تضع المملكة العربية السعودية، قضية التغير المناخي، ضمن أولوياتها سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي والدولي، حيث سبق وأطلقت قبل نحو عامين مبادرتين "السعودية الخضراء"، و"الشرق الأوسط الأخضر" للتصدي للتحديات المناخية، من موقعها كأحد أكبر منتجي النفط في العالم.

تقود المملكة جهودًا مضنية محليا ودوليًا من أجل الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2030، وتقليل الانبعاثات الكربونية بأكثر من 4% من الإسهامات العالمية المطلوبة للوصول إلى الأهداف المحددة في اتفاقية باريس للمناخ.

وسيتحقق ذلك من خلال عدد من البرامج، من أهمها مشاريع الطاقة المتجددة التي ستوفر 50% من إنتاج الكهرباء داخل المملكة بحلول 2030، إضافة إلى مشاريع التقنيات الهيدروجينية النظيفة، منها أكبر مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، في مدينة نيوم، باستثمارات تصل إلى 5 مليارات دولار. كماأن هذه المشاريع وغيرها ستمحو أكثر من 130 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، وهو رقم ضخم قياساً إلى حجم اقتصاد المملكة وعدد سكانها.

جهود إقليمية لمواجهة التغير المناخي

وإلى جانب الأهداف المحلية، تقود السعودية جهداً إقليمياً طموحاً من خلال مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، لتذهب دول المنطقة بصوت وازن ومسموع إلى قمة المناخ. ومن خلال هذه المبادرة، ستقدم السعودية خبرتها وتجربتها لدول المنطقة لمساعدتها في تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة عن إنتاج النفط بأكثر من 60%، ما سيساعد دول المنطقة على تحقيق خفض للانبعاثات الكربونية بأكثر من 10% من المستهدف العالمي.

هاتان المبادرتان تأتيان بعد مبادرات أخرى اتخذتها المملكة خلال رئاستها لمجموعة العشرين العام الماضي، نتج عنها تبني المجموعة لمفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، وتأسيس أول مجموعة عمل خاصة للبيئة، وإطلاق مبادرتين دوليتين للحد من تدهور الأراضي وحماية الشعب المرجانية.

وتوثق المبادرتين، توجه المملكة الحضاري بشأن قضايا المناخ، لتقدم قيادتها وشعبها للعالم، نموجًا يُحتذى في حماية البيئة؛ اتساقًا مع رسالتها السامية، التي دعَّمت بها السُّعوديَّةُ الحضارةَ الإنسانيَّة الحديثة، بإمدادات النفط والطاقة؛ وساهمت بقوة في تقدم البشرية.

خفض الانبعاثات الكربونية

كما ترتكز مبادرات المملكة في هذا الشأن، على تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار (278) مليون طن سنوياً بحلول عام (2030م)، ويمثل ذلك تخفيضاً طوعياً بأكثر من ضعف مستهدفات المملكة المعلنة فيما يخص تخفيض الانبعاثات.

وبدأت المرحلة الأولى من مبادرات التشجير بزراعة أكثر من (450) مليون شجرة، وإعادة تأهيل (8) ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، وتخصيص أراضي محمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في المملكة أكثر من (20%) من إجمالي مساحتها.

فيما مثلت الحزمة الأولى من المبادرات؛ استثمارات تتجاوز قيمتها (700) مليار ريال، مما يسهم في تنمية الاقتصاد الأخضر، وتوفير فرص عمل نوعية، وتوفير فرص استثمارية ضخمة للقطاع الخاص، وفق رؤية المملكة 2030.

تطوير النظام البيئي

يتسق ذلك مع عمل المملكة العربية السعودية، على تطوير نظام بيئي لاحتضان المزيد من الاستثمارات والابتكارات؛ بما يهيئ الأوضاع للوصول إلى «صفر انبعاثات كربونية» قبل 2060، في مبادرات تضع المملكة مثالا يحتذى به، وذلك وفق تأكيد وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان.

كما بأتي ذلك فيما تتضمن الاستراتيجية الوطنية للبيئة، 64 مبادرة بتكلفة إجمالية تتجاوز 52 مليار ريال سعودي، شاملة لجميع جوانب المجال البيئي, وتشمل أهم توصياتها: إعادة هيكلة الإطار المؤسسي عبر إنشاء صندوق بيئي وطني في المنطقة، و5 مراكز بيئية وطنية لتعزيز الامتثال البيئي ومكافحة التصحر وحماية الحياة الفطرية، وتعزيز إعادة تدوير النفايات، وتوفير خدمات الأرصاد الجوية والدراسات المناخية، كما أصدرت حكومة المملكة نظام البيئة الوطني ونظام إدارة النفايات ونظام الأرصاد الجوية لإرساء الإطار التنظيمي للقطاع.

حماية التنوع البيولوجي

وتسهم مبادرة "السعودية الخضراء" في حماية التنوع البيولوجي, وتسعى للإعلان عن 30% من مساحة أراضي المملكة كمناطق محمية, كما سجلت المملكة على مدار السنوات الثلاث الماضية، زيادة في المناطق المحمية بأربعة أضعاف لتصل إلى ما يقارب 16% من إجمالي مساحة المملكة بعد أن كانت تمثل نسبة 4.3% فقط قبل ثلاث سنوات.

ورفعت وزارة البيئة والمياه والزراعة عدد المنتزهات الوطنية من 19 متنزهًا قبل ثلاث سنوات إلى أكثر من 300 متنزه حاليًا، وتم بناء العديد من مراكز تكاثر أنواع الحياة الفطرية المحلية المهددة بالانقراض, كما يركز نظام البيئة الذي أُصدر مؤخرًا بشكل كبير على التنوع البيولوجي، وحماية.

تتوازى مبادرة السعودية الخضراء، مع رؤية المملكة حول قضايا المناخ؛ وفق المسؤولية الحضارية والإنسانية التي تدير بها السعودية دورها الريادي على المستويين الإقليمي والدولي، بناء على ركيزة الدور الحضاري المتواصل لها على مدار التاريخ.

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: مبادرة السعودية الخضراء مبادرة الشرق الأوسط الأخضر الانبعاثات الکربونیة بأکثر من أکثر من

إقرأ أيضاً:

هاني العسال: التغيرات المناخية قضية ملحة ينتج عنها مخاطر كارثية

أكد المهندس هاني العسال، عضو مجلس الشيوخ، أن التغيرات المناخية واحدة من القضايا الشائكة التي تعرقل مسارات النمو في كل البلدان، لذا حرصت مصر على تبني نهج وطني مُتكامل، يهدف إلى التحول إلى التنمية المستدامة المُتوافقة مع البيئة، وبالفعل أطلقت الدولة  استراتيجية المناخ حتى عام ٢٠٥٠، كما أطلقت أيضاً استراتيجية التنمية المستدامة حتى عام ٢٠٣٠، لافتا إلى أن من أهم الخطوات الجادة التي تم اتخاذها تمثلت في توجيه الاستثمارات لمشروعات التحول الأخضر، وتعزيز التعاون مع شركاء التنمية، بالإضافة إلى زيادة إنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة لتصل إلى ٤٢٪ من مزيج الطاقة عام ٢٠٣٠، وهو ما يعد تحرك قوي لمواجهة هذه التغيرات.

فؤاد: "التكيف" جزء لا يتجزأ من الاستجابة العالمية لتغير المناخ وأولوية للدول النامية الجامعة البريطانية تشارك في مؤتمر قمة المناخ COP29 بأذربيجان

وأضاف "العسال"، أن مصر من البلدان التي تواجه مخاطر نتيجة التغيرات المناخية، التي تتسبب في ارتفاع مستوى سطح البحر خاصة في منطقة الدلتا، حيث تعد من أكثر المناطق التي بها كثافة سكانية وزراعية، فضلا عن مشكلات تآكل الشواطئ وفقدان الأراضي الزراعية، مشيراً إلى أن تغير المناخ له آثار قوية على مصادر الطاقة وزيادة معدلات الاستهلاك، والذي يسهم في زيادة إنتاج الكهرباء وبالتالي يزيد من العبء على الدولة المصرية التي لابد أن تواجه هذه التغييرات بخطة ممنهجة حتى نتدارك كافة التداعيات الخطيرة التي قد ينتج عنها كوارث طبيعية تهدد السكان والبنية التحتية والتنمية العمرانية التي حققتها مصر خلال سنوات قليلة.

وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أهمية التوسع في المشروعات الخضراء وجذب مزيد من الاستثمارات في هذا الصدد، خاصة أنها تحقق الاستدامة والكفاءة في استغلال الموارد المحدودة، وتسهم في تقليل حدة تأثير المخاطر المُناخية، نتيجة لخفض المشاكل البيئية، وتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، والنفايات والملوثات، وكذلك حماية النظم البيئية، مؤكداً أن الدولة حققت طفرة في هذا القطاع، من أجل اللحاق بركب التحول إلى ريادة الأعمال الخضراء ومواكبة ذلك التوجه العالمي، من خلال زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء إلى 50% من إجمالي الاستثمارات العامة بحلول عام 2024/ 2025، مقارنة بنحو 15% عام 2020/ 2021، لافتا إلى أن مصر تستهدف مصر مواصلة رفع هذه النسبة إلى 75% في عام 2030.

وأوضح المهندس هاني العسال، أن هناك تحديات تواجه البلدان النامية في خلق تمويلات لدعم المشروعات الخضراء، فعلى الرغم من جهود الدولة في إطلاق  المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية في عام  2022، من أجل تحفيز الأفكار الإبداعية، والتنفيذ العملي للمعالجات البيئية المبتكرة في جميع المحافظات؛ لمواجهة تحديات تغيُّر المُناخ، ورفع وعي المواطن المصري بظاهرة تغيُّر المُناخ وتحدياتها، وبقضايا التنمية المستدامة بصفة عامة في مختلف المحافظات، إلا أن هناك تحديًا في  توافر التمويل المناسب، وصعوبة النفاذ إلى التمويل، وربط هذا النفاذ بمشروطيه تنفيذ إجراءات متسارعة لا تراعي الظروف الاجتماعية والاقتصادية في الدول النامية.

مقالات مشابهة

  • 179 مشروعا لمواجهة التغيرات المناخية.. و94 منشأة لرصد الانبعاثات الصناعية
  • وزير الصحة: المملكة أصبحت مركزًا لمواجهة التحديات الصحية العالمية
  • هاني العسال: التغيرات المناخية قضية ملحة ينتج عنها مخاطر كارثية
  • الرياض تستضيف النسخة الرابعة من منتدى مبادرة السعودية الخضراء في المنطقة الخضراء بمؤتمر COP16 ديسمبر القادم
  • الرياض تستضيف النسخة الرابعة من منتدى مبادرة السعودية الخضراء في المنطقة الخضراء بمؤتمر COP16 ديسمبر المقبل
  • العوفي: عُمان تؤكد الالتزام الكامل بخطط التحول في الطاقة وحبس الانبعاثات الكربونية
  • «النيل للإعلام» بالمنوفية ينظم ندوة حول مواجهة البصمة الكربونية وأثرها على البيئة
  • «البصمة الكربونية ومواجهة تداعيات التغييرات المناخية».. لقاء بالنيل للإعلام بالمنوفية
  • لمواجهة التحديات المناخية.. تدريب مكثف لإدارة الأزمات في مطروح
  • مسؤول دبلوماسي سابق: مصر تكثف جهودها لمواجهة الحرب في المنطقة