رأى مارك ثيسن في صحيفة "واشنطن بوست" أن الانسحاب الكارثي للرئيس الأمريكي جو بايدن من أفغانستان، خرج إلى حد كبير من الوعي العام، لكنه مع ذلك قد يكلفه الرئاسة.

الأمريكيون ليسوا أغبياء وكانوا يعلمون أن الانسحاب لم يكن ناجحاً

عندما يصوت الأمريكيون السنة المقبلة، لن يفكر معظمهم في زحف قوات طالبان إلى كابول سنة 2021، أو الصور المروعة للأفغان المتشبثين بالطائرات العسكرية الأمريكية المغادرة قبل أن يسقطوا منها، أو في مقتل 13 أمريكياً على يد انتحاري عند بوابة آبي في مطار كابول.

. لكن تلك اللحظات الكارثية غيرت آراء الأمريكيين بشكل لا يُمحى حيال رئاسة بايدن.

 عندما انهارت الأرضية

أضاف الكاتب في "واشنطن بوست" أن بايدن يدخل انتخابات 2024 وهو أحد أكثر الرؤساء افتقاراً للشعبية منذ الحرب العالمية الثانية.. قبل سقوط كابول، لم تنخفض شعبية بايدن حسب معدل شركة فايف ثيرتي أيت عن 50 في المئة، لكن، بعد الانسحاب الأمريكي الكارثي انهارت الأرضية تحت أقدام بايدن، في 17 أغسطس (آب) 2021، انخفضت شعبيته إلى أقل من 50 في المئة للمرة الأولى.. وبعد أسبوع، تجاوزت نسبة رفض أدائه نسبة تأييده للمرة الأولى.. وبحلول 10 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، تجاوزت نسبة رفض أدائه 50 في المئة وظلت أعلى من تلك العتبة منذ ذلك الحين. 

المصائب تتوالى

لم يكن ما تغير هو مجرد عدم الموافقة على أداء بايدن في منصبه.. في أكتوبر 2021، وجد استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك أن 55 في المئة من الأمريكيين قالوا إن إدارته غير كفوءة.. وفي الشهر التالي، وجد استطلاع أجرته بوليتيكو/مورنينغ كونسالت أن 48 في المئة من المستطلعين يعتقدون أن بايدن لا يلائم الرئاسة على مستوى المتطلبات الذهنية.. وفي هذا الصيف، بلغت نسبة الأمريكيين القلقين بشأن لياقته الذهنية والبدنية لتولي منصبه 68 في المئة، وفق استطلاع أجرته شبكة أن بي سي نيوز في يونيو (حزيران).. ترتفع معدلات الموافقة على أداء الرؤساء وتنخفض، "لكن بمجرد أن يقرر الناس أنك غير كفوء أو غير ملائم على المستوى الذهني، فمن الصعب للغاية التعافي".

Biden’s disastrous pullout from Afghanistan could cost him reelection, @MarcThiessen writes https://t.co/NKadK3dAu9

— Washington Post Opinions (@PostOpinions) August 28, 2023 كانوا يرون عكس ما يقوله

أشار ثيسن إلى أن الأمريكيين قرروا أيضاً بعد الانسحاب من أفغانستان أن بايدن كان غير صادق.. لقد استمعوا إليه وهو يقول إنه لا يوجد أي أمريكي يواجه مشكلة في الوصول إلى المطار، وهو أمر كان بإمكانهم رؤية عدم صحته على شاشة التلفاز، لقد سمعوه يقول إن تنظيم القاعدة "رحل" من أفغانستان، في حين أنه كان مندمجاً بعمق في حركة طالبان.. وسمعوه يقول إن أياً من مستشاريه العسكريين لم يوصِ بترك قوة صغيرة، قبل أن يسمعوا كبار مستشاريه العسكريين يقولون في شهادات إنهم نصحوا بذلك على وجه التحديد. 

I find it amusing that under the sycophantic #neocon douchebag caucus of the rotting corpse of the @GOP, that the single thing that the Moron-in-Chief got right in his first term is what they continue to hit him on. Enlighteninghttps://t.co/eK3K2alkxo

— "Legal" Speech IS Free Speech (@1AIsFreeSpeech) August 28, 2023

سمعوه وهو يحاول إلقاء اللوم على دونالد ترامب، مدعياً أنه محاصر باتفاقية الانسحاب التي وقعها سلفه مع طالبان.. وعلى الرغم من ذلك، انتهكت طالبان الاتفاقية ولم يكن لدى بايدن مشكلة في عكس العديد من سياسات ترامب الأخرى التي لم تعجبه بما فيها ما يتعلق بأمن الحدود وخط أنابيب كيستون أكس.أل. واتفاقية باريس للمناخ والاتفاق النووي الإيراني.. وسمعوا بايدن يعلن أن الانسحاب من أفغانستان كان "نجاحاً استثنائياً".

قضية الصدق بالغة الحساسية

مضى ثيسن كاتباً أن الأمريكيين ليسوا أغبياء.. كانوا يعلمون أن الانسحاب لم يكن ناجحاً، وهكذا انهارت الثقة بصدق بايدن.. في أبريل (نيسان) 2021، قال 33 في المئة فقط إن بايدن كان غير صادق، حسب استطلاع جامعة ماساتشوستس أمهرست، ولكن في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وجدت جامعة كوينيبياك أن 44 في المئة فقط قالوا إنه صادق، بينما قال 50 في المئة إنه ليس كذلك.. وفي ربيع 2023، أجاب 54 في المئة بالنفي عندما سئلوا عما إذا كان بايدن صادقاً وجديراً بالثقة في استطلاع واشنطن بوست وأي بي سي نيوز.

أثّر تصور الأمريكيين بعدم صدق بايدن وعدم كفاءته على آرائهم في جميع سياساته.. في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، وجدت مؤسسة غالوب أن الموافقة على أداء الرئيس الاقتصادي انخفضت من 54 في المئة قبل الانسحاب من أفغانستان إلى 38 في المئة بعد ذلك، وفي ما يتعلق بالتعامل مع فيروس كورونا، انخفضت نسبة الموافقة من 67 في المئة قبل ذلك إلى 49 في المئة بعده، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الموافقة على سياسة الهجرة: لقد انخفضت من 41 إلى 31 في المئة.. ولم تنتعش أرقامه قط. 

لا يؤيدونه في أي مجال

اليوم، لا وجود لقضية واحدة يحظى فيها بايدن بموافقة غالبة.. وفق متوسط موقع ريل كلير بوليتيكس حتى الأسبوع الماضي، يفوق عدم الموافقة على أدائه نسبة الموافقة بنحو 20 نقطة مئوية على مستوى الاقتصاد، و29 نقطة على مستوى التضخم، و15 نقطة على مستوى السياسة الخارجية، و27 نقطة على مستوى سياسة الهجرة، و20 نقطة على مستوى مكافحة الجريمة.

وصافي تأييده سياسته الأوكرانية سلبي بفارق أربع نقاط مئوية، علماً أن أوكرانيا، بالرغم من بطء نقله الأسلحة إليها، يمكن المجادلة بأنها لا تزال تشكل نجاحاً في السياسة الخارجية.. وبالرغم من وجود عوامل أخرى مساهمة (التضخم مرتفع إلى حد غير مقبول والحدود خارج نطاق السيطرة)، كان الانسحاب من أفغانستان بمثابة نقطة تحول.

حين أمكن تفادي الكارثة

أضاف الكاتب أنه كان من الممكن تجنب كل هذا لو استمع بايدن ببساطة إلى القادة العسكريين وترك وراءه قوة صغيرة. وفي يناير 2015، تولت القوات الأفغانية مسؤولية العمليات القتالية ضد حركة طالبان.. وبدعم من الولايات المتحدة نجحت في إبعاد حركة طالبان لمدة ستة أعوام، ولم يتم التغلب على القوات الأفغانية إلا بعد أن سحب بايدن المهمة الأمريكية للتخطيط والدعم الاستخباري والجوي.

ومن خلال سحب جميع القوات الأمريكية والرفض الصريح للانسحاب المشروط، أعطى بايدن طالبان الضوء الأخضر لتنفيذ الهجوم القاتل الذي شاهده الأمريكيون برعب.. ليس هناك الكثير مما يمكن لبايدن أن يقوله أو يفعله لتغيير الأمور، "عندما يقرر الناس أنك كذبت بشأن شيء واحد، فإنهم يفترضون أنك تكذب بشأن كل شيء، لذلك تجاهل الملايين حجج بايدن حيال مسائل سياسية أخرى أيضاً".

بداية النهاية لقد سئم معظم الأمريكيين من رئاسته، ذكرت أن بي سي نيوز في أبريل أن 70 في المئة من الأمريكيين (بما في ذلك 51 في المئة من الديموقراطيين) لا يريدون أن يترشح مجدداً، أمل بايدن الوحيد لولاية ثانية هو أن يجد الناخبون البديل الذي طرحه الجمهوريون أقل مقبولية منه، لكن الأمر المؤكد هو أن ثقة الشعب الأمريكي في قيادة بايدن اهتزت.. وإذا خسر بايدن الرئاسة، فإن نهايته السياسية ستكون قد بدأت في كابول ختم ثيسن.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الانتخابات الأمريكية الانسحاب الأمريكي من أفغانستان نقطة على مستوى الموافقة على فی المئة من لم یکن

إقرأ أيضاً:

“ترامب” على خُطى “بايدن” في اليمن.. الهزيمة تطاردُ أمريكا

يمانيون../
مضى عامٌ و3 أشهرٍ من العدوان الأمريكي على اليمن الذي بدأ في عهدِ إدارة الرئيس السابق جون بايدن في 12 يناير من العام الماضي 2024م واستمرَّ حتى 17 يناير 2025م في مرحلته الأولى.

وحشدت واشنطن تحالفًا كَبيرًا سُمِّيَ بتحالف “حارس الازدهار”، وكان الهدف من ذلك هو الانتصار للعدو الإسرائيلي، والحيلولة دون استمرار الحصار اليمني المفروض على الكيان الصهيوني في البحر الأحمر، لكن الخَرِف بايدن غادر البيت الأبيض بهزيمة ستظلُّ تلاحقُه حتى نهاية عمره.

وعقبَ نَكْثِ مجرمِ الحرب نتنياهو اتفاقَ غزة، عاود الطاغيةُ ترامب خطيئةَ سَلَفِه، في 15 مارس 2025م، مُستأنِفًا العدوانَ الأمريكيَّ على اليمن؛ بهَدفِ متطابِقٍ مع هدف بايدن، وهو الانتصارُ لـ (إسرائيل)، وإجبار اليمنيين على رفع الحصار المفروض على كيان العدوّ.

وفي المجمل، فَــإنَّ العدوانَ الأمريكي في ظل إدارتَينِ متعاقبتَينِ لم يفلحْ في إلحاق الهزيمة باليمن، بل على العكس من ذلك، فقد تحوَّلت البحريةُ الأمريكيةُ وقِطَعُها الحربيةُ في البحار وحاملات الطائرات إلى صيد ثمين للجيش اليمني، الذي لم يتوقفْ عن توجيه الصفعات المتتالية ضدها، وإدخَالها في حالة من الخوف والهلع والإرباك، أطاح بهيمنتها ليس في المنطقة فحسب، وإنما في العالم بأسره.

وعلى الرغم من الترويجِ الإعلامي الكبير الذي يقودُه ترامب، مدعيًا أن عمليتَه العسكرية في اليمن حقّقت نجاحاتٍ كبيرةً، فَــإنَّ الوقائعَ الميدانيةَ وتقييمات دوائر أمريكية بما فيها البنتاغون تكذب هذه الادِّعاءات بوضوح.

ولا تزالُ العملياتُ اليمنيةُ مُستمرّة، وبوتيرة أعلى ضد السفن الحربية الأمريكية، بالتوازي مع امتداد الهجمات وتوسُّعها في عُمق كيان العدوّ الإسرائيلي. ومع أن ترامب استهل العدوانَ على اليمن بسُخرية واستهزاء من تعاطي سَلَفِه بايدن، وتحميله مسؤوليةَ الفشل والإخفاق، وإطلاق مجموعة من الأوصاف ضد الرجل العجوز، ومنها أنه “ضعيفٌ” و”مثير للشفقة”، إلا أن ترامب الآن غارقٌ في المستنقع ذاته، وبات ضعيفًا ومثيرًا للشفقة.

وبقراءة لوقائعِ الأرقام، فَــإنَّ ما تعرضت له حاملات الطائرات والقطع الحربية الأمريكية في البحر الأحمر أكبر بكثير مما حدث في عهد بايدن، ففي عهد بايدن نفذت القوات المسلحة اليمنية 8 عمليات ضد الحاملة هاري ترومان، لكنها تعرضت لحوالي 16 عملية خلال 26 يومًا.

هذا يؤكّـد أن التصعيد الأمريكي لم يحقّق أية نتائج على الأرض، وأن المأزق الذي رافق بايدن في اليمن يرافق الآن ترامب، ومعه وصمة عار على البيت الأبيض والولايات المتحدة الأمريكية. لقد وصل الإخفاق الأمريكي إلى الذروة؛ فالتأديب اليمني لم يقتصر على حاملات الطائرات فحسب، وإنما شمل الطائراتِ بدون طيار، فقد تمكّنت القوات المسلحة اليمنية من إسقاط 4 طائرات من نوع إم كيو 9 خلال أقلَّ من شهرَينِ في عهد ترامب، في حين تم إسقاط 14 طائرة من هذا النوع في عهد الخرف بايدن.

وفي سياق وضع المقارنات بين الإدارتين، يتضحُ أن بايدن اتجه إلى قصف اليمن بوتيرة منخفضة، ومع تحالف وشركاء مثل بريطانيا، لكن ترامب المعتوه يبالغ في التصعيد، ومعه يهدر المليارات في بضعة أسابيع، وهو ما يثير الاستياء والضجيج حتى داخل أمريكا ذاتها. وتتضح كلفة هذا الإنفاق بشكل أكبر عند النظر إلى حجم الغارات، حَيثُ بلغ عدد الغارات في عهد بايدن أكثر من 1200 غارة وقصف بحري خلال عام.

أما في الجولة العدوانية الجديدة بقيادة ترامب، فقد تجاوز عدد الغارات الأمريكية 300 غارة جوية وقصف بحري مباشر، ومثلما اتسع نطاق الغارات كميةً في كلتا العمليتين، اتسع كذلك من حَيثُ الأطراف المشاركة.

ومن المفارقات أَيْـضًا، أن الكيان الصهيوني لجأ في عهد بايدن إلى تنفيذ 5 عمليات جوية ضد اليمن، لكنه في عهد ترامب يعتمد كليًّا على الدور الأمريكي وغاراته المجنونة.

وفي المحصلة، فَــإنَّ التصعيد الأمريكي على اليمن وتعمده استهدافَ المدنيين لن يغيّرَ من حقيقة الهزيمة الأمريكية وخسارتها على أيدي القوات المسلحة اليمنية، وما لجوء العدوّ الأمريكي لاستقدام حاملة الطائرات “يو إس إس كارل فينسون” إلا شاهد من شهود التخبط والتلكؤ الأمريكي في المنطقة، وهو ما يصفُه قادة عسكريون وسياسيون أمريكيون بالمأزِق الحقيقي لأمريكا، والذي يصعُبُ الخروج منه.

بينما تبدّل الولايات المتحدة الأمريكية أسلحتها الاستراتيجية، تؤكّـد القوات المسلحة اليمنية جهوزيتَها العالية في التصدي للتصعيد الأمريكي، في الوقت الذي تواصل فيه عملياتها العسكرية ضد العدوّ الصهيوني، الأمر الذي يعكس المرونة العالية للقوات المسلحة اليمنية وقدرتها الفائقة على المواجهة والمناورة في عدة محاورَ.

ووفقَ خبراء ومحللين عسكريين، فَــإنَّ رهانَ أمريكا على حاملات الطائرات الأمريكية والطائرات المسيرة في عدوانها على اليمن خاسرٌ وغيرُ مُجدٍ، ولن يفضيَ إلى نتيجة، بقدر ما يعزِّزُ الهزيمةَ لأمريكا وسقوط ما تبقى من “هيبتها بنظرِ حلفائها” في المنطقة، وهو ما يجري تأكيدَه مرارًا وتكرارًا على لسانِ العدوِّ نفسِه.

محمد حتروش| المسيرة

مقالات مشابهة

  • “ترامب” على خُطى “بايدن” في اليمن.. الهزيمة تطاردُ أمريكا
  • السجن المشدد 7 سنوات لمزارع بتهمة قتـ ل آخر في قنا
  • الإعلام الأمريكي يكشف عن أوجه الاختلاف بين إستراتيجيتي بايدن وترامب الموجهة ضد الحوثيين؟ الإفتراض الخاطئ
  • سعر سوزوكي اسبريسو موديل 2021 .. الأقل استهلاكًا في الوقود
  • من الرفض إلى الموافقة.. إيران تفتح باب المفاوضات المباشرة لكن بشرط!
  • طالبان تقوم بحملات اعتقال بسبب تسريحات الشعر
  • استطلاع: تراجع دعم الأمريكيين لإسرائيل ونتنياهو
  • استطلاع: 62% من الأمريكيين يرفضون السيطرة الأمريكية على غزة
  • استطلاع يظهر انقلابا في المواقف تجاه إسرائيل.. كيف غيّرت غزة الرأي العام الأمريكي؟
  • انتخابات نوفمبر وصراع الشرعية: مفترق سياسي حاسم