جاء قرار الهند بحظر تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي، ليثير قلق المزارعين الهنود، ويطرح تساؤلات دولية حول إمكانية تسبب القرار في تعميق أزمة الغذاء العالمية، حسب تقرير لشبكة "سي إن إن" الإخبارية.

وفي يوليو، أعلنت الهند، وهي أكبر مصدر للأرز في العالم، حظرا على تصدير الأرز الأبيض غير البسمتي في محاولة لتهدئة الأسعار المتزايدة في الداخل وضمان الأمن الغذائي.

 

وبعد ذلك فرضت السلطات الهندية المزيد من القيود على صادراتها من الأرز، بما في ذلك فرض رسوم بنسبة 20 بالمئة على صادرات الأرز المسلوق.

والأحد، قالت الحكومة الهندية إنها فرضت حدا أدنى لسعر تصدير شحنات الأرز البسمتي قدره 1200 دولار للطن، في الوقت الذي تحاول فيه البلاد السيطرة على الأسعار قبل الانتخابات المحلية، حسب وكالة "رويترز".

وقالت الحكومة في بيان إن بعض التجار كانوا يصنفون الأرز الأبيض غير البسمتي على أنه بسمتي للتغلب على قيود التصدير بعد صدور قرار الحظر.

مخاوف دولية

أثارت الخطوة الهندية مخاوف من تضخم الغذاء العالمي، وأضرت بسبل عيش بعض المزارعين ودفعت العديد من البلدان المعتمدة على الأرز إلى السعي للحصول على إعفاءات عاجلة من الحظر.

ويعتمد أكثر من ثلاثة مليارات شخص في جميع أنحاء العالم على الأرز كغذاء أساسي.

وتسهم الهند بما يصل إلى 40 بالمئة من صادرات الأرز العالمية، وتُصدر نحو أربعة ملايين طن من الأرز البسمتي إلى بعض الدول مثل إيران والعراق واليمن والسعودية والإمارات والولايات المتحدة، حسبما ذكرت "رويترز".

وتمثل صادرات الهند من الأرز الأبيض حوالي ربع إجمالي صادراتها من الأرز، وصدرت البلاد العام الماضي 10,3 ملايين طن من الأرز الأبيض غير بسمتي، وفق وكالة "فرانس برس".

ويقول الاقتصاديون إن الحظر هو مجرد خطوة أخيرة لتعطيل الإمدادات الغذائية العالمية، التي عانت من الغزو الروسي لأوكرانيا، فضلا عن الأحداث المناخية مثل ظاهرة النينيو.

وارتفعت الأسعار الدولية للأرز وهو عنصر أساسي رئيسي في العالم، بشكل حاد بسبب جائحة كوفيد والحرب في أوكرانيا وتأثير ظاهرة النينيو المناخية على غلات الأرز.

ويحذر الاقتصاديون من أن قرار الحكومة الهندية قد يكون له أصداء كبيرة في السوق حيث يتحمل الفقراء في دول الجنوب العالمي على وجه الخصوص العبء الأكبر.

وأدى القرار الهندي إلى ارتفاع سعر الأرز إلى أعلى مستوى له منذ 12 عاما، وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

ولم تكن الهند الدولة الأولى التي حظرت صادرات المواد الغذائية لضمان إمدادات كافية للاستهلاك المحلي، لكن تحركها، الذي جاء بعد أسبوع واحد فقط من انسحاب روسيا من صفقة حبوب البحر الأسود.

وساهم ذلك في إثارة المخاوف العالمية بشأن توافر المواد الغذائية الأساسية من الحبوب وما إذا كان الملايين سيعانون من الجوع.

وقال كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، عارف حسين، إن محاصيل الأرز والقمح والذرة، تشكل الجزء الأكبر من الغذاء الذي يستهلكه الفقراء في جميع أنحاء العالم، حسبما ذكر لشبكة "سي إن إن".

وشهدت نيبال ارتفاعا في أسعار الأرز منذ أن أعلنت الهند الحظر، وفقا لـ"تقارير وسائل إعلام محلية".

وشهدت تايلاند، ثاني أكبر مصدر للأرز في العالم بعد الهند، ارتفاعا كبيرا في أسعار الأرز المحلية في الأسابيع الأخيرة، وفقا لـ"بيانات جمعية مصدري الأرز التايلاندي".

وناشدت دول من بينها سنغافورة وإندونيسيا والفلبين نيودلهي باستئناف صادرات الأرز إلى دولها، وفقا لـ"تقارير وسائل إعلام محلية هندية".

وهناك مخاوف من أن الحظر الهندي قد دفع السوق العالمية إلى الاستعداد لإجراءات مماثلة من قبل الموردين المنافسين، كما يحذر الاقتصاديون.

وعن ذلك، قال حسين "يأتي حظر التصدير في وقت تعاني فيه الدول من ارتفاع الديون وتضخم أسعار الغذاء وانخفاض قيمة العملات، إنه أمر مقلق للجميع".

فقدنا "كل شيء"

يمثل المزارعون الهنود ما يقرب من نصف القوى العاملة في البلاد، وفقا للبيانات الحكومية الهندية.

أثارت قرارات الحكومة الهندية قلق المزارع الهندي، ساتيش كومار، والذي قال "لقد تكبدت خسارة فادحة، لن أتمكن من زراعة أي شيء حتى نوفمبر".

وأكد كومار أنه لم يشهد فيضانات بهذا الحجم منذ سنوات، واضطر إلى الحصول على قروض لإعادة زراعة حقوله من جديد، لكن هذه ليست المشكلة الوحيدة التي يواجهها.

ويؤكد المزارعون مثل كومار أن ارتفاع أسعار السوق بسبب ضعف المحاصيل لا يؤدي إلى مكاسب غير متوقعة لهم أيضا.

وقال كومار" سيكون للحظر تأثير سلبي علينا جميعا، لن نحصل على سعر أعلى إذا لم يتم تصدير الأرز".

وكانت الفيضانات بمثابة ضربة قاضية للمزارعين، لكن هذا الحظر سيقضي عليهم"، حسبما ذكر المزارع الهندي لـ"سي إن إن".

وفي سياق متصل، قال المزارع الهندي، سورجيت سينغ، "فقدنا كل شيء"، مضيفا "لقد تم تدمير محاصيل الأرز الخاصة بي".

ويقول بعض المزارعين إنهم سيزرعون الآن محاصيل أخرى غير الأرز. 

وبين التجار، فهناك مخاوف من أن يؤدي حظر التصدير إلى "عواقب كارثية".

وقال تاجر الأرز، روبكاران سينغ: "لقد ترك حظر التصدير للتجار كميات هائلة من المخزون، علينا الآن العثور على مشترين جدد في السوق المحلية".

لكن الخبراء يحذرون من أن الآثار ستكون محسوسة خارج حدود الهند، حسب "سي إن إن".

وقال حسين من برنامج الأغذية العالمي، إن البلدان الفقيرة، والبلدان المستوردة للأغذية، وبلدان غرب أفريقيا، هي الأكثر عرضة للخطر.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: تصدیر الأرز من الأرز سی إن إن

إقرأ أيضاً:

«فايننشال تايمز»: العالم يتجه نحو «حروب الغذاء»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد لسانى فيرغيز الرئيس التنفيذى لشركة أولام أجري، واحدة من أكبر تجار السلع الزراعية فى العالم، أن العالم على شفا "حروب الغذاء" حيث تدفع التوترات الجيوسياسية وتغير المناخ البلدان إلى الصراع حول تناقص الإمدادات الغذائية.

وسلط فيرغيز الضوء على هذه القضية فى مؤتمر المستهلكين ريدبيرن أتلانتيك وروتشيلد، وتوقع أن الحروب المستقبلية سوف تدور حول الغذاء والماء، تمامًا مثل الصراعات السابقة على النفط، بحسب التقرير المنشور فى صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.

وأضاف فيرجيز أن الحواجز التجارية التى فرضتها الحكومة، والتى تهدف إلى حماية المخزونات الغذائية المحلية، أدت إلى تفاقم التضخم الغذائى العالمي. وقد أدى انتشار الحواجز التجارية غير الجمركية ردا على الحرب الروسية الأوكرانية إلى خلق خلل مصطنع فى التوازن بين العرض والطلب، حيث تم سن ١٢٦٦ حاجزا تجاريا من قبل ١٥٤ دولة فى عام ٢٠٢٢.

وقد أدى هذا إلى قيام الدول الأكثر ثراء بتخزين السلع الاستراتيجية، مما أدى إلى المزيد من تضخم الأسعار.

وبدأ الارتفاع فى أسعار المواد الغذائية خلال جائحة كوفيد - ١٩ وتصاعد بعد الغزو الروسى لأوكرانيا وأدى الصراع إلى تعطيل صادرات الحبوب والأسمدة، مما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائى فى البلدان الفقيرة والمساهمة فى أزمة تكلفة المعيشة العالمية. 

وردًا على ذلك؛ اعتمدت الحكومات على نحو متزايد تدابير حمائية، مثل الحظر الذى فرضته إندونيسيا على صادرات زيت النخيل والقيود التى فرضتها الهند على تصدير أنواع معينة من الأرز.
وواجهت شركة أولام أجري، وهى شركة رئيسية فى معالجة وتوريد الحبوب والبذور الزيتية وزيت الطعام والأرز والقطن، عامًا مضطربًا. 

وحققت السلطات النيجيرية مع الشركة بشأن مزاعم بالتورط فى عملية احتيال بمليارات الدولارات، على الرغم من تبرئتها لاحقًا من ارتكاب أى مخالفات، وأصدرت Olam Group، الشركة الأم لشركة Olam Agri، تحذيرًا بشأن الأرباح للنصف الأول من عام ٢٠٢٣، وأعلنت عن انخفاض بنسبة ٥٦٪ فى أرباح العام بأكمله؛ مشيرة إلى ارتفاع أسعار الفائدة وضعف إنتاج بساتين اللوز فى أستراليا.

وفى معرض تناوله لتأثير تغير المناخ على المحاصيل الزراعية العالمية؛ دعا فيرغيز المديرين التنفيذيين للصناعة الاستهلاكية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة؛ مطالبا بفرض ضريبة على الكربون للحد من التلوث؛ مشددًا على أن النقص الحالى فى التكلفة المرتبطة بانبعاثات الكربون يؤدى إلى التلوث العشوائي.

وتؤكد تحذيرات فيرغيز على الحاجة الملحة إلى العمل العالمى المنسق لمعالجة التحديات المتشابكة المتمثلة فى تغير المناخ، وسياسات الحماية، والأمن الغذائي. 

وبينما تتصارع الدول مع هذه القضايا، فإن احتمال نشوب صراع على موارد الغذاء والمياه يلوح فى الأفق، مما يسلط الضوء على الأهمية الحاسمة للممارسات الزراعية المستدامة والتعاون الدولي.
 

مقالات مشابهة

  • روسيا تقرر مواصلة تصدير البنزين بعد تمديد إعفائه من الحظر
  • الهند: مصرع 5 جنود جراء تحطم دبابة خلال تدريبات عسكرية
  • الهند: مصرع خمسة جنود جراء تحطم دبابة خلال تدريبات عسكرية
  • الهند وروسيا تبحثان سبل تعزيز التعاون في مجال الدفاع
  • «فايننشال تايمز»: العالم يتجه نحو «حروب الغذاء»
  • لماذا سيزور رئيس الوزراء الهندي مودي روسيا لأول مرة منذ خمس سنوات؟
  • هل يؤدي اضطراب السياسة في فرنسا إلى أزمة اليورو المقبلة؟
  • بعد زيادة انتشاره في الهند.. أعراض الإصابة بفيروس زيكا وكيفية الوقاية منه
  • الهند ترفض محاولات الغرب عزل روسيا
  • «كهرباء دبي» تبحث تعزيز التعاون مع الشركات الهندية