العراقي شنيار عبدالله يعيد تشكيلات جماليات الخزف في النحت
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
عمّان ـ "العُمانية": يتضمّن معرض "ترددات الخزف" للفنان العراقي شنيار عبدالله، طيفًا واسعًا من المنحوتات المنفذة بالسيراميك، في تشكيلات تُظهر جماليات مادة الخزف في النحت.
ويقدم الفنان في معرضه المقام على جاليري الأورفلي فهمًا خاصًّا لمادة الخزف ضمن إطار فني يقع خارج الخطاب التقليدي القائم على عدّ الاشتغال بها "حرفة يدوية"، فهو يسعى إلى إخضاعها لمعايير الفن لإنجاز منحوتات تجريدية وجمالية خالصة.
وعبر أعماله الخزفية، يثبت شنيار أنَّ مادة السيراميك (الصلصال) -وإن كانت معروفة منذ القدم- هي مثل الحكايات الشعبية التي "لم يكتبها أحد"، لذا فإن الحرفة التي "لم يبتدعها أحد" تصبح فنًّا حين لا يصنعه أحد.
وهذه الرؤية يؤكدها شنيار عبدالله بقوله إنَّ اهتماماته تتمحور حول الجمع بين مادة الخزف بمفهومها التقليدي والحداثة الفنية، وإظهار جدلية العلاقة بينهما، مشيرًا إلى أنَّ عمله يقوده إلى الابتكار ويمنحه الطاقة للتأمل، بينما تجعله جدارياته الجديدة يفكر على الدوام بالحضارات القديمة مثل السومرية والأكادية والبابلية.. أمَّا أعماله المصغرة فهي عناصر تلهمه بحيث يبدو كما لو أنَّه ينبش بالأرض بحثًا عن آثار ماضية ليعيد ترتيبها واكتشافها في الحاضر.
ويقدم المعرض الذي يستمر حتى 11 سبتمبر المقبل أعمالًا تتخذ من الرقاقات أشكالًا أساسية في بنيتها الفنية، وهي في الغالب رقاقات ملونة ومصفوفة وفق رؤية هندسية معمارية تأخذ بالاعتبار دراسة الكتلة والفراغ، بينما هناك تشكيلات أخرى يمكن عدُّها منحوتات تجريدية، جاءت على شكل كرات، وتتضمن نتوءات من المنمنمات الصغيرة، التي تحيل إلى مفهوم التكرار والأنماط في فن الزخرفة والنقش.
إلى جانب ذلك، يعرض النحات مجموعة أعمال تحتوي على تشكيلات بشرية غير مكتملة، بخاصة تلك التي يصور بها الجسد الأنثوي، حيث تغيب بعض الأطراف وكأنها تعرضت للتكسير أو التفتيت عبر الزمن.
وتذكّر هذه المنحوتات باللقى الأثرية التي تظهر فيها التماثيل ناقصة بفعل عوامل طبيعية مختلفة، وهناك منحوتات أخرى تذكّر بالقصص والحكايات الخيالية وتستلهم مضامينها من حالات الخوف أو القلق أو الضياع التي قد تنتاب الكائن البشري بين حين وآخر.
وتعبّر الأعمال المعروضة عن مشاهد وشخصيات خيالية مفعمة بالحيوية، استُوحي بعضها من مناظر نحتتها الطبيعة أو من طبقات الصخور المنتظمة وغير المنتظمة، إذ يرتبها الفنان بأشكالها وألوانها المبهجة كما لو أنَّها آلة موسيقية تنتج الألحان وتدفع المشاهد للفرح والتفاعل معها والتفكير بها، إنَّها إيقاعات بصرية تحاول إيجاد إحساس خارج إطار النظام بقدر ما تحاول أن توجد نوعًا من الانتظام.
ويعتمد الفنان في أعماله على التشكيل البسيط والثراء اللوني على الأسطح الخزفية، كما يهتم بالخطوط الهندسية المعمارية للتكوين النهائي للشكل الذي يوازن بين الكتلة والفراغ عبر حركات درامية وأشكال متراقصة برشاقة وخفة.
وتعمل الألوان على منح الأعمال المعروضة بعدًا زمنيًّا وكأنما هي تعبّر عن التجربة الإنسانية برمتها، وتجسد توق الفنان للماضي وحضاراته العريقة، وبخاصة ضمن إطار البيئة العراقية التي نشأ بها وأحبّ التشكيل من طينها. وتتسم المنحوتات بالتشخيص والتجريد والعفوية والعناية بالمنحنيات والأقواس، مع اهتمام واضح بالتوازن والانسجام والإيقاع والجاذبية والتباين.
ويبني شنيار عبدالله أعماله بوعي تامّ بالعلاقة بين الجزء والكل، ففي الوقت الذي يجعل فيه أجزاء من منحوتاته ناعمة الملمس فإنه يستخدم في أجزاء أخرى تقنيات مختلفة كالخدش والطباعة والتلميع؛ الأمر الذي يعطي الأعمال بعدًا فنيًّا يفيض بالدلالات.
يُذكر أنَّ شنيار عبدالله من مواليد بعقوبة بالعراق عام 1945، حصل على شهادة البكالوريوس في الفنون/الخزف من كلية الفنون ببغداد (1968)، وحصل على درجة الماجستير من جامعة ميتشغان في الولايات المتحدة، وتتلمذ على يد عدد من رواد الحركة التشكيلية العراقية المعاصرة، ومنهم سعيد شاكر وإسماعيل فتاح وإسماعيل الشيخلي، كما عمل مدرسًا في كلية الفنون الجميلة، وأنجز مجموعة من الجداريات الضخمة داخل العراق.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يعيد الملك ريتشارد الثالث إلى الحياة
شهد مسرح "يورك" الملكي عرضاً مميزاً، حيث كُشِف عن صورة رقمية متحركة لرأس ملك بريطاني من العصور الوسطى، في محاولة فريدة لإعادة الحياة إلى شخصية تاريخية مؤثرة.
واستخدمت التكنولوجيا لإعادة إنشاء صوت الملك ريتشارد الثالث في العصور الوسطى، مع لهجة منطقة يوركشاير البريطانية التي كان يتحدث بها.
وعرض نموذج رقمي للملك في المسرح، بعد أن ساعد الخبراء في إنشاء نسخة طبق الأصل من صوته.
وكان ريتشارد الثالث ملكاً لإنجلترا من عام 1483 حتى وفاته عام 1485 عن عمر يناهز 32 عاماً، حيث اكتشفت رفاته عام 2012 تحت موقف للسيارات في ليستر بواسطة فيليبا لانجلي من خلال مشروع البحث عن ريتشارد.
وتم التعرف على هيكله العظمي باستخدام مجموعة من التخصصات العلمية بما في ذلك تحليل الحمض النووي، والآن تمكن الخبراء من إعادة إنشاء صوته.
وقالت المؤرخة لانجلي إن خبراء في مجالاتهم يعملون على هذا المشروع منذ 10 سنوات، حتى أنتجوا صورة الملك بدقة.
ووفق ما ذكرت "سكاي نيوز" فقد قام فريق من مختبر "فيس لاب" بجامعة ليفربول جون موريس بإنشاء الصورة الرمزية استناداً إلى إعادة بناء رأس ريتشارد الثالث بمساعدة خبير في الوجه والجمجمة.
فيما تم إنشاء صوته بواسطة البروفيسور "ديفيد كريستال" وهو عالم لغوي رائد في نطق اللغة في الـ 15، وقد اعترف بأنه من المستحيل معرفة كيفية تحدثه بالضبط، ولكن هذا هو أقرب ما يمكن لصوته.