أستاذ جامعي فرنسي: حظر العباءة بالمدارس أجندة سياسية أكثر من كونه قضية تربوية حقيقية
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
تناولت الصحافة الفرنسية قرار منع العباءة في المدارس الذي تبناه وزير التربية الوطنية غابرييل أتال، معتبرا أنه "علامة دينية" واضحة، ورأت بعض الصحف أنه قرار سياسي للغاية، يمهد لمعركة طاحنة بين المؤيدين والمعارضين له، خاصة أنه حظي بترحيب اليمين، وإن بقي اليسار منقسما بشأنه إلى حد ما. ورأى فيه أحد الأساتذة الجامعيين الفرنسيين "أجندة سياسية أكثر منه قضية تربوية حقيقية".
وتفاوت تناول الصحف والمجلات للقرار، حيث رأت لوبوان أنه ليس قرارا سهلا من الناحية القانونية، وتساءلت على أي أساس قانوني سيبني هذا الحظر وما المخاطر التي يمكن تحملها في حالة الطعن أمام القضاء الإداري، موضحة أن الحكومة لن تقوم بتشريعه، مكتفية بأن يرسل وزير التربية الوطنية ببساطة منشورا إلى العمداء، لعناية رؤساء المؤسسات.
وفي نفس الوقت تساءلت المجلة عن حقيقة كون العباءة "ثوبا دينيا"، موضحة أن تعميما حدد 3 "علامات" تسمح "بالتعرف على انتماء الطالب الديني" يجب بالتالي حظرها، وهي الحجاب الإسلامي "مهما كان اللباس" و"اليارمولك" (اليهودي) والصلبان، إذا كانت "مفرطة الحجم بشكل واضح"، وألحقت بها عمامة السيخ بعد ذلك، مع التأكيد أن اللائحة ليست شاملة، وعلقت بأن القرار طريقة لتشجيع قادة المدارس على التدقيق في نية الطالب في مواقف معينة.
مظاهرة نسوية في وقت سابق في فرنسا ضد الإسلاموفوبيا (وكالة الأنباء الأوروبية) عثرات قانونيةوركزت لوبوان بعد ذلك على العثرات القانونية التي قد يواجهها الوزير، ورجحت أن تغتنم رابطة حقوق الإنسان أو إحدى الجمعيات الأهلية منشوره وتهاجمه أمام مجلس الدولة، خاصة أن المجلس الفرنسي للعبادة الإسلامية أكد خطأ تقديم العباءة على أنها ثوب ديني، موضحا أن "قطعة الملابس مهما كانت، ليست علامة دينية في حد ذاتها"، نافيا رغبته في "التقليل من بعض الهجمات على العلمانية".
ورأت آن لور زويلينغ عالمة أنثروبولوجيا الأديان أن العباءة لا ترتبط بعبادة المسلمين بل "بالثقافة"، وتوقع الأستاذ غيوم حنوتين، المحامي بمجلس الدولة ومحكمة النقض أن "بعض الطلاب لن يفشلوا في إثارة الاستفزاز"، وأن "آخرين سوف يدافعون عن أنفسهم من خلال الإشارة إلى الموضة أو الأسلوب أو أنهن يرتدين العباءة لإخفاء شكلهن، من باب الاحتشام"، مضيفا "لهذا السبب لا أستطيع أن أنصح الوزير بأن يكون قاطعا للغاية، خوفا من رفض تعميمه".
وفي هذا السياق، قابلت المجلة الأستاذ الجامعي كلير غيفيل، الذي استنكر رؤية الرئيس إيمانويل ماكرون فيما يتعلق بالتعليم، ورأى أن "الإجراء ضد العباءة قد يسبب صراعا أكثر مما سيحل إشكالا"، وقال "من وجهة نظري فإن هذه القضية التي تعود إلى الواجهة وتطغى على كل ما عداها، هي مسألة أجندة سياسية أكثر منها قضية تربوية حقيقية".
وأوضح الأستاذ أن الوزير بهذا الإجراء، لا يخاطب المعلمين، بل يخاطب الناخبين في اليمين الفرنسي، وقال إنه يجب حل المخاوف التي لدينا بشأن العباءات من خلال الحوار والمناقشة مع الفتيات الصغيرات، لأن الهدف ليس -وفق رأيه- إقصاء الشباب الذين سيستمرون في ارتداء هذا الزي.
معركة سياسية للغايةأما صحيفة لاكروا فاكتفت بأن المعركة بشأن هذا القرار في الوقت الحالي ستكون سياسية للغاية بين المؤيدين والمعارضين للحظر، وسيزيد الخلاف بين اليسار بشكل أساسي، حيث استقبله الحزب الاشتراكي بشكل إيجابي إلى حد ما وقال "إنها ليست قوة شرطة للملابس، بل قوة شرطة للتبشير في المدرسة"، ورأى النائب جيروم غيدج، أن "مبدأ العلمانية يجب التأكيد عليه بكل وضوح"، ورأت النائبة عن "حزب فرنسا الأبية" أن هذا القرار "مخالف للمبادئ التأسيسية للعلمانية"، في حين رحب به اليميني رئيس الجمهوريين إيريك سيوتي.
وعرضت صحيفة لوموند التي قدمت للموضوع بتزايد التقارير عن "الهجمات على العلمانية"، رأي الوزير، حيث قال إن "ما يخلق الصراع هو غموض القاعدة"، وأوضح أن الحظر على الملابس يسمح لرؤساء المؤسسات "بأن يكون لديهم خط أكثر وضوحا على المستوى الوطني"، مضيفا أنه "في الغالبية العظمى من الحالات، سيتم تسوية الأمور منذ الأيام الأولى عبر الحوار".
خلاف في اليساروبعد ذلك، استعرضت الصحيفة ما يدور في الساحة السياسية، حيث يفصل حظر العباءة على اليسار بين ائتلاف الاتحاد البيئي والاجتماعي الشعبي الجديد، وبين المنتخبين من الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي الفرنسي الذين يوافقون عليه بشكل خاص باسم مبدأ العلمانية، في حين يندد حزب فرنسا الأبية بالقرار "المعادي للإسلام"، ويدين الخضر "مبدأ الوصم".
وقال زعيم "حزب فرنسا الأبية" جان لوك ميلينشون أمس الاثنين "من المحزن أن نرى بداية العام الدراسي مستقطبة سياسيا من خلال حرب دينية سخيفة مصطنعة تماما على الزي النسائي"، داعيا إلى "السلام المدني" و"العلمانية الحقيقية" التي توحد بدلا من إثارة السخط"، وتساءلت ماتيلد بانو من نفس الحزب إلى أي مدى ستذهب شرطة الملابس؟"، كما أبدى النائب كليمنتين أوتان غضبه أيضا، معتبرا أن هذا القرار "غير دستوري، ويتعارض مع المبادئ التأسيسية للعلمانية" وهو "من أعراض الرفض المهووس للمسلمين".
وفي أوساط المدافعين عن البيئة، ينظر إلى قرار غابرييل أتال على أنه "جدل عقيم لصرف الانتباه عن سياسة ماكرون في تفكيك المدارس العامة"، تقول سيريل شاتلان، زعيمة المجموعة في الجمعية، إن "الأولوية" ليست "أن نكون في منطق الإقصاء والوصم"، في حين شبهت النائبة ساندرين روسو المعروفة بمواقفها النسوية، هذا الإعلان "بالرقابة الاجتماعية الجديدة على أجساد النساء والفتيات الصغيرات".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
أستاذ في العلاقات الدولية: إسرائيل هدمت أكثر من 5 آلاف منزل في جباليا
قال الدكتور حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية، إنّ إسرائيل تعمل على تنفيذ خطة الجنرالات بشكل ممنهج ولا تتوقف عن استمرار عملياتها العسكرية في إطار سعيها للتفاوض تحت النار، إذ لديها مخطط واضح في تهجير الفلسطينيين من شمال قطاع غزة.
إسرائيل تسعى لتهجير الفلسطينيينوأضاف «فارس»، خلال مداخلة هاتفية عبر فضائية «القاهرة الإخبارية»، أنّ الأسابيع الأخيرة شهدت قيام إسرائيل بتنفيذ عملياتها والضغط بكل قوة لتهجير ما تبقى من الفلسطينيين، مشيرا إلى أنّ هناك 400 ألف فلسطيني لا زالوا موجودين في شمال قطاع غزة، في إطار حرص إسرائيل على تنفيذ المخطط بشكل كبير.
الاحتلال يواصل هدم المنازل والمخيمات بفلسطينوتابع: «الاحتلال الإسرائيلي هدم ما لا يقل عن 5 آلاف منزل في جباليا، فضلاً عن تدمير الكثير من المنازل في بيت لاهيا وبيت حانون، بالتالي إسرائيل لديها خطة واضحة في ذلك ولم تتوقف عند هذا الحد، لكنها أيضا في إطار تنفيذ مشروعها الاستيطاني في الضفة الغربية تتحرك بشكل كبير للإجهاز على مخيمات طولكرم ونور شمس، بالتالي هناك حرص شديد على تنفيذ مخططها دون أن يكون هناك أي حراك من المجتمع الدولي».