأثير مباشر على سلوكيَّات البَشَر، وبدأ المنجِّمون يفتحون أبواب السِّياسيِّين ورجال الأعمال وكبار الشخصيَّات بقراءة بعض من مفردات المستقبل استنادًا إلى حركة الكواكب.. (نكمل الجزء الثاني بالمقال القادم إن شاء الله).
❋ (المصادر: الأبراج وصحَّة وسلوك الإنسان، د. صبيح بن رحمان الساعدي ـ دكتوراه بعلوم الفضاء والفلك)
د. سعدون بن حسين الحمداني
دبلوماسي سابق والرئيس التنفيذي للأكاديمية الدولية للدبلوماسية والإتيكيت
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: تأثیر ا
إقرأ أيضاً: