الأسد يتعنت والتطبيع يتباطأ.. هل تنجح استراتيحية خطوة بخطوة؟
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
لا تزال سوريا تمثل أحد أصعب التحديات في منطقة لا تخلو من التعقيدات، وهو ما يتجلى في تباطؤ جهود التطبيع العربي مع دمشق، عبر استراتيجية خطوة بخطوة، منذ عودة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى الحظيرة الإقليمية في قمة جامعة الدول العربية بالسعودية في مايو/أيار الماضي.
ذلك ما خلص إليه المحلل ألكسندر لانجلوا، في تحليل بمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية (National Interest) ترجمه "الخليج الجديد".
لانجلوا اعتبر أنه "ليس من المستغرب أن يحقق القادة العرب الحد الأدنى من التقدم منذ هذه اللحظة فيما يتعلق بالتنازلات من دمشق، لكنهم يواصلون التعامل مع الحكومة السورية المتعنتة باسم عملية ذوبان الجليد الإقليمية الأوسع الجارية حاليا، وكان آخرها عبر لجنة الاتصال العربية وغيرها من الجهود الثنائية".
ولفت إلى أن "الدول العربية شكلت هذه اللجنة في مايو/أيار الماضي، بعد أن اختارت البدء في إعادة العلاقات مع دمشق قبل عودتها إلى الجامعة العربية في الشهر نفسه. وهي الآلية الأساسية للتعامل العربي مع نظام الأسد، بالإضافة إلى مبادرة خطوة بخطوة الأردنية"، في إشارة إلى تنازلات متبادلة مأمولة بين دمشق والعواصم العربية.
وزاد بأنه "ضمن هذه الآلية جرت محادثات في القاهرة (يومي 15 و16 أغسطس/ آب الجاري) مع مسؤولين سوريين لمناقشة الملفات المثيرة للقلق، مثل عودة اللاجئين، و(مكافحة) تهريب (مخدر) الكبتاجون (من سوريا إلى دول إقليمية)، والعقوبات، ووحدة الأراضي السورية، واحتياجات التعافي المبكر وإعادة الإعمار".
و"اليوم الأول من اجتماع اللجنة تضمن اجتماعات ثنائية متعددة، التقى فيها المسؤولون المصريون بشكل فردي مع الوفدين السوري والسعودي. كما عقد وزيرا الخارجية الأردني والسوري اجتماعا ثنائيا، فيما ضمت محادثات اللجنة الكاملة وزراء خارجية سوريا ومصر والأردن والسعودية والعراق. ويشارك الأمين العام للجامعة العربية أيضا في اللجنة"، كما أوضح لانجلوا.
واعتبر أنه "من المثير للاهتمام أن المجموعة ناقشت أيضا اللجنة الدستورية السورية والاختفاء القسري. وعقب الاجتماع، أعلن وزير الخارجية المصري سامي شكري أن الاجتماع المقبل سيعقد في بغداد. كما يتوقع شكري أن تستأنف اللجنة الدستورية عملها في عُمان بحلول نهاية العام الجاري".
اقرأ أيضاً
نهايتان أمام الأسد.. انتفاضة درزية علوية غير مسبوقة تنتشر جنوبا
تأثير كارثي
و"تشير البيانات والتقارير الرسمية إلى أن المحادثات كانت مثمرة وودية (...) وجيران سوريا مهتمون حقا بحل الأزمة لإدراكهم أن القضايا الصادرة عن هذه الجارة (سوريا) من الممكن أن يكون لها تأثير كارثي على الأمن والرخاء الإقليميين، ولهذا، من المرجح أن تستمر اللجنة في عملها، حتى في ظل بيئة سياسية صعبة وعدم اهتمام الحكومة السورية الحالي بتقديم تنازلات"، بحسب لانجلوا.
وتابع أنه "لم يتم إحراز تقدم يذكر منذ أن قرر هؤلاء القادة إعادة التطبيع مع دمشق، ويبدو أعضاء اللجنة عالقين اليوم، وهو ما يتجسد في قرار السعودية تأجيل إعادة فتح سفارتها في دمشق".
وزاد بأن "الأردن يشهد تقدما ضئيلا في مجال (مكافحة) تهريب الكبتاجون على طول حدوده مع سوريا، كما يواجه العراق قضية تهريب متفاقمة على طول حدوده الغربية التي يسهل اختراقها مع سوريا، ويثير الجمود العام في المحادثات السورية التركية القلق بنفس القدر وذلك بسبب الوجود العسكري التركي في شمال غربي سوريا".
لانجلوا قال إن "الأسد نجح فعليا في عرقلة كل الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إعادة التواصل مع حكومته حتى الآن، إذ طالب بتنازلات صارمة في مقابل الاستجابة لبنود تهم جيرانه".
اقرأ أيضاً
رغم التطبيع العربي مع الأسد.. لماذا يستمر تدهور الاقتصاد السوري؟
قرار صحيح
وعلى الرغم من تعنت الأسد، بحسب لانجلوا، إلا أن "جيران سوريا يتخذون القرار الصحيح من خلال إشراك دمشق، فليس لديهم خيار آخر كبير في هذه المرحلة؛ فسوريا ذات أهمية جغرافية بالغة بالنسبة للمنطقة بحيث لا يمكن تحويلها إلى وضع دولة مارقة على قدم المساواة مع كوريا الشمالية".
واستطرد: "كما انتهى منذ سنوات موضوع تغيير النظام (السوري)، تاركا قضايا أكثر هامشية، ولكنها عملية، يتعين معالجتها اليوم. وحتى إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن تدرك ذلك، إذ قالت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف إن الزعماء الإقليميين يجب أن "يحصلوا على شيء" (من الأسد) في المقابل".
ورجح أن "دمشق لن تقدم تنازلات سهلة، ومن المرجح أن تختار بدلا من ذلك أن تستخدم منتديات ومحادثات مختلفة مع جيرانها لتحقيق نتائج يتم التفاوض عليها بشكل أفضل (...) فيما يأمل النهج التدريجي، الذي يقوده الأردن وتم استخدامه عبر لجنة الاتصال، في إحراز تقدم".
و"إذا وصلت المحادثات في نهاية المطاف إلى مرحلة التبادلات الجادة خطوة بخطوة، فسيصبح التركيز في نهاية المطاف على كيف تمنع العقوبات الغربية أي جهود محتملة للتعافي أو إعادة الإعمار وكيف سيتم حماية السوريين"، كما أردف لانجلوا.
وتابع أن "الإدارة الأمريكية أبدت مرونة بشأن العقوبات حتى الآن، مما سمح للشركاء الإقليميين بجس مدى التقارب مع الأسد. لكن تجاوز العقوبات ينطوي على تحديات خطيرة تعتمد جزئيا على الكونجرس الأمريكي وتحديد الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024".
اقرأ أيضاً
لا تنازلات من الأسد.. هل تُضطر دول التطبيع إلى القبول برؤيته؟
المصدر | ألكسندر لانجلوا/ ناشونال إنترست- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: سوريا العرب الأسد تطبيع خطوة بخطوة خطوة بخطوة
إقرأ أيضاً:
دمشق.. وزير قطري يبحث مع الشرع تعزيز العلاقات ودعم مستقبل سوريا
بحث وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد الخليفي، الاثنين، في العاصمة دمشق مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، سبل تعزيز علاقات البلدين ودعم مستقبل سوريا.
وأفادت الخارجية القطرية، في بيان بأن وزير الدولة بوزارة الخارجية محمد الخليفي، التقى الشرع في دمشق.
وجرى خلال الاجتماع، "استعراض العلاقات الوثيقة بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، والتشاور حول مستقبل سوريا، وآفاق دعم قطر المستمر للشعب السوري الشقيق في كل المجالات".
كما تمت "مناقشة احتياجات مطار دمشق الدولي وكيفية تقديم الدعم اللازم لتشغيله في إطار مساعدات قطر الإنسانية والتنموية".
وأكد الوزير خلال الاجتماع، "استمرار دعم قطر الراسخ للأشقاء السوريين لبناء دولة المؤسسات التي تسودها العدالة والحرية والتنمية والسلام".
وشدد في هذا السياق على ضرورة ضمان وحدة سوريا والعمل على انتقال سلمي للسلطة من خلال "عملية سياسية جامعة لكافة أطياف الشعب السوري استنادا إلى قرار مجلس الأمن 2254 وتعزيز جهود حماية المدنيين ومكافحة الإرهاب".
ونص القرار 2254 الذي اعتمده مجلس الأمن في ديسمبر/كانون الأول 2015، على إنشاء إدارة انتقالية بعد مفاوضات بين وفدي المعارضة ونظام الأسد، لكن الأخير لم يستجب لذلك.
وعبر الخليفي عن إشادة دولة قطر بالإجراءات التي اتخذتها الإدارة الجديدة.
وعقب اللقاء، قال الشرع، في مؤتمر صحفي، إن "الجانب القطري كان دائما صديقا للشعب السوري، وشاركه في كل مراحل الثورة، وبقى ثابتا على موقفه حتى آخر لحظة".
وأضاف أن اللقاء شهد "الحديث بشأن تحديات المرحلة الحالية والمستقبلية، بما فيها السياسية والتنموية خاصة".
وقال الشرع: "أبدى الجانب القطري استعداده لضخ استثمارات واسعة بسوريا في مجالات عديدة، لاسيما في مجال الطاقة والموانئ والمطارات".
وأكد أن "المرحلة المقبلة ستكون تنموية بامتياز، وستكون مشاركة دولة قطر فيها فعالة وهادفة".
وكشف الشرع أنه وجه دعوة لأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني لزيارة سوريا، مؤكدا أن "العلاقات ستعود أفضل مما كانت في السابق آلاف المرات".
والاثنين، بدأ وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية، زيارة إلى دمشق، كأول وفد قطري رفيع المستوى يصل دمشق بعد قطيعة مع النظام السابق استمرت 13 عاما، وفق بيان سابق للخارجية القطرية.
وقال متحدث الخارجية القطرية ماجد الأنصاري عبر منصة "إكس" إن الخليفي وصل دمشق "على رأس وفد قطري رسمي رفيع المستوى لعقد لقاءات مع المسؤولين السوريين، وتجسيدا للموقف القطري الثابت في تقديم كل الدعم للأشقاء في سوريا".
وأوضح أن الوفد وصل "على متن أول طائرة للخطوط الجوية القطرية تحط في مطار العاصمة السورية منذ سقوط نظام بشار الأسد" في 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
ومنذ ذلك اليوم يصل إلى دمشق بوتيرة يومية مسؤولون إقليميون ودوليون يعقدون اجتماعات مع قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع.
والسبت، أعادت الدوحة فتح سفارتها في دمشق ورفعت عليها العلم القطري، بعد إغلاقها منذ يوليو/ تموز 2011 إثر هجوم شنه أنصار نظام الأسد عليها، ردا على تغطية قناة "الجزيرة" القطرية للثورة السورية التي بدأت في مارس/ آذار من ذلك العام.
وسيطرت فصائل سورية في 8 ديسمبر الجاري على دمشق وقبلها مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.