سودانايل:
2024-08-02@13:05:28 GMT

الفرق في الخطاب العسكري !!

تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT

أطياف -
وماكان أن يلقي البرهان خطاباً غير الذي ألقاه ، أو ماكنت اتوقع أن يخاطب جنوده الذين يخوضون معركة آنية بحديث غير الذي قاله ، فكيف ينتظر البعض أن يتحدث الجنرال الخارج من القيادة العامة للجيش جنوده في الميدان عن رغبته في التفاوض !! أو أن يقول إنه سيتخلى عن دحر وقتال الدعم السريع ، فعندما وقف البرهان متحدثاً المعارك تشتعل بضراوة في محيط المدرعات وحول القيادة العامة ، وكان مطار الخرطوم يحترق، فكيف يقول البرهان في هذا التوقيت إن الحسم لم يعد مجدياً وإن التفاوض هو الحل ، فهل ثمة عاقل كان يتوقع أن يلقي القائد خطابا سياسيا ناعماً وعينه في عيون جنوده الذين قدموا أرواحهم وفقدوا رفاقهم في معركة حية مستمرة !!
فيقيني أن ماقاله البرهان هو أفضل خطاب لقائد عسكري أثناء الحرب يقف لمخاطبة قواته على أرض عسكرية ، ولو قال حديثا غير الذي قاله في هذا المكان والزمان لنسف كل سنين خبرته العسكرية .


اما سياسيا ففي عملية البحث في الأرشيف الخطابي لقائد الجيش تجد أن جميع الخطابات التي ألقاها البرهان ومارس فيها المراوغة السياسية (على أصولها) كانت في مناسبات ومناطق عسكرية جاءت جميعها تحكي عن نكص العهود والتراجع عن الوعود السياسية ومهاجمة المدنيين فكم مرة حدّثَ البرهان جنوده عن أنه لن يوقع على الإطاري وكم مرة قال إنه لن يضع يده مع الذين يعتبرهم لايمثلون الشعب ووقع البرهان على الرغم منه ، ووضع يده على أيديهم !!
لذلك أرى أنه من الخطأ أن يخلط المتابع بين الخطابات العسكرية وعن ماينوي عليه البرهان سياسيا فلكل مناسبة حديثها
فالقائد في خطابه للضباط والجنود ببورتسودان قال ( إن الحديث عن أنه خرج بصفقة غير صحيح وإن من أخرجته هي القوات المسلحة ) وهذا أخطر ما صرح به قائد الجيش الذي أقر بعملية ( إخراجه) وليس خروجه ، فالقائد الذي يسيطر على المعركة ويصمم على حسمها عسكريا يخرج ولايتم إخراجه ، ولنقف على عملية الإخراج التي ( تمت بنجاح ) ، من الذي اخرج البرهان من مخبئه ؟! فإن لم تكن قوة خارجية كما يقول ، وإن من قام بذلك هي القوات المسلحة إذن هو يثبت انه خرج للتسوية ولاينفي !! فالمجموعة التي أخرجت البرهان هي التي تريد الحوار و التفاوض ، وهي قطعا ليس المجموعة الكيزانية التي تدير المعركة ، فالأخيرة كانت مشغولة بمعركة المدرعات ، ومنذ أن علمت بخروج البرهان أعلنت عنه كهارب وخائن وطفقت تبحث عن قائد بديل ، وجاءت بتصريحات زائفة عاجلة للكباشي يتحدث فيها عن قرب الحسم ودحر التمرد فإن كانت الفلول تتحدث عن قائد حر يمثلها ويتحرك بإرادته ويتولى الخطاب العسكري فلماذا قدمت الكباشي لمخاطبة الميدان بدلاً عنه !!
ومن هنا تأتي الإجابة إن كانت مجموعة الحسم العسكري لاتدري بخروج البرهان متى وكيف ولماذا ، إذن ليس هناك تفسير للمغادرة ، إلا طالبا للتسوية ووقف الحرب، حقيقة واحدة لاغيرها ولو تعددت الأساليب الملتوية لنفيها .
ويبقى خبر الإعلان عن حكومة تصريف أعمال ليس اهم من خبر المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي الذي يحل ضيفا الآن على نيروبي وأديس أبابا، في الفترة من 28 أغسطس إلى 8 سبتمبر والذي قالت عنه وزارة الخارجية الأمريكية أنه سيلتقي بمسؤولين في الحكومة الكينية والاتحاد الإفريقي والإيغاد لمناقشة الأزمة المستمرة في السودان والجهود الإقليمية والدولية لإنهاء العنف وإقامة حكم ديمقراطي ودعم العدالة والمساءلة
فمصر كما تحدثنا بالأمس أنها ستكون محطة الإستقبال الأولى التي سيتوجه منها البرهان الي (عواصم عربية) الإسم الإعلامي الجديد لمدينة جدة السعودية. !!
طيف أخير:
#لا_للحرب
ولأن البرهان مشحون بالهم السياسي أكثر من العسكري حرص على أن يرد على حزب الأمة ردا ً إنفعاليا عكس إن كشف الحقيقة الآن مزعج للغاية بالنسبة له سيما أنه لم يغادر الأرض الملغومة.
الجريدة  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

أسطوريات لبنانية

لو عدنا إلى تاريخ الأدب في العالم، لوجدنا أن الكثير من الأمكنة، غير الموجودة في الواقع، قد تحولت إلى أمكنة أسطورية، وأقصد إلى جغرافيا متخيلة، لم تكن حاضرة إلا في خيالات مبدعيها.

هكذا مثلا تأتينا «ماكوندو» جابرييل جارسيا ماركيز، التي دارت فيها أحداث واحدة من أعظم رواياته، «مائة عام من العزلة»، ليصبح المكان نقطة استدلال، ولو وهمية.

من يعرف مثلًا، أين تقع صحراء الترتار، تلك التي كتب عنها الروائي الإيطالي دينو بوتساتي روايته الكبيرة «صحراء الترتار»؟ بالتأكيد لا أحد. لأنه مكان متخيّل أيضا.

من جهتها، كانت أليس تعرف إلى أين تقودها رحلتها: إلى بلاد العجائب، أما نحن، القراء، فلا، إذ ما من خارطة تشير إليها. الحال كذلك مع غابة بروسيلياند وأفالون في «الملك آرثر». ناهيك عن كلّ تلك الأمكنة الوهمية في الأوديسية والإلياذة، إذ لا وجود حقيقيا لجُزُر كاليبسو ولوتوفاج والسيكلوب، وغيرها. وتطول اللائحة فعلًا.

ربما نعرف اليوم، في الأدب اللبناني، ظاهرة معكوسة، بمعنى أن ثمة أمكنة حقيقية، كانت موجودة، وتحولت -ربما بفعل الحروب المتعددة التي عرفتها «جمهوريتنا السعيدة»- إلى أماكن أسطورية، لأنها غابت في واقع الأمر، أي أنها أصبحت شبيهة بتلك الأمكنة التي لا نصل إليها مطلقا، ولا يعرف الجيل الشاب أين كانت تقع بالضبط، لأنها لم تعد موجودة، إلا في ذاكرة الأجيال الماضية، وهي أجيال تختفي تدريجيا، بفعل .. منطق الحياة.

لو عدنا مثلًا إلى منطقة رأس بيروت، لوجدنا أنها كانت تضم العديد من هذه الأماكن التي لا تزال عالقة في الذاكرة. لنأخذ مثلا مقهى «الهورس شو»، وبعيدا عن كونه مقهى بعض مثقفي الستينيات والسبعينيات، ثمة حدث مسرحي حصل فيه، أبقاه خالدا في الذاكرة. تقول القصة: إن «الأمن العام» منع عرض مسرحية «جحا في القرى الأمامية» على خشبة «مسرح بيروت» (الذي عرف بدوره نهضة المسرح اللبناني، وتحول إلى أسطورة من هذه الأساطير)، بسبب موضوعها السياسي، فما كان على الممثلين يومها (ومن بينهم نضال الأشقر وجلال خوري وروجيه عساف...) إلا أن أتوا وعرضوها على رصيف المقهى، ليشكل رواده والناس، حاجزا منع الشرطة من إيقافها. لكن الحرب أتت بعد سنوات، حيث دخل أحد رجال الميلشيات وأطلق النار على شخص كان هناك، فأرداه قتيلًا، ليقفل بعدها أبوابه (يروي الكاتب إلياس الديري تلك الحادثة وتفاصيل المقهى في روايته «الفارس القتيل يترجل») وتبقى الذكرى والذاكرة. «السماغلرز إن»، وهو مطعم وصالة عرض للفن التشكيلي، ينتمي بدوره إلى هذه الميثولوجيا، فمن استطاع كسب رضا جورج الزعني (صاحب المكان) كي يعرض له، فقد تحول بين ليلة وضحاها إلى فنان شهير. مقاهي «الستراند» و«الإكسبرس» و«الالدورادو» لا تشذ عن تلك الأماكن، مثلها مثل حانة «شي أندريه»، التي كان من زبائنها شارل أزنافور وداليدا وجوني هاليداي... وفي فترة لاحقة، زياد الرحباني وفرقته، حيث ولدت غالبية مسرحياته الأولى. بالأحرى، نجد أن مسرحيته «بالنسبة لبكرا شو؟» تدور في حانة، هي طبق الأصل، عن حانة «شي أندريه». و... كلّ هذه الأماكن اندثرت ولم يبق منها سوى الذكرى.

أتذكر بعض هذه الأماكن، بسبب الكتاب الصادر مؤخرا عن «دار نلسن» في بيروت بعنوان «مطعم فيصل - ذاكرة المكان» للكاتبة الصحفية إيمان عبدالله، التي تعيد فيه بناء حكاية هذا المقهى والمطعم «الخرافي» -الذي تأسس في بداية القرن العشرين- والذي شهد الكثير من نقاشات التحولات السياسية في لبنان في فترة ما قبل الحرب، وهو كان يقع بالضبط، أمام مدخل الجامعة الأمريكية في بيروت، وقد أقفل أبوابه عام 1985.

وإذ كانت تلك المقاهي التي ذكرتها، تميل أكثر إلى استقبال فنانين وكتّاب وشعراء، فإن مطعم فيصل، كان أكثر استقبالًا للمتعاطين بالشأن السياسي وفكره، حيث ولدت فيه حركة القوميين العرب، و«جمعية العروة الوثقى» وما تفرع عنهما لاحقا من أحزاب قومية عربية وقوى سياسية، كذلك بعض تنظيمات البعث، والناصريين وغيرها من حركات عرفت أوجها في بيروت الستينيات.

بهذا المعنى، شكّل مطعم فيصل ناديًا للفكر السياسي، أكثر من كونه مكانًا يقدم وجبات غذائية ممتازة، كان ملتقى جميع التيارات، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين. كان مكانًا حقيقيًا للتلاقي وطرح الأفكار، حين كانت مدينة بيروت، لا تزال تشكل منارة ما، قبل أن تغرق في عتمة الزمن وأوحاله.

في واحد من مقاطع الكتاب، تميل المؤلفة إلى تشبيه «مطعم فيصل» بمقهى «كافيه دو فلور» كما بمقهى «ليه دو ماغو» وهما مكانان باريسيان، عرفا شهرة كبيرة بسبب تردد جان بول سارتر وسيمون دو بوفوار إليهما، ومن لف لفيفهما من وجوديين ويساريين. لا أعتقد أنها مخطئة في ذلك، فلو عدنا فعلًا إلى شخصيات ذاك المكان الذي يبدو اليوم وكأنه كان خارج الزمن، لوجدنا أن من بينهم المؤرخ نقولا زيادة، المفكر قسطنطين زريق، المفكر منح الصلح، الكاتب سلام الراسي، معن بشور الذي كان يعتبر «مطعم فيصل» ناديًا لبنانيًا وعربيًا .. ويصفه بالقول: «كنت أعتقد أنه الجامعة الثانية أو الثالثة التي أدرس فيها، لأنني كنت أدرس في الجامعة اللبنانية والجامعة الأمريكية وفي جامعة مطعم فيصل»؛ وعلينا أن لا ننسى بالطبع الصحفي المصري الكبير أحمد بهاء الدين، الذي اعتبر الشارع الذي يقع فيه المطعم -شارع بلس- بأنه تحول إلى «الحيّ اللاتيني»، نظرًا لحيويته في شتى المجالات، واللائحة تطول وتطول فعلًا.

«مطعم فيصل» هو أيضا، «مطعم الثورا»، المكان المفضل الذي كانت تجتمع فيه المعارضات السياسية العربية التي تسكن بيروت، والتي بدأت بالمغادرة عام 1975، مع بداية الحرب الأهلية اللبنانية، لتترك فراغا في المكان، لكنها أبقت ذكريات، لا يزال البعض منا، «يحن» إليها وإلى ما كانت تمثل.

بدأب وبحث معمق وعمل أرشيفي فعلي، تعود بنا الكاتبة إلى أجواء ذاك المكان منذ نشأته ولغاية إقفاله، لتمر على غالبية التفاصيل التي شكلت روحه وروح رواده، الذين أضفوا حيواتهم على المكان.

ربما الأمر الوحيد الناقص في هذا الكتاب الذي لم تمر عليه المؤلفة، هو دور مطعم فيصل في الرواية اللبنانية، على الأقل تمر ببالي في هذه اللحظة، رواية «لا تنبت جذور في السماء» ليوسف حبشي الأشقر (وهو بالنسبة إليّ أب الرواية اللبنانية الحديثة) حيث كان بطلها من المياومين هناك، كما رواية «شاي أسود» لربيع جابر، الذي نجد أن بطلها كان يمشي في شوارع بيروت، بحثا عن تلك الأمكنة التي اختفت في الحرب، ومن بينها «مطعم فيصل»، وغيرها.

كتاب إيمان عبدالله، ليس سيرة مكان فقط، بل ذاكرة عصر وبلد اعتقد أنه نجح في بناء جمهورية خرافية حصينة، لكنه لم يفعل شيئا سوى توليد حروب ودمار لا يريدان أن ينتهيا. كأننا كلنا أصبحنا من هذه الكائنات الأسطورية.

إسكندر حبش كاتب وصحفي من لبنان

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال يدعي استشهاد قائد الجناح العسكري لحماس محمد الضيف
  • جيش الاحتلال يزعم تأكده من اغتيال قائد الجناح العسكري لحماس محمد الضيف
  • كنت أعتقد أن البرهان بعد أن نجا من محاولة اغتياله في جبيت سوف يقول لا للحرب
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يؤكد مقتل قائد الجناح العسكري لحماس محمد الضيف
  • “الدعم السريع” تنفي صلتها بمحاولة اغتيال البرهان
  • الغالي: السياسة و رهانات المستقبل
  • متى يحدث فك ارتباط غزة بإسرائيل
  • استهداف قائد الجيش السوداني بطائرة مسيرة
  • بعد اغتيال أكبر قائد عسكري في حزب الله.. خريطة توضح موقع الغارة الإسرائيلية في بيروت
  • أسطوريات لبنانية