مأزق جماعة الحوثي في مواجهة شعبٍ غاضب
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
صنعاء العاصمة التاريخية لليمن؛ منذ أن سقطت بيد جماعة الحوثي الانقلابية في 21 أيلول/ سبتمبر 2014 لم تعد تَسعْ الهمجيةَ السلطوية التي تمارسها هذه الجماعة بحق الناس، إذ تستأثر بمليارات الريالات من مصادر الدخل المتعددة التي أتاحتها التنازلات المفروضة بقوة الضغط الأمريكي والانتهازية السعودية، في ظل حالة اللا سلم واللا حرب الراهنة، وفي الآن ذاته تستمر معاناة مئات آلاف الموظفين من كل القطاعات نتيجة عدم صرف مرتباتهم منذ سنوات مولدة حالة ضغط شديدة تضع الجماعة في مأزق حقيقي.
الخميس الماضي، تعرض الإعلامي مُجلي الصمدي، وهو مؤسس ورئيس إذاعة صوت اليمن الخاصة، لضرب مبرح من مسلحين تابعين لجماعة الحوثي في حي الصافية بوسط صنعاء، بسبب معارضته الشديدة للجماعة، ومطالباته المستمرة باستعادة الإذاعة، وتعبيره الصارخ عن معاناة انقطاع المرتبات، في مؤشر على أن هذه الجماعة ليست مستعدة أبداً لأن تنجز سلاماً فردياً مع من تضررت مصالحهم الخاصة بشكل مباشر، وليست مستعدة للإقرار بعدالة قضاياهم الخاصة، كمصادرة وسائل الإعلام الخاصة بهم والسطو على المنازل ومصادرة الممتلكات، والأهم من ذلك الاستمرار في حرمان الناس من مرتباتهم وأرزاقهم.
هذا النوع من القسوة والقوة المفرطة أنتج ردةَ فعلٍ معاكسةً من النخبة التي تعيش في صنعاء، وهي خليط من ساسة وقضاة ومفكرين ووجهاء اجتماعيين وبيروقراطيين وكتاب رأي، وتتعالى أصواتها منذ سنوات ضداً على الممارسات التي تقوم بها جماعة الحوثي وتقود معها البلاد نحو ارتداد فظيع إلى الماضي المظلم البئيس وإلى الهيمنة الطائفية المقيتة، وتكاد تقضي على النقاط المشتركة التي جمعت هذه النخبة مع الجماعة الانقلابية في صيف 2014.
لقد أظهرت نخبة صنعاء شجاعةً كبيرةً في مواجهة هذا الصلف والاستخدام المفرط للقوة، وباتت تمارس قيادة فعلية لحراك من المؤكد أنه سيأخذ أبعاده الميدانية قريباً، في ظل انسداد الأفق وحالة اليأس المتراكمة، وهو ما قد يغير المشهد اليمني برمته إذا ما تحرك الشارع تأسيساً على يقين ثوري جامع هذه المرة حيال التهديدات الوجودية للدولة والجمهورية والديمقراطية والكرامة الإنسانية.
اقرأ أيضاً عودة ”أحمد علي عبدالله صالح” إلى صنعاء ورفع العقوبات تثير رعب الحوثي.. قيادي يحذر جماعته من فخ سيقلب الأمور رأسًا على عقب تغييرات كبيرة وقرارات من العيار الثقيل للرئيس العليمي لترتيب الصفوف وحسم المعركة مع الحوثيين حرب شاملة تطرق الأبواب.. المبعوث الأممي يعلن فشل المفاوضات وهذا ما قاله عن محادثات السعودية والحوثيين صورته تنشر لأول مرة ومعلومات مثيرة.. من هو”الأخطبوط اليمني” الذي أربك العالم وخدع إيران وضرب علاقتها مع الحوثيين؟ ”فيديو” عليه امر قبض قهري بسبب قتله مواطن في إب ..المليشيا توكل لقيادي حوثي إعداد قافلة عنب لجبهات القتال زينبية حوثية تمزق الملابس الداخلية للسجينات وإحداهن تحاول الانتحار داخل السجن المركزي - تفاصيل مقتل أحد أبناء إب بحي الجراف شمال صنعاء في ظروف غامضة مجلس القيادة الرئاسي يوجه ثلاث ضربات متتالية للمليشيات الحوثية مصدر: السعودية وافقت على صرف مرتبات الموظفين بمناطق الحوثي من ميزانية المملكة لكن الحوثيين رفضوا ”تفاصيل” الوضع يخرج عن سيطرة عبدالملك الحوثي ومعركة تمرد وشيكة ضده ستقلب الأمور رأسًا على عقب تخطيط حوثي لاغتيال رئيس مؤتمر صنعاء ”صادق أمين أبو راس” بعد كلمته القوية عن المرتبات وما يجري في البدرومات برلماني يمني بصنعاء يكشف عن آخر مستجدات صرف المرتبات ويدعو لإضافة العلاوات حسب الأسعار الحاليةواللافت من ردود الفعل على مستوى الشارع في صنعاء وعبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ أن صفوة المجتمع كما القاعدة العريضة منه باتت أكثر استعداد لمواجهة القوة، التي أنتجت لا مبالاة حقيقية تجاه النتائج التي يمكن أن تسفر عن معاودة الجماعة الاستخدام المفرط لهذه القوة وللسلاح وممارسة الهيمنة الطائفية الصارخة، خصوصاً في تجلياتها المتمثلة في الترهيب الفكري والابتزاز العقائدي، وإظهار الصلف في التمثيل الحصري للإسلام وتكريس فئويته على النحو الذي نراه في صنعاء اليوم، ويُذكِّرُنا بالوصفة ذاتها المعتمدة في بيروت ودمشق وبغداد، حيث تهيمن المنظومة الإقليمية الأقلوية التابعة لإيران في منطقتنا، وتتجلى بسببها مظاهر البطش الطائفي في أبشع صورها في هذه البلدان.
على أن كل شيء يبدو أنه يعاكس ما خطط له الحوثيون وما أَمِلَتْ إيرانُ في تحقيقه عبر نفوذ لا محدود لها في اليمن من خلال الحوثيين. فهذه الجماعة تكاد تفقد نفوذها السياسي والسلطوي أمام ردة فعل المجتمع الساخط والغاضب نتيجة الأنانية التي أظهرتها وأظهرها قادتها الفئويون تجاه الناس وصلفهم في التلذذ بمعاناة الناس وإيذائهم، وفوق هذا وذاك استمرار الجماعة في عدم صرف المرتبات رغم الفرص السانحة التي توفرت بعد إعادة فتح ميناء الحديدة كمنفذ شبه حصري لاستيراد السلع الأساسية لمناطق الكثافة السكانية الأكبر في اليمن، وحصولها على منح نفطية وغازية كبيرة تقوم بإعادة بيعها في السوق بأسعار باهظة، ومع ذلك تمتنع عن إعادة توجيه جزء من هذه العائدات لصرف المرتبات.
تصر الجماعة على تسلم موازنة المرتبات من الحكومة الشرعية كما كانت عليه عام 2014 وليس طبقاً لكشوفات الموظفين في ذلك العام، بما خالف ما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم وما نصت عليه تفاهمات الهدنة، والتي تشير بوضوح إلى أن المرتبات سوف تسلم للموظفين بشكل مباشر وفقاً لكشوفات العام 2014، أي السنة التي انقلب فيها الحوثيون على السلطة الانتقالية.
ذلك يعني أن الجماعة تريد أموالاً تستخدمها في بناء منظومتها الوظيفية الولائية والطائفية، وتصريف الجزء المتبقي من المبلغ في تعزيز إمبراطوريتها المالية، وتأمين الموارد العسكرية لحرب من المؤكد أنها ستبقى خيار الجماعة للإبقاء على نفوذها وربما تعزيز هذ النفوذ خارج مناطق سيطرتها، خصوصاً إذا تأكدت أن السعودية ماضية في تحقيق أهدافها الجيوسياسية، التي تتقاطع بالتأكيد مع الأهداف السيئة للانقلابيين والانفصاليين، بل وتستند إلى المشهد الفوضوي الراهن، الذي تتآكل فيه القيمة السيادية للشرعية بشكل مخيف.
مما لا يختلف عليه اثنان أن الحرب التي عرفها العالم في اليمن قد توقفت، رغم أن مظاهرها الكارثية لم تختف في ظل استمرار المواجهات اليومية بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة وجماعة الحوثي من جهة أخرى، حيث تستمر أعمال القنص والتحشيد من جانب مقاتلي الحوثي، وتواصل الألغام التي زرعتها الجماعة حصد الأرواح، في الوقت الذي تستمر فيه الآلة الدبلوماسية متعددة الأطراف في التحرك لدفع اليمنيين إلى التسليم بنتائج الحرب كما خطط لها الخارج، والمضي في النقاشات المستفزة حول صرف المرتبات وإنقاذ جماعة الحوثي من مأزقها الراهن، دون النظر في الكوارث التي يعد بها استمرار وجود هذه الجماعة مهيمنة ومتحكمة سياسياً وعسكرياً بالجزء الشمالي والمفيد من البلاد.
نقلا عن عربي 21
المصدر: المشهد اليمني
كلمات دلالية: جماعة الحوثی صرف المرتبات هذه الجماعة
إقرأ أيضاً:
الإخوان والدراما.. قوة مصر الناعمة تفضح جرائم ومخططات أهل الشر
فترة قاسية عاشتها مصر والمصريون في ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين الذين بمجرد وصولهم لحكم البلاد أسرعوا بالكشف عن أجندتهم السياسية والبعيدة كل البُعد عن الشعارات والمبادئ الدينية التي نادوا بها، ونستعرض في السطور التالية أهم الأعمال الفنية والدرامية التي فضحت مخططاتهم وجرائمهم.
الفن المصري يتصدى لجماعة الإخوان المسلميناهتمت الدولة بالفن وقوة مصر الناعمة في التصدي لفكر جماعة الإخوان المسلمين وفضح جرائمها لِما له من شعبية كبيرة وبالتالي أداة قوية أمام قوى الشر، وهو ما جنت مصر ثماره بوضوح خلال السنوات التالية؛ إذ نتيجة لأعمال فنية تنوعت بين الأفلام والمسلسلات فُضحت كثير من جرائم ومخططات هذه الجماعة، كما عُرفت نوياها ومخططاتها بالنسبة للشعب الذي بات أكثر وعيًا وأشد حرصًا.
ومن أبرز الأعمال الفنية التي سلطت ضوءها على جرائم جماعة الإخوان المسلمين هو مسلسل «الاختيار» بأجزائه الثلاثة؛ إذ تناول المسلسل فترة حساسة من تاريخ مصر، وكشف عن مخططات جماعة الإخوان للسيطرة على الحكم، كما عرض الجرائم التي ارتكبتها الجماعة بحق الشعب المصري، بدءًا من عمليات الاغتيال والتفجيرات، وصولًا إلى محاولات نشر الفوضى والعنف في المجتمع.
مسلسل «الاختيار» وفضح اغتيالات الجماعة الإرهابيةوناقش الجزء الأول من مسلسل «الاختيار»، بطولة الفنان أمير كرارة قصة الشهيد العقيد أحمد المنسي، وكشف عن الوجه الحقيقي للجماعات الإرهابية في سيناء، وناقش الجزء الثاني والذي أدى دور البطولة به الفنانان كريم عبد العزيز وأحمد مكي فترة ما بعد ثورة 30 يونيو، وكشف عن مخططات الإخوان للعودة إلى السلطة، فيما عرض الجزء الثالث من «الاختيار»، بطولة الفنان ياسر جلال، فترة حكم الإخوان، وكشف عن التخبط والعشوائية في إدارة الدولة، كما عرض شهادات حية لشخصيات كانت قريبة من الجماعة، وكشفت عن أسرار وخفايا لم تكن معروفة من قبل.
مسلسل «الجماعة» لوحيد حامدكما يعتبر مسلسل «الجماعة» واحدًا من أقوى وأبرز الأعمال الفنية التي فضحت فكر جماعة الإخوان المسلمين، وهو مسلسل تلفزيوني مصري من تأليف وحيد حامد وإخراج محمد ياسين، عُرض لأول مرة في عام 2010، وتناول نشأة جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وسلط الضوء على فكر الجماعة منذ التأسيس وحتى مقتل مؤسسها حسن البنا عام 1949.
كما سلط مسلسل «الجماعة» الضوء على نقاط عدة، منها الظروف الاجتماعية والسياسية التي ساهمت في ظهور جماعة الإخوان المسلمين، وكيف استطاع حسن البنا استقطاب أتباع له وتأسيس الجماعة، وأيضًا أهم الأفكار التي نادى بها، مثل فكرة «الإسلام هو الحل» و«ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية»، وكيف تم تفسير هذه الأفكار وتطبيقها من قِبل الجماعة، كما يُظهر المسلسل الهيكل التنظيمي للجماعة وكيفية اتخاذ القرارات، وكيف تطورت من مجرد دعوة دينية إلى تنظيم سياسي واجتماعي كبير.
الصراع بين الجماعة والدولةمن النقاط الأخرى التي سلط المسلسل الضوء عليها هي الصراع بين جماعة الإخوان المسلمين والدولة خلال تلك الفترة، وكيف تطورت هذه العلاقة من التعاون إلى المواجهة، كما يشير إلى وجود بعض الخلافات الداخلية في وجهات النظر داخل الجماعة حول بعض القضايا.