موقع 24:
2025-04-24@10:28:09 GMT

هل مازال الطبوبي قادراً على المناورة؟

تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT

هل مازال الطبوبي قادراً على المناورة؟

من الثابت أن تحرك الاتحاد لو تم سيكون محدوداً.. مضى الزمن الذي كان فيه الاتحاد قادراً على شن إضرابات عامة أو قطاعية وبنسق تصاعدي تنتهي بأن يفرض على الحكومات القبول بشروطه.

قد يحمل موقف الطبوبي إشارات عن التصعيد وقد يحمل عكس ذلك تماماً

مضى الزمن الذي كان فيه الاتحاد قادراً على شن إضرابات عامة أو قطاعية

قيس سعيد نجح في شق الاتحاد إلى شقين كبيرين من دون أن يقصد

لوّح الأمين العام لـ الاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي بالتصعيد مع بداية الموسم السياسي الجديد، معلنا أنه سيسلك مسار "النضال السلمي والمدني"، وأنه "لن يكون شاهد زور"، حاثاً على "الحوار الوطني".

قد يحمل موقف الطبوبي إشارات عن التصعيد، وقد يحمل عكس ذلك تماماً.. قيادات الاتحاد خلال الأشهر الماضية كانت تطلق بين الفينة والأخرى تصريحات توحي بالتصعيد، لكن يتضح أنها تخفي رسائل موجهة إلى السلطة السياسية، وفيها لفت نظر إلى أن الاتحاد موجود، ويفتح يديه للحوار، وأنه يمتلك المرونة الكافية للاقتراب من الحكومة، فقط يحتاج إلى إشارات من الطرف المقابل، وخاصة من الرئيس قيس سعيد، الذي أوصد باب الحوار مع المنظمة بعد ما بدا له من رغبة لدى قادتها في لعب أدوار ليست من مهامهم.

وسواء أكان كلام الطبوبي الأحد هادفاً إلى التصعيد أو إلى لفت نظر الرئيس سعيد، من الواضح أن النتيجة واحدة.. السلطة لديها ما يكفي من المشاكل والمهمات المستعصية ما يجعلها في غنى عن ملاعبة اتحاد الشغل والرد على مناوراته، أو حتى الالتفات إليه.

ولا يسمح لها وضعها بأن تفتح باب المناكفة مع الاتحاد وإعادته إلى الواجهة من جديد ثم مجاراته في الردود، وهي تعرف أن الاتحاد يبحث عن مشروعية تمهد له العودة إلى الواجهة.. وقد يكون الجدل معه والرد على وعيده هو ما يبحث عنه.

قال الطبوبي إن "الاتحاد سيعود إلى الساحة، بعد انقضاء الموسم الصيفي، بلحمة واحدة وإستراتيجية واضحة في الخيارات وفي النضال السلمي والمدني، لتحقيق الأهداف وتعديل المقدرة الشرائية".

ورغم المصطلحات الكبيرة التي حواها كلام الطبوبي، إلا أن الرسالة من ورائه أن الاتحاد ينوي الدفاع عن القدرة الشرائية للمواطنين كمدخل لعودته إلى الواجهة، ربما من خلال دعوات استعراضية إلى التظاهر أو تجمعات أمام مقره المركزي بالعاصمة، أو اللجوء إلى إضرابات محدودة، معتقداً أن الملف الاجتماعي يقلق السلطة.

وبقطع النظر عن خلفية التحركات الاحتجاجية، والرسائل التي تقف وراءها، فإن الاتحاد سيبدو موضوعياً في صف الكارتلات التي يعلن قيس سعيد باستمرار أنه سيحاربها ويقضي عليها، متهماً إياها بالتخطيط لإثارة غضب الناس من بوابة أزمة الخبز وارتفاع الأسعار.

هل سيرضى الطبوبي بأن يُنظر إلى الاتحاد على أنه جزء من الكارتلات، أو أنه يقدم نفسه كمدافع عن مصالحها وإرباك الحرب عليها.. أو يضع نفسه في خدمة أجندة جبهة الإصلاح وحركة النهضة وتمكينهما من قشة النجاة بعد أن فقدا الحماس للاحتجاج وتضاءلت أعداد الداعمين لهما.

من الثابت أن تحرك الاتحاد لو تم سيكون محدوداً.. مضى الزمن الذي كان فيه الاتحاد قادراً على شن إضرابات عامة أو قطاعية وبنسق تصاعدي تنتهي بأن يفرض من خلالها على الحكومات تقديم التنازلات والقبول بشروطه ما تعلق منها بزيادة الرواتب أو إقرار علاوات للموظفين الذين استمرأوا اللعبة ورفعوا شعار "الاتحاد أقوى قوة في البلاد".

كان الاتحاد هو الحزب الحاكم والمعارض في الوقت نفسه.. أشرف على الحوار الوطني في 2013 الذي أفضى إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة مهدي جمعة، ومن وقتها كان حاضراً في التفاهمات التي تسبق أو تلي تشكيل أيّ حكومة.. حصل على كوتا في الوظائف الكبرى بالدولة، وساهم في تحديد السياسات الاجتماعية للحكومات، وهو بشكل من الأشكال كان مسؤولاً في حكومات العشرية الماضية التي بات مسؤولوه يصفونها بالعشرية السوداء.

هل مازال الاتحاد قادراً على تحريك المشهد السياسي والاجتماعي، والبدء بالتصعيد قياساً بقدراته الذاتية وليس على ضعف الجهة الحاكمة التي تقابله.. الوضع تغير كلياً، فلا الاتحاد ما زال "أكبر قوة في البلاد"، ولا السلطة ضعيفة أو مهادنة.

من المهم التساؤل حول قدرات الاتحاد الذاتية، فخلال العشرية الماضية، كانت المنظمة النقابية الأكثر تمثيلاً في البلاد أشبه بحزب سياسي كبير يجمع بداخله فسيفساء مختلفة، منها النقابيون، ومنها أحزاب قومية ويسارية لم تكن قادرة على التأثير في المشهد السياسي ككيانات سياسية منفردة، ومنها مجموعات سياسية أخرى بهويات متشابهة أو متنافرة تلتقي على أرضية الوقوف بوجه الإسلاميين ومنعهم من احتكار السلطة واختراق الدولة والسيطرة عليها.

ذاك الزمن مضى مع مسار يوليو 2021، وخرجت أغلب الأحزاب من داخل القاطرة الكبيرة، وبقي الاتحاد واجهة لعدد محدود من الجماعات السياسية، ولأفراد داخله كانوا يعتقدون أن التصعيد وحده هو ما يجلب المكاسب.

في المواقف، الاتحاد صار اتحادات، وصار نقابات.. فنقابة التعليم الأساسي التي يسيطر عليها فصيل يميل إلى المعارضة، ليست نقابة التعليم الثانوي التي يهيمن عليها نقابيون أحزابهم متحالفة موضوعياً مع الرئيس سعيد، ولو فكر الطبوبي بالضغط لتوحيد النقابات من خلفه، فستتسع دائرة الشقوق، وقد يصبح الاتحاد اتحادات.

ويتوقع أن يحافظ الأمين العام للاتحاد على شعرة معاوية، وأن يكتفي بتصريحات عامة تصعيدية لحسابه الشخصي من دون أن ينزل بها إلى أرض الواقع، فهو لن يجد من ينفذها، وإذا نفذت فستظهر الاتحاد في موقع ضعيف ومحدود التأثير، وهو ما لا يريده الطبوبي.

قيس سعيد نجح في شق الاتحاد إلى شقين كبيرين من دون أن يقصد، وذلك باختياره محمد علي البوغديري وزيراً للتربية.. والبوغديري هو الوجه الأول من وجوه العناصر النقابية المعارضة لتيار الطبوبي في اتحاد الشغل.

والنتيجة، أن المناورة محدودة من داخل الاتحاد، وأن الطبوبي لم يعد قادراً على قيادة الشقوق المتناقضة كما كان يحصل في السابق.

والأهم أن الجمهور الكبير الذي كان ينفذ الدعوات إلى الإضراب بسرعة ونسب عالية لا تقل عن الـ90 في المئة، لم يعد موجوداً، بما في ذلك جمهور الموظفين الذي ركبوا قاطرة الاتحاد ليراكموا المكاسب، لكن الوضع الآن اختلف، فالإضرابات والاعتصامات لم تعد مجانية، وهي بدل أن تجلب المكاسب قد تقود إلى الخسارة، بما في ذلك خسارة الوظيفة المريحة في القطاع العام، وقد تقود صاحبها إلى القضاء، في ظل مرسوم 54 الذي بات يحد من الاستعراضات الكلامية للموظفين على مواقع التواصل.

يضاف إلى هذه العوامل أن الاتحاد لم يعد قادراً على بناء جبهة معارضة للسلطة بالتحالف مع أحزاب بعينها، السبب الأول أن الأحزاب التي كان يتحالف معها إما أنها اختفت تماماً، أو أنها وضعت نفسها في صف قيس سعيد حتى وإن لم يتحالف معها، أو يطلب منها ذلك، وهي تراه الأكثر قدرة على تخليصها من خصمها الأول حركة النهضة.

ماذا بقي للطبوبي ليتحالف معه غير جبهة الإخلاص والتي تمثل حركة النهضة القوة الرئيسية فيها.. هذا تحالف محفوف بالمخاطر بالنسبة إلى الطبوبي خاصة أن أمين عام اتحاد الشغل كان يسعى دائماً إلى إظهار اختلافه مع الحركة ويتعمد انتقادها بمناسبة وغير مناسبة لترضية الشقوق الداخلية للاتحاد التي اتفقت على تصعيده للقيادة في دورة أولى وثانية.

وحتى لو قبل الطبوبي بالتحالف اضطرارياً مع النهضة وجبهة الخلاص فلن يحقق المكاسب التي يبحث عنها، وعلى رأسها دفع السلطة إلى الحوار معه وفتح الباب أمام عودة المنظمة للعب دور مستشكل يقوم على وضع ساق في الحكم وأخرى في المعارضة.. يد تجلب المنافع وأخرى ترفع الشعارات الحماسية.

النهضة نفسها بدأت بالتراجع وفهمت أن الوضع في غير صالحها، وأن حرب تطهير الإدارة قد تجرفها، ولذلك جاءت تدوينة القيادي سامي الطريقي منذ أيام على فيس بوك، والتي تتبرأ من الحرب على الدولة/السلطة، وتقول إن الحركة ليست ضد الدولة.. والرسالة واضحة أن النهضة لا تريد أن توضع في سلة الكارتلات التي يواجهها قيس سعيد.

من بقي للطبوبي ليتحالف معه ويناور من خلاله لاستعادة بريق سابق تغيرت كل الشروط التي خلقته؟

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أن الاتحاد الذی کان قیس سعید

إقرأ أيضاً:

الغارديان: قيس سعيد يقوض إنجازات الديمقراطية التونسية بمساعدة من الغرب

نشرت صحيفة "الغارديان" افتتاحية حول الأحكام القاسية التي أصدرتها  محكمة تونسية ضد ما أطلق عليها محكمة التآمر٬ أشارت فيها إلى التراجع الديمقراطي في تونس ودفن كل الآمال في البلد الذي إنطلق منه الربيع العربي. 

وأضافت أن إصدار أحكام ضد شخصيات عامة ومعارضي الرئيس  قيس سعيد ولمدد تصل إلى 66 عاما تعطي صورة أنه يقوم بتفكيك الإنجازات. 

وقالت إن تونس لم تكن فقط مهدا للربيع العربي في عام 2011، فقد ظلت حتى عام 2021، أي بعد عقد من الزمان على انطلاقه، شعلة مضيئة وثمينة في منطقة غرقت فيها الدول  الأخرى بالفوضى وتئن تحت الحكم الديكتاتوري، ثم قام سعيد بانقلابه الشخصي وأرجع معظم التقدم الذي حققه البلد، حيث فكك المؤسسات واختطف من سكان البلد الحريات المدنية التي قاتلوا من أجلها وبشدة. 

ولكنه ومنذ انتخابه مرة أخرى العام الماضي، في جولة انتخابية خلت من المنافسين الحقيقيين له وشهدت بالمقاييس التاريخية مشاركة متدنية، ضاعف من  جهوده. 

فقد شعرت منظمات المجتمع المدني ورجال الأعمال والقضاء والإعلام وكذلك المعارضة بهذا الضغط والألام. ولم يتوقف القمع عند هذا الحد، ففي العام الماضي، اعتقلت السلطات مسؤولين من رابطة السباحة التونسية ووجهت لهم تهمة التآمر على أمن البلاد، لفشلهم برفع علم البلاد في منافسات رياضية. 


وحذرت منظمة "هيومان رايتس ووتش" في تقرير لها نشرته الأسبوع الماضي من الإعتقال التعسفي  الذي أصبح  ركيزة القمع الحكومي وأن هناك عدد كبير من المعتقلين يواجهون أحكام الإعدام في حالات مرتبطة بتصريحاتهم العامة أو بسبب نشاطهم السياسي. 

ونشرت أحكاما أصدرتها محكمة  تونسية ضد ساسة في المعارضة ومسؤولين سابقين ورموزا تونسية أخرى والتي وصلت إلى 66 عاما في السجن، وذلك بعد محاكمة جماعية. 

وضمت الإتهامات التآمر ضد الدولة وعضوية منظمة إرهابية. ومن الذين صدرت ضدهم أحكام الكاتب الفرنسي برنارد هنري ليفي الذي حكمت عليه المحكمة غيابيا، بـ 33 عاما. 

وتعلق الغارديان أن الأحكام لم تكن محلا للشك، وبخاصة أن سعيد قال في عام 2023 أن الساسة المتهمين هم "خونة وإرهابيين" وأي قاض يصدر حكما بالبراءة ضدهم فهو متواطئ معهم. 

وضم المتهمون رموزا من حركة النهضة، أكبر حركات المعارضة التونسية وزعيمها البالغ من العمر 83 عاما، راشد الغنوشي الذي صدر ضده حكم بالسجن لمدة 23 عاما في قضية مختلفة في شباط/فبراير الماضي. 

وكأن الهدف، هو تأكيد رسالة حالة "التآمر" فقد تم اعتقال المحامي الرئيسي والقاضي السابق، أحمد صواب بعد وصفه المحاكمة بالمهزلة. وأشارت الصحيفة إلى الصمت المخجل لشركاء تونس الديمقراطيين، في الوقت الذي واصل فيه سعيد حملته القمعية. 

وظلت العلاقات دافئة حتى عندما اندلع العنف ضد المهاجرين الأفارقة الذين حملهم سعيد مسؤولية الضائقة الإقتصادية في البلاد وأثار ضدهم موجة غضب واعتقالات وطرد من البيوت.


وتعلق الصحيفة أن استعداد سعيد للتحكم بموجات الهجرة كان مهما للإتحاد الأوروبي وبريطانيا وأهم من قمعه وملاحقته المعارضة الديمقراطية. 

وأشارت "الغارديان" إلى مقترح تقدمت به المفوضية الأوروبية في وقت سابق من هذا الشهر ويقضي بإدراج تونس على قائمة جديدة للاتحاد الأوروبي للدول الآمنة بشكل يسمح للدول الأعضاء تسريع معالجة طلبات اللجوء من تلك الدول نظرا لضعف احتمالية نجاحها. ولكن  أحكام المحكمة الأسبوع الماضي تعتبر تذكيرا إضافيا بأسباب  عدم وجوب عمل هذا. 

وتقول إن جنون العظمة والرهاب الذي يعاني منه  سعيد تعني أنه ليس منيعا من النقد، ففشله في مواكبة التقدم المادي بالإنجازات الديمقراطية، فاقم من المصاعب الاقتصادية في عهده. 

وتشير التقارير إلى تزايد الانزعاج من حكمه في الأوساط العسكرية والحكومية، مع أن التصريح بالمعارضة ينطوي على مخاطرة شخصية هائلة. و"هذا ما يزيد من إعجابنا بأن بعض التونسيين ما زالوا على استعداد للقيام بذلك، ويجب عدم تركهم للدفاع بوحدهم عما تبقى من حلمهم الديمقراطي".

مقالات مشابهة

  • دير البلح - استشهاد الصحفي سعيد أبو حسنين وزوجته وطفلته
  • الغارديان: قيس سعيد يقوض إنجازات الديمقراطية التونسية بمساعدة من الغرب
  • الاتحاد العراقي ينتقد الاحداث التي شهدتها مباراة نوروز وزاخو
  • بنزيما يقود الاتحاد نحو المجد..وأرقام تثبت أنه القطعة النادرة التي لا تعوض
  • غليان ضد قيس سعيد.. الثورة الجديدة وترتيبات اليوم التالي في تونس
  • أحمد أبو مسلم: مدربو مصر ليس لديهم ثقافة.. والبعض مازال يذهب للشيوخ في القرن الـ21
  • حمدان بن محمد يعين سعيد أحمد الطاير وشيخة الجرمن مديرين تنفيذيين في «تنمية المجتمع بدبي»
  • سعيد الزهراني عن زوجته: صالحة عندي لا قبلها ولا بعدها مخلوق.. فيديو
  • مخاوف إسرائيلية من المناورة العسكرية المشتركة بين مصر والصين
  • في بيت المتوني: صورة السيد سعيد