عربي21:
2024-10-02@05:36:48 GMT

فرنسا في أفريقيا.. الذئب يرعى الغنم!

تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT

كلما سقط نظام موال لها بمواقع النفوذ القديمة، تقدّم فرنسا الإمبريالية نفسها راعية للديمقراطية في أفريقيا، في مشهد مسرحي مقرف من السخرية السياسية، لا يصدقه حتى الساذج المعتقد بأن الذئب يمكن أن يرعى الغنم.

ها هي باريس الماكرة تُعبّئ “مجموعة غرب أفريقيا” وتهيئ الجيوش والعدة الحربية لتنفيذ تدخل عسكري في النيجر، بذريعة الدفاع عن الشرعية لإعادة محمد بازوم إلى كرسيّه، في حيلة مكشوفة لا تنطلي على المجتمع الدولي، لأنّ فرنسا راعية الانقلابات تاريخيّا في أفريقيا، لم تكن يوما ظهيرا لإرادة الشعوب ولا نصيرا للديمقراطية المفترى عليها.



التاريخ القريب يثبت أنّ الموقف الفرنسي من الانقلابات الأفريقية لم يخضع ولا مرّة واحدة للمبادئ الديمقراطية، بل تحكمه المصالح الضيقة لدى دول القارّة، بهدف السعي الدائم لتكريس الهيمنة بكل أبعادها والاستغلال في أبشع صوره، حيث تؤيد بصلافة وجهٍ أيّ نظام طالما يظل خادمًا لأجندتها كيفما وصل إلى سدة الحكم، وتشنّ الحرب على كلّ سلطة تعرض عن قبلتها ولو كانت شرعيّة.

لقد كانت الانقلابات العسكرية دومًا ولا تزال منهجا أساسيّا لدى المسؤولين الفرنسيين من أجل تغيير النظم المتمّردة أو الحفاظ على عروش عملائها في أفريقيا، حتّى أنّ الإحصائيات تشير إلى تنفيذ أكثر 200 محاولة انقلابية خلال الستينيات، ظلّت فرنسا متورطة فيها، تخطيطا ودعمًا، قبل التغطية عليها بانتخابات رئاسية صورية يخلع فيها الانقلابي بزّته العسكرية لينتحل بذلة مدنية، بل أن 78 بالمئة من انقلابات بلدان أفريقيا بجنوب الصحراء، منذ التسعينيات، حصلت في دول فرنكوفونية، ما يؤكد الضلوع الفرنسي بشكل ما.

ومن المعلوم أنّ فرنسا، بعدما اضطرت لمغادرة جيوشها مطلع ستينيات القرن الماضي، ضمنت لنفسها حق التدخل العسكري عبر اتفاقيات أمنية مع دول أفريقية، لأجل حماية القادة المغضوب عليهم شعبيّا، طالما كانوا مطيعين لها وخادمين لمصالحها المادية والثقافية.

لذلك، لن نصدّق اليوم بكاء التمساح الفرنسي على مصير الديمقراطية في مالي وبوركينافاسو والنيجر، بل ما يهمه، وهو يستعدّ لحرق المنطقة مجدّدا، هو فقط تأمين مصادر النهب الطبيعي، لتبقى أفريقيا بقرته الحلوب ومنبع ثرواته النفطية والمعدنية لتموين صناعته واقتصاده، ثم تسويق منتجاته للقارة المتخلفة نفسها.

لنتذكّر أنّ سبع دول في غرب أفريقيا (من أصل تسعة)، لا تزال تستعمل الفرنك الأفريقي، المرتبط باليورو، بضمان فرنسي، عملة رسمية، بينما يطبع البنك المركزي الفرنسي العملة لصالح 14 دولة أفريقية تتعامل به حتى اليوم، وهو وحده دليل ساطع على إحكام النفوذ الاقتصادي في المستعمرات السابقة.

ما تريده فرنسا في الساحل الأفريقي هو النفط لتوفير الطاقة والذهب لرفع الاحتياطات البنكية واليورانيوم لتشغيل مفاعلاتها النووية، ولو كان ثمن هذا الاستغلال هو اكتواء شعوب أفريقيا في جحيم الحروب وبقائها ضحية الصراع الأبدي على السلطة.

قبل 10 سنوات، تعهد فرانسوا هولاند بالتخلّي عن سياسة “فرانس- أفريك” التي هندسها جاك فوكار، بداية الستينيات، لبناء العلاقات الفرنسية مع الدول الأفريقية المستقلة حديثا على قواعد السيطرة والولاء، عوض النديّة السياديّة وتبادل المصالح.

مقابل ذلك، أعلن هولاند في خريف 2013، عن سياسة جديدة قائمة على الشراكة، قبل أن تكذّب الأحداث سريعًا التزامات رئيس فرنسا، حيث نفذّت بلاده سبع عمليات عسكرية، أبرزها “برخان” سنة 2014 في شمال مالي، إضافة إلى “سيرفال” و”ايبرفييه” في تشاد ومالي، و”سانغاريس” في أفريقيا الوسطى وعمليات أخرى في ليبيا وكوت ديفوار.

اليوم لم تعد باريس قادرة على استمرار نفوذها الاقتصادي والثقافي في أفريقيا بالسلاح والسياسة العسكرية، أمام تصاعد النزعة الوطنية المطالبة بالتخلّص من كل آثارها المسمومة، وبروز خطاب شعبي مناهض لها بقوّة، ومؤيد لقوى دولية جديدة في المنطقة متحررة من عقدة الماضي الاستعماري، في وقت لم يدرك فيه ساسة فرنسا أن أفريقيا تتطور في وعيها وأجيالها وقياداتها، وليس من الممكن مواصلة التعامل معها بمقاربة أمنية استعمارية، تراهن على ولاء النخب العسكرية والسياسية والمالية المرتبطة بها.

هذه التغيّرات الجذرية في البنية الثقافية، الاجتماعية، والتحولات الدولية بظهور فواعل عظمى على مسرح المنطقة، هي ما يجعل فرنسا في حيرة من أمرها ويدفعها إلى التصرف الطائش، باللجوء إلى التدخل العسكري في النيجر، كآخر خيار لتوقيف تساقط أحجار “الدومينو” المؤذنة بنهاية الإمبراطورية الاستعمارية الموروثة من زمن العبودية المعاصرة.

وحدها الجزائر، النزيهة في موقفها المبدئي الرافض للانقلاب في النيجر، والمتمسكة بالنظام الدستوري فعليّا، ومن يقاسمها رؤيتها، يمكنهم الدفاع، بإخلاص، عن مصلحة الشعب النيجيري بالوقوف ضد التدخل العسكري، لأنه سيفتح عليهم باب الجحيم وعلى المنطقة برمتها، أمّا الوسواس الفرنسي الذي يدفع بدول “الإيكواس” إلى الفتنة الأفريقية، فلا يهمه سوى نفوذه الضائع وكبرياءه المجروح.

(الشروق الجزائرية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فرنسا أفريقيا النيجر الانقلابات فرنسا النيجر أفريقيا انقلابات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی أفریقیا

إقرأ أيضاً:

الفرنسي غريزمان يعلن اعتزال اللعب الدولي.. هذه إنجازاته

قرر المهاجم الفرنسي غريزمان نجم أتلتيكو مدريد الإسباني، اليوم الإثنين اعتزال لعب كرة القدم على المستوى الدولي، بعد مسيرة دولية حافلة فاز فيها بكأس العالم عام 2018 واحتل المركز الثاني في 2022.

وقال لاعب برشلونة الإسباني سابقاً في الفيديو الذي نشره عبر  حساباته في مواقع التواصل: "ببالغ التأثر أعلن اعتزالي كلاعب في منتخب فرنسا، بعد عشر سنوات مذهلة".

وأضاف غريزمان في فيديو بلغت مدته دقيقتين ويُظهر أبرز لحظاته بقميص المنتخب ومنها الفوز بمونديال روسيا وأهدافه الستة في الطريق لبلوغ نهائي كأس أوروبا 2016: "لقد حان الوقت اليوم بالنسبة لي لطي الصفحة وإفساح المجال للجيل الجديد".

وتابع "غريزو" في رسالته التي حيا فيها المدرب ديدييه ديشان والجماهير: "شكرا لمدربي، ثقتكم ودعمكم طوال مسيرتي الدولية كان ضروريا لتطوري كلاعب".

C’est avec le cœur plein de souvenirs que je clos ce chapitre de ma vie. Merci pour cette magnifique aventure tricolore et à bientôt. ???????? pic.twitter.com/qpw8dvdtFt

— Antoine Griezmann (@AntoGriezmann) September 30, 2024
وعانى غريزمان من أداء متذبذب في كأس أوروبا الأخيرة حيث لم يشركه ديشان في التشكيلة الأساسية لمباراتين وأبرزها في نصف النهائي أمام إسبانيا (1-2)، وأكدّ لاحقاً في مقابلة مع برنامج "تيليفوت" في أيلول/سبتمبر أنه لا يرغب في التوقف عن اللعب مع المنتخب.

وقال آنذاك: "لا، بالنسبة لي المنتخب الفرنسي شيء مهم للغاية ومصدر فخر، لقد أردت ذلك دائماً منذ أن كنت صغيراً".

وقال إنه كان "هناك دائماً للعب وتمثيل فرنسا، وبعد ذلك كان الأمر متروكاً لديشان للاختيار".

وكان اللاعب (33 عاما)، الذي عانى في بطولة أوروبا هذا العام، أحد العناصر الرئيسية في نسختي كأس العالم 2018 و2022، إذ حقق المنتخب الفرنسي اللقب في روسيا واحتل المركز الثاني في قطر.

وكان غريزمان المشهور بلقب "غريزو" كما يطلق عليه زملاؤه والجماهير، أيضا هداف بطولة أوروبا 2016 عندما تأهلت فرنسا إلى النهائي قبل أن تخسر أمام البرتغال بعد وقت إضافي في ستاد فرنسا.

وخاض غريزمان 137 مباراة دولية مع فرنسا سجل خلالها 44 هدفا، وفرض نفسه كلاعب يجيد الأداء في أكثر من مركز في خط وسط ديشان، ورغم أن شارة القيادة ذهبت إلى كيليان مبابي بعد اعتزال هوجو لوريس دوليا، كان دائما صوتا يستمع له الجميع.

وحقق رقما قياسيا بخوضه 84 مباراة متتالية مع منتخب بلاده، وهو رقم يؤكد مكانته كأكثر لاعب أهمية في آخر عشر سنوات.


مقالات مشابهة

  • نائب أمير منطقة عسير يرعى انطلاق ملتقى القطاع التعاوني في المنطقة
  • بالفيديو.. انتقاد لاذع من وزير الداخلية الفرنسي لاتفاقيات 1968 مع الجزائر
  • غريزمان يطوي نهائيا صفحة المنتخب الفرنسي
  • الفرنسي غريزمان يعلن اعتزال اللعب الدولي.. هذه إنجازاته
  • الفرنسي جريزمان يعلن الاعتزال الدولي!
  • المهاجم الفرنسي غريزمان يعلن اعتزاله كرة القدم دوليا
  • برأسمال 50 مليون دولار.. مصر تستعد لإطلاق أول وكالة سيادية لضمان الاستثمار في أفريقيا
  • الفرنسي غريزمان يعتزل دولياً
  • وزير الخارجية الفرنسي إلى لبنان لتقديم "الدعم"
  • وزير الخارجية الفرنسي يصل إلى لبنان مساء الأحد