منى أحمد تكتب: عبقرية محفوظ وإدريس
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
من المفارقة أن نحتفل في شهر أغسطس باثنين من عمالقة الأدب في مجال الرواية والقصة القصيرة ، نجيب محفوظ ويوسف ادريس فإذا كان نجيب محفوظ هو المتربع علي عرش الرواية العربية ف يوسف إدريس هو المتفرد في مجال القصة القصيرة.
يوسف إدريس ونجيب محفوظ كلاهما كانا مراةعاكسة للبيئة الحاصنة لموهوبتهما الأبداعية المتفردة ، لكن أيهما كان أكثر إلتصاقا وتعبيرا عن الواقع المصري محفوظ أم إدريس .
هل أدب محفوظ المرتكز علي الحارة المصرية بتفاصيلها الدقيقة، أم أعمال إدريس المنحازة للطبقات الكادحة والمهمشين ،وأن كانت البطولة المطلقة في أعمالهما للنفس الإنسانية واحدة لكن المعالجات مختلفة .
فبينما أرتكزت المعالجة الأدبية عند يوسف ادريس علي التصوير الواقعي للحياة من خلال السهل الممتنع ، نجد أن نجيب محفوظ أضاف إليها نظرة فلسفية، جعلت أعماله عابرة فوق حدود الزمان والمكان فتحولت نماذجه الروائية إلى شخصيات عالمية.
روايات نجيب محفوظ التي صُنفت ضمن الأدب الواقعي من الواقع المعاصر ، أستوعبت ملامح وتفاصيل الحياة ، وبرعت في إختيار الشخصيات التي أتسمت بطابع فريد من نوعه لتعبر بواقعية عن الشخصية المصرية المتفردة والمتأثرة ببيتها ،فجاء إبداع محفوظ مكملا لحقبة تاريخية لايمكن فهمهما فهما صحيحا بدون قراءة اعماله المتشبعة بالزمان والمكان ، من خلال نص أدبي يتضمن مستويين ، الأول واقعي والأخر فلسفي.
ومن الحارة وأزقتها أنطلق محفوظ في تصوير النوازع الأنسانية وخفاياها النفسية الغامضة التي تعكس لغة واحدة ،هي لغة الإنسان الحائر أمام الوجودية والمصير برؤية فلسفية من خلال البحث وراء المعاني الكبري الكامنة ، وصياغتها في نصوص أدبية مبدعة متجاوزة الواقع المادي بمعاني لها دلالات وإيحاءات رمزية، وهو ما نقل رواياته من مستوى الكتابة الإبداعية إلي الرؤية الأعمق.
أما أدب يوسف إدريس فتميز بالتفاصيل والجوانب التشريحية للشخصيات المحورية ، الذي كان شديد التعلق بهم و الإخلاص اليهم، فلايقحم عليهم أوصافا تنتمي إلى قاموسه النخبوي ككاتب مثقف ، إنما يأتي بأوصافهم من عمق بيئتهم فهو يدخل إلي أعماق ودواخل الشخصية وهذا ليس بالغريب عليه وهو الطيبب النفسي.
وأستطاع ﺇﺩﺭﻳﺲ أن يتفرد مغردا ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮﻋﻦ البسطاء، من خلال بانوراما أدبية واسعة للمجتمع المصري رصدا بها التغيرات السياسية والأقتصادية والأجتماعية.
وتناولت أعماله المواطن المصري ﺑﺘﻨﻮﻳﻌﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وﺃﻓﺴﺢ له ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻓﻲ ﺧﻴﺎﻟﻪ ﻭﺻﻮﺭﻩ ﻭﺃﻭﺭﺍﻗﻪ ،فالتقط نماذج في أغلبها مطحونة وتحمل قدراً كبيراً من المعاناة والقهر ،وهي الشريحة التي أجاد في التعبير عنها حيث أنحيازاته التي جاءت أنعكاسا صادقا لرقة مشاعر الأديب المتاثرة بالضعف الإنساني.
أختلفت لغة السرد بين الكاتبين فقد كان حسن إستخدام نجيب محفوظ للسرد بآليات بلاغية رفيعة المستوي عبقرية أخري ، وأختياره لألفاظ بمفردات ثرية جاء متناغما مع معالجاتة الأدبية برؤي مختلفة ترواحت بين الواقعية والتعبيرية والرمزية.
أما يوسف إدريس فقد وضع مفردات بلغة خاصة لأعماله ، كانت فاعلة وليست ناقلة ،وصلت لحد النبوغ الأدبي حيث لجأ الي التعددية اللغوية، باستخدم الفصحي في لغة السرد منتقلا بها من عليائها إلي الحوار بالعامية.
وأن كانت عبقرية نجيب محفوظ في السرد الروائي بأستحضار الصورة الذهنية ،والتفاصيل الجغرافية التي تجعل القارئ يستحضر رائحة المكان وروح الزمان , فتعانق المكان الجغرافي بالبراح الإبداعي في رواياته التي جعلت للمكان دورا كبيرا في مسارات رحلته الابداعية.
الصورة الذهنية عند محفوظ قابلها يوسف ادريس بالاهتمام الشديد بالتفاصيل الدقيقة ،من الكلمة إلي الجملة إلي الصورة التعبيرية، وانتقال من أدق تفصيلة إلي الظلال الجانبية التي تلقي علي الموقف الكثير من المشاعر والأحاسيس لتكتمل الصورة الجمالية فيتنقل القارئ محلقا مع إدريس من الواقع إلي الخيال.
الحديث لا ينتهي عن العمالقين نجيب محفوظ ويوسف إدريس المنارات التنويرية التي أضاءت للوجدان المصري والعربي وأضافت للادب العالمي .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نجیب محفوظ یوسف إدریس من خلال
إقرأ أيضاً:
سر المرة الوحيدة التي بكى فيها سمير غانم على الشاشة.. ما القصة؟
صوته بدأ في الاختناق والدموع ملأت مقلتيه، لم يستطيع السيطرة عليها لتتسلل من عيناه أمام الكاميرات، مطالبًا بوقف التسجيل، ما الذي حدث لـ«أسطورة الكوميديا»؟ الذي كان قادر على زرع البهجة في كل مكان يطأ فيه قدمه، لكن المشهد كان أصعب من أن تتحمله مشاعره، هذا ما حدث في مقطع فيديو نادر للفنان الكبير سمير غانم وهو يبكي فيه على شاشة التلفزيون المصري.
يعود تاريخ مقطع الفيديو إلى عام 2003، خلال فترة حصار العراق، كان الفنان سمير غانم ضمن وفد لمجموعة كبيرة من النجوم المصريين في زيارة إلى العراق خلال الحصار الذي وقع عليها من القوات الأمريكية، وكان من بينهم نرمين الفقي، فاروق فلوكس وغيرهم من الفنانين، وتضمنت الزيارة مستشفى الأطفال الذين عانوا من عدم توفير الغذاء والعلاجات الكافية لهم، وظهر «غانم» وهو يمازح الأطفال خلال الفيديو.
بسبب أطفال العراق.. سمير غانم لا يستطيع السيطرة على دموعه«اللي شفناه النهاردة شيء لم أراه في حياتي، ولا أملك غير إني أقول كفاية أوي اللي حصل للأطفال دول»، كانت تلك الكلمات التي قالها الفنان سمير غانم قبل أن يطلب وقف التصوير بسبب حالة التأثر الشديد التي دخل فيها بعد مشاهدة وضع الأطفال داخل المستشفى.
وتحدث الفنان سمير غانم عن زيارته إلى العراق، قائلًا إنه كان ينتظر الفرصة لزيارة العراق ومع الظروف الحالية التي تشهدها البلاد يعتبر الوقت الأنسب للزيارة، على حد تعبيره، قائلًا: «لما جت الفرصة إننا نيجي في الظروف دي خصوصا أن مشهور عني إني راجل كوميديان بزرع البسمة والضحكة، ولذلك أعتقد أنه أنسب وقت للزيارة حتى نشارك هذا الشعب الظروف اللي بيمر بيها».