مونيكا وليم تكتب: الانضمام إلى البريكس.. حدث تاريخي ونجاح إستراتيجي
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
اكتسبت قمة البريكس 2023 زخمًا كبيرا نظرًا لكونها القمة الفعلية الأولى منذ جائحة كورونا، كما أنها تأتي في سياق دولي مُغاير عن القمم السابقة، ولهذا حملت تصريحات الدول الأعضاء بالبريكس خلال القمة رسائل سياسية واقتصادية تؤكد أن التكتل يسعى إلى إعادة تشكيل النظام العالمي وهو الأمر الذي تُرجم في اتفاق رؤساء مجموعة بريكس في القمة المنعقدة بجنوب إفريقيا لرسم مسار مستقبل تكتل الدول النامية.
ففي الوقت التي تتشارك فيه الدول الأعضاء الأهداف الاقتصادية فقد تباينت الأهداف على الصعيد الوطني حيث فرضت التحديات السياسية والأمنية أهدافاً وغايات استراتيجية مختلفة لدى تلك الدول، لذلك آثارت مسألة توسع العضوية نقطة تباين رئيسة بين دول الأعضاء حيث رحب كلا من الصين وروسيا بجذب أكبر عدد من الدول حول العالم في جبهتهما لتعزيز مواقفهم في مواجهة الغرب بقيادة الولايات المتحدة من جهة ولتعميق النفوذ العالمي للبريكس لتصبح منافسا قويا لمجموعة السبع من جهة آخري وخاصة بالنسبة إلى روسيا التي تتزايد لديها أهمية مجموعة بريكس في وقت يواجه فيه اقتصادها عقوبات غربية بسبب الحرب في أوكرانيا، لذلك تعمل روسيا علي بناء علاقات دبلوماسية وتجارية جديدة مع آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.
رغم تأييد كامل الأعضاء لاستقطاب دول جديدة تتمتع باقتصادات قوية ومواقع استراتيجية، عارضت الهند مسألة توسيع عضوية البريكس وانضمام دول جديدة إلى البريكس نتيجة تخوفها من طموحات بكين في أن تقود التكتل بما يتماشى مع أجندتها الجيوسياسية في صراعها مع الولايات المتحدة على الهيمنة العالمية.
ومن هذا المنطلق، سيركز هذا المقال علي الإجابة عن (3) تساؤلات رئيسية ، الأول ما هي مجموعة البريكس، الثاني ما هي فلسفة اختيار الدول الملتحقة ، اما السؤال الثالث ما هي المكتسبات لمصرية من الانضمام إلي مجموعة البريكس؟
السؤال الأول: ما هي مجموعة البريكس؟
تحول اسمها من "بريك" إلى "بريكس" في 2011، بعد انضمام جنوب أفريقيا إليها و يضم هذا التكتل (5) دول الاسرع نمو اقتصادي في العالم ،و وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.
لذا يعد البريكس أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، فقد تظهر الأرقام القوة الاقتصادية التي وصلت إليه دول بريكس، فوفقا لبيانات صندوق النقد الدولي بلغت مساهمة مجموعة بريكس في الاقتصاد العالمي إلى 31.5%، كما بلغت حصة البريكس من الناتج المحلي الإجمالي العالمي عام 2022 نحو 25% وطبقا لبيانات منظمة التجارة العالمية، تسيطر مجموعة بريكس على 17% من التجارة العالمية.
وتضم اكثر من 40% من إجمالي سكان العالم وهي بذلك تهدف إلى أن تصبح قوة اقتصادية عالمية قادرة على منافسة "مجموعة السبع" (G7) التي تستحوذ على 60% من الثروة العالمية. وهو ما اتثبته الأرقام الصادرة عن مجموعة بريكس، التي تكشف عن تفوقها لأول مرة على دول مجموعة السبع، فقد وصلت مساهمة مجموعة بريكس في الاقتصاد العالمي إلى 31.5%، بينما توقفت مساهمة مجموعة السبع عند 30.7%.
وبالتالي يحمل الانضمام إلي مجموعة البريكس في طياته شراكة اقتصادية استراتيجية بين هذه الدول ومجموعة بريكس، كونها تعمل على تحقيق آطار تكاملي يعزز الترابط بين الدول الاعضاء، من خلال توسيع حجم السوق وتحقيق الاستفادة لكافة الدول من فائض القوى العاملة لديها، ويخلق الفرص في مواقع اقتصادية مختلفة، ويعمل على تزويد المستهلكين بسلع أرخص. فضلا عن زيادة التجارة المتوقعة بين أعضاء بريكس الجدد، وزيادة التداولات والتسويات بالعملات المحلية، ناهيك أن خطوة الانضمام إلى تكتل كبير مثل بريكس يعمل على الحد من تأثير الصدمات الاقتصادية الخارجية على الاقتصاد الداخلي لكل دولة في التكتل، وذلك بسبب التنويع الذي يحققه التعاون بين الدول في الإنتاج ونقل الفائض.
واستناداً علي ما تم تناوله أعلاه، ينطلق التساؤل الثاني المتعلق بـ فلسفة اختيار الدول المنضمة حديثاً إلي البريكس؟
وفقا للتقديرات فقد تلقي تحالف بريكس رسمياً طلبات من 25 دولة للانضمام إلى المجموعة، هي أفغانستان والجزائر والأرجنتين والبحرين وبنغلاديش وبيلاروسيا ومصر وإندونيسيا وإيران وكازاخستان والمكسيك ونيكاراغوا ونيجيريا وباكستان والمملكة العربية السعودية والسنغال والسودان وسوريا والولايات المتحدة، والإمارات وتايلند وتونس وتركيا وأوروغواي وفنزويلا وزيمبابوي.
ومع تمحص فلسفة اختيار الدول المنضمة حديثاً، نجد أن انضمام دول عربية إلى المجموعة، محطة مهمة في تحوّل موازين القوى الاقتصادية العالمية، حيث أن مصر والإمارات والسعودية مرشحة لتصبح دولاً رائدة في إنتاج وتصدير الطاقات النظيفة خلال العقود القليلة القادمة، على غرار الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، التي من المتوقع أن تنافس الوقود الأحفوري.
بالإضافة إلى ذلك فالإمارات والسعودية تمتلكان اقتصادا قويا متناميا ومؤثرا، كما تعد الدولتان من اللاعبين الرئيسيين في أسواق الطاقة العالمية، وانضمامهما إلى مجموعة بريكس يحقق العديد من المزايا للمجموعة باستقرار أمن إمدادات الطاقة لكبار المستهلكين وتحديدا الصين والهند، كما يفتح انضمام الدولتين الباب أمام آفاق جديدة من التعاون وتعزيز العلاقات مع الكثير من دول العالم، وخاصة دول المجموعة التي تعد من أسرع اقتصادات العالم نموا.
كما أن انضمام إيران يعكس أن الولايات المتحدة لم تحقق هدفها في عزل إيران، نتيجة لزيادة التبادل التجاري لإيران مع دول الجوار سواء في آسيا الوسطى، اوبلدان أمريكا اللاتينية، ومن جهة آخري إن إدراج المملكة العربية السعودية وإيران معاً، وهما من أكبر منتجي النفط في العالم خارج الولايات المتحدة، يأتي في أعقاب الوساطة الصينية لتطبيع العلاقات بين الرياض وطهران.
وفيما يخص انضمام مصر، فهو ترجمة فعلية واعتراف ضمنى من كبرى الدول داخل البريكس بقوة مصر لما تمتلكه من أهمية جيوسياسية ومقومات تنموية شاملة، وكذلك ما تملكه من ثروات على الصعيد الطاقوي والمعدني. فضلاً عن مساحاتها الجغرافية وتعداد سكانها.
السؤال الثالث والأخير الذي يركز المقال علي تناوله هو " ما هي المكتسبات المصرية من الانضمام إلي مجموعة البريكس"؟
وفيما يتعلق بالمكتسبات المصرية جراء الانضمام إلي مجموعة البريكس فسوف يسهم الانضمام في فتح أسواق جديدة في التكتل أمام الصادرات المصرية، والعمل على تخفيف مشكلات العملة الأجنبية لاسيما أن غالبية واردات مصر تأتي من الدول الأعضاء وبالتالي هناك احتمالية للقيام بالتجارة الثنائية وتسوية المدفوعات بعملاتها المحلية، مما يقلل الحاجة إلى التداول بالدولار الأميركي
علاوة على ذلك يساهم انضمام مصر إلى بريكس في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى اقتصادها والعمل على تعزيزه وتقويته، خاصة ان انضمام مصر إلى بريكس يأتي في وقت تمكنت من تعزيز شراكاتها الاقتصادية مع دول العالم، حيث وقعت العديد من اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، ما ساهم في تعزيز تجارتها عالميا.
وبالتالي انضمام مصر يتيح لها الكثير من الفرص والمزايا المتمثلة في نقل التكنولوجيا والتصنيع من الدول الصناعية الكبرى مثل الصين والهند وروسيا. وعلى صعيد التنمية والتجارة والاستثمار، فحجم التبادل التجاري بينها وبين بريكس يتجاوز 31 مليار دولار، ويمنحها الانضمام متنفسا أوسع بتوسيع المعاملات التجارية بعملات محلية.
ختاماً إن خطوة الانضمام لـ بريكس مهمة وجاءت في توقيت حرج وسياق دولي مُغاير ساهم في تردي الأوضاع الاقتصادية العالمية، وبالتالي فالانضمام إلي البريكس .. حدث تاريخي ونجاح استراتيجي
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الولایات المتحدة مجموعة بریکس فی مجموعة السبع دول الأعضاء انضمام مصر
إقرأ أيضاً:
رئيس البرازيل يحث على تحرك أسرع لتحقيق انبعاثات صفرية
ريو دي جانيرو (الاتحاد)
أخبار ذات صلة مجموعة العشرين: قلق عميق إزاء الوضع الإنساني في غزة ولبنان «كوب 29» يبني على بيان «العشرين»حث الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أمس، زعماء مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى على تسريع أهدافهم المناخية الوطنية، داعياً إلى الوصول لصافي انبعاثات صفرية قبل الموعد المحدد بخمس إلى عشر سنوات.
وفي افتتاح آخر جلسات قمة مجموعة العشرين المنعقدة في ريو دي جانيرو، اقترح لولا أن تحدد البلدان موعداً أقرب لأهدافها للوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2040 أو 2045، بدلاً من عام 2050 كما تعهدت البرازيل والعديد من الدول الأخرى.
وقال: «يتعين علينا أن نبذل مزيداً من الجهود على نحو أفضل»، مشيراً إلى أن هذا العام ربما يكون الأكثر دفئاً على الإطلاق في العالم مع تزايد وتيرة الكوارث المناخية مثل الفيضانات والجفاف وشدتها.
وأضاف «ليس هناك وقت نضيعه».
وتعتبر دول مجموعة العشرين ذات أهمية حيوية في تشكيل الاستجابة لظاهرة الاحتباس الحراري العالمية، إذ تمثل 85 في المئة من الاقتصاد العالمي.
ودعا زعماء مجموعة العشرين في بيان مشترك إلى «زيادة التمويل المناخي على نحو سريع ومستدام من مليارات إلى تريليونات من جميع المصادر» لمواجهة ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وحثوا أيضاً مفاوضي مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ (كوب29) على التوصل إلى اتفاق بشأن هدف مالي جديد خاص بمقدار الأموال التي يتعين على الدول الغنية تقديمها للدول النامية الأكثر فقراً في تمويل المناخ.
وخلال اجتماع قمة مجموعة العشرين، عندما حول الزعماء مناقشاتهم إلى البيئة، حث لولا البلدان النامية على توسيع أهدافها المناخية لمعالجة جميع الانبعاثات التي تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، وليس فقط من قطاعات أو غازات معينة.
وأشار إلى أن المفاوضين في مؤتمر (كوب29) المنعقد في باكو بأذربيجان يسعون إلى تحديد هدف عالمي جديد يتعلق بحجم المساعدات التي يتعين على الدول الغنية تقديمها للدول النامية.
ويقترح خبراء الاقتصاد أن يكون الهدف تريليون دولار سنوياً على الأقل.
وقال زعماء مجموعة العشرين إن الدول يجب أن تكسر الجمود بشأن التمويل.
كما تعهدت مجموعة العشرين بالاتفاق على معاهدة ملزمة قانوناً للحد من تلوث البلاستيك بحلول نهاية عام 2024، مع استئناف المحادثات الأسبوع المقبل للتوصل إلى اتفاق استغرق إعداده عامين.