اكتشاف جين قد يمنح البشر حياة طويلة عقب اختباره بنجاح على الفئران
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
تمكن فريق من العلماء من إطالة عمر الفئران وتحسين صحتها، عن طريق نقل جين من فئران الخلد العارية مسؤولٍ عن طول العمر.
وهذا الجين، المسمى الهيالورونيك سينثاز 2 (HAS2)، مسؤول عن إنتاج حمض الهيالورونيك، وهو جزيء لزج يساعد على حماية الخلايا من التلف.
إقرأ المزيد اكتشاف سر "الخصوبة الأبدية الاستثنائية" لدى جرذان الخلد العاريةوتنتج فئران الخلد العارية حمض الهيالورونيك أكثر من القوارض الأخرى، وهو ما قد يكون أحد أسباب عمرها الطويل.
وحمض الهيالورونيك جزيء موجود في المادة الهلامية المحيطة بالخلايا. وهو مكون رئيسي للنسيج الضام ويلعب دورا في لأم الجروح وتزييت المفاصل ووظيفة المناعة.
وقد درس العلماء منذ فترة طويلة فئران الخلد العارية بسبب عمرها الطويل ومقاومتها الاستثنائية للأمراض المرتبطة بالعمر.
وقدمت الدراسة الجديدة، التي نُشرت مؤخرا في مجلة Nature، جينا محددا مسؤولا عن الإصلاح الخلوي المعزز في فئران الخلد في الفئران، ما أدى إلى زيادة بنسبة 5% تقريبا في متوسط العمر وتحسين الصحة بشكل عام.
ويقول العلماء، بما في ذلك فريق من جامعة روتشستر في الولايات المتحدة، إن النتائج تدشن إمكانيات مثيرة لإزالة الغموض عن أسرار الشيخوخة وإطالة عمر الإنسان.
وأوضحت فيرا جوربونوفا، المؤلفة المشاركة في الدراسة: "توفر دراستنا دليلا على مبدأ أن آليات طول العمر الفريدة التي تطورت في أنواع الثدييات الطويلة العمر يمكن "تصديرها" لتحسين عمر الثدييات الأخرى".
وقد نجح العلماء في إدخال الجين المسؤول عن صنع حمض الهيالورونيك ذي الوزن الجزيئي العالي (HMW-HA)، في الفئران، وهو الجزيء المسؤول عن مقاومة فئران الخلد العارية غير العادية للسرطان.
إقرأ المزيد تجربة غريبة على الفئران لتجديد الشباب ومكافحة الشيخوخة!وأظهرت الدراسات السابقة أن فئران الخلد لديها، بالمقارنة مع الفئران العادية والبشر، نحو 10 أضعاف HMW-HA في أجسامها، وعندما تمت إزالة جزيء هذا الجين من الفئران، باتت خلاياها أكثر عرضة لتكوّن الأورام.
وفي الدراسة الجديدة، قام العلماء بتعديل الفئران وراثيا لإنتاج نسخة فأر الخلد العارية من جين الهيالورونيك سينثاز 2 (HAS2)، المسؤول عن صنع البروتين الذي ينتج HMW-HA.
وقال الفريق إن الفئران التي تحمل نسخة فأر الخلد العاري من الجين، تتمتع بحماية أفضل ضد الأورام العفوية وسرطان الجلد المستحَثّ كيميائيًا.
وأضافوا أن الفئران المعدلة وراثيا حسنت أيضا صحتها العامة وعاشت لفترة أطول مقارنة بالفئران العادية.
وأشارت الدراسة إلى أن هذه الفئران كانت لديها أيضا التهابات أقل في أجزاء مختلفة من أجسامها، ما يدل على تباطؤ الشيخوخة، كما حافظت على أمعاء أوفر صحة.
وبحسب العلماء، فإن هذه النتائج الجديدة، يمكن أن تدشن إمكانيات جديدة لتحسين العمر وتقليل الالتهابات لدى البشر.
وقال أندريه سيلوانوف، مؤلف الدراسة المشارك: "لقد حددنا بالفعل الجزيئات التي تبطئ تحلل الهيالورونيك ونقوم باختبارها في التجارب ما قبل السريرية. ونأمل أن توفر النتائج التي توصلنا إليها المثال الأول، وليس الأخير، لتكييف طول العمر من الأنواع الطويلة منه لصالح إطالة عمر الإنسان وإدامة صحته".
المصدر: إندبندت
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: كورونا اكتشافات تجارب عالم الحيوانات معلومات علمية
إقرأ أيضاً:
ليست 54 سنة.. إنها قرون طويلة جدا
أعادتني رسائل تهنئة بعث بها أصدقاء من دول عربية يهنئون عُمان بمناسبة عيدها الوطني جاء في بعضها أن منجزات سلطنة عمان كبيرة جدا مقارنة بتاريخ تأسيسها قبل «54» سنة فقط!.. أقول أعادتني تلك الرسائل ـ وأنا أصحح للأصدقاء أن هذا الرقم يحتاج إلى إضافة عدة أصفار على يمينه حتى يستطيع أن يحيط بعمر عُمان الضارب في أعماق التاريخ ـ إلى ما كتبته مغردة عمانية معروفة قبل حوالي ثماني سنوات وهي تصحح لقناة تلفزيونية «خليجية» كتبتْ في سياق بث مباشر كان يغطي قمة مجلس التعاون في تلك السنة أن سلطنة عُمان تأسست سنة 1971، وسارعت المغردة بالرد على تلك القناة على موقع تويتر مطالبة منها الاعتذار فورا وتصحيح الخطأ؛ فسلطنة عمان، كما كتبت، لم تتأسس سنة 1971 بل سنة 1970!
أفهم جيدا الدلالة الوجدانية التي تعنيها سنة 1970 عند العمانيين، واللبس الحاصل بين عمر «النهضة» التي قادها السلطان الراحل قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، وبين العمر الحضاري لعُمان الذي يمتد لآلاف السنين من الحضور الإنساني الفاعل في سياق الحضارات الإنسانية، وعمر النظام السياسي الذي ما زال قائما إلى اليوم؛ وربما كان سبب اللبس هو وجود رقم «54» إلى جوار العيد الوطني ما يجعل البعض يعتقد أن هذا الرقم يمثل عمر الدولة كما هو الحال عند بعض الدول التي تأسست حديثا بالفعل.. لكن تلك الدلالات الوجدانية وذلك اللبس لا يُعفينا من العمل جميعا على فهم وتكريس الصورة الحقيقية لبلادنا في الداخل وفي الخارج، فعُمان لم تتأسس قطعا في عام 1970 ولا في عام 1744 عندما تأسست الدولة البوسعيدية التي تكمل بعد يومين 280 سنة على تأسيسها ما يجعلها من بين أعرق الأسر الحاكمة في العالم، ولا في اللحظة التاريخية التي انتصر فيها العمانيون على الاستعمار البرتغالي ودحروه ليس من الخليج العربي ولكن من المحيط الهندي وبذلك انتهت تماما وإلى الأبد الحقبة التاريخية التي عرفت باسم «حقبة الكشوفات الجغرافية»، ولم تتأسس سنة 132هـ/749م عند مبايعة الإمام الجلندى بن مسعود إماما على عُمان رغم أن هذا التاريخ هو بداية للنظام السياسي في عُمان والذي ما زال قائما إلى اليوم بعد أن شهد تطورات كبيرة هي في الحقيقة عمر التطور الإنساني وانتقاله من طور معرفي إلى آخر. وهذا النظام السياسي هو الأقدم في العالم ولم ينقطع، تقريبا، منذ 1275 سنة وأصبح له تقاليد عريقة راسخة ونظريات في الحكم وفي انتقاله، وفي العدالة الاجتماعية، وفي الحقوق والواجبات، ويمكن الحديث عن عقد اجتماعي واضح وإن لم يكن مكتوبا، ولكنّ المنظرين الذين درسوا النظام السياسي في عُمان عبر التاريخ استخلصوا الكثير من ركائز هذا العقد الاجتماعي والفلسفة التي يقوم عليها.
عُمان التي تحتفل بعد غدا بعيدها الوطني ليست وليدة التحولات السياسية التي حدثت في المنطقة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أو حتى في القرن العشرين الذي شهد تغيرات جذرية في حدود المنطقة، وليست وليدة جريان النفط، إنها كيان حضاري قديم ضارب في أعماق التاريخ يقدره بعض دارسي التاريخ بحوالي عشرة آلاف سنة، كانت عُمان فيه حاضرة بفاعلية، ومساهمة في الحراك الإنساني الذي صنع اللحظة التي تعيشها البشرية اليوم. وهذا ليس كلاما من أجل بناء الروح المعنوية عشية العيد الوطني إنه حقيقة تاريخية لها أسسها ولها جذورها ولها حقائقها المكتوبة في المدونات ومنقوشة على الصخور الصلدة ولها، أيضا، مرجعياتها الآثارية التي يعرفها أهل الآثار والتاريخ.. ومن يعد إلى المدونات القديمة السومرية والأكادية والأغريقية والفرعونية وكل الحضارات الإنسانية القديمة يستطيع أن يفهم التواصل الذي كان بين عُمان وبين تلك الحضارات، والتفاعل الإيجابي الذي كان بينها.. وعندما جاء الإسلام وبعث الرسول الكريم برسالة إلى أهل عُمان بعثها إلى ملكيها عبد وجيفر ابني الجلندى يقول في تلك الرسالة: «إن أقررتما بالإسلام وليتكما، وإن أبيتما إن تقرا بالإسلام، فإن ملككما زائل عنكما». كانت عُمان في تلك الفترة البعيدة قد أصبحت كيانا سياسيا له حدوده وتقاليده، وخاطبه الرسوم الكريم على هذا الاعتبار فلم تكن الرسالة إلى قبيلة من قبائل العرب أو حي من أحيائه بل إلى «مملكة» قائمة تحولت من القبيلة إلى «الدولة» وهذا التحول يأخذ فترة زمنية طويلة نسبيا ما يعني أن الكيان الحضاري العماني كان في ذلك الوقت قد أكمل مسيرة طويلة جدا.
نحتاج اليوم إلى تكريس هذا الفهم ليس للأجيال العمانية الشابة فقط ولكن للعالم أجمع فهذا السياق بكل معطياته هو مفردة من مفردات القوة الناعمة التي تمتلكها عُمان، وتاريخها الذي تشابك مع الكثير من التحولات التي جرت عبر التاريخ الإنساني مصدر إلهام للجميع إذا ما استطعنا أن نوصله للعالم الذي يعتقد الكثيرون فيه أن منطقة الخليج هي وليدة طفرة النفط! حتى أن الدلالة التي تعنيها «دول الخليج» بالنسبة للغرب هي الدول التي تأسست نتيجة ظهور النفط، وهذا فهم خاطئ للتاريخ، ورؤية عامة جدا له ولا بد أن تتغير وهذا التغير يبدأ من الداخل، من قناعاتنا وخطاباتنا.
ويجدر بنا أن نقرأ ونفهم جيدا ما قاله حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم في خطابه في شهر فبراير من عام 2020 حيث قال «لقد عرف العالم عُمان عبر تاريخها العريق والمشرّف، كيانا حضاريا فاعلا، ومؤثرا في نماء المنطقة وازدهارها، واستتباب الأمن والسلام فيها، تتناوب الأجيال على إعلاء رايتها وتحرص على أن تظل رسالة عُمان للسلام تجوب العالم، حاملة إرثا عظيما، وغاياتٍ سامية، تبني ولا تهدم، وتقرب ولا تباعد، وهذا ما سنحرص على استمراره، معكم وبكم، لنؤدي جميعا بكل عزم وإصرار دورنا الحضاري وأمانتنا التاريخية». هذا النطق السامي ينصف عُمان ويضعها في السياق التاريخي الذي تستحقه.. وعلينا أن ننطلق جميعا منه لتكريس عراقة عُمان التاريخية وبناء الصورة التي نريد للعالم أن يعرفها عن عُمان.