فرص السودان الضائعة: هل من مزيد؟
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
فرص السودان الضائعة: هل من مزيد؟
عثمان نواي
الاستفادة من فرص هذه الحرب وإمكانيات توقفها تظل مقيدة بقدرة السودانيين على التخلص من عادتهم في تضييع الفرص. قال إبراهيم منعم منصور إنه ظل يكتب لعام كامل حوالي 52 مقال بمعدل اسبوعى يحصي فيها فرص ضائعة لهذه البلاد. إن ما تنبئ به التجارب السابقة لا يبشر بغير إمكانيات تضييع الفرص الآن أيضاً.
ومما يزيد القلق هو أن “الطغمة السياسية” التي يصعب الآن وصفها “بنخبة” لما في العبارة من جوانب إيجابية لم يعد في الساحة السياسية الحالية السودانية الآن من يمتلكها، تتبنى الآن خطوات تاريخية ظلت تتكرر بلا توقف عبر التاريخ الحديث للسودان.
فقد لجأت قحت التي كان يفترض بها قيادة انتقال مدني ديمقراطي حديث بعد الثورة، انتقلت من الارتماء في حضن الشعب وشحن طاقاته لبناء دولة المواطنة الحديثة، انتقلت إلى حواضن مليشيا قبلية مجرمة تمثل منظومة دولة معسكرة، مقبلنة وفاسدة ومهيمن عليها خارجياً. وقد استنسخت قحت ذات تجربة مؤتمر الخريجين وأفندية الاستقلال الذين استعاضوا عن الاستعانة بشعب وجمهور السودانيين المتعلمين والعمال في الحضر والبوادي وبذل الجهد في تعليم وتأهيل بقية الشعب لصناعة الاستقلال وبناء الدولة الوليدة، استعاضوا عنهم بالارتماء في أحضان شيوخ الطائفية المتحالفين مع الاستعمار تاريخياً الذين يبحثون عن طموحهم في الملكية واستغلال جهل الشعب. وفي كلا الحالتين كانت الطغمة السياسية تبحث عن النزول إلى السلطة بالبرشوت من أعلى بدلاً عن الحفر من أسفل وبناء علاقات ثقة مع الشعب وبناء الوعي الوطني الذي يخلق دولة تكون السلطة فيها للشعب وليس حكراً وبلا مساءلة للطغمة النازلة من أعلى بالقوة الجبرية من خلال رعاية وحماية قوى استغلالية وذات مصالح خاصة بعيدة تماماً عن مصلحة الشعب والوطن.
إن مشاريع احتكار السلطة في السودان ظلت تهرب من سلطة الشعب الرقابية المحاسبية، ولذلك تريد الطغمة السياسية دوماً اجتراح سبل تجنبها المرور من نيران المساءلة وتريد العبور مباشرة إلى سلطة تعلو فوق صوت الشعب. فإن قرارات القوى السياسية المدنية في الذهاب إلى العسكر أيضاً ليست غريبة على الطغمة السياسية في تاريخ السودان الحديث من أجل استمرار السيطرة على السلطة. فقد قال إبراهيم عبود في شهادته على أيام تدبير انقلابه” “…. قبل انعقاد البرلمان بنحو عشرة أيام جاءني عبد الله خليل وقال لي الحالة السياسية سيئة جداً ومتطورة ويمكن تترتب عليها أخطار جسيمة ولا منقذ لهذا الوضع غير أن الجيش يستولي على زمام الأمر. فقلت هذا إلى ضباط الرئاسة أحمد عبد الوهاب وحسن بشير وآخرين. مرة ثانية جاءني عبد الله خليل فأخبرته بأن الضباط يدرسون الموقف، فقال لي ضروري من إنقاذ البلاد من هذا الوضع..” شهادة عبود بتاريخ 8 فبراير 1965. لكل من لا يعرفونه فعبد الله خليل كان “أول رئيس وزراء للسودان ما بعد الاستقلال”!
إن هرولة أهل الاتفاق الإطارى نحو حميدتي ليقف ضد ما سموه تعنت الكيزان في الجيش هو أحد أهم أسباب هذه الحرب. من الجانب الآخر فإن هرولة الكيزان إلى الجيش لصناعة تمترس في المواقف ضد الإطاري أيضاً ادت إلى ما نشهده الآن. وتجاهل كلاهما لصوت الشارع الرافض الإطاري ولكلٍ من الكيزان وقحت لهو السبب الأعظم في دمار البلاد. وفي تجاهل صوت الشعب تتساوى وتتشابه الطغمة السياسية السودانية بمختلف معسكراتها.
إن حالة الطغمة السياسية السودانية المستنسخة من ماضيها والتي لا تتعلم أبداً من تجاربها لهو المقياس الذي يجعل سيناريوهات تضييع الفرص تظل الأقرب في واقع السودان الراهن والمستقبلي. ولن تنكسر دائرة تضييع الفرص مالم يخرج ساسة وقادة يفضلون الصعود من أسفل إلى أعلى والاحتماء بثقة الشعب على النزول من أعلى إلى كراسي السلطة والاحتماء بالبندقية.
إن أقوى ما يمنع قيام دولة مدنية في السودان هو لجوء القوى المدنية نفسها باستمرار للعسكر لحماية طريق وصولهم للسلطة. إن لم يتوقف مدنيو الطغمة السياسية عن عسكرة الفضاء المدني، ويبدأوا اختيار جانب سلطة الشعب على سلطة البندقية، فإن مصير هذه البلاد هو الضياع بعد تضييع كل الفرص.
osman.habila@gmail.com
الوسومإبراهيم عبود احتكار السلطة الاتفاق الإطاري الاستقلال السودان الطغمة السياسية العسكر الكيزان حميدتي عبد الله خليل عثمان نوايالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الاتفاق الإطاري الاستقلال السودان العسكر الكيزان حميدتي
إقرأ أيضاً:
المشتركة تكتب فصلا جديداً في معركة الصمود وتجهض وهم حكومة المنفى
أسود وثبة الصحراء وأبطال الذراع الطويل ورفاق الخليل وعبد الله ابكر والجمالي يكتبون صفحة جديدة وفصلاً جديداً في كتاب الأمل وسودان الغد، أولئك الابطال الذين قالوها من قبل في محطات عديدة وعطرها الخليل مسكاً بدمه الطاهر من أجل بكرة.في واحدة من أروع صور الثبات والاقدام سجلت القوى المشتركة نصراً عزيزاً في مشوار الطريق نحو استعادة وتضميد جراح الوطن ومسح دموع الحرائر اللائي شردن بفعل المليشيات العابرة للحدود وغرزوا خنجراً مسموماً يشفي صدور اهل السودان في صدور من يدعمون الذين يحاربون الوطن وشعبه وينتهكون شرف حرائره فكانت معركة الصحراء الثانية تتويجاً وبراً اخر في فصل قسم الأسود الذين أقسموا على ان يكملوا المهمة في الدفاع عن الشعب ومقدراته.علت الأصوات في كل شبر من تراب الوطن والمهاجر والمنصات ولا صوت يعلو فوق # مشتركة فوق , انهم الأشاوس بحق لا الزيف الذي يستخدمه أعداء الوطن , انهم الأسود كانوا هناك رفعوا التمام قبل تمام التاسعة التي اعتاد عليها كل جيوش السودان .ان النصر الذي حققه الابطال أجهضت كافة دعاوي الخبل التي تتوهم تفتيت تراب الوطن تحت لافتات زائفة , حكومة منفى وحكومة ظل وغيرها من المحاولات المفضوحة التي تحاول تلك القوى المهزومة نفسيا والتي تستخدمها جهات لا تريد خيرا للسودان اهله كالدميات 0غير ان الحس الوطني المتقدم لدى شرفاء السودان لا تخدعه شعارات جوفاء ومحاولات مفضوحة لمكافئة من فتتوا الوطن وشردوا الشعب الأعزل ونهبوا ممتلكاته وقد فرق الله جمعهم فقد طفقوا يتلامون بينهم في اخر اجتماع لهم بعنتبي الأوغندية حيث ذلك السكران الذي يهدد الشعب السوداني وينتظر ان يتم تنصيب سيده ترامب لينال من السودان,لكننا نقول له ولتلك الدميات انها ارض طهر لا يطئها الانجاس وننصحك الا تحاول قد لا ترى كاسا مسكرا او غير ذلك بعد محاولتك تلك.ولأولئك الذين قسموا الشعب وقواه السياسية الى درجات في سلم وهم السلطة المتعطشين لها ان تعلموا ان تستفيدوا من اخطاءكم وها هو ناديكم الذي يؤتى فيها كل ما من شأنه النيل من الوطن وأهله يواجه تصدعاً ليس لشيء الا لوضوح الحقيقة للشعب والعالم ان الزيف لا يكون حقيقة مهما بلغ.ويواجه تحالف تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) عاصفة هوجاء يهدد بقائه موحدا كتحالف أدمن تكرار أخطائه القاتلة التي في كل محطة فيها تبعده الاف الاميال عن امال واشواق واهتمامات الشعب السوداني.وتقدم هو المنتج الجديد لقوى الحرية والتغيير المركزي بعد تغيير جلدها بسبب لعنات خطل الاطاري التي اشعلت الحرب وادخل البلاد والعباد في اتون الموت والتدمير والتشريد , بدلت الجلد والمظهر مع بقاء الجوهر .بعد اجتماع عقده التحالف في مدينة عنتبي الأوغندية اجتماعا في الفترة من 3 الى 6 ديسمبر الجاري ,وصف بالاجتماع المفصلي وذلك للتباينات الكبيرة بين مكونات التحالف واختلاف المراكز والمنطلقات والجهات التي تأتمر بها بعض مكونات التحالف ومطالبة داعميها بالوفاء بالتزاماتها تجاه تلك المراكز, وابرز تلك القضايا التي شهدت خلافات حادة هو المسار الذي قادة قيادات و مكونات التحالف الدارفورية حول قيام حكومة موازية للحكومة السودانية الشرعية والتي تقصدها العالم اجمع ومنظماتها الدولية وتخاطبها كحكومة شرعية تمثل الشعب السوداني سيادةته الوطنية, وهذا المطلب وان كان المناديين به بعض العناصر في التحالف لكن في حقيقة الامر انه مطلب قادة مليشيا الدعم السريع المتمردة وهي لا تعدو كونها دفع لفواتير مستحقة على المناديين بهذا المطلب بل ان بعضهم جيء به الى التحالف خدمة لمصالح المليشيا وان يكون صوتا لها مقابل خدمات قبضوا ثمنها مسبقا.وقد حشدت تلك المجموعات التي تصر على موقفها بشأن تشكيل الحكومة ،بسبب ما تتعرض له من ضغوط من الدعم السريع والدول التي تدعمها مما اضطر المجتمعون من ادراج البند في جدول الاعمال غير انه لم يحظى باتفاق ليس لان المجتمعون ليس لهم رغبة في ذلك ولكن لعلمهم للكلفة الكبيرة التي سيدفعونها ناج وقوفهم في الجانب الخطأ من أحلام الشعب السوداني في الاستقرار والسلام بدعمهم لمخطط تفتيت السودان وان ما ينادي به أصحاب حكومة المنفى هو في حقيقة الامر هي حكومة دارفور الانفصالية التي تتبناها المليشيا ومن يمتاهون معها ومن يقدمون لهم الدعم من دول الجوار والافليم.ان مصلحة الشعب السوداني يكمن في دولة سودانية موحدة تسع كل ابنائه. وان ما يقوم به امراء المليشيا وادواتها سيؤدي في نهاية المطاف الى تفتيت وحدة التراب السوداني وهو ما تسعى اليه القوى الداعمة للتمرد.ومشتركة فوووقبقلم :حسن إبراهيم فضل إنضم لقناة النيلين على واتساب