الدكتور رشاد العليمي.. وحبّات المَسْبَحة
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
قبل حوالى 17 سنة من الآن، وفي العام 2006 تحديدا، كان حديث الشارع اليمني عامته وخاصته، ساسة وأحزابا ومثقفين وإعلاميين ومسؤولين والشعب بأسره، هو إعلان الرئيس صالح عزمه على عدم ترشحه لفترة رئاسية قادمة.. واستمر هذا الموضوع في صدارة النقاشات والتداولات لعدة أشهر..
وفي يوم من الأيام خلال تلك الفترة اصطحبني أحد الأصدقاء للمقيل في منزل برلماني سابق بصنعاء، وفي المقيل الذي ضم عددا من الساسة والمثقفين، كان من بين الأحاديث التي جرت في ذلك المقيل نقاش أريحي تركز في جزء منه حول:
من هو الشخص الذي سيتم الدفع به إلى سدة الحكم ليتولى الرئاسة لفترة رئاسية قادمة تكون بمثابة فاصل (محلل) لتصعيد أحمد علي إلى سدة الحكم؟
وفيما ذهبت التوقعات إلى ترجيح أن الدكتور عبدالعزيز عبدالغني ،رحمه الله، سيكون هو المرشح والرئيس القادم (المحلل)، التفت أحدهم إلى رجل ستيني في المقيل وسأله:
اقرأ أيضاً مسلح يقتل شقيقه رميًا بالرصاص ويمنع المواطنين من إسعافه وإصابة شقيقته وخالته شرقي اليمن إعلان للمبعوث الأممي عقب مباحثات مع مسؤولين مصريين وبرلمانيين يمنيين وفاة وإصابة 3 مغتربين يمنيين في حادث مروري مروع في السعودية (أسماء) شاهد.. التيك توكر اليمنية ‘‘ميار’’ تظهر بالحجاب لأول مرة.. وتخطف الأنظار بجمالها الأخاذ (فيديو) تحسن ملحوظ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية الحكومة اليمنية تستعين بدولة قطر لطلب المساعدة والدعم مليشيا الحوثي تعلن تعرضها لاختراق خطير من التحالف وتلوح بالحرب: زيارة المبعوث الأممي إلى صنعاء ستكون الأخيرة درجات الحرارة في اليمن اليوم الثلاثاء عودة ”أحمد علي عبدالله صالح” إلى صنعاء ورفع العقوبات تثير رعب الحوثي.. قيادي يحذر جماعته من فخ سيقلب الأمور رأسًا على عقب صورته تنشر لأول مرة ومعلومات مثيرة.. من هو”الأخطبوط اليمني” الذي أربك العالم وخدع إيران وضرب علاقتها مع الحوثيين؟ ”فيديو” شاهد .. رئيس الوزراء الهولندي يتناول وجبه طعام يمنية بأحد المطاعم اليمنية مدينة لاهاي (صور) عليه امر قبض قهري بسبب قتله مواطن في إب ..المليشيا توكل لقيادي حوثي إعداد قافلة عنب لجبهات القتال
ها شيخ ما هي حِسبتك؟ قل لنا عبدالعزيز عبدالغني بيوقع رئيس والا ماشي؟
سكت الشيخ الستيني، ثم هز رأسه بالنفي، وزاد: لا، عبدالعزيز عبدالغني، ما شطلعش رئيس..
ما شطلع رئيس من تعز إلا رشاد العليمي..
فقاطعه عبده الجندي:
مو تقول يا وليد؟ صورتك مدري ما تدور، ما به الا قول قدك تشتي تطير بصاحبنا من وزارة الداخلية.. قل بغيرها يا حاج..
لكن الشيخ/المُنجّم بدا مُصرّا وهو يقول:
ما بوش غير رشاد العليمي هو شيكون أول رئيس يطلع من تعز، وما شطلع إلا وقد البلاد منعوثة ومضعضعة، وشُلُقطِه وشجَمعه على حبة حبة مثلما تلقّط حبوب مسبحة منثورة..
سكت الجميع في مقيل البرلماني السابق أحمد العشاري أتذكر من بينهم عبده الجندي، الرصّاص (وزير الشؤون القانونية حينها)، وآخرون..، ودخلوا بعدها في أحاديث جانبية غير مسموعة..
مرّ الكلام علي ،وعلى غيري كما يبدو، كأي كلام عابر ولم يتوقف عنده أو يأبه له أو يتذكره أحد وذهب أدراج الرياح..
صحوت ظهر اليوم وأول خبر سمعته هو عودة الرئيس رشاد العليمي إلى عدن، فجأة قفز هذا المشهد من إرشيف الذاكرة ولم يغب من ذاكرتي..
قبل اليوم لم يخطر المشهد على بالي طيلة كل هذه السنوات غير مرة واحدة خطر لوهلة حين كان الناس يتداولون اسم الدكتور رشاد العليمي بين ثلاثة أسماء مرشحة لاستلام السلطة في 2011 إلى جانب نائب الرئيس عبدربه (الرئيس لاحقا)، والدكتور عبدالكريم الإرياني ،رحمه الله..
لا أؤمن بالتنجيم ولا أعيره بالًا.. ولكن؛
وبعيدا عن القصة والتنجيم والمنجمين، فالحاصل اليوم أن الدكتور رشاد العليمي، هو رئيس الجمهورية، وأن اليمن منثورة كحبات المسبحة..
فهل يكمل الرئيس الثلث المتبقي من النبوءة، وينجح فخامته في جمع حبات المسبحة حبّةً حبّة؟
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: رشاد العلیمی
إقرأ أيضاً:
الدكتور سلطان القاسمي يكتب: ميدان الرولة... شاهد على التاريخ
في عام 1803م، تولى الشيخ سلطان بن صقر بن راشد القاسمي حكم رأس الخيمة، ولم يكن متصوفاً مثل جده، الشيخ راشد بن مطر القاسمي، ولم يكن كذلك سلفياً مثل أبناء عمه رحمة بن محمد بن رحمة بن مطر القاسمي، والذين جمعوا حولهم جميع سكان مدن القواسم على منهج السلفية، وقاموا بتصرفات دون علمه من الاعتداءات على السفن في الخليج.
ما كان من الشيخ سلطان بن صقر القاسمي إلّا أن وقّع اتفاقية مع مندوب شركة الهند الشرقية «ديفيد سيتون» «David Seton»، في شهر فبراير عام 1806م، الأمر الذي أغاظ جماعة الدعوة السلفية، والأمير سعود بن عبد العزيز آل سعود في الدرعية، فقام أبناء عمه، رحمة بن محمد القاسمي، بتدبير مكيدة، باتهامه بمقتل عمه الشيخ عبد الله بن راشد القاسمي، حاكم رأس الخيمة، لدى الأمير سعود بن عبد العزيز آل سعود، حيث طلب منه الوصول إلى الدرعية للتفاهم حول بعض الأمور، فما كان منه إلّا أن توجه براً إلى الدرعية في شهر مارس عام 1809م.
في الدرعية، تم احتجاز الشيخ سلطان بن صقر بن راشد القاسمي، وتمّ تنصيب حسن بن رحمة بن محمد القاسمي، حاكماً على رأس الخيمة وما تبعها من بلدان القواسم.
كانت بلدة الشارقة إحدى البلدات التابعة للقواسم، وكانت تمتد على طول خور الشارقة، بعرض لا يزيد عن ثلاثمائة متر فقط، وبرّها صحراء مستوية إلّا من تلة رملية مرتفعة، تشرف على الطرق البرية المتجهة إلى الشارقة.
في عام 1810م، وصل القائد السعودي مطلق المطيري إلى الشارقة، ونصبت خيام جيشه على تلك البقعة المستوية قبالة بلدة الشارقة، وقد نصبت خيمة قائد تلك الحشود، مطلق المطيري، على التلة الرملية المرتفعة المشرفة على الطرق المؤدية إلى بلدة الشارقة، وسميت تلك التلة بند المطيري.
في تلك البقعة، قبالة بلدة الشارقة تجمّع آلاف الناس، منهم من أتى لتسليم الزكاة من الشارقة والبلدات المجاورة، ومنهم من جاء لتقديم الولاء والطاعة، والناس بين تكبير وتهليل.
أما أهل نجد، في تلك القوات، فقد قاموا بأداء العرضة النجدية، رافعين الأعلام الخضراء التي كتب عليها: «لا إله إلّا الله، محمد رسول الله»، لقد أخذت تلك الاحتفالات أياماً وليالي.
في بداية عام 1813م، وصل الشيخ سلطان بن صقر بن راشد القاسمي إلى مسقط هارباً من سجنه في الدرعية عاصمة الأمير سعود بن عبد العزيز آل سعود، حيث اتخذ طريقه من خلال وادي الدواسر حتى وصل إلى ذمار في اليمن، ومنها إلى ميناء المخا في اليمن كذلك، وأبحر منها إلى صور في عُمان.
أرسل الإمام سعيد بن سلطان سفينة إلى الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، بعد أن وضع عليها قوات، وأرسلها إلى لنجة، حيث وصلت بسلام، وحملت على ظهرها كتيبة من ثلاثمائة رجل من جماعة الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، وأبحرت إلى ميناء الشارقة، واحتلت مدينة الشارقة، حيث قام الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، ببناء قلعة تكون مقرّاً له ولقواته.
جرت عملية وحشية في الشارقة، حيث وصلت إلى الشارقة، قوة عسكرية قادمة من رأس الخيمة، فقتل ما لا يقل عن سبعمائة رجل من كلا الطرفين، ونجحت جماعة رأس الخيمة في الاستيلاء على سفينة الإمام سعيد بن سلطان، وأخذوها معهم إلى رأس الخيمة، لكن الشيخ سلطان بن صقر بن راشد القاسمي، نجح في استقلال الشارقة عن رأس الخيمة وتخليصها من السلفية.
في تلك البقعة التي أقام مطلق المطيري القائد السعودي معسكره، حوّلها الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، إلى مزرعة زرعها بالنخيل، وكان الفحل للنخيل قد أطلق عليه «غالب» تشبهاً بالشيخ سلطان بن صقر القاسمي، وحفر بركة ماؤها من الماء الأرضي، ومطوية بالصخور، وبجانبها شجرة رول جلبها من بلدة لنجة على ساحل فارس.
أما ند المطيري، فقد حوّله الشيخ سلطان بن صقر القاسمي إلى مسكن صيفي له مبني من سعف النخيل.
يمر الزمن على الشارقة، حتى جاء زماننا، فقد كنت ابن ست سنوات أدرس القرآن الكريم عند الشيخ فارس بن عبد الرحمن، حتى إذا ما جاء الصيف، انتقل هو وأهل بيته إلى ند المطيري بالقرب من فحل النخيل «غالب»، وقد استطال إلى عنان السماء، وبالقرب منه بني عريش؛ ليكون فصلاً للدراسة عند الشيخ فارس بن عبد الرحمن.
وإذا قرب الظهر نرجع إلى بلدة الشارقة بعد أن نمر ببركة الماء لنشرب منها، حيث كانت لها درجات تصل إلى مستوى الماء، وقد وضع هنالك علبة صفيح يغرف بها الماء للشرب.
بقيت شجرة الرولة، مكاناً يلتقي به أهالي الشارقة والمدن المجاورة، مساء كل عيد يتوافد إلى شجرة الرولة، الوارفة الظل، الرجال والفتية والفتيات والأطفال. وتُعلّق الحبال على الأغصان الكبيرة من شجرة الرولة، وتجلس الفتيات في صفين على الحبال، وتشبك كل فتاة أصابع رجليها بالحبال التي تجلس عليها الفتاة التي تقابلها، فتتكون المرجيحة من ثماني فتيات. أما الفتيان فيقومون بشط المرجيحة، أي إبعادها إلى أعلى بكل عفة. تُباع تحت شجرة الرولة الحلويات والمكسرات.
في فترة الستينيات، بنيت مدرسة العروبة في بقعة الرولة، وكانت بها البعثة الكويتية حيث كانت المدارس تحت إدارتها، وبها البعثة المصرية والبعثة القطرية والبعثة البحرينية.
في عام 1978م، جفت أغصان شجرة الرولة، حيث بلغ عمرها مائة وخمساً وستين سنة، وحيث إنني قد استوعبت التاريخ، فقمت في الخامس والعشرين من شهر يناير عام 1979م، بافتتاح ميدان الرولة، حيث وضعت في وسطه نصباً رسمته بيدي حيث كان توقيعي، وفي قلبه الرولة التي كانت شاهدة على كل تلك الأحداث.