طوقان يكتب .. قطار العقبة عمان تآخر ٣٠ عاما

#قطار_العقبة عمان  تآخر ٣٠ عاما

#عبدالفتاح_طوقان

اكتب لابنائي وزملائي المهندسيين الأردنيين لتوثيق احداث،  وكيف ان #الأردن دوما متقدما ولكن أحيانا القرار الحكومي متراجع وينعكس سلبا علي #الاقتصاد وهو متآخر مما يكلف الأردن الملايين .

التسعينيات من القرن الماضي حيث كنت اعد واقدم برامج في التلفزيون الأردني، هوايتي وعشقي وبيتي الثاني وكينونة صداقاتي ونجاحي وضمن برنامج نحو عام ٢٠٠٠ تحدثت في احد البرامج عن ضرورة إقامة #سكك_حديد و قاطرات سريعة بين عمان والعقبة يتم ربط المطار ضمن الشبكة ويقف في خمس محطات من ضمنها الكرك ومعان ، بحيث يكون الخط نقل ركاب وسياحة ويسمح بعربات خاصة للبضائع أي تشغيل تجاري ينعش الاقتصاد والتجارة ، وان يتم ربط أيضا عمان الزرقاء علي ان يمتد لاحقا الي اربد.

مقالات ذات صلة مواجهة تاريخية لصقور السلة أمام المنتخب الأميركي 2023/08/29

وكتبت عديد من المقالات عن خط السكة الحديدي الحجازي والذي هو وقف وعن ضرورة أعادة احيائّه  وتوسعته و تطويره .

واقصد أن السكك الحديدية في مقدمة وسائل النقل التي تعتمد عليها دول العالم اعتمادا كبيرا في تحقيق نموها وأهدافها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية خصوصا وأن وجود هذا الخط  الامن سوف يساعد ان يخرج الأردن من الازمات الاقتصادية والمناخية والاجتماعية ويفتح افاق جديده للتشغيل وحل جزء من مشكلة البطالة ويعيد توطين الصناعة ونقل المواد و السلع وتصديرها ، وسيقوم باحياء المناطق التي يمر بها ويساهم في إيجاد مناطق حضرية حديثة  كبيرة جراء مرور شبكات السكك مما يساعد علي ازدهارها ، وحينها يمكن وضع دراسات تخطيطية وتنظيمية شاملة للمملكة الأردنية وللمناطق تلك وإعادة تقسيم الأردن بكاملها الي ثلاث مناطق شمال وجنوب ووسط وهي الدراسات التي اهتم بها سمو الأمير الحسن وكنت من فرق العمل عليها وتمت مناقشتها ثم “دفنت مع كثير من الدراسات في ادراج الوزرات “.

كنت قد اطلعت حينها علي دراسات مستقبلية تربط الصين بامريكا بخط ٨ الاف ميل في رحلة تستمر يومين منها أجزاء في سيبريا ، كندا و المياه مضيق بيرينج تحت المحيط لمسافة وفي الجبال والوديان ضمن مشروع سكك حديد المحيط الهادي و بتمويل صيني بالكامل ، وخطط لربط الخليج بالأردن، لم يكن هناك حينها أي ذكر او إشارات الي ربط مع الكيان الإسرائيلي والذي هو الان الفكرة الأساسية المتدارسة لربط اسيا بافريقيا بعد معاهدات السلام والخرق الواضح لكل ما نشاءت عليه الأجيال من قيم و مواقف تجاه فلسطين المغتصبة وبات التطبيع  يسوق باعتباره ” حلاوة الموسم”!!!!!!

الغنج السياسي من أسباب تأخر المشاريع و فشلها

و خلال عملي الهندسي أربعون عاما مع اكبر الشركات العالمية المختصة بالسكك الحديد صادفت العديد من اكفاء المهندسون الأردنيون والعرب غير عن الأجانب و الغربيون ممن تشرفت بالعمل معهم علي أجزاء مختلفة ومهمة من سكك حديد في دول مختلف من ضمنها مترو الرياض، مترو جده وأيضا سكك حديد تربط المدينة المنورة الي مكه المكرمه والذي يعرف بقطار الحرمين الكهربائي الذي افتتح تجريبيا ٢٠١٧ ، بطول ٤٥٠ كليومتر بطاقة ستين مليون مسافر سنويا و في زمن قياسي هو ١٢٠ دقيقة ، (١٣ عربه سعة كل منها ٤١٧ راكب ) أي ١٦٠ الف راكب يوميا ، و أيضا محطة قطار الحرمين السريع في مطار جده لخدمة ٥ ملايين حاج في موسم الحج ومن ثم مشاريع قطارات مقاطعه اونتاريو ، إضافة خطوط سكك حديد في اتجاهين ، توسعة محطة يونيون في تورنتو بسعة ٢٥٠ الف راكب و من ثم خط قطار خاص يربط مدينه تورنتو بمطار بيرسون ومترو الدوحة في قطر ثم توسعه خط مترو مطار حمد لاستقبال مونديال كاس العالم لكره القدم بحيث يتم اخراج المسافرين خلال ثلاثين دقيقة ،أي زمن قياسي بما فيها الأمور الأمنية ، وغيرها من مشاريع في دول أخرى و اعتذرت عن إدارة مشروع سكك الحديد في بنجلاديش ، وفي كل المشاريع  وانا اتابع التصميم ثم اري بالتنفيذ علي ارض الواقع و بناء محطات السكك الحديدية ، ادخال الكهرباء ..الخ كان في ذهني لماذا تآخر مشروع قطار عمان العقبة وعمان الزرقاء، ولماذا لا يتم استخدام تلك الخبرات الوطنية والاستفادة منهم ، الي متي سيستمر مسلسل التراجع و التآخير و ” الغنج السياسي – الاقتصادي”!!!!!

حجة التمويل حجه الفاشل

كانت الحجة الدائمه هي التمويل، وهي شماعة غير الاكفاء ممن يتحملون مسؤوليات اكبر منهم و يجهلون التعامل مع المؤسسات الدولية والجهات المانحة ، ومن خلال عملي وجدت ان مشاريع ضخمة لسكك الحديد في المكسيك وفي كندا و في اسبانيا وفرنسا بالمليارات من الدولارات أتت شركات مختصة عالمية في القطارات ومولت المشروع ونفذته وادارته ثم سلمته للحكومه لاحقا، كانت هناك اتفاقات حكومية و ضمانات بلا شك و لكن بعض الحكومات “جبنت” ان تمتح مثل تلك الضمانات !!! و بالتالي ضاعت الفرص.

واتصلت بوزير اشغال وبرئيس حكومه من سنوات ( وهم مسؤلين سابقين وعرضت عليهم الحديث مع بنوك اسيوية و يابانية و مع شركات اسبانيه و فرنسية) و لكن لم اجد اهتمام ووجدت أولا تراخي من جهتهم وعدم معرفتهم بمكانة الأردن وكيفية التواصل مع تلك الشركات العالمية والبنوك وضاعت الفرص مجددا بسبب غياب الفكر والرؤية المستقبلية وفي النهاية هي قضية” الكفاءات المغيبة “.

من جانب اخر كان نائب رئيس الوزراء للاعوام ١٩٩١-١٩٩٣  ، امد الله في عمره السياسي وامين عمان الأسبق ووزير النقل المهندس علي السحيمات (أبو معن) ، وكان ذو خبرة متميزه اكتسبها من خلال دراسته في جامعة ساسكس الامريكية و الجامعة الامريكية في بيروت ثم عمله مع مجموعة بن لادن للمقاولات ، وتحدثت اليه وقت كان هناك تصور لتوسعه خط سكك حديد الشيدية و كان متحمسا لمشاريع السكك الحديد و لكن الوقت لم يمهله ، ثم عادت المهندسة لينا شبيب وزيرة النقل السابقة تطرح أهمية المشروع مؤخرا في مقال لها نشر بتاريخ ٢٩/٨/٢٠٢٣ وضمن حماس من وزير الاشغال الحالي الصديق المهندس ماهر أبو السمن واعتقادي ان الوقت مناسب والتعاون وارد ضمن توحيد الجهود في لجنة هندسية تضع الأطر والخط ومسار الخط ومقترحات التمويل وتخاطب الجهات الدولية لاستدراج عروض تصميم و تنفيذ و تمويل السكك الحديدية.

لا مستحيل امام المهندس الحقيقي و كل شيء قابل للتطبيق

المشروع مهم للاردن، وهناك حلول لكل التضاريس والمناطق التي سيمر بها القطار وباستخدام التكنولوجيا المتقدمة والاقمار الصناعية في تحديد المسارات ، سواء من خلال حفر الانفاق داخل الجبال او إقامة جسورعلوية مرتفعة حيث لا يوجد امام “المهندس الحقيقي ” و ليس من يحمل شهادة تمضية سنوات خمس في كلية هندسة أي صعوبة في إيجاد حلول هندسية قادرة علي التعامل مع السرعة والتضاريس والطبيعة ، ولعل مشروع إقامة خط سكك حديد يربط الصين بامريكا بطول ١٣الف كيلومتر وجزء منه تحت المحيط  مثلما هو بين فوجين و تايوان تحت الماء ، فيما يطلق عليه السكك الحديدية العابرة للبحار لهو دليل اخر علي قيمة و قدرات و تفوق ” المهندس”.

و اود هنا آن اشير الي أن الأردن ( عدد المهندسيين تجاوز ١٩٠ الف ) لهو بلد عظيم ولديه شباب ومفكرين ومهندسين عباقرة ومواطنين متحمسين لبناء الدولة الحديثة فعليا علي الأرض جنبا الي جنب مع أوراق ونقاشات التحديث السياسي ، لان لا تحديث سياسي دون اقتصاد وبناء للمستقبل وخطط هندسية وإدارية.

دعونا لا ننتظر ثلاثون عاما اخري ويضيع مزيد من الوقت وتزداد الكلف والأزمات و نحصر الأردن في ” اروقة البحر الميت” و حفلات الغذاء و سلايدات ملونة تبهت مع الأيام ويمضي قطار العمر دون قطار حقيقي. aftoukan@hotmail.com

المصدر: سواليف