صحيفة التغيير السودانية:
2024-11-24@00:54:54 GMT

فرص السودان الضائعة: هل من مزيد؟

تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT

فرص السودان الضائعة: هل من مزيد؟

فرص السودان الضائعة: هل من مزيد؟

عثمان نواي

الاستفادة من فرص هذه الحرب وإمكانيات توقفها تظل مقيدة بقدرة السودانيين على التخلص من عادتهم في تضييع الفرص. قال إبراهيم منعم منصور إنه ظل يكتب لعام كامل حوالي 52 مقال بمعدل اسبوعى يحصي فيها فرص ضائعة لهذه البلاد. إن ما تنبئ به التجارب السابقة لا يبشر بغير إمكانيات تضييع الفرص الآن أيضاً.

ومما يزيد القلق هو أن “الطغمة السياسية” التي يصعب الآن وصفها “بنخبة” لما في العبارة من جوانب إيجابية لم يعد في الساحة السياسية الحالية السودانية الآن من يمتلكها، تتبنى الآن خطوات تاريخية ظلت تتكرر بلا توقف عبر التاريخ الحديث للسودان.

فقد لجأت قحت التي كان يفترض بها قيادة انتقال مدني ديمقراطي حديث بعد الثورة، انتقلت من الارتماء في حضن الشعب وشحن طاقاته لبناء دولة المواطنة الحديثة، انتقلت إلى حواضن مليشيا قبلية مجرمة تمثل منظومة دولة معسكرة، مقبلنة وفاسدة ومهيمن عليها خارجياً. وقد استنسخت قحت ذات تجربة مؤتمر الخريجين وأفندية الاستقلال الذين استعاضوا عن الاستعانة بشعب وجمهور السودانيين المتعلمين والعمال في الحضر والبوادي وبذل الجهد في تعليم وتأهيل بقية الشعب لصناعة الاستقلال وبناء الدولة الوليدة، استعاضوا عنهم بالارتماء في أحضان شيوخ الطائفية المتحالفين مع الاستعمار تاريخياً الذين يبحثون عن طموحهم في الملكية واستغلال جهل الشعب. وفي كلا الحالتين كانت الطغمة السياسية تبحث عن النزول إلى السلطة بالبرشوت من أعلى بدلاً عن الحفر من أسفل وبناء علاقات ثقة مع الشعب وبناء الوعي الوطني الذي يخلق دولة تكون السلطة فيها للشعب وليس حكراً وبلا مساءلة للطغمة النازلة من أعلى بالقوة الجبرية من خلال رعاية وحماية قوى استغلالية وذات مصالح خاصة بعيدة تماماً عن مصلحة الشعب والوطن.

إن مشاريع احتكار السلطة في السودان ظلت تهرب من سلطة الشعب الرقابية المحاسبية، ولذلك تريد الطغمة السياسية دوماً اجتراح سبل تجنبها المرور من نيران المساءلة وتريد العبور مباشرة إلى سلطة تعلو فوق صوت الشعب. فإن قرارات القوى السياسية المدنية في الذهاب إلى العسكر أيضاً ليست غريبة على الطغمة السياسية في تاريخ السودان الحديث من أجل استمرار السيطرة على السلطة. فقد قال إبراهيم عبود في شهادته على أيام تدبير انقلابه” “…. قبل انعقاد البرلمان بنحو عشرة أيام جاءني عبد الله خليل وقال لي الحالة السياسية سيئة جداً ومتطورة ويمكن تترتب عليها أخطار جسيمة ولا منقذ لهذا الوضع غير أن الجيش يستولي على زمام الأمر. فقلت هذا إلى ضباط الرئاسة أحمد عبد الوهاب وحسن بشير وآخرين. مرة ثانية جاءني عبد الله خليل فأخبرته بأن الضباط يدرسون الموقف، فقال لي ضروري من إنقاذ البلاد من هذا الوضع..” شهادة عبود بتاريخ 8 فبراير 1965. لكل من لا يعرفونه فعبد الله خليل كان “أول رئيس وزراء للسودان ما بعد الاستقلال”!

إن هرولة أهل الاتفاق الإطارى نحو حميدتي ليقف ضد ما سموه تعنت الكيزان في الجيش هو أحد أهم أسباب هذه الحرب. من الجانب الآخر فإن هرولة الكيزان إلى الجيش لصناعة تمترس في المواقف ضد الإطاري أيضاً ادت إلى ما نشهده الآن. وتجاهل كلاهما لصوت الشارع الرافض الإطاري ولكلٍ من الكيزان وقحت لهو السبب الأعظم في دمار البلاد. وفي تجاهل صوت الشعب تتساوى وتتشابه الطغمة السياسية السودانية بمختلف معسكراتها.

إن حالة الطغمة السياسية السودانية المستنسخة من ماضيها والتي لا تتعلم أبداً من تجاربها لهو المقياس الذي يجعل سيناريوهات تضييع الفرص تظل الأقرب في واقع السودان الراهن والمستقبلي. ولن تنكسر دائرة تضييع الفرص مالم يخرج ساسة وقادة يفضلون الصعود من أسفل إلى أعلى والاحتماء بثقة الشعب على النزول من أعلى إلى كراسي السلطة والاحتماء  بالبندقية.

إن أقوى ما يمنع قيام دولة مدنية في السودان هو لجوء القوى المدنية نفسها باستمرار للعسكر لحماية طريق وصولهم للسلطة. إن لم يتوقف مدنيو الطغمة السياسية عن عسكرة الفضاء المدني، ويبدأوا اختيار جانب سلطة الشعب على سلطة البندقية، فإن مصير هذه البلاد هو الضياع بعد تضييع كل الفرص.

osman.habila@gmail.com

الوسومإبراهيم عبود احتكار السلطة الاتفاق الإطاري الاستقلال السودان الطغمة السياسية العسكر الكيزان حميدتي عبد الله خليل عثمان نواي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الاتفاق الإطاري الاستقلال السودان العسكر الكيزان حميدتي

إقرأ أيضاً:

أسعار النفط تسجل مكاسب أسبوعية وسط تصاعد الاضطرابات السياسية

ارتفعت أسعار النفط مع تصاعد التوترات الجيوسياسية من روسيا إلى إيران، في حين أدى انتعاش أسواق الأسهم إلى زيادة الشهية تجاه الأصول الخطرة.

صعد سعر خام غرب تكساس الوسيط بأكثر من 1% لتتم تسويته فوق مستوى 71 دولاراً للبرميل، مرتفعاً بأكثر من 6% خلال الأسبوع، بينما تخطى سعر تسوية خام برنت مستوى 75 دولاراً للمرة الأولى منذ 7 نوفمبر. وتصاعدت حدة الصراع بين روسيا وأوكرانيا بسرعة بعد أشهر من الاستنزاف الدموي، مع استخدام الجانبين للصواريخ الأطول مدى هذا الأسبوع. وفي الوقت نفسه، قالت إيران إنها ستزيد قدرتها على إنتاج الوقود النووي بعد أن انتقدتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.


كما تلقى سعر الخام دفعةً من المكاسب في أسواق الأسهم، وجاء الصعود رغم ارتفاع الدولار وهو ما يجعل السلع المسعرة بالعملة أقل جاذبية. كما انكمش النشاط التجاري في منطقة اليورو بشكل غير متوقع، وهو مؤشر على المخاطر الناجمة عن الخلاف المتزايد حول التجارة.
ومع ذلك، ظهرت إشارات داعمة لصعود سعر الخام هذا الأسبوع. ارتفع أقرب نطاق زمني لخام غرب تكساس الوسيط إلى 48 سنتاً -مما يشير إلى نقص بالإمدادات- بعد أن انقلب لفترة وجيزة خلال الأسبوع الماضي إلى هيكل كونتانغو الهبوطي للمرة الأولى منذ فبراير.

تأرجح سعر النفط بين المكاسب والخسائر الأسبوعية منذ منتصف أكتوبر، في ظل تحديات شملت قوة الدولار ووفرة العرض ومؤشرات على ضعف الطلب. وفي الوقت نفسه، تسببت التوترات الجيوسياسية -بما في ذلك تحديث الكرملين لعقيدته النووية هذا الأسبوع- في تحقيق مكاسب مؤقتة، لكنها فشلت في توفير دفعة ممتدة في مواجهة التوقعات واسعة النطاق بحدوث فائض نفطي في العام المقبل.


قال بوب ماكنالي، رئيس مجموعة "رابيدان إنرجي غروب"، في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ: "لا تزال السوق متقبلة مخاطر الاضطرابات الجيوسياسية"، وأضاف: "سيكون الرئيس ترمب مستعداً لتضييق الخناق على صادرات الطاقة الروسية للحصول على النفوذ المطلوب لتنفيذ الصفقات التي يريدها".

وفي الوقت نفسه، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على "غازبروم بنك" الروسي، مما أدى إلى إغلاق ثغرة أبقتها واشنطن مفتوحة على مدار الحرب نظراً لأهمية المقرض لأسواق الطاقة. وتزيد العقوبات من خطر قطع بعض تدفقات الغاز الروسي المتبقية إلى عدد من دول أوروبا الوسطى.

مقالات مشابهة

  • السودان تعلن عن استعادة الجيش لمدينة سنجة اليوم
  • أسعار النفط تسجل مكاسب أسبوعية وسط تصاعد الاضطرابات السياسية
  • عالم “الجربندية” السياسية
  • مذكرتا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت.. إسرائيل إلى مزيد من العزلة
  • البريميرليج يعلن مواعيد موسم 2025-2026 مع مزيد من الراحة للاعبين
  • كوت ديفوار تتبرع بمساعدات طبية إلى السودان
  • سفير تونس بالقاهرة: العلاقات السياسية مع مصر في أبهى صورها
  • «الاستثمار»: تقديم مزيد من الحوافز والتسهيلات لمجتمع الأعمال في مصر
  • عضو السيادي الفريق أول ركن كباشي يؤكد حرص الحكومة على إحلال السلام ووقف معاناة الشعب السوداني
  • حركة المستقبل للإصلاح والتنمية: نشيد ونشكر دولة روسيا الاتحادية ودبلوماسيتها على وقفتها مع الشعب السوداني