صور التزييف العميق.. خطورة تهدد الخصوصية والمجتمعات
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
هل لكم أن تتخيلوا أنّ صورة هذه الفتاة مركبة كليا بواسطة الذكاء الاصطناعي.ربما لم يعد هذا الامر غريبا على أذهان الناس، ولكن هل تعلمون انّه وعبر الذكاء الاصطناعي وليس من خلال التقنيات المعروفة القديمة، أصبح بالامكان استخدام برمجيات توليدية للتزييف العميق، او ما بات يُعرف بـ (Deepfake)كاحدى الظواهر المثيرة للجدل والتي أصبحت تشكل قلقا للعالم.
وهنا نتحدث تحديدا عن برمجيات التوليدية للتزييف والتي تعمل على توليف الصور الاباحية لاي شخص، بمجرد أن يتم اختيار صورة من مواقع التواصل الاجتماعي او اي مصدر واعطائها للبرنامج المعالج عبر احدى تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو كفيل باعطاء الشخص ما يريد بشكل مرعب وحقيقي، وأكثر ما يخيف هو امكانية تعرية مجموعة اشخاص في صورة واحدة. برمجيات خطيرة
باتت هذه البرمجيات منتشرة بشكل واسع، بشكل يتطلب المراقبة والتحذير والوعي اولا واخيرا، وخصوصا بعدما بات هذا الامر وهذه التقنيات امرا واقعا لا مفر منه، في ظل عصف تقني ومساحات مفتوحة في فضاء واسع بلا حدود، ما خلق فوضى قد تتحول الى تهديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي في المرحلة المقبلة.
فهل يمكن تقييد هذه البرمجيات، والتبيّن من حقيقتها ام لا؟
يشير الباحث في الفيزياء وتكنولوجيا النانو بالمعهد العالي للفيزياء في باريس الدكتور وسيم جابر، الى أنّه في عصر التطور التكنولوجي السريع، أصبحت التقنيات الجديدة والمبتكرة ذات تأثير ضخم على حياتنا، ويؤكد في حديث مع "لبنان 24" انّه "من بين هذه التقنيات تبرز "التزييف العميق (Deepfake) كإحدى الظواهر المثيرة للجدل والمقلقة على حد سواء. وهي تقنية تسمح بانشاء صور ومقاطع فيديو تبدو وكأنها حقيقية بشكل مذهل، ولكنها في الحقيقة مفبركة بواسطة الذكاء الاصطناعي.".
ويقول جابر: "في عالم يشهد على تزايد في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت، تبرز خطورة صور التزييف العميق بوضوح. فباستخدام هذه التقنية والتي بدأت تنتشر على نطاق واسع، يمكن للمستخدمين إنشاء صور ومقاطع فيديو مفبركة تجعل الأمور تبدو وكأنها واقعية للغاية. وهنا تبرز المشكلة: فمن المستحيل تمييز الصور المزيفة عن الصور الحقيقية بسهولة".
ليس للترفيه
اذا ليس من السهل الكشف فيما اذا كانت هذه الصور مفبركة ام لا، ما يعني انّ الخطورة هنا تكبر. ويتابع جابر: "الامر ليس مجرد ترفيه. إن استخدام صور التزييف العميق في الأغراض السلبية يمكن أن يتسبب في تأثيرات كارثية. إذ يمكن لهذه الصور أن تؤدي إلى انتهاك خصوصية الأفراد وإتلاف سمعتهم بشكل كبير. بل وقد تستخدم هذه الصور أيضاً في أغراض الابتزاز، مما يضع ضحاياها في مأزق نفسي واجتماعي خطير".
وأبعد من ذلك يتحدث جابر انّ "الامور لا تتوقف عند هذا الحد، فصور التزييف العميق تساهم في تشويه الصورة العامة للجنسين وتعزيز تصورات غير واقعية حول العلاقات الجنسية. ومع ازدياد انتشارها، قد يتفاقم تأثيرها على المجتمع والثقافة". كيفية عمل الالية
ولكن السؤال هل من السهل الوصول الى هذه التقنيات ومتوفرة للجميع ام كلا، يجيب جابر: "العملية وراء إنشاء هذه الصور ليست بالأمر البسيط، فهي تعتمد على نماذج تعلم آلي معقدة تُعرف بالمولدات العميقة Deep Generative، ويتم تدريب هذه النماذج باستخدام كميات ضخمة من الصور ومقاطع الفيديو الإباحية الحقيقية باستخدام الشبكات العصبية التوليدية Generative Neural Network - GAN، لتمكينها من تعلم الأنماط والخصائص المميزة. بعد ذلك، تُطلق هذه النماذج لإنتاج محتوى مفبرك يبدو وكأنه حقيقي".
ويقول جابر إنّه لحماية المجتمع من هذه الخطورة، "يجب تطوير وسائل فعّالة للكشف عن الصور التزييفية ومنع إنتشارها. بالإضافة إلى ذلك، يلزم التوعية المستمرة بالجمهور حول وجود هذه التقنية والمخاطر المرتبطة بها". ويؤكد: "إن مكافحة صور التزييف العميق تتطلب جهداً مشتركاً من القطاعات الحكومية والصناعة والمجتمع للحفاظ على الخصوصية والنزاهة في هذا العالم الرقمي المعقد".
تأثيرات سلبية
وللصور المزيفة العميقة، وخاصة تلك التي تستخدم في إطار التعرية والصور الإباحية، تأثيرات سلبية متعددة على المجتمع، منها، لا يمكن حصرها في إطار معين يشرحها جابر. فهي اولا تؤدي الى الضرر النفسي للافراد المستهدفين، حيث يمكن أن تؤدي هذه الصور إلى شعور الأفراد المستهدفين بالضيق والخوف والاكتئاب، وقد تصل إلى حد الاكتئاب والقلق. كما يمكن أن تؤثر على العلاقات الشخصية والحياة الاجتماعية للأفراد المستهدفين.
يُضاف الى ذلك الضرر الاجتماعي الذي تنتج عنه، حيث يمكن أن تؤدي هذه الصور إلى تشويه سمعة الأفراد المستهدفين وانتشار الشائعات والأخبار الكاذبة عنهم، مما قد يؤثر على حياتهم المهنية والاجتماعية.
وأبعد من ذلك، قد يؤدي استخدام هذه التقنيات الى زيادة العنف ضد المرأة، إذ يمكن استخدامها للابتزاز أو التشهير أو التشهير بها. المواجهة
ولمواجهة صور التزييف العميق التي تخدم في إطار التعرية، يمكن اتخاذ عدد من الإجراءات، منها، توعية الأفراد بمخاطر هذه الصور، إذ يجب على الأفراد أن يكونوا على دراية بمخاطر صور التزييف العميق، وأن يكونوا قادرين على تمييزها عن الصور الحقيقية.
وكذلك العمل على تطوير أدوات لاكتشاف صور التزييف العميق، مما يساعد في طبيعة الحال على الحد من انتشارها. والاهم من ذلك هو سن قوانين لمكافحة هذه الصور، مما يساعد على حماية الافراد من اضرارها.
واخيرا، هذه بعض الخطوات السريعة التي يمكن للأفراد اتخاذها للحماية من صور التزييف العميق:
1) كن حذراً من الصور التي تراها على الإنترنت: لا تشارك أي صور أو مقاطع فيديو لم تكن متأكدًا من صحتها.
2) تحقق من مصادر الصور قبل مشاركتها: تأكد من أن الصور التي تشاركها مصدرها موثوق.
3) لا تثق في كل ما تراه على الإنترنت: تذكر أن الصور المزيفة العميقة يمكن أن تكون واقعية للغاية.
4) بلّغ السلطات اذا تعرضت لهذه التقنيات او اذا علمت بشخص يستخدمها. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
تحديات اللغة العربية.. من الثنائية اللغوية إلى التقنيات الحديثة
في سياق الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، الذي يوافق 18 ديسمبر من كل عام، استعرضت السفيرة د. هيفاء أبو غزالة، الأمين العام المساعد ورئيس قطاع الشؤون الاجتماعية في جامعة الدول العربية، أهمية اللغة العربية كجزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية للأمة العربية.
هيفاء أبو غزالة: التعليم حق أساسي للطلاب المتضررين من النزاعات والحروب السفيرة هيفاء أبو غزالة: الإعلام يلعب دورًا هامًا في تعزيز الوعي بمختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعيةوتضمن كلمتها تحذيرات من التحديات التي تواجهها العربية في ظل العولمة والثنائية اللغوية والتغيرات الاجتماعية، مشددة على ضرورة حمايتها وتعزيز استخدامها في الأجيال الجديدة.
وأعلنت أبو غزالة عن تحديث الاستراتيجية الخاصة بالنهوض باللغة العربية، تحت شعار "التمكين للغة العربية: رمز هويتنا وأداة تنميتها"، والتي تتضمن أربعة محاور رئيسية: التعليم، الإعلام، التواصل، والحرف العربي، مؤكدة ان الأمانة العامة مبادرات تعليمية تهدف إلى تحديث أساليب تدريسها ونشرها في العالم العربي وخارجه.
وفي كلمتها التي ألقتها بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، أكد السفيرة د. هيفاء على أهمية هذا اليوم الذي يصادف 18 ديسمبر من كل عام.
وأشارت إلى أن هذا اليوم يأتي تذكيرًا بأهمية اللغة العربية التي اعتمدتها الأمم المتحدة كلغة رسمية منذ عام 1973.
وأكدت أبو غزالة أن اللغة العربية تعد من أقدم اللغات السامية، ويتحدث بها أكثر من 422 مليون شخص في الوطن العربي، فضلاً عن انتشارها في العديد من المناطق حول العالم. وأشارت إلى دور العربية كوسيلة للتواصل الثقافي والديني، حيث تعد لغة القرآن الكريم، ولغة شعائرية رئيسية في عدد من دور العبادة المسيحية.
وأوضحت أن اللغة العربية تواجه العديد من التحديات، منها محاولات طمس الهوية من قبل بعض الجهات الخارجية، بالإضافة إلى التغيرات الاجتماعية التي أدت إلى استخدام الأجيال الجديدة للغات أخرى في حياتهم اليومية. وأكدت أن هذه الثنائية اللغوية تسببت في ضعف تعليم اللغة العربية، مما أدى إلى ظهور شريحة من الأطفال لا تتحدث العربية.
من هنا، شددت على ضرورة تمكين اللغة العربية من خلال تطوير التعليم والبحث، واستشراف التحديات التي تواجهها. وفي هذا السياق، دعت إلى استخدام التقنيات الحديثة في تعليم اللغة العربية، وتحفيز الباحثين لتقديم حلول للمشكلات الحالية.
كما تطرقت السفيرة إلى الجهود التي تبذلها جامعة الدول العربية للنهوض باللغة العربية، مشيرة إلى المشاريع التي تم تبنيها منذ تأسيس الجامعة، مثل إنشاء المعهد العالي للترجمة ومكتب تنسيق التعريب.
أكدت على أهمية تعزيز التعاون العربي في مواجهة التحديات التي تواجه اللغة العربية، محذرة من المخاطر التي تهدد الهوية الثقافية والتراث العربي في ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة. ودعت الجميع للعمل معًا للحفاظ على تراثهم الثقافي ولغتهم من محاولات الطمس، مشددة على أن الاستعمار لا يسرق الأرض فحسب، بل يسعى أيضًا لسرقة تراثها.
واختتمت كلمتها بتقديم الشكر للمجلس الدولي للغة العربية على جهوده في تعزيز استخدام اللغة العربية، متمنية النجاح لجميع الفعاليات التي ستقام في إطار الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية.
يذكر أن اللغة العربية واحدة من أكثر اللغات انتشارًا في العالم، حيث يتحدث بها حوالي 450 مليون شخص كلغة أولى، بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم اللغة العربية في الشعائر الدينية من قبل حوالي ملياري مسلم حول العالم. من المتوقع أن يرتفع عدد المتحدثين بالعربية إلى 647 مليون شخص بحلول عام 2050، مما سيشكل حوالي 7% من سكان العالم
تحديات اللغةعلى الرغم من التطور الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي، إلا أن المحتوى المتاح على الإنترنت باللغة العربية لا يتجاوز 3%، هذا يشكل تحديًا كبيرًا في تعزيز حضور اللغة العربية على الشبكة ودعم الابتكار في هذا المجال.
كما أن هناك تحديات تتعلق بجودة التعليم باللغة العربية واستخدامها في الحياة اليومية، بعض الشباب يميلون إلى استخدام كلمات دخيلة على اللغة، مما يؤثر على نقاء اللغة وتطورها.
جهود تعزيز اللغة العربيةتعمل العديد من المؤسسات على تعزيز اللغة العربية من خلال برامج متنوعة تشمل الذكاء الاصطناعي والحوسبة اللغوية. على سبيل المثال، مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يقوم بتطوير منصات رقمية مثل منصة "فلك" للمدونات اللغوية ومنصة "سوار" للمعاجم الرقمية.هذه الجهود تهدف إلى سد الفجوة الرقمية وتعزيز حضور اللغة العربية على الإنترنت.