يجري قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الثلاثاء زيارة إلى مصر انطلاقا من مدينة بورتسودان، هي الأولى له خارج البلاد منذ اندلاع المعارك بين قواته وقوات الدعم السريع قبل أكثر من أربعة أشهر.
في السياق، أفاد بيان للمجلس السيادي في السودان والذي يرأسه البرهان بأنه "توجه صباح اليوم إلى جمهورية مصر العربية"، مشيرا إلى أنه "سيجري خلال الزيارة مباحثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتناول تطورات الأوضاع في السودان والعلاقات الثنائية بين البلدين".
ويرافق البرهان في زيارته، على ما أفاد البيان، وزير الخارجية المكلّف علي الصادق ومدير جهاز المخابرات العامة أحمد إبراهيم مفضل.
وكان البرهان وصل الأحد إلى بورتسودان المطلة على البحر الأحمر شرقي البلاد، بعد تفقده للمرة الأولى منذ اندلاع المعارك عددا من المناطق الأخرى خارج الخرطوم حيث لازم لمدة أربعة أشهر مقرّ قيادته الذي كان يتعرض لحصار وهجمات متتالية من قوات الدعم السريع.
واستبعد البرهان الإثنين خلال تفقده جنودا في قاعدة بحرية في بورتسودان بقيت بمنأى عن الحرب حتى الآن، أي فرصة للمفاوضات. وقال للجنود ولصحافيين في قاعدة فلامنغو البحرية: "المجال ليس مجال الكلام الآن.. نحن نكرّس كلّ وقتنا وجهدنا للحرب لإنهاء هذا التمرّد"، في إشارة إلى قوات الدعم السريع. وكان دقلو نائبا للبرهان في مجلس السيادة قبل الحرب.
وأثمرت وساطات سعودية أمريكية خلال الأشهر الماضية اتفاقات عدة لوقف إطلاق النار لم تصمد. كما قادت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) مبادرة إقليمية لم تثمر أيضا.
واندلعت الحرب في 15 أفريل، وأسفرت عن مقتل نحو خمسة آلاف شخص، وفق منظمة "أكليد" غير الحكومية. إلا أن الحصيلة الفعلية مرشحة لأن تكون أكبر لأن العديد من مناطق البلاد معزولة تماما، وليس في الإمكان التنقل ومعاينة الوضع على الأرض.
المصدر: الخبر
إقرأ أيضاً:
في الذكرى الثانية للحرب .. هل ينتعش اقتصاد السودان؟
بحلول اليوم تدخل الحرب في السودان بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع عامها الثالث، الميلادي، وسط وضع اقتصادي بالغ التعقيد تبدو أثاره ظاهرة للعيان من خلال تدهور الوضع المعيشي الذي تشهده البلاد.
وأدت الحرب التي استمرت لأربع وعشرون شهرًا إلى تدهور مريع في القطاعات الانتاجية بالبلاد التي دمرت المليشيا أصولها وتعمدت إتلافها.
وبحسب المؤشرات الاقتصادية فإن الخسائر الاقتصادية للبلاد قدرت بنحو 200 مليار دولار منذ اندلاع الحرب، بالإضافة إلى أن الحرب تسببت في نزوح عدد كبير من السودانيين داخل البلاد وهجرة بعضهم إلى خارج البلاد وأكثرهم إلى البلدان المجاورة، حتى وصل عددهم إلى 8.1 مليون شخص نزحوا من منازلهم في السودان بحسب إحصائيات غير رسمية.
وشهدت المعدلات الاقتصادية للبلاد خلال العامين الماضيين تدهورًا مريعًا، حيث توقع وزير المالية السوداني د.جبريل إبراهيم أن يصل الانكماش في الاقتصاد السوداني إلى حوالي 28% في عام 2024 وقفز معدل التضخم من 83.6% في يناير 2023 إلى 146.6% في ديسمبر 2023، واستقر عند 142.34% في مارس 2025 فيما بلغ سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار 2500 جنيه مقارنة ب 560 جنيه عند إندلاع الحرب.
وفقدت المؤسسات الحكومية عددًا كبيرًا من أصولها ومواردها على الرغم من المحاولات الجادة لتسيير دولاب العمل والخدمة المدنية من العاصمة الإدارية بورتسودان شرقي البلاد.
وبالرغم من الخسائر الفادحة التي تكبدها الاقتصاد إلا أن معظم المؤسسات بدأت في إعادة ترتيب أولوياتها لإنقاذ الاقتصاد من براثن الإنهيار.
إتلاف أصول المؤسسات
وقال المدير العام للهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية، مستشار أحمد هارون، إن مليشيا الدعم السريع أتلفت أصول الهيئة المتمثلة في مركز رصد الزلازل والمعامل الخاصة بالهيئة وخربت مقرها الذي يعود لتاريخ قديم، إلى جانب حرق برج الهيئة الجديد.
وأكد في حديثه لــ “المحقق” على سرقة عدد عشر حفارات تبلغ قيمة الواحدة منها مليون ونصف المليون دولار من الورشة المركزية بالخركوم بحري بالإضافة سرقة الآليات الثقيلة التي تسلمتها الهيئة قبل الحرب بشهرين، مبينًا أن الهيئة بدأت في شراء بعض الأصول من مواردها الذاتية واستئناف عمليات البحث والاستكشاف في كل ربوع السودان.
وما حدث للهيئة العامة للأبحاث الجيلوجية، حدث لمصفاة الخرطوم للذهب ولمطابع العملة وللمتحف القومي، ولعدد كبير من المؤسسات العامة والخاصة.
وعن تأثير الحرب على القطاع الصناعي أقرت وزارة الصناعة بتأثير الحرب على القطاع مما أدى إلى نتائج كارثية على المنظومة الهيكلية للقطاعات الصناعية في البلاد.
وكشفت دراسة صادرة عن وزارة الصناعة إطلع عليها موقع “المحقق” الإخباري عن تدهور كبير للبناء الصناعي في الولايات المتأثرة بالحرب، لاسيما ولايتي الجزيرة والخرطوم حيث تعرضت المنشآت الصناعية فِيهما إلى دمار جزئي أو كلي للعديد من المنشآت الصناعية.
وكشفت الدراسة أيضًا، عن تمكنها من حصر المنشآت الصناعية في الولايات الآمنة في مجال الصناعات الغذائية، حيث وصل عدد معاصر الزيوت إلى 143 معصرة تغطي 69% من الاستهلاك المحلي و13 مطحن دقيق يغطى 77% من الإستهلاك.
زيادة إنتاج الذهب
وبالمقابل، قال المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية، محمد طاهر عمر، إنهم تمكنوا من تسيير دولاب العمل خلال عامي الحرب والعمل على زيادة إنتاج الذهب والإيرادات.
وأضاف عمر لــموقع “المحقق” الإخباري: “استطعنا أن نقفز بإنتاج الذهب خلال العام الثاني من الحرب إلى معدلات تصل إلى 64 طن”.
وتابع: “قمنا بتخفيض نصيب الدولة في شركة المخالفات من 28 % الى 20 % لتشجيع الشركات على الإنتاج في العام الحالي”.
وكشف عمر عن أن عدد الشركات العاملة في مجال التعدين وصل إلى 152 شركة من بينها أربعة شركات أجنبية منتجة.
وأوضح أن الشركة فقدت كثير من متحركاتها وتعمل بـ 30% فقط من قوتها العاملة.
أزمة اقتصادية خانقة
من جهته، يؤكد الخبير الاقتصادي د. وليد دليل، أن السودان يواجه أزمة اقتصادية خانقة فرضتها المتغيرات الإقليمية والعالمية، والحرب، فضلًا عن العيوب الهيكلية في اقتصاده المحلي.
وأكد دليل أن تفاقم الأزمة بشكل حاد مع انهيار قيمة العملة المحلية أمام الدولار، مما أدى لارتفاع غير مسبوق في معدلات التضخم وتدني مستويات المعيشة وتعثر النشاط الاقتصادي.
وقال دليل لــ( المحقق): إن مواجهة هذه التحديات تتطلب تضافر الجهود على المستويين الحكومي والشعبي، بالإضافة إلى دعم المجتمع الدولي.
وشدد الخبير الاقتصادي، على أهمية تبني سياسات اقتصادية تصحيحية جريئة تستهدف استعادة الاستقرار الكلي والتوازنات الداخلية والخارجية للاقتصاد، وذلك من خلال برنامج إصلاحي شامل بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية بجانب وضع سياسات وبرامج حماية اجتماعية فعالة للحد من تداعيات هذه الإصلاحات على الطبقات الأكثر فقرًا وهشاشة، حتى لا تتحمل الفئات الأضعف أعباء تصحيح مسار الاقتصاد بمفردها.
تآكل قدرات البلاد
وبدوره، يرى المحلل الاقتصادي، د. هيثم محمد فتحي أن الحرب أدت إلى تآكل قدرات البلاد الاقتصادية، ولم يقف تأثيرها على تدمير القطاعات الاقتصادية، وإنما طال البنى التحتية ومساكن المواطنين، والتأثير سلبًا على مقومات التنمية الاقتصادية ومعيشة الافراد وتفكك النسيج الاجتماعي.
وطالب فتحي في حديثه مع ( المحقق): بضرورة العمل على مختلف المسارات المتوازية للإنعاش والتعافي الاقتصادي ومحاولة استعادة منظومة الخدمات الأساسية، و حشد الجهود التمويلية من المصادر الخارجية لإعادة إعمار ما خلفته الحرب سواء في جانب مساكن المواطنين، أو مختلف القطاعات وأبرزها (الكهرباء، الماء، الطرق والجسور والكباري وغيرها) و التعليم والصحة والبنى التحتية والخدمات المتضررة.
المحقق – نازك شمام
إنضم لقناة النيلين على واتساب