مقال بنيويورك تايمز: هل تستطيع الليبرالية إنقاذ نفسها؟
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
يقول صموئيل موين أستاذ القانون والتاريخ بجامعة ييل الأميركية إن الليبرالية محاصرة في الوقت الحالي، وإن ما ترتكز عليه رؤيتها السياسية الشاملة من التزام بالحريات الشخصية وحكم القانون يواجه مشكلة حقيقية.
ويوضح موين في مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن الليبراليين أعلنوا -لفترة قصيرة بعد نهاية الحرب الباردة- نهاية التاريخ، أي أن العالم وصل إلى أكمل نظام سياسي واقتصادي واجتماعي يمكن أن يتطلع إليه، لكن خلال السنوات الماضية شعرت الليبرالية أنها تواجه تحديات جدية، مع صعود الصين "الاستبدادية"، ونجاح الشعبويين اليمينيين والإحساس بالتوقف والركود.
وتساءل موين عن السبب وراء أن الليبراليين يجدون أنفسهم في هذا الموقف مرة أخرى؛ مجيبا بأن السبب هو أنهم لم يتركوا أجواء الحرب الباردة وراءهم. ففي تلك الأجواء أعاد الليبراليون تعريف أيديولوجيتهم، التي تعود جذورها إلى عصر التنوير والثورة الفرنسية وأعادوا ذلك التعريف بشكل أسوأ.
وأوضح أن ليبرالية الحرب الباردة كان شغلها الشاغل هو ضمان استمرار الحكومات الليبرالية وفي نفس الوقت إدارة التهديدات التي قد تعطلها بدون التركيز على تحقيق مبادئها الأساسية.
وهذه -وفق موين- هي نفس انشغالات الليبراليين اليوم، لافتا إلى أن على هؤلاء -إن هم أرادوا إنقاذ أنفسهم- أن يصححوا أخطاء الحرب الباردة التي أدت بهم إلى مأزقهم الحالي ويعيدوا اكتشاف الإمكانات التحررية في عقيدتهم.
وتساءل الكاتب مرة ثانية عن إمكانية تراجع الليبراليين عن أخطائهم خلال الحرب الباردة، مثل تحالفهم مع النظام "الشيوعي الاستبدادي" في الحرب ضد النازية والفاشية، ثم وقوفهم مع الأنظمة غير الديمقراطية في مواجهة الخطر الشيوعي آنذاك.
التراجع عن الأخطاءواستبعد الكاتب إمكانية تراجع الليبراليين عن أخطائهم، أو إمكانية اكتشاف الإمكانات التحررية لديهم بسبب خوفهم الدائم من القضاء على نظامهم.
ونسب إلى جوديث شكلار عالمة السياسة والفيلسوفة المتخصصة في عصر الحرب الباردة والأستاذة بجامعة هارفارد؛ قولها إن ليبرالية الخوف تكرس نفسها من أجل حماية نفسها، وهذا من شأنه أن ينطوي على مخاطر على الليبرالية نفسها، مضيفة أن أي شخص يرهن نفسه إلى الخوف سيكون قابلا لتضخيم تهديدات الأعداء والتصرف ضدها بشكل مبالغ فيه.
وأوضح موين أن الاهتمام بالتحرر من الاستبداد والدفاع عن النفس ضد الأعداء، خلال الحرب الباردة، أدى في بعض الأحيان ليس فقط إلى فقدان الحرية ذاتها التي كان من المفترض أن يهتم بها الليبراليون في داخل بلدانهم، بل أدى أيضا إلى ارتكابهم أعمال عنف و"إرهاب" في الخارج؛ حيث دعموا المستبدين أو ذهبوا إلى الحرب باسم محاربة الشيوعية، وقد مات الملايين في صراع عالمي وحشي، كثير منهم على يد أميركا ووكلائها الذين يقاتلون باسم "الحرية".
وبما أن تحرر الناس والمساواة بينهم من المبادئ الرئيسية لليبرالية، يقول الكاتب، بدأ بعض الليبراليين، مثل الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت ميل، قبل قرنين في ابتداع الاشتراكية أيضا.
الاهتمام بالمبادئ الأساسيةلكن الحرب الباردة، وفقا للكاتب، غيّرت كل ذلك، وأصبحت الاشتراكية مجرد كلمة بذيئة بالنسبة لليبراليين وذلك لعقود، وخلص الليبراليون إلى أن المشاعر الأيديولوجية التي قادت الملايين حول العالم إلى الشيوعية تعني أنه يجب عليهم الامتناع عن الوعد بالتحرر.
وقال موين إن التغيير الذي لحق بالليبرالية في الحرب الباردة لم يكن ليطرح مشكلة في الوقت الحالي لو أن الليبراليين انتهزوا الفرصة لإعادة التفكير في عقيدتهم عام 1989، مشيرا إلى أن ضباب انتصارهم الجيوسياسي في الحرب الباردة جعل من السهل عليهم أن يتجاهلوا أخطاءهم، رغم العواقب طويلة الأجل لذلك في عصرنا الحالي.
وبدلا من ذلك، يقول الكاتب، فاقم الليبراليون خطأهم بالانخراط في الحروب التي لا نهاية لها وبتعزيز الاقتصاد "الحر" داخل بلدانهم وحول العالم. وصُدم الليبراليون الأميركيون من رد الفعل العكسي، ليتيقنوا من أن التاريخ لم يصل إلى نهايته.
الالتزام بالمبادئ الأساسيةوقال موين إن الليبراليين لن يستطيعوا إحياء الوعود الأساسية لفلسفتهم إلا من خلال إعادة الالتزام بمبادئها الأساسية.
وشكك الكاتب في إمكانية حدوث ذلك، قائلا إن الليبراليين في أميركا حاليا يعولون على القضاء لحماية أميركا من تهديد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أكثر من عملهم على جعل الأميركيين ينظرون بشكل إيجابي لمستقبل بلدهم.
وحتى إذا تمكن أحد المدعين العامين الكثيرين من إدانة ترامب، فإن الكاتب يرى أن ذلك لن ينقذ الليبرالية الأميركية، لأن التحدي أعمق من القضاء على العدو الحالي باسم "ديمقراطيتنا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحرب الباردة
إقرأ أيضاً:
توجه العراق نحو الليبرالية الجديدة
1 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: د. بلال الخليفة
ان الليبرالية الجديدة بمفهوم اخر، هو اكثر صراحة ووضوح انها ولكن ليس حسب رايي بل راي شخص اخر وهو المؤرخ الاقتصادي المرموق (بول بايروك) ان الليبرالية الجديدة التي فرضت على دول العالم الثالث تعد بلا شك عنصرا رئيسيا في تفسير تأخر تحولة الصناعي).
وذلك ان من خطط الليبرالية الجديدة ومثلما قنا سابقا هي جعل العالم على شاكلة دول العالم الثالث، دول فقيرة متخلفة للأسباب التالية:-
1 – لتبقى سوق لمنتجاتها التي تصنع في بلدانهم.
2 – تبقى مصدر للمواد الأولية التي تحتاجها صناعاتهم.
وحيث ان لها مبدأين هما، الأول هو المبدا الرسمي المفروض على الدول الضعيفة والمبدا الثاني هو مبدا تطبيق السوق الحر الفعلي. وهما بالغالب لا لا يخدمان المواطن البسيط بسبب ان المبدا قد صمم من قبل أصحاب رؤوس الأموال والسياسيين لتلبية مصالحهم.
النظم الشمولية
لكن في المقابل وعلى نقيض من ان الليبرالية الجديدة يوجد فكر وهما للفكرين الشيوعي والاشتراكي والذين حددان وبشكل كبير من نشاط القطاع الخاص لكن في نفس الوقت انهما يحدان وبشكل كبير أيضا من سطوة الهيمنة الجشعة للراسمالية ومن الممكن أيضا ان تكونا سبب في وجود تنمية اقتصادية (وخير مثال على هذا الوضع هو الصين) لكن الامر لا يخلو من احتمالين:-
الاحتمال الأول: وهو ان القادة السياسيين الذين يحكمون ذلك البلد هم من المخلصون وجل همهم المصلحة العامة (فرض المحال ليس بمحال) وكذلك يعتمدون في عملهم على تنمية الاقتصاد وفي هذه الحالة ستكون الفرصة قائمة وكما وضحناها سلفا.
الاحتمال الثاني : وهو الاعم الاغلب في معظم دول العالم وهو ان الأنظمة الغير الليبرالية تكون عميلة او غبية او تعمل لصالح نفسها فقط وبالتالي سيشهد ذلك البلد تخلف اقتصادي كبير جدا.
النظم الديمقراطية
من الممكن ان يقول احدهم ان الانفتاح على الغرب والسير بمنهجهم الاقتصادي وهو الليبرالية الجديدة وفتح المجال امال الاستثمارات الأجنبية من خلال تشجيع أصحاب رؤوس الأموال الأجنبية التي هي بالاصل متحكمة بالنظام السياسي والاقتصادي العالمي ، في هذا الامر يوجد عدة احتمالات منها:
1 – الأول: وهو ان أصحاب رؤوس الأموال لا يرون جدوى اقتصادية في فتح مشاريع استثمارية تنموية كبرى في البلد وذلك قد يكون لعدة أسباب منها شحة الخبرات او الايادي العاملة او بعد المصادر الأولية او أي أمور أخرى.
النتيجة ان البلدان تبقى تعاني من الفقر والتخلف الاقتصادي رغم من انتهاج الحكومات لليبرالية الجديدة وبالتالي سيزداد الشعب فقرا بسبب غياب الدعم الحكومي للامور المهمة التي يحتاجها المواطن كدعم الأغذية والأدوية والمحروقات.
الاحتمال الثاني: ربما سيقتصر الاستثمار الأجنبي على الأمور التافهة او الأمور التي ليس فيها إيرادات مستقبلية دائمة أي انها مشاريع خدمية لا تنموية ، يكون الغرض من تلك المشاريع هو استنزاف أموال الشعب وتلهيه عن القضايا الرئيسية مثل (الاستثمارات في المولات والمطاعم والسيارات والأجهزة الكهربائية وكذلك المدارس والكليات غير الرصينة التي تمنح شهادة ولا تمنح علم – للعلم ان الحكومة وبلسان وزير التخطيط يوم امس قرر منح رخصة فتح 20 جامعة أهلية جديدة)
ان الليبرالية الجديدة هو هدف يسعى الغرب ومن خلفة أصحاب رؤوس الأموال من اجل تحقيقة في جميع دول العالم لان المناهج التي تنتهجها بعض الدول غير الليبرالية الجديدة قد يسبب خطر على الغرب وخير مثال مال انتجته الصين قبل ثلاث أيام من برنامج الذكاء الصناعي ديب سيك) الذي فاق البرنامج الأمريكي (جات جي بي تي) والذي يمثل تهديد خطير لهم.
الليبرالية الجديدة وكما قلت هي عدو للتنمية المستقلة ، وان التنمية يجب ان تمر بعدة خطوات منها وقد يكون أهمها هو :
1 – السيطرة على أسعار السلع المستوردة من الخارج بفرض الرسوم عليها ولتشجيع الصناعة المحلية وبالتالي وضعنا اللبنة الأولى في التنمية الاقتصادية للبلد،
2 – تشجيع أصحاب رؤوس الأموال ان تنشئ مصانع داخل البلد لا ان تجعله يستورد كل شيء.
وفي نفس السياق نذكر ما قاله احد الاقتصاديين الرئيس الأمريكي السابق ريكان (حمى الصناعة الامريكية عن طريق فرض قيود على الاستيراد اكثر من أي سلف له خلال نصف قرن) وان هذه السياسة الاقتصادية يوجد لها مصطلح يستخدمة الاقتصاديون وهو (الحمائية الاقتصادية)، أي حماية الاقتصاد الوطني من جشع أصحاب المال الفاسدين، وفي هذا الامر نتذكر ان الحكومات العراقية في اعمها الاغلب والمتعاقبات على العراق لم ترفع أي رسوم على السلع المستوردة بل العكس، في كل مرة تصدر قائمة بالاعفاءات الكمركية والضريبية لمئات السلع وللدول المجاورة للعراق .
وهذه السياسات الاقتصادية الخاطئة انتجت كوارث اقتصادية حلت بالعراق بعد عام 2003 مثل توقف الكثير من مصانع العراق التي كانت منتجة وبشكل جيد مثل معامل الاسمنت ومعامل الأسمدة والورق والقصب والصلب والسكر والبلاستيك وغيرها ، لانها لم تستطيع مجارات أسعار السلع المصنوعة محليا لتلك المستوردة من الخارج.
الامر الذي سبب عبء كبير على الموازنة العامة الاتحادية وفقر العاملين فيها لان رواتبهم اقتصرت على الاسمي بدون حوافز انتاج وبالمقابل ان المواد التي يتم استيرادها من الخارج هي تبع للسياسيين الفاسدين يعني انهم يزدادون غنا والمواطن يزداد فقرا وهو هدف الليبرالية الجديدة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts