أزمة السكن في العراق: بيوت كبيرة تتحول لشقق صغيرة وتشوه عمراني
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
أغسطس 29, 2023آخر تحديث: أغسطس 29, 2023
المستقلة/- حتى عام 2003، كان التخطيط العمراني الغالب للبيوت العراقية ينسجم مع ثقافة المجتمع وتاريخه، ويمتاز بالمساحات الواسعة التي يتجاوز بعضها 600 متر، لكن الفوضى التي رافقت الغزو الأميركي شملت كل شيء، ووصلت إلى إفساد التخطيط العمراني على مختلف المستويات، بما في ذلك تحويل مئات البيوت الكبيرة إلى شقق صغيرة، وبواجهات لا تتجاوز ثلاثة أمتار، ما تسبب في تشوه عمراني وبصري كبير في المدن.
وأطلقت الحكومة الحالية مشروعاً للاستثمار في خمس مدن سكنية جديدة، مؤكدة أن أزمة السكن ضمن أولوياتها لتقليص عدد المواطنين المضطرين للسكن في المناطق والمساكن العشوائية غير القانونية.
ويرى المهندس المعماري محمد الصوفي أن “الحاجة المستمرة للسكن ساهمت في تحول البيوت الكبيرة إلى مجمعات صغيرة، في ظل ارتفاع التعداد السكاني واستمرار الهجرة نحو المدينة. هذا الأمر أثر بشكل كبير على المنظومة العمرانية للمدن، والمتمثلة في وجود مناطق كبيرة يسكنها أصحاب الأموال، وأحياء صغيرة يسكنها العاملون لديهم”، ويؤكد لصحيفة “العربي الجديد” تابعته المستقلة، أن “المعايير الموضوعة للبناء تكاد تكون شبه معدومة بسبب الحاجة الكبيرة إلى السكن، فيما بقية القوانين المعنية لم تتطور مع تطور الأوضاع”.
ويدعو الصوفي إلى معالجة أزمة السكن عبر إجراء دراسة سكانية من قبل خبراء تقع على عاتقهم معرفة الزيادة السكانية المتوقعة، ومواقع بناء المدن الجديدة، والاهتمام بنظام النقل، “فمن دون وسائل النقل لا فائدة لأي مدينة جديدة في حل أزمة السكن”.
ولا تقتصر المشكلة على تقسيم البيوت الكبيرة، بل تحول بعضها إلى عمارات سكنية ومقار تجارية دون أن يكترث أصحابها بالقانون الذي يمنع ذلك، أو اتباع التعليمات الخاصة بالبناء العمودي، كما استغل كثير من التجار وسماسرة العقارات أزمة السكن لتحويل الدور ذات المساحات الواسعة إلى شقق بمساحات صغيرة تفتقد شروط السكن الصحي.
ويشكو عمار حسين الذي يقطن بيتاً لا تتجاوز مساحته 40 متراً مربعاً، من الصعوبات التي يواجهها، مشيراً إلى أن ضنك المعيشة، وارتفاع أسعار الأراضي والبيوت، أجبراه على تقبل هذا الواقع. ويقول لـ”العربي الجديد”: “البيت الذي أسكنه لا يختلف عن عشة دجاج، ولا يصلح للسكن كونه عمودياً بمساحة مترين ونصف فقط، ولا يمكن حتى تأثيثه جيداً، أو استقبال الضيوف فيه. رغم صغر مساحة البيت، لكننا أفضل من غيرنا الذين لا مأوى لهم، أو يسكنون في بيوت الصفيح”.
من جهته، يحمّل الخبير الاقتصادي، فائز طه، دوائر البلدية مسؤولية سوء التنظيم في منح إجازات البناء، والتساهل مع المتجاوزين على القانون في تقطيع المنازل، كما يحمّل الحكومات المتعاقبة أيضاً المسؤولية عن أزمة السكن، كون مشاريعها في هذا الملف لم تستهدف الفقراء وأصحاب الدخل المحدود.
ويؤكد طه لـ”العربي الجديد”، أن “القروض السكنية التي أطلقها البنك المركزي لا تنسجم مع الحاجة الفعلية للسكن بسبب المبالغة الكبيرة في أسعار الوحدات السكنية، وفي آلية تسديد القروض التي لا يتمكن منها حتى أصحاب الدخل المتوسط، والأمر بات بحاجة إلى إنشاء مدن رديفة تكون قريبة من المدن الأصلية لاستيعاب الزيادة السكانية المستمرة، وعلى الحكومة أن تقوم بنقل الوزارات والدوائر الحكومية إلى المدن الجديدة، كي تستقطب أكبر عدد من السكان، وتسهل عملية تنقلهم وممارسة حياتهم بالقرب من المؤسسات التي يعملون فيها، أو يحتاجون إليها في تقديم الخدمات”.
وبحسب دراسات أجراها مختصون، فإن حل أزمة السكن في العراق بحاجة إلى ثلاثة ملايين وحدة سكنية. ويكشف المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان، نبيل الصفار، عن إجراءات حكومية لحل أزمة السكن، تشمل تشكيل لجنة عليا تعمل على إنشاء المشاريع السكنية.
ويوضح الصفار لـ”العربي الجديد” أنّ “الوزارة أنشأت تشكيلاً جديداً بعنوان هيئة المدن الجديدة، تأخذ على عاتقها إيجاد مدن خارج مراكز المحافظات، ويجري ذلك عبر فرز واستملاك الأراضي بالتعاون مع وزارتي الزراعة والمالية لتقسيمها على المواطنين بعد توفير كافة الخدمات. تعمل الحكومة على بناء 15 مدينة سكنية كمرحلة أولى، موزعة على 10 محافظات، وقد فتحت الباب للمستثمرين من القطاع الخاص بعد توفير بيئة آمنة وضمانات لهم، وقد انتهت الحكومة إلى تشخيص سببين أديا إلى تفاقم أزمة السكن، وهما الفساد الإداري والاستثمار غير الصحيح، والآن تعمل جاهدة في اتجاه معالجتهما، وعدم تكرار الأخطاء السابقة”.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: العربی الجدید أزمة السکن
إقرأ أيضاً:
العراق يواجه تحديات كبيرة وخطيرة مع بداية سنة 2025 - عاجل
بغداد اليوم - بغداد
أكد المختص في الشؤون الاستراتيجية مجاشع التميمي، اليوم السبت (21 كانون الأول 2024)، ان العراق يواجه تحديات كبيرة وخطيرة مع بداية السنة الجديدة 2025.
وقال التميمي، لـ"بغداد اليوم"، انه "بالتأكيد الأوضاع في المنطقة متوترة والعراق جزءاً من هذه المنطقة التي تشهد اضطرابات وقلق من المرحلة الحالية التي تسببت بدمار غزة وانكفاء حزب الله وسقوط نظام بشار الأسد، واليوم الحديث يدور عن المرحلة المقبلة التي يخشى ان يكون العراق جزءا من هذا التوتر".
وأضاف ان "المطمئن أن الحكومة العراقية تحاول قدر المستطاع تجنيب العراق أي توتر وتصعيد في المواقف لذلك يحاول رئيس الوزراء أن ينأى بالعراق في الدخول بهذا التوتر لكن تبقى التحديات التي تواجه العراق صعبة جدا".
وبين ان "العراق سيكون مع بداية العام الجديد مع تحديات كبيرة مع وصول الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الذي هدد اكثر من مرة ايران وأذرعها في المنطقة ومنها العراق لذلك سيواجه البلاد ضغطا دوليا كبيرا وسيحمل الجميع الحكومة مسؤوليات كبيرة وفي مقدمتها السلاح خارج سلطة الدولة والتدخل الايراني والفساد والتعديل الوزاري الذي باتت مطالب عراقية داخلية اكدت عليه المرجعية الدينية العليا".
وتابع المختص في الشؤون الاستراتيجية انه "فضلا عن عوامل داخلية تتعلق بقرب إجراء الانتخابات وما قد يؤدي إلى توتر سياسي ومحاولات إجهاض أي دور يقوم به رئيس الوزراء لذلك اعتقد ان السوداني سيكون له معركة مسبقة في قضيتي تعديل قانون الانتخابات واختيار مجلس جديد للمفوضية العليا للانتخابات التي تريد الاحزاب السيطرة عليها".
هذا وحذر المختص في شؤون العلاقات الدولية مصطفى الطائي، يوم الخميس (19 كانون الأول 2024)، من خطورة مخالفة العراق للإرادة الدولية الساعية للتغيير في منطقة الشرق الأوسط.
وقال الطائي لـ"بغداد اليوم"، إن: "الصورة أصبحت واضحة جداً بأن التغيير واقع حال في الشرق الأوسط بعد غزة ولبنان ثم سوريا، والأمور تتجه نحو العراق وحتى ايران" مشدداً "يجب على العراق عدم الوقوف بالضد من تلك الإرادة فهي دولية مدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب وحتى دول الخليج والمنطقة".
وأضاف، أن "خارطة التغيير في منطقة الشرق الأوسط تعتمد بشكل كلي على القضاء على النفوذ الإيراني وقطع ما يسمى بـ(الأذرع العسكرية) لطهران في المنطقة، والعراق ُطلب منه بشكل رسمي بأن يقطع تلك الأذرع عبر الحكومة العراقية" حسب قوله.
واختتم الطائي تصريحه بالإشارة الى، أن "اخفاق الحكومة بهذا الملف سيدفع نحو تحرك دولي ضد تلك الفصائل وربما يكون عسكرياً أو عقوبات مالية واقتصادية، وهذا من شأنه زعزعة الاستقرار الحاصل في العراق".