عربي21:
2024-10-02@05:29:43 GMT

فرنسا في إفريقيا.. الذئب يرعى الغنم!

تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT

كلما سقط نظام موال لها بمواقع النفوذ القديمة، تقدّم فرنسا الإمبريالية نفسها راعية للديمقراطية في إفريقيا، في مشهد مسرحي مقرف من السخرية السياسية، لا يصدقه حتى الساذج المعتقد بأن الذئب يمكن أن يرعى الغنم.

ها هي باريس الماكرة تُعبّئ “مجموعة غرب إفريقيا” وتهيئ الجيوش والعدة الحربية لتنفيذ تدخل عسكري في النيجر، بذريعة الدفاع عن الشرعية لإعادة محمد بازوم إلى كرسيّه، في حيلة مكشوفة لا تنطلي على المجتمع الدولي، لأنّ فرنسا راعية الانقلابات تاريخيّا في إفريقيا، لم تكن يوما ظهيرا لإرادة الشعوب ولا نصيرا للديمقراطية المفترى عليها.



التاريخ القريب يثبت أنّ الموقف الفرنسي من الانقلابات الإفريقية لم يخضع ولا مرّة واحدة للمبادئ الديمقراطية، بل تحكمه المصالح الضيقة لدى دول القارّة، بهدف السعي الدائم لتكريس الهيمنة بكل أبعادها والاستغلال في أبشع صوره، حيث تؤيد بصلافة وجهٍ أيّ نظام طالما يظل خادمًا لأجندتها كيفما وصل إلى سدة الحكم، وتشنّ الحرب على كلّ سلطة تعرض عن قبلتها ولو كانت شرعيّة.

لقد كانت الانقلابات العسكرية دومًا ولا تزال منهجا أساسيّا لدى المسؤولين الفرنسيين من أجل تغيير النظم المتمّردة أو الحفاظ على عروش عملائها في إفريقيا، حتّى أنّ الإحصائيات تشير إلى تنفيذ أكثر 200 محاولة انقلابية خلال الستينيات، ظلّت فرنسا متورطة فيها، تخطيطا ودعمًا، قبل التغطية عليها بانتخابات رئاسية صورية يخلع فيها الانقلابي بزّته العسكرية لينتحل بذلة مدنية، بل أن 78 بالمئة من انقلابات بلدان إفريقيا بجنوب الصحراء، منذ التسعينيات، حصلت في دول فرنكوفونية، ما يؤكد الضلوع الفرنسي بشكل ما.

ومن المعلوم أنّ فرنسا، بعدما اضطرت لمغادرة جيوشها مطلع ستينيات القرن الماضي، ضمنت لنفسها حق التدخل العسكري عبر اتفاقيات أمنية مع دول إفريقية، لأجل حماية القادة المغضوب عليهم شعبيّا، طالما كانوا مطيعين لها وخادمين لمصالحها المادية والثقافية.

لذلك، لن نصدّق اليوم بكاء التمساح الفرنسي على مصير الديمقراطية في مالي وبوركينافاسو والنيجر، بل ما يهمه، وهو يستعدّ لحرق المنطقة مجدّدا، هو فقط تأمين مصادر النهب الطبيعي، لتبقى إفريقيا بقرته الحلوب ومنبع ثرواته النفطية والمعدنية لتموين صناعته واقتصاده، ثم تسويق منتجاته للقارة المتخلفة نفسها.

لنتذكّر أنّ سبع دول في غرب إفريقيا (من أصل تسعة)، لا تزال تستعمل الفرنك الإفريقي، المرتبط باليورو، بضمان فرنسي، عملة رسمية، بينما يطبع البنك المركزي الفرنسي العملة لصالح 14 دولة إفريقية تتعامل به حتى اليوم، وهو وحده دليل ساطع على إحكام النفوذ الاقتصادي في المستعمرات السابقة.

ما تريده فرنسا في الساحل الإفريقي هو النفط لتوفير الطاقة والذهب لرفع الاحتياطات البنكية واليورانيوم لتشغيل مفاعلاتها النووية، ولو كان ثمن هذا الاستغلال هو اكتواء شعوب إفريقيا في جحيم الحروب وبقائها ضحية الصراع الأبدي على السلطة.

قبل 10 سنوات، تعهد فرانسوا هولاند بالتخلّي عن سياسة “فرانس- أفريك” التي هندسها جاك فوكار، بداية الستينيات، لبناء العلاقات الفرنسية مع الدول الإفريقية المستقلة حديثا على قواعد السيطرة والولاء، عوض النديّة السياديّة وتبادل المصالح.

مقابل ذلك، أعلن هولاند في خريف 2013، عن سياسة جديدة قائمة على الشراكة، قبل أن تكذّب الأحداث سريعًا التزامات رئيس فرنسا، حيث نفذّت بلاده سبع عمليات عسكرية، أبرزها “برخان” سنة 2014 في شمال مالي، إضافة إلى “سيرفال” و”ايبرفييه” في تشاد ومالي، و”سانغاريس” في إفريقيا الوسطى وعمليات أخرى في ليبيا وكوت ديفوار.

اليوم لم تعد باريس قادرة على استمرار نفوذها الاقتصادي والثقافي في إفريقيا بالسلاح والسياسة العسكرية، أمام تصاعد النزعة الوطنية المطالبة بالتخلّص من كل آثارها المسمومة، وبروز خطاب شعبي مناهض لها بقوّة، ومؤيد لقوى دولية جديدة في المنطقة متحررة من عقدة الماضي الاستعماري، في وقت لم يدرك فيه ساسة فرنسا أن إفريقيا تتطور في وعيها وأجيالها وقياداتها، وليس من الممكن مواصلة التعامل معها بمقاربة أمنية استعمارية، تراهن على ولاء النخب العسكرية والسياسية والمالية المرتبطة بها.

هذه التغيّرات الجذرية في البنية الثقافية، الاجتماعية، والتحولات الدولية بظهور فواعل عظمى على مسرح المنطقة، هي ما يجعل فرنسا في حيرة من أمرها ويدفعها إلى التصرف الطائش، باللجوء إلى التدخل العسكري في النيجر، كآخر خيار لتوقيف تساقط أحجار “الدومينو” المؤذنة بنهاية الإمبراطورية الاستعمارية الموروثة من زمن العبودية المعاصرة.

وحدها الجزائر، النزيهة في موقفها المبدئي الرافض للانقلاب في النيجر، والمتمسكة بالنظام الدستوري فعليّا، ومن يقاسمها رؤيتها، يمكنهم الدفاع، بإخلاص، عن مصلحة الشعب النيجيري بالوقوف ضد التدخل العسكري، لأنه سيفتح عليهم باب الجحيم وعلى المنطقة برمتها، أمّا الوسواس الفرنسي الذي يدفع بدول “الإيكواس” إلى الفتنة الإفريقية، فلا يهمه سوى نفوذه الضائع وكبرياءه المجروح.

(الشروق الجزائرية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فرنسا النيجر الانقلابات فرنسا النيجر أفريقيا انقلابات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی إفریقیا

إقرأ أيضاً:

نائب أمير منطقة عسير يرعى انطلاق ملتقى القطاع التعاوني في المنطقة

المناطق_عسير

تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز أمير منطقة عسير، رئيس هيئة تطوير المنطقة، رعى صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سطام بن سعود بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة عسير، مساء اليوم، انطلاق فعاليات ملتقى القطاع التعاوني في منطقة عسير، الذي نظمته الإدارة العامة للجمعيات التعاونية بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بالتعاون مع هيئة تطوير المنطقة، وذلك في مركز المؤتمرات والمعارض بجامعة الملك خالد بالفرعاء.

وافتتح سموه فور وصوله مقر الحفل معرض القطاع التعاوني، واطلع على مشاريع التعاونيات وعيّنات من منتجاتها وأعمالها في منطقة عسير، إضافة إلى الجهات المشاركة وما تقدمه من خدمات للتعاونيات وأبرز الجهود المبذولة في تنمية القطاع التعاوني.

أخبار قد تهمك الأردن تُغلق أجواءها بشكل مؤقت أمام حركة جميع الطائرات 1 أكتوبر 2024 - 9:19 مساءً مقتطفات من تأريخ حزب الله المشين 1 أكتوبر 2024 - 8:54 مساءً

عقب ذلك بدئ الحفل الخطابي المعد بهذه المناسبة بتلاوة آيات من القرآن الكريم، ثم ألقى مدير عام الإدارة العامة للجمعيات التعاونية بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية معن بن علي العنقري، رحب خلالها بسمو نائب أمير المنطقة والحضور، مشيدًا بما تقدمه القيادة الرشيدة من دعم وتطوير للقطاع التعاوني ودورها في دعم التعاونيات وتمكينهم، مشيرًا إلى أن هذه التعاونيات تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق مستهدفات التنمية المستدامة، ومساهمتها في الناتج المحلي وخلقها للوظائف التي ترفع من جودة الحياة في مناطق المملكة.

واستعرض العنقري خلال كلمته أبرز منجزات الإدارة العامة للجمعيات التعاونية، ونمو القطاع التعاوني ومراحل تطويره ومستهدفاته، بالإضافة إلى التوزيع الجغرافي للتعاونيات في المملكة، واستعراض لحالة التعاونيات في منطقة عسير.

عقب ذلك أشاد الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير منطقة عسير المهندس هشام الدباغ خلال كلمته بجهود الهيئة في التنمية الاجتماعية وإستراتيجية المنطقة، مؤكدًا على أهمية مواءمة إستراتيجية المنطقة مع القطاع التعاوني لما لها من دور بارز على مستوى منطقة عسير في تحقيق مستهدفات الهيئة.

القطاع التعاوني، إقامة عدد من ورش العمل والجلسات الاستشارية، التي ناقشت دور الإدارة العامة للجمعيات التعاونية والجهات الشريكة في تطوير القطاع وتمكين التعاونيات، بالإضافة إلى الجلسات الاستشارية المقدمة من الجهات الفنية والجهات الداعمة والمقدمة للتعاونيات ودور الإدارة العامة للجمعيات التعاونية والجهات الشريكة في تطوير القطاع وتمكين التعاونيات.

وفي ختام ملتقى القطاع التعاوني في منطقة عسير كرم نائب أمير منطقة عسير الجهات والمؤسسات الحكومية المشاركة والمساهمين في إنجاح أعمال الملتقى.

يذكر أن ملتقى القطاع التعاوني في نسخته الثالثة جاء ضمن سلسلة ملتقيات في مناطق المملكة تنضمنها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بمشاركة عدد من جهات الإشراف الفني والجهات الحكومية والمؤسسات الأهلية ذات العلاقة.

نسخ الرابط تم نسخ الرابط 1 أكتوبر 2024 - 9:27 مساءً شاركها فيسبوك ‫X لينكدإن ماسنجر ماسنجر أقرأ التالي أبرز المواد1 أكتوبر 2024 - 8:20 مساءًالمملكة وأذربيجان تعتزمان إقامة شراكات اقتصادية ضخمة أبرز المواد1 أكتوبر 2024 - 8:16 مساءًالحرس الثوري: هذه الموجة الأولى من الهجمات أبرز المواد1 أكتوبر 2024 - 8:13 مساءًمعرض إنترسك السعودية ينطلق بنسخته الـ (6) في الرياض أبرز المواد1 أكتوبر 2024 - 7:47 مساءًمرصد منظمة التعاون الإسلامي الإعلامي يسجل 1622 جريمة وانتهاكًا في أنحاء الأرض الفلسطينية خلال أسبوع أبرز المواد1 أكتوبر 2024 - 7:39 مساءًأمير منطقة القصيم يكرّم المسوّقين في كرنفال بريدة للتمور ضمن مبادرة “أصوات الفجر”1 أكتوبر 2024 - 8:20 مساءًالمملكة وأذربيجان تعتزمان إقامة شراكات اقتصادية ضخمة1 أكتوبر 2024 - 8:16 مساءًالحرس الثوري: هذه الموجة الأولى من الهجمات1 أكتوبر 2024 - 8:13 مساءًمعرض إنترسك السعودية ينطلق بنسخته الـ (6) في الرياض1 أكتوبر 2024 - 7:47 مساءًمرصد منظمة التعاون الإسلامي الإعلامي يسجل 1622 جريمة وانتهاكًا في أنحاء الأرض الفلسطينية خلال أسبوع1 أكتوبر 2024 - 7:39 مساءًأمير منطقة القصيم يكرّم المسوّقين في كرنفال بريدة للتمور ضمن مبادرة “أصوات الفجر” الأردن تُغلق أجواءها بشكل مؤقت أمام حركة جميع الطائرات الأردن تُغلق أجواءها بشكل مؤقت أمام حركة جميع الطائرات تابعنا على تويتـــــرTweets by AlMnatiq تابعنا على فيسبوك تابعنا على فيسبوكالأكثر مشاهدة الفوائد الاجتماعية للإسكان التعاوني 4 أغسطس 2022 - 11:10 مساءً بث مباشر مباراة الهلال وريال مدريد بكأس العالم للأندية 11 فبراير 2023 - 1:45 مساءً اليوم.. “حساب المواطن” يبدأ في صرف مستحقات المستفيدين من الدعم لدفعة يناير الجاري 10 يناير 2023 - 8:12 صباحًا جميع الحقوق محفوظة لجوال وصحيفة المناطق © حقوق النشر 2024   |   تطوير سيكيور هوست | مُستضاف بفخر لدى سيكيورهوستفيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق البحث عن: فيسبوك‫X‫YouTubeانستقرامواتساب إغلاق بحث عن إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • نائب أمير منطقة عسير يرعى انطلاق ملتقى القطاع التعاوني في المنطقة
  • بالفيديو.. انتقاد لاذع من وزير الداخلية الفرنسي لاتفاقيات 1968 مع الجزائر
  • غريزمان يطوي نهائيا صفحة المنتخب الفرنسي
  • الفرنسي غريزمان يعلن اعتزال اللعب الدولي.. هذه إنجازاته
  • الفرنسي جريزمان يعلن الاعتزال الدولي!
  • المهاجم الفرنسي غريزمان يعلن اعتزاله كرة القدم دوليا
  • الفرنسي غريزمان يعتزل دولياً
  • الأبيض استقبل وزير الخارجية الفرنسي وتسلم هبة مساعدات لعلاجات الطوارئ
  • وزير الخارجية الفرنسي إلى لبنان لتقديم "الدعم"
  • وزير الخارجية الفرنسي يصل إلى لبنان مساء الأحد