موقع 24:
2025-04-11@02:07:08 GMT

بريكس بلس.. هل تلتقط واشنطن الرسالة؟

تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT

بريكس بلس.. هل تلتقط واشنطن الرسالة؟

لا تملك مجموعة بريكس عصا سحرية لتغيير توازنات القوة في العالم.. بيد أن الإعلان في ختام قمة المجموعة في جوهانسبورغ عن انضمام 6 دول إلى النادي المؤلف من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، تعبير جديد يضاف إلى تعبيرات كثيرة أخرى عن التغييرات التي تطرأ على شكل العلاقات الدولية في عالم اليوم.

تمتلك مجموعة بريكس سجل نجاحات لا يجوز إغفاله

دخل العالم عملياً في مرحلة ما بعد تعدد الأقطاب

صحيح أن هوية المجموعة تشكلت في الأصل على أسس اقتصادية استثمارية بوصفها أسواقاً ناشئة وواحدة من العلاجات المبتكرة للآثار الاقتصادية المهولة لأحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، إلا أنها اليوم تتطور باتجاه كيان جيوسياسي سيكون له كبير الأثر على توازنات العلاقات الدولية.

لنضع جانباً في البدء الأوهام الطوباوية عن أن المجموعة هي البديل السحري التام لنظام عالمي تقوده الولايات المتحدة.. ولنتجاهل الدعوات المتسرعة لتشييع الدولار الأمريكي بوصفه عملة الكوكب الرئيسية، وإن غير الوحيدة في سلة عملات متنوعة سيزيد استخدامها في الصفقات المتعلقة بالنفط والغاز.

فنحن إزاء كيان وليد مزنر بالتناقضات البنيوية السياسية والاقتصادية وبالهواجس المتبادلة والرهانات المختلفة لأعضائه.

الهند، على سبيل المثال لا الحصر، أكبر الأعضاء لناحية عدد السكان بعد تجاوزها الصين، شديدة الحساسية بشأن فرضية تحول بريكس إلى أداة جيوسياسية بيد غريمها/حليفها الصيني. وقد تعمد رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي أن يزور أمريكا قبل قمة بريكس ليعود ويعلن في خطاب الاستقلال، قبلها أيضاً، أن بلاده صديقة العالم، وروسيا لم يستطع رئيسها الحضور، بسبب قلق جنوب إفريقيا من تداعيات العقوبات الأمريكية على بلاده إن لم يفِ بالتزاماته الدولية وينفذ مذكرة الاعتقال الدولية بحق فلاديمير بوتين.. هذا تذكير بحجم التأثير المستمر للشروط والقواعد الأمريكية على العلاقات الدولية.

ولو تعمّقنا أكثر في طبيعة الأنظمة السياسية للأعضاء الحاليين والوافدين، فسنجد أننا إزاء خلطة عجيبة من النظم السياسية التي تتراوح بين الديمقراطيات والملكيات وما بينهما، وكذلك الحال بالنسبة لنماذجها الاقتصادية.

في المقابل تمتلك المجموعة سجل نجاحات لا يجوز إغفاله، أكان ذلك في تجربة بنك التنمية الجديد (NDB)، أو نجاحها في جمع 100 مليار دولار للإقراض الطارئ والموافقة على قروض بقيمة 33 مليار دولار تقريباً لمشروعات البنية التحتية.. كما يشار إلى نمو التجارة البينية بين الأعضاء الحاليين بنسبة 56 في المائة لتصل إلى 422 مليار دولار في الفترة من 2017 إلى 2022، في حين أن انضمام دول مثل السعودية والإمارات يرفد المجموعة بقدرات مالية وإستراتيجية هائلة لناحية السيولة النقدية وسلاسل التوريد والبنية التحتية الصلبة والناعمة.

مع ذلك، فإن ظني أن الأثر السياسي، حتى إشعار آخر، على توازنات العلاقات الدولية، وزيادة جرعة الاستقلال في القرار الإستراتيجي للدول، وفرملة التفرد الأمريكي نسبياً، هي الآثار الأهم لمجموعة بريكس بصيغتها الموسعة.

إذا أخذنا الهند وجنوب إفريقيا مثالين على المستوى العالمي، والسعودية والإمارات مثالين من الشرق الأوسط، فسنجد أننا أمام مفهوم جديد في السياسة الدولية يقوم على قاعدة "تعدد الانحياز"، أي التعامل مع كل من الولايات المتحدة والصين، فضلاً عن القوى الإقليمية والدولية الأخرى، وبناء مجموعة معقدة من التقاطعات والتوافقات معها.. يحل هذا الملمح، لدى معظم الدول، مكان ما عُرف سابقاً بمدرسة "عدم الانحياز" أو "الانحياز التام" أي التمترس في معسكرات متقابلة كما كان الأمر إبان الحرب الباردة وبعدها.

فعلى الرغم من لائحة الهواجس الهندية الطويلة إزاء الصين، لا سيما ما يتصل منها بالنزاعات الحدودية بين البلدين، نرى الهند تستخدم اليوان الصيني في مدفوعات النفط.. وتسعى الهند لجذب استثمارات صينية في قطاعات التكنولوجيا والأدوية الهندية، إضافة إلى تعاونها العميق مع الصين في المنتديات الإقليمية كمنظمة شنغهاي، على سبيل المثال لا الحصر، وإذ تستضيف نيودلهي قمة العشرين الشهر المقبل فإنها تؤكد على ملمح "تعدد الانحياز" الذي تعد الهند اليوم أبرز نجومه.

كما الهند، فإن السعودية والإمارات، بوصفهما عضوين جديدين، في مجموعة بريكس، منخرطتان في لعبة "التوازن الناعم" بغية تنويع قاعدة علاقاتهما الدولية وتجنب الدخول الصريح في تحالفات حصرية في لعبة التضاد بين واشنطن وبكين.

وإذا استثنينا روسيا وإيران بشكل رئيسي، سنلاحظ أنه وعلى الرغم من بعض الضجيج الإعلامي، فإن استراتيجية "تعدد الانحيازات"، تخلو بشكل كبير من المضمون اليساري المناهض لأمريكا الذي ساد خلال الحرب الباردة.. كما تخلو من المضامين التبسيطية لفكرة "عدم الانحياز" التي تبنتها دول مستقلة حديثاً في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية سياسة لتبقى خارج لعبة التنافس بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي.

المختلف اليوم أن "تعدد الانحيازات" لا يتعلق غالباً بالمقاومة الأيديولوجية أو أوهام الاكتفاء الذاتي، بل بتعزيز البراغماتية عند الحكام ومدهم بمقدار أكبر من المرونة الإستراتيجية.. والأهم أنها مدرسة تعترف بالترابط بين دول العالم اقتصادياً وسياسياً وبيئياً ووبائياً، بل وتراهن على الاستفادة من هذا الترابط لتحقيق الأهداف الوطنية، يحصل هذا الأمر بسرعات تفوق توقعات المراقبين والمسؤولين.

أعطت جائحة كورونا والحرب الروسية - الأوكرانية جرعات دفع غير متوقعة لهذا الملمح الناشئ في العلاقات الدولية، الذي تسعى الدول من خلاله إلى تكبير حجم الاستقلال الإستراتيجي في التعامل مع مراكز القوى المتعددة، وبالتالي تعظيم الفرص وتقليل المخاطر.

دخل العالم عملياً في مرحلة ما بعد تعدد الأقطاب، التي تفترض هي الأخرى معسكرات متقابلة يرأسها أقطاب متنافسون.. ما نشهده هو نمو المزيد من السيولة في التحالفات التي تستعدي، بسبب تعقيداتها، المزيد من الابتكار الدبلوماسي، بدل الركون إلى آليات التعامل الماضية.. إن النجاح في منع هذا الملمح المتنامي من التحول إلى مشهد فوضى في العلاقات الدولية، دونه فهم أكثر تطوراً لسلوك الدول ومصالحها الإستراتيجية، لا سيما عند كبار اللاعبين وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني العلاقات الدولیة الولایات المتحدة مجموعة بریکس

إقرأ أيضاً:

الأسواق العالمية تلتقط أنفاسها بعد تراجع صدمة الرسوم الجمركية

سجلت الأسهم العالمية والعقود الآجلة الأمريكية ارتفاعاً يوم الثلاثاء، مدفوعة بمكاسب قوية في طوكيو، وفق ما ذكرت صحف دولية.


قفز مؤشر «نيكي 225» بأكثر من 6 في المائة، مع عودة نسبيّة للهدوء إلى الأسواق بعد الصدمات التي خلّفها تصعيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ملف الرسوم الجمركية.

وزير الخارجية والهجرة يتلقى اتصالاً هاتفياً من وزير خارجية اليابانالكرملين: من الصعب بدء مفاوضات بين روسيا والولايات المتحدة بشأن مراقبة التسلحالأونروا تستعد لإدخال مساعدات إلى قطاع غزة وفتح المعابرعراقجي: برنامج طهران النووي سلمي ومستعدون لتوضيح ذلك لمن يشكك في ماهيتهقائد الجيش الأوكراني يقر بتورط الولايات المتحدة في الحرب ضد روسياتحت حماية جيش الاحتلال.. 200 مستوطن يقتحمون باحات المسجد الأقصىكوريا الجنوبية تطلق النيران علي جنود من جارتها الشمالية.. تفاصيل

وجاء هذا الانتعاش النسبي بعد يوم عصيب في «وول ستريت»، حيث تراجعت المؤشرات الرئيسية إثر تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات الصينية.

وفي تصعيد متبادل، أعلنت وزارة التجارة الصينية في وقت مبكر من الثلاثاء أنها «ستقاتل حتى النهاية»، ملوحة بإجراءات مضادة لم تُحدد بعد، رداً على تهديد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية بنسبة 50 في المائة على المنتجات الصينية.

وفي أوروبا، ارتفع مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة ليبلغ 19.975.81 نقطة، في حين صعد مؤشر «كاك 40» الفرنسي بنسبة 1.3 في المائة إلى 7.018.79 نقطة.

حقق مؤشر «فوتسي 100» البريطاني مكاسب مماثلة بنسبة 1.3 في المائة ليصل إلى 7.804.73 نقطة.

أما في الولايات المتحدة، فقد ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 1.5 في المائة في بداية تعاملات الثلاثاء، فيما صعد «داو جونز» الصناعي بنسبة 1.9 في المائة.

وفي طوكيو، أغلق مؤشر «نيكي 225» مرتفعاً بنسبة تزيد قليلاً على 6 في المائة عند 33.012.58 نقطة، في حين استعادت بورصة هونغ كونغ جزءاً من خسائرها الحادة. ورغم ارتفاع مؤشر «هانغ سنغ» بنسبة 1 في المائة ليصل إلى 20.036.03 نقطة، فإنه لا يزال بعيداً عن تعويض خسائر الاثنين التي بلغت 13.2 في المائة، وهو أسوأ أداء يومي له منذ الأزمة المالية الآسيوية عام 1997.

مقالات مشابهة

  • مشرعون بالكونغرس يحذرون ترامب من خطر انخراط واشنطن في صراع غير دستوري باليمن (ترجمة خاصة)
  • واشنطن بوست: تفاصيل الـ18 ساعة التي غيرت رأي ترامب بالتعريفات الجمركية
  • واشنطن: الدول التي امتنعت عن الرد على الرسوم بالمثل تلقت مكافأة
  • رجال أعمال: زيارة حمدان بن محمد إلى الهند تعزز علاقات البلدين الاستراتيجية
  • وزير الخارجية يثمن الطفرة التي تشهدها العلاقات المصرية الإيرلندية
  • مسؤولون: «منتدى دبي - الهند للأعمال» منصة للفرص الاستثمارية
  • العفو الدولية: عمليات الإعدام تسجل أعلى مستوياتها في عقد... من هي الدول التي تتصدر القائمة؟
  • حمدان بن محمد يستعرض مع وزير الشؤون الخارجية الهندي العلاقات الثنائية
  • الأسواق العالمية تلتقط أنفاسها بعد تراجع صدمة الرسوم الجمركية
  • الإمارات والهند.. شراكات استراتيجية تسير بمستقبل العلاقات الاقتصادية بخطى طموحة