الأغنية السودانية.. سباق بين دعم الحرب والدعوة للسلام
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
سجلت الأغنية السودانية، حضورها في كل الأوقات والمناسبات، سلماً وحرباً، ووثقت لغالبية الأحداث بكلمات مفصلة على مقاسها، ما جعلها تعلق بالأذهان، ولم تكن حرب 15 ابريل بعيدة عن التوثيق لوجهتي نظر؛ داعمة لتحقيق السلام، وأخرى تنادي بالحسم العسكري!!
التغيير: عبد الله برير
تباينت ردود الفعل حول بعض الأعمال الغنائية التي أنتجت خلال فترة حرب السودان الحالية، ووضعت مواقف بعض الفنانين والمبدعين أمام تقييم الرأي العام، حيث انتقد البعض مواقف وأعمال فنانين داعمين للحرب، بينما وقف آخرون معها، في وقت أيد فيه الكثيرون الدعوة للسلام.
وسجلت الأغنية السودانية، حضورها في كل الأوقات والمناسبات، سلماً وحرباً، ووثقت لغالبية الأحداث بكلمات مفصلة على مقاسها، ما جعلها تعلق بالأذهان، ولم تكن حرب 15 ابريل بعيدة عن التوثيق لوجهتي نظر؛ داعمة لتحقيق السلام، وأخرى تنادي بالحسم العسكري!!
وفي التاريخ السوداني القريب والبعيد، كثير من الأصوات التي غنت للحرب وللسلام، واشتهرت الفنانة السودانية الراحلة عائشة الفلاتية بأغنية (يجوا عايدين) التي أدتها لدعم الجنود السودانيين المحاربين في صفوف الحلفاء تحت قيادة البريطانيين في الحرب العالمية الثانية، بجانب أغنيات وأناشيد حماسية أخرى.
انتقاد الفتنةوظهرت خلال حرب 15 ابريل التي اندلعت بين الجيش والدعم السريع بالعاصمة الخرطوم ومدن أخرى، أعمال غنائية أغلبها لفنانات سودانيات أبرزهن ندى القلعة وعائشة الجبل وميادة قمر الدين وإيلاف عبد العزيز.
إيلاف والجبلية اختارتا الغناء للسلام ووقف الحرب ومحاربة الفتنة، فغنت من كلمات أمجد حمزة داعية للتفاؤل: “بكرة الهم يفوتنا، نرجع لبيوتنا بحري وأم درمان.. بكرة يقولوا عودوا، عيدنا تفوح ورودو والخرطوم أمان”.
ووجدت الأغنية تداولاً واسعاً وترحيباً من الشارع السوداني الذي هو في أشد الحاجة للتفاؤل والأمل في غدٍ أفضل بدون حرب أو دمار.
كما لقيت أغنية عائشة الجبل المسماة (الحرب الضرب) رواجاً واسعاً في وسائل التواصل الاجتماعي وحظيت بردود فعل واسعة.
وتساءلت الجبلية في أغنيتها التي ألفها ولحنها أمجد حمزة أيضاً، عن جدوى الحرب وخراب البيوت والموت والنهب.
ومضت الأغنية في انتقاد الفتنة واعتبرت أن الحرب دعوة لتقسيم السودان وتشريد مواطنيه، وهو ما صادف هوى في نفوس المتلقين المتعطشين للسلام والرافضين للحرب العبثية بين أبناء الوطن الواحد.
لكن المقطع الأخير من الأغنية قوبل بانتقاد لاذع من البعض حيث أرسل الشاعر رسالة شكر للجارة مصر، والتي رأوا فيها انتقاصاً كبيرا لقيمة الشعب السوداني، وجاء الانتقاد على خلفية عدم ذكر الدول الأخرى التي آوت السودانيين على غرار تشاد التي فتحت حدودها.
كما اعتبر البعض أن هذه الجزئية حملت قدراً من الاستهانة بالسودانيين: (المحروسة مصر الطيبة السيسي شكراً لولا عطفك كان نهونا).
كما علق مرتادو مواقع التواصل الاجتماعي على إيقاع الأغنية مشيرين إلى ان اللحن الراقص لا يتناسب مع مأساة الحرب.
حسم بالسلاحوعلى النقيض تماماً من دعوة الجبلية وإيلاف لوقف الحرب وعودة الحياة اطلقت الفنانة ندى القلعة لقلعة أغنية (مطر الحصو) من كلمات وألحان الشاعر هيثم عباس وهي تمجد الجيش السوداني وتدعمه لحسم المعركة مع مليشيا الدعم السريع، فيما خرجت الفنانة ميادة قمر الدين بأغنية (ملوك القل).
ودعت أغنية ميادة، وهي من كلمات وألحان هيثم عباس كذلك، إلى عدم الجلوس في المفاوضات والحسم بالسلاح.
وجاء في مطلع العمل: (تاح تاح تحسم بالسلاح ما في مفاوضات وده الكلام الصاح).
واحتفى جزء غير يسير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي بدعوة هيثم عباس، وتمثل هذه الشريحة الداعمين لخيار الحسم الحربي، فيما انتقد كثيرون موقف ندى وميادة قمر الدين، مشيرين إلى أن الفنان يجب أن يدعو لنشر الثقافة السلام والمحبة.
ورأى البعض أن مفردات أغنية (تاح تاح) خشنة ولا تشبه الفن، وعابوا على الشاعر استخدام مفردات (البل، وتنبل، وبنطلع عينو) وغيرها.
واتهم المعارضون للأغنية الفنانة ميادة بالإسهام في إشعال وقود الحرب ودعوها إلى الاقتداء بأعمال الفنانين السودانيين الداعين للسلام مثل الموسيقار يوسف الموصلي الذي غنى (أريتو يسيل عرقنا بدل ما تسيل دمانا).
ومع استمرار الحرب لشهرها الخامس، تزايد الاصطفاف من المثقفين والشعراء والفنانين المتباينين في المواقف من حسم المعارك الجارية حالياً ما بين الحل السلمي والحسم العسكري، الأمر الذي ينبئ بإمكانية احتشاد الساحة بأنماط مشابهة من الأعمال الفنية مع وضد طبقاً لرؤية كل فريق.
الوسومأم درمان الأغنية السودانية الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان بكرة الهم يفوتنا عائشة الجبل ميادة قمر الدين ندى القلعةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أم درمان الأغنية السودانية الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان ندى القلعة
إقرأ أيضاً:
تراكم أخطاء إتفاقيات السلام … وثمارها المرة الحرب الحالية .. 2023 – 2025م .. وفي الحروب التي ستأتي !
تراكم أخطاء إتفاقيات السلام …
وثمارها المرة الحرب الحالية … 2023 – 2025م … وفي الحروب التي ستأتي !
إن هذه الحرب بكل فظاعاتها وإجرامها المرتكب من القوات المتمردة هي نتيجة حتمية للأخطاء التفاوضية الكارثية لكل إتفاقيات السلام منذ 1972م ، ومن هذه الأخطاء مثالا لا حصرا :
+ قبول التفاوض مع الحركات المتمردة.
+ دمج المتمرد في الجيش والأسوأ أن يكون ضابطا في الجيش ويتمرد ثم يعاد دمجه من جديد.
+ تعيين قيادات التمرد في المناصب القيادية في الدولة.
+ السكوت عن إنتزاع إقرار بتجريم استهداف الممتلكات العامة :
في كل الإتفاقيات سكت المفاوض الحكومي عن إنتزاع إقرار واعتذار من الحركات المتمردة عن إستهدافها وتخريبها للبنيات التحتية والممتلكات العامة وهذا التخريب للممتلكات العامة تحديدا ظل ممارسة كل الحركات المتمردة ، وليت الأمر توقف عند ذلك فقد وصل إلى أن يتحول المتمرد السابق إلى مفاوض حكومي في تمرد تال !
+ السكوت عن ترويج المتمرد السابق لسرديته الخاصة وتاريخه الشخصي الذي يسميه كفاحا ونضالا.
فبعد إنضمام المتمرد السابق لأجهزة الدولة تم السكوت عن قيام المتمردين السابقين بالترويج لقتالهم ضد الجيش السوداني باعتباره كفاح ونضال وإسباغ هالات البطولة على قياداتهم ما يعني تجريما ضمنيا للجيش السوداني وهضما لتضحيات ضباطه وجنوده.
كل هذه التفريطات شجعت التكاثر المتزايد للحركات حتى تضخمت أعداد الحركات المسلحة ووصلت العشرات وصارت بارعة في تكتيكات الإنشقاقات بحيث يتفاوض منها جزء وينضم لإجهزة الدولة بيننا يظل شقهم الآخر متمترسا في الميدان.
ولكل هذه الأخطاء المتراكمة لا ييأس التمرد الحالي 2023م – 2025م وداعميه من إرتكاب الجرائم والانتهاكات لأن لديهم سوابق لا يختلف عنها إلا باختلاف القوة والكم وجميعها تم السكوت عنها في مفاوضات السلام بل وتم لاحقا إصدار قرارات بالعفو أو إلغاء العقوبات عن مرتكبيها.
وحتى لا تتواصل دورات الحروب فلا مناص لكل الحركات المتمردة حاليا أو التي وصلت للمناصب من التبروء والإعتذار عن كل ما مارسته من استهداف للممتلكات العامة وتحريضها على الحصار الاقتصادي للسودان والمؤسسات السودانية مع تجريم استخدام مصصطلحات التهميش والعدالة والمساواة كمبررات لحمل السلاح.
#كمال_حامد ????