كاتب صحفي: زيارة البرهان إلى مصر مبشرة وتحمل الكثير من الدلالات المهمة
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
قال الكاتب الصحفي محمد مصطفى أبو شامة، إنَّ زيارة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي إلى مصر، مهمة ومؤثرة وقد تكون مبشرة لما تحمله من دلالات تعكس اقتراب استقرار الأوضاع في السودان بشكل أو بآخر، لأن خروج رئيس مجلس السيادة السوداني من الخرطوم بعد 4 أشهر من أعمال القتال المستمرة داخل السودان يعكس استقرارا ولو جزئيا على مستوى العمليات داخل السودان.
وأضاف الكاتب الصحفي، خلال مداخلة هاتفية بشاشة «القاهرة الإخبارية»، أنَّ ذلك يعطي مؤشرات ربما تكون مبشرة لنا ولكل المصريين المتعطشين لإنهاء هذه الأزمة حزنا على الشعب السوداني الشقيق، كما تعكس الزيارة عمق العلاقات المصرية السودانية، وأن تكون الزيارة الخارجية وجهتها مصر تعني أن هذا هو الخيار الأول والخيار الأهم بالتوجه إلى مصر، فلها دور كبير وجهد كبير خلال الشهور الأخيرة لمحاولة إنهاء هذه الأزمة ووقف القتال ودعم استقرار السودان.
إيقاف عجلة القتال.. ضرورة ملحة لإنهاء الأزمة السودانيةوتابع: «كل جهود إنهاء الأزمة تتلخص في إيقاف عجلة القتال قبل أي حديث، وهو الهدف الأسمى سواء الجهود المصرية أو الأطراف الإقليمية والدولية، والجميع يسعى إلى إيقاف القتال بشكل حقيقي ومستدام كي تتمكن فرق الإغاثة من الوصول للمنكوبين وللوصول للاستقرار وحل هذه الأزمة».
واستطرد «أبو شامة»: «الفريق أول البرهان زيارته إلى مصر تهدف إلى إطلاع الرئيس السيسي على مستجدات الأمور، وربما تكون هناك مجموعة أفكار للتشاور حول مستقبل العمل خلال الأيام المقبلة على المستوى السياسي، وتطلعاته لدعم القاهرة بشكل أو بآخر بالفترة المقبلة، سواء على المستوى السياسي أو اللوجستي».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: السيسي البرهان مصر الرئيس السيسي السودان إلى مصر
إقرأ أيضاً:
جبريل إبراهيم وسياسات الأزمة-هل تقود السودان إلى المجهول؟
يواجه السودان واحدة من أعقد الأزمات الاقتصادية في تاريخه الحديث، في ظل استمرار الحرب واستنزاف الموارد الوطنية لصالح المجهود العسكري. تصريحات وزير المالية جبريل إبراهيم مؤخرًا في مؤتمر صحفي بمدينة بورتسودان كشفت عن حجم الكارثة، وأظهرت بوضوح أن السياسات الحالية لا تسير إلا نحو تعميق الأزمة.
الإدارة الكلاسيكية للأزمة الاقتصادية
من خلال تصريحاته، يبدو أن وزير المالية يعتمد على أساليب تقليدية في إدارة الاقتصاد، وهي سياسات لم تعد مناسبة للتحديات الراهنة. الصرف العسكري المرهق والمراهنة على السوق السوداء لتوفير العملات الأجنبية يعكس فشل الحكومة في تقديم رؤية إصلاحية قادرة على احتواء الأزمة. ففي ظل انخفاض الإيرادات بنسبة 80%، تتآكل قيمة العملة المحلية بشكل غير مسبوق، حيث قفز سعر الدولار من 570 جنيهًا قبل الحرب إلى أكثر من 1,200 جنيه حاليًا.
الدولار الجمركي وتأثيره الكارثي
من أبرز القرارات التي أثرت على الاقتصاد المحلي هو الدولار الجمركي، الذي تسبب في شلل حركة الاستيراد. نتيجة لذلك، باتت الأسواق السودانية تعج بالبضائع المهربة ذات الجودة الرديئة القادمة من دول الجوار. هذا القرار لم يؤثر فقط على المستوردين، بل أصاب الاقتصاد السوداني بركود وأفقد الدولة القدرة على تنظيم السوق بشكل فعال.
بيع الأراضي الزراعية ونسال هنا تفريط أم ضرورة؟
واحدة من أخطر ما ورد في تصريحات الوزير هي نية الحكومة بيع الأراضي الزراعية لدول الجوار لتغطية تكاليف الحرب. هذه الخطوة، التي قد تبدو حلاً مؤقتًا لأزمة مالية طاحنة، تُعتبر تفريطًا في موارد سيادية حيوية. الأراضي الزراعية ليست فقط مصدرًا للأمن الغذائي للسودان، بل هي أيضًا ركيزة لتنمية اقتصادية طويلة الأمد. أي خطوة بهذا الاتجاه قد تؤدي إلى تداعيات خطيرة، تشمل تفاقم البطالة وزيادة الفقر، فضلًا عن احتمالات تصعيد الاستياء الشعبي.
أزمة العملة والسياسات النقدية
الانهيار السريع للجنيه السوداني يعود إلى سياسات نقدية غير مدروسة. الطلب المتزايد على العملات الأجنبية، مقابل انعدام الاحتياطات النقدية، يدفع الحكومة إلى السوق السوداء، مما يزيد من تدهور سعر الصرف. هذا الوضع يؤدي إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع والخدمات الأساسية، ويُثقل كاهل المواطنين الذين يعيشون بالفعل في ظل ظروف معيشية صعبة.
الصرف العسكري على حساب التنمية
أصبحت أولويات الحكومة متركزة بشكل كبير على تمويل المجهود الحربي، حيث أُدرجت كتائب البراء ضمن بنود الموازنة العامة. هذا الصرف المستمر على العمل العسكري يأتي على حساب القطاعات الحيوية الأخرى، مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية. في ظل هذا السياق، تزداد معاناة السودانيين يومًا بعد يوم، دون أي بوادر لتحسين الأوضاع.
العزلة الدولية ايضا عامل إضافي للأزمة
تصريحات الوزير أشارت أيضًا إلى عزلة السودان عن المؤسسات الدولية ورفض الدول تقديم قروض أو منح جديدة. هذه العزلة الاقتصادية تعكس فقدان الثقة الدولية في قدرة السودان على إدارة أزماته السياسية والاقتصادية. من دون تعاون دولي، ستزداد صعوبة تجاوز الأزمة الحالية.
وعلينا ننقاش الامر من مطلق إلى أين يتجه السودان؟
ما يحدث في السودان اليوم يعكس أزمة شاملة، تجمع بين سوء الإدارة المالية والاقتصادية وتصعيد الصراعات العسكرية. اعتماد الحكومة على حلول مؤقتة مثل بيع الأراضي الزراعية لن يسهم إلا في تعميق الأزمة على المدى الطويل. السودان بحاجة إلى قيادة تمتلك رؤية شاملة لإنقاذ البلاد، تبدأ بوقف الحرب كأولوية مطلقة.
مقترحات للخروج من الأزمة
وقف الحرب واستعادة الاستقرار يجب أن تكون الخطوة الأولى هي تحقيق السلام، لأن الحرب هي المصدر الرئيسي لاستنزاف الموارد.
إصلاح هيكلي للاقتصاد أن تعزيز القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة، والبحث عن مصادر إيرادات مستدامة بعيدًا عن الاعتماد على الموارد الطبيعية وحدها هو بداية الحل .
التفاوض مع المجتمع الدولي و يجب إعادة بناء الثقة مع المؤسسات الدولية والدول المانحة، والعمل على جذب استثمارات خارجية.
إدارة موارد الدولة بشفافية عليهم التوقف عن اتخاذ قرارات تؤدي إلى تفريط في الموارد السيادية، والعمل على إصلاح السياسات المالية بشكل جذري.
الأزمة التي يمر بها السودان اليوم ليست وليدة اللحظة، لكنها نتيجة تراكمات طويلة من سوء الإدارة والصراعات. تصريحات وزير المالية تعكس بوضوح حجم المشكلة، لكنها أيضًا تدعو إلى التفكير بجدية في حلول جذرية. السودان بحاجة ماسة إلى قيادة تعيد ترتيب الأولويات، وتضع مصلحة المواطنين فوق كل اعتبار. استمرار الوضع الحالي لن يؤدي إلا إلى المزيد من التدهور، وسيظل الشعب هو المتضرر الأكبر. الحل يبدأ بوقف الحرب وبناء اقتصاد يعتمد على الإنتاج والشفافية والتعاون الدولي.
zuhair.osman@aol.com