يصادف اليوم الـ29 من أغسطس، الذكرى الـ36 عاما، لتوقف نبض ناجي العلي بعد إصابته برصاصات غادرة يوم 22 يوليو 1987 في لندن، وظل في غيبوبة حتى فاضت روحه في 29 أغسطس 1987، لكن نبضه، واسمه، ووطنيته، ورسوماته انتقلت إلينا جميعا، لكل المضطهدين والأحرار، والباحثين عن الحق والعدل والوطن في الكلمة واللوحة والجدار والصحيفة.

36 عاما مرت على استشهاد رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، ريشة فلسطين المقاتلة، والمدافعة بشراسة عن حق الفلسطيني في كل مكان من العالم، الريشة التي رسمت التشرد والمنافي والثورة والعمل المقاوم والأعداء والانتهازيين، الريشة التي ما عرفت يوما طريقا إلى فلسطين إلا طريق الكفاح والمواجهة والند.

ولد ناجي سليم حسين العلي في العام 1938 في قرية الشجرة الواقعة بين الناصرة وطبريا في الجليل الشمالي من فلسطين، وبسبب إرهاب العصابات الصهيونية اضطر للنزوح مع أسرته عام 1948 إلى مخيم عين الحلوة جنوب صيدا في لبنان.

في واحدة من الخيام، كان ناجي ووالده ووالدته وإخوته الثلاثة وأخته الوحيدة ينامون على حصيرة حملتها أمه معها في رحلة الهجرة عن القرية، كما حملت "بريموس" يعمل على الكاز وبعض الأغطية، وقد جمع والد ناجي العلي بعضا من صناديق الخشب ووضعها عند بوابة الخيمة وعرض عليها بعض المعلبات التي كانت توزعها الأونروا للبيع، ثم تطور الحال حيث جلب السكر والشاي وأنواعا من الخضار لتنمو بها تجارته، إلى أن أضاف إليها علب السجائر فيما بعد وأصبح يكسب منها قوت أسرته.

يقول في حوار أجرته معه الكاتبة المصرية الراحلة رضوى عاشور، عام 1984، في بودابست:

شخصية هذا الطفل الصغير الحافي هي رمز لطفولتي. أنا تركت فلسطين فى هذا السن وما زلت فيه. رغم أن ذلك حدث من 35 سنة، إلا أن تفاصيل هذه المرحلة لا تغيب عن ذاكرتي وأشعر أني أذكر وأعرف كل عشبة وكل حجر وكل بيت وكل شجرة مرت على في فلسطين وأنا طفل.

ويضيف حول حنظلة: "قدمته للقراء وأسميته حنظلة، كرمز للمرارة. وفي البداية قدمته كطفل فلسطيني، لكنه مع تطور وعيه أصبح له أفقه القومي ثم أفق كوني وإنساني.. وفي المراحل الأولى، رسمته ملتقيا وجها لوجه مع الناس، وكان يحمل الكلاشينكوف، وكان أيضا دائم الحركة وفاعلا وله دور حقيقي، يناقش باللغة العربية والانجليزية، بل أكثر من ذلك، فقد كان يلعب الكاراتيه.. يغني الزجل ويصرخ ويؤذن ويهمس ويبشر بالثورة".

هل سيكبر حنظلة؟ يقول ناجي: "سيظل في العاشرة حتى يعود الوطن. عندها فقط يكبر حنظلة، ويبدأ في النمو.. قوانين الطبيعة المعروفة لا تطبق عليه، إنه استثناء، لأن فقدان الوطن استثناء، وستصبح الأمور طبيعية حين يعود الوطن". ومتى يمكن رؤية حنظلة؟ يجيب ناجي: "عندما تصبح الكرامة غير مهددة، وعندما يسترد الانسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته".

حياته المهنية في الصحافة

في العام 1963 سافر ناجي العلي للعمل في مجلة الطليعة الكويتية في الكويت، وبدأ بنشر رسوماته الكاريكاتيرية على صفحاتها، وظل ناجي مواظبا على العمل في المجلة حتى العام 1968م، وهو العام التالي لتأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بزعامة جورج حبش في (11/12/1967) وقد شهدت الكويت عام 1968 موجة من الأحداث السياسية الساخنة قادتها تحركات المعارضة، وأقدمت الحكومة خلالها على ترحيل العديد من العرب العاملين في الصحف والمجلات الكويتية، إلا أن ناجي العلي غادر الكويت طوعا، خشية أن تقوم الحكومة الكويتية بتسفيره فلا يتمكن من العودة، وعندما عاد إلى لبنان تزوج من وداد نصر، وبعد أن هدأت التطورات السياسية في الكويت عاد إليها ناجي، والشيء المميز أثناء عودة ناجي العلي من الكويت إلى لبنان أنه تعرف على العديد من عناصر الجناح العسكري لحركة فتح (قوات العاصفة)، واطلع على مجموع العمليات التي نفذتها ضد الاحتلال الإسرائيلي، فألهبت هذه العمليات مشاعره الوطنية وتميزت رسوماته في تلك المرحلة بالمناداة للكفاح المسلح كوسيلة وحيدة لاستعادة الأرض، وما زاد من عنفوان المشاعر الوطنية لديه، الانتصار في معركة الكرامة.

بعد عودة ناجي إلى الكويت، سكن في حي الفروانية وهو من الأحياء الفقيرة، وفي تلك المرحلة نضجت مداركه السياسية لدرجة أصبح فيها متحدثا صلبا في الدفاع عن القضية الفلسطينية، وكان من كبار المؤيدين للرئيس جمال عبد الناصر وللثورة الفلسطينية، كما توثقت علاقات ناجي مع الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي والصحافي حنا مقبل والروائي رشاد أبو شاور، وتحولت رسوماته إلى تأييد صريح للرئيس جمال عبد الناصر، مستنهضا الأمة العربية لإزالة آثار هزيمة الجيوش العربية في حرب الأيام الستة عام 1967.

وبعد أن أوقفت الحكومة الكويتية إصدار مجلة الطليعة، عمل ناجي العلي في صحيفة السياسة الكويتية حتى عام 1974 حيث عاد إلى لبنان ليعمل في صحيفة السفير، ثم عاد مرة ثانية ليعمل في صحيفة السياسة الكويتية حتى عام 1978، ثم رجع إلى لبنان ليعمل مرة أخرى في صحيفة السفير حتى العام 1983، عمل بعدها في القبس الكويتية والقبس الدولية.

أنتج أكثر من 40 ألف عمل فني، غير تلك التي منعتها الرقابة وظلت حبيسة الرفوف، وأعطى ثلاثة كتب في أعوام 1967، 1983، 1985، وعرضت أعماله في بيروت ودمشق وعمان وفلسطين والكويت وواشنطن ولندن، ويشكل "حنظلة" أشهر شخصيات رسوماته الكاريكاتيرية.

اغتيال العلي

عند الساعة 5:13 بتوقيت جرينتش، يوم الأربعاء 22 يوليو 1987، أوقف العلي سيارته على رصيف الجانب الأيمن لشارع ايفز جنوب غرب لندن، حيث مقر جريدة القبس الدولية. لم يكن ناجي يعلم أن قاتلا يترصده، ورغم التهديدات التي تفوق المائة حسب قوله، التي كانت تنذره بالعقاب على رسوماته، وتلقيه معلومات وافية بأن حياته في خطر نظرا لأن الموساد الإسرائيلي قد جعله هدفا، إلا أن ناجي العلي لم يتخذ لنفسه أية إجراءات للحماية، لإيمانه القدري وفقا لمقولة: "الحذر لا يمنع القدر"، لذلك كان اقتناصه سهلا.

وما أن اقترب ناجي العلي من مخزن "بيتر جونز"، القريب من نقطة الاستهداف حتى اقترب منه القاتل الذي ارتدى سترة من الجينز والذي وصفه الشهود بأنه ذو شعر اسود أشعث وكثيف، وعندما سار في موازاته أخرج مسدسه وأطلق الرصاص باتجاه رأس ناجي العلي، ثم لاذ بالفرار.

نقل ناجي إلى مستشفى "القديس ستيفن" وهو خاضع لجهاز التنفس الاصطناعي، ثم جرى تحويله إلى مستشفى "الصليب تشارنج" وأدخل إلى قسم جراحة الأعصاب، ثم أعيد مرة أخرى إلى مستشفى القديس ستيفن.

ظل العلي يصارع الموت حتى يوم السبت 29-8-1987، وانتقلت روحه إلى بارئها في تمام الساعة الثانية فجرا، ودفن في مقبرة "بروك وود" الإسلامية في لندن، وحمل قبره رقم 230191.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ناجي العلي ناجی العلی إلى لبنان فی صحیفة

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية والهجرة يلتقي وزيرة المالية الكويتية

 

التقى الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة، اليوم، خلال زيارته للكويت مع نوره سليمان الفصام، وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشئون الاقتصادية والاستثمار.

وصرح السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن الوزير عبد العاطي، تناول مختلف أوجه التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، مشيدًا بما شهدته تلك العلاقات من تطور، مبديًا تطلع الجانب المصري للارتقاء بمستوى التعاون، بما يحقق آمال ومصالح الشعبين الشقيقين، ويسهم في تحقيق الأهداف التنموية لكلا البلدين.

واستعرض الوزير عبد العاطي، الخطوات التي اتخذتها الدولة المصرية على صعيد الإصلاح الاقتصادي الشامل ووضع خطط طموحة لجذب الاستثمارات المباشرة، وذلك في إطار رؤية استراتيجية متكاملة تستهدف تحقيق التنمية المستدامة، مؤكدًا الأهمية التي توليها الحكومة المصرية لتعزيز دور القطاع الخاص في قيادة التنمية الاقتصادية بمصر.

وتناول كذلك الإجراءات التي نفذتها الحكومة لتذليل العقبات التي تواجه المستثمرين وتطوير بيئة الأعمال في مصر.

وعرض الوزير الخارجية، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر في شتى القطاعات، مؤكدًا حرص الجانب المصري على استمرار التنسيق والتعاون المشترك مع الجانب الكويتي لدعم التجارة البينية والاستثمارات الكويتية في مصر وتذليل أية مشاكل قد تواجه المستثمرين، مبديًا التطلع لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، ومنح الشركات الكويتية جميع الحوافز الاستثمارية اللازمة.

وشدد الوزير عبد العاطي، على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية بمصر والتعاون في مجال الأمن الغذائي، ومنح الجانب الكويتي التسهيلات اللازمة في هذا القطاع.

كما حث الجانب الكويتي على الاستثمار في مجالات النفط والغاز والصناعات البتروكيماوية، لا سيما في ضوء الخبرة التي يتمتع بها في تلك المجالات.

كما أشار وزير الخارجية، إلى أهمية تفعيل دور مجلس الأعمال المشترك، وعقد منتدى للاستثمار بين البلدين، منوهًا إلى إمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية والتحديث في الكويت، على ضوء الخبرات العريضة التي اكتسبتها تلك الشركات خلال السنوات الأخيرة اتصالًا بحركة التنمية الكبيرة التي شهدتها مصر وتنفيذ مشروعات قومية، فضلًا عن استكشاف فرص التعاون الثلاثي في إفريقيا.

مقالات مشابهة

  • بالفيديو.. غارة إسرائيلية على محيط السفارة الكويتية في الجناح
  • جعجع استقبل القائم بأعمال السفارة الكويتية في زيارة وداعية
  • إيلون ماسك: طائرات «إف- 35» فاشلة ولا يستعين بها سوى الحمقى
  • شاب يتوج نفسه ملك جمال الأردن بعد وفاة أيمن العلي .. فيديو
  • أستراليا تقترح قانوناً يحظر وسائل التواصل لمن هم دون 16 عاماً.. ما الدول التي تدرس تدابير مماثلة؟
  • وزير الخارجية يعقد لقاءً مع ممثلي وسائل الإعلام الكويتية والأجنبية
  • ناجي الشهابي: التحالف الوطني الذراع الشعبي لتخفيف الأعباء عن المواطنين
  • عبد العاطي يلتقي وزيرة المالية الكويتية لبحث سبل التعاون
  • وزير الخارجية: نشجع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر
  • وزير الخارجية والهجرة يلتقي وزيرة المالية الكويتية