الموقع بوست:
2024-11-24@11:29:23 GMT

اليمن.. تكاليف باهظة لتعليم منهار تؤرق الأسر

تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT

اليمن.. تكاليف باهظة لتعليم منهار تؤرق الأسر

لا يستطيع الأربعيني يونس رزاز، استيعاب ما يحدث في اليمن مع تضخم تكاليف تعليم أبنائه وارتفاعها القياسي من عام إلى آخر، وسط تضاؤل الأمل لدى الكثيرين في حدوث أي انفراجة للأزمة التي تمر بها البلاد منذ نحو تسع سنوات.

 

يشعر رزاز، وهو من سكان صنعاء، بالأسى وهو ينظر بشكل يومي لأطفاله الثلاثة الذين تتراوح أعمارهم بين 7 أعوام و14 عاماً أثناء تواجدهم في المنزل في الوقت الذي يجب أن يتواجدوا فيه في المدارس، إذ لم يعد وغيره من اليمنيين قادرين على تعليم أطفالهم، وسط التكاليف الباهظة للتعليم في المدارس الأهلية والخاصة التي انتشرت كبديل للمدارس الحكومية التي تعرضت منظومتها للانهيار وسط الحرب.

 

ويعتبر العودة إلى المدارس بمثابة كابوس يؤرق اليمنيين في عموم مناطق ومحافظات البلاد، وفق رزاز في تصريح لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى تحول التعليم إلى تجارة واستثمار مربح على كافة المستويات، سواءً من خلال تقديم الخدمة عبر التعليم الأهلي والخاص، أو تكاليف الرسوم الدراسية التي تفرضها مدارس القطاع العام، إلى جانب أسعار المستلزمات الدراسية والتي وصلت إلى مستويات قياسية تفوق قدرات وإمكانيات معظم اليمنيين.

 

كما يقول المواطن رائد اليوسفي، من سكان منطقة الحوبان الواقعة في الجانب الذي يسيطر عليه الحوثيون من محافظة تعز، لـ"العربي الجديد"، إن هناك رسوما جديدة مفروضة هذا العام على الأسر، إذ جرى إلزام كل أسرة بدفع ألف ريال على كل طالب يدرس في المدارس العامة شهريا.

 

بالنسبة لليوسفي الذي يعمل بأجر يومي، فإن هذه المطالبة تزيد أعباءه المعيشية المثقلة بالأساس بارتفاع تكاليف المعيشة، بالنظر إلى أن لديه 6 أبناء موزعين على مختلف الصفوف الدراسية، حيث بات مجبراً على دفع 6000 ريال (11.3 دولارا) نهاية كل شهر كرسوم تتحجج السلطات المعنية بأنها تستخدمها لدفع تكاليف ومستحقات المعلمين.

 

ويشكو مواطنون في عدن والمناطق الخاضعة لإدارة الحكومة المعترف بها دولياً من ارتفاع أسعار المستلزمات الدراسية. وسجلت أسعار الدفاتر الدراسية مستويات قياسية، كما رصدت "العربي الجديد"، من خلال معاينة وضعية أسواق المستلزمات الدراسية والورقية في أكثر من 10 محافظات يمنية، إذ جاءت عدن في المرتبة الأولى في غلاء الأسعار مع اقتراب سعر "الكراسة" الواحدة من مستوى 500 ريال، ثم حضرموت وتعز وشبوة ومأرب والمهرة، وذلك بمبلغ يتراوح بين 400 و450 ريال، في حين يصل سعرها في صنعاء إلى 300 ريال.

 

كما يلاحظ ارتفاع الرسوم الدراسية في المدارس الخاصة والأهلية في صنعاء بنسبة تتجاوز 25% هذا العام مقارنة بالعام الماضي، إذ يبرر ملاك ومديرو ومسؤولو هذه المرافق التعليمية رفع الأسعار بالتضييق المشدد عليهم، والذي يشمل الجبايات والإتاوات التي يتم إجبارهم على دفعها.

 

وتقدّر الرسوم الدراسية لطلاب الصفوف الأولى للمرحلة الأساسية في المدارس المصنفة بشكل غير رسمي من الدرجة الرابعة والثالثة بنحو 180 ألف ريال، في حين تتراوح بين 200 و250 ألف ريال في المدارس المصنفة من الدرجة الثانية، وتتجاوز 380 ألف ريال للمدراس المصنفة بمستويات عالية من الدرجة الأولى، في حين تتفاوت الرسوم الدراسية من مدرسة لأخرى بحسب نوعية وكفاءة ومستوى الخدمة التعليمية المقدمة وحجم النفقات الخاصة بتوفيرها وما يرتبط بها من خدمات تشغيلية أخرى، وفق لبيب عبادي، مسؤول في أحد المرافق التعليمية الأهلية، في حديثه لـ"العربي الجديد".

 

ووفق تصريحات لوزير التخطيط والتعاون الدولي واعد باذيب في يوليو الماضي، فإن نسبة الفقر في البلاد وصلت إلى 80% وانكمش الاقتصاد بنسبة 50%، في ظل الصراع الذي يشهده اليمن منذ 2015، لافتاً إلى أن نسبة انعدام الأمن الغذائي وصلت إلى 60% من السكان، فضلا عن نزوح حوالي 4.3 ملايين شخص ويفتقرون إلى الخدمات الأساسية.

 

ويعتبر الباحث جمال راوح، في حديثة لـ"العربي الجديد"، تدهور التعليم والأزمة التي ترافق موسم العودة إلى المدارس، من أخطر الأزمات التي يمر بها اليمن، حيث لا تقل خطورتها وتبعاتها الكارثية عن الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة المحلية، مشيرا إلى تحولها إلى سلعة وتجارة حرب وأداة تستخدمها بعض الأطراف بطريقة بشعة تضاعف من معاناة اليمنيين وتدهور وضعيتهم المعيشية وتعميق الانقسام الحاصل في البلاد.

 

ووفق تقارير اقتصادية، يؤدي تدهور نظام التعليم بسبب تدمير المدارس، ونقص التمويل لدفع رواتب المعلمين، ومخاطر الصراع، إلى تدهور القدرة الإنتاجية للقوى العاملة المستقبلية في اليمن. ولمعالجة هذه الخسائر، يرى البنك الدولي في تقرير صادر مطلع العام الجاري 2032، أن على السلطات في البلاد التركيز على تحسين جودة التعليم، وخفض معدلات التسرب، وتوسيع الوصول إلى خدمات تنمية الطفولة المبكرة، إضافة إلى ضرورة إيلاء اهتمام خاص لإيجاد فرص للعمال الشباب الذين قد ينضمون إلى الجماعات المسلحة بسبب الحاجة المعيشية.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن التعليم أطفال منهج الرسوم الدراسیة العربی الجدید فی المدارس ألف ریال

إقرأ أيضاً:

لا مكان للصور بمناهج التعليم.. هل بدأت أفغانستان العودة لفترة التسعينيات؟

تغيرت أفغانستان كثيرا بعد عودة طالبان إلى مقاليد الحكم قبل أكثر من ثلاث سنوات، ولم تعد البلاد تعج بالحياة والألوان إذ أزيلت اللافتات من الأماكن العامة وأصبح مجرد التقاط صورة ونشرها أمرا محظورا في البلاد ولو كان ذلك لأغراض تربوية حيث أن قطاع التعليم في البلاد شهد في الآونة تغييرات جذرية أثارت جدلا واسعاً. 

من أبرز هذه التغييرات قرار وزاري جديد يقضي بإزالة صور الكائنات الحية من المناهج الدراسية، ضمن جهود طالبان لملاءمة التعليم مع التفسير الصارم للشريعة الإسلامية. 

ويشمل ذلك الحظر الرسومات التي تصور الأطفال أثناء الأنشطة، والرسوم التشريحية في كتب الإحياء، والصور التي تعكس تاريخ أفغانستان وثقافتها. 

وترى طالبان أن هذه الصور تتعارض مع مبادئ الشريعة، وذلك تنفيذا لقرار صادر عن زعيم الحركة هبة الله آخوند زاده المتعلق بحظر نشر صور الكائنات الحية في البلاد، في حين يرى المنتقدون أن هذه السياسات تشكل هجوما جديدا على جودة التعليم في البلاد.

إزالة الصور وإعادة التصور

وترفض السلطات التعليمية في حكومة طالبان التعليق على التقارير المتعلقة بشأن حذف صور الكائنات الحية من الكتب الدراسية، لكن خبراء في مجال التعليم يرون بأن حظر الصور في مناهج التعليم سيزيد أوضاع التعليم سوءا  وأن التلاميذ قد يعانون أكثر من الغموض والفوضي الناشئة عن القرار.

ويقول وزير التعليم الأفغاني الأسبق محمد آصف ننك في حديث لـ"الحرة" إن "الصورة في التعليم هي كل التعليم و خاصة بالنسبة للأطفال في مراحل التعليم الأولي و مع إزالة الصور عن كتب الأطفال يعني جلوس الطفل أمام لوحة فارغة وهو لا يجيد القراءة والكتابة".

وأضاف الوزير السابق أن قرار حذف الصور سيخلق معاناة جديدة أمام أطفال المدارس في مراحل التعليم الأولي، وتوقع أن تكون النتائج كارثية على قطاعات معينة في مراحل التعليم المتقدمة أيضا.

ويرى معارضون للحركة أن هذا التغيير جزء من استراتيجية الحركة لإعادة صياغة المناهج الدراسية وفق رؤيتها بحيث تركز بشكل أساسي على التعليم الديني، و تقليص المواد العلمية والعصرية مثل التربية المدنية والفنون. 

ويؤكد الناشطون في مجال التعليم أن هذه التعديلات تهدد بإعاقة التعليم والإبداع لدى الطلاب مما سيؤثر سلباً على تطور المجتمع الأفغاني على المدى البعيد وعلى حجم المساعدات الأجنبية لقطاع التعليم، في وقت تعتمد البلاد على دعم المنظمات الدولية في مجال التعليم.

"صور ذوات الأرواح"

تقول طالبان بان صور ذوات الأرواح محرمة شرعا وإن تعليمات صدرت لجميع إدارات الحكومة بمراعاة القانون الجديد الذي يتضمن بندا يحظر نشر كل ما يوحي لكائن حي سواء بشرا وغيره.

ورغم أن السلطات التعليمية لم تتحدث بشكل رسمي حتى الآن عن الطريقة التي قد تختارها لتنفيذ ذلك في قطاع التعليم وازالة الصور من الكتب الدراسية، لكن توجيهات صدرت للمدارس العامة والخاصة بضرورة مراعاة التوجيه الجديد بشأن احتواء الكتب الدراسية صورا للبشر والحيوانات.

ويشار إلى أن صور الكائنات الحية كانت محظورة في جميع أنحاء افغانستان خلال تولي حركة طالبان مقاليد الحكم في الفترة بين عامي 1996 و2001. 

وبمجرد عودتها للحكم في صيف عام 2021 أمرت شرطة الأخلاق في حكومتها أصحاب المحلات التجارية بازالة صور معلقة علي الجدران وإزالة أو تغطية تماثيل عرض للأزياء في أسواق العاصمة كابل ومدن أخرى.

كما أصدرت في أغسطس من العام الجاري قواعد جديدة تنظم الحياة اليومية للأفغان من النقل العام والحلاقة وحظر الاحتفالات وحظر الموسيقي في أول مرسوم تشريعي للحركة.

وتحظر المادة السابعة عشر من القانون نشر صور الكائنات الحية وقد طلب من وسائل أعلام انذاك عدم بث أو عرض أي شي له روح - أي البشر والحيونات وهو ما أدى لتوقف بث بعض وسائل الإعلام المرئية في بعض محافظات جنوب البلاد وأثار مخاوف في كابل العاصمة التي تقاوم حتي الآن الضغوط لتنفيذ الأمر نفسه.

انقسام بين كابل وقندهار

سياسات التعليم الخاصة بطالبان تجسد رؤيتها الأوسع لأفغانستان وفق تفسيرها الخاص للشريعة، دون أي تسامح مع التنوع الثقافي أو الممارسات التربوية الحديثة. 

وبينما تصف طالبان هذه الإجراءات بأنها جهود من أجل تصحيح المسار وتوحيد التعليم، يرى آخرون أن تيارا معينا داخل طالبان يحاول بالأساس ترسيخ سيطرته وقمع أي أصوات معارضة سواء داخل صفوف الحركة أو خارجها.

ويبدو ذلك من خلال تسريبات حول وجود تيار قوي داخل الحركة يرى ضرورة الحذر عند اتخاذ قرارات تخص الحياة العامة للمواطن ومنه نشر الصور الكائنات ويرى هذا التيار أن القرارات التي صدرت مؤخرا تزيد من حالة الانقسام داخل طالبان وتزيد من عزلة افغانستان الدولية.

ويظهر هذا التوجه من خلال نشاط المواقع المحسوبة على الوزارات في كابل والتي لا تزال تقوم بنشر صور الفعاليات الحكومية وتستخدم الصور لأغراض الدعاية في تناقض واضح مع الأوامر الصادرة من قندهار جنوب البلاد حيث يقيم زعيم الحركة.

وفي حديثه لـ"الحرة"، يري الصحفي الأفغاني سلطان فيضي بأن ما يقوم به تيار طالبان الموجود في قندهار يندرج ضمن مسار إعادة افغانستان إلى فترة التسعينات من القرن الماضي حيث كانت الحركة تتحكم في مظاهر الحياة الخاصة للأفراد. 

ومن شأن تلك السياسة أن تخلق مزيدا من المخاطر لاستمرار حكم طالبا، وهو أمر ترفضه قيادات طالبان الموجودة في كابل في خط معارض يبدو هادئا ومنضبطا حتى الآن.

مخاوف العودة للتسعينات

محاولات طالبان في فرض نمط معين من الحياة وتقييد الحريات العامة في أفغانستان تناقض الوعود التي قطعتها الحركة مع الشعب الأفغاني ودول العالم قبل أن تسيطر على الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

 وأكدت الحركة أكثر من مرة بأنها لن تعيد ممارسات حكمها الأول في التسعينات من القرن الماضي لكنها في الوقت نفسه أصدرت خلال الصيف المنصرم قانون "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " الذي ينظم الحياة العامة وفقا لفهما المتشدد للشريعة الإسلامية.

 وأكد متحدث باسم وزارة المعروف في حكومة طالبان سيف الاسلام بأن الحركة ستقوم بتنفيذ القانون ضمن قاعدة التدرج لإقناع المواطن بقبول القواعد الجديدة، وأضاف بأن الحركة لا تريد استخدام القوة لتطبيقه، رغم الأوامر الصارمة من قبل زعيم الحركة بهذا الشأن.

المصدر: الحرة

مقالات مشابهة

  • اليمن في مواجهة تغير المناخ بـCOP29.. هل ينجح في التكيف؟
  • وزير التربية يكلف قطاع التعليم العام بحصر احتياجات المدارس الحكومية والخاصة والتعليم الديني
  • حقيقة تأجيل امتحانات نوفمبر لأول ديسمبر بجميع المدارس|التعليم تحسم الجدل
  • 21 نوفمبر خلال 9 أعوام.. أكثرُ من 40 شهيدًا وجريحًا في جرائم حرب لغارات العدوان على اليمن
  • الأزهري: الأوقاف تتحمل تكاليف العام الدراسي الجديد لأبناء وأسر 309 من الشهداء
  • «التعليم»: نموذج إشرافي لدعم المدارس وتحقيق التميز التعليمي
  • عاجل - الاستعلام عن تسجيل الطلاب الجدد في المدارس لعام 2025 عبر موقع وزارة التعليم
  • لا مكان للصور بمناهج التعليم.. هل بدأت أفغانستان العودة لفترة التسعينيات؟
  • التخطيط: فرق التعداد ستزور جميع الأسر التي لم تصلها في الساعات الماضية
  • تعرف علي أسباب رفض طلب اللجوء بالقانون الجديد