حكم المسح على الجورب الملبوس على جورب آخر.. سؤال غريب وهذه إجابته
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول: "توضأتُ ولبستُ جوربين، ثم بعد مدة قصيرة لبستُ جوربين آخَرَين فوقهما قبل أن يَنتقض وضوئي، فهل يجوز لي المسح عليهما أو عليَّ نزعُهما والمسح على الأوَّلَين؟.
وأجابت دار الإفتاء، في فتوى لها، أنه ما دام لُبس الجَوْرَبَيْن كان بعد الوضوء، وتم المسح عليهما، ثم بعد ذلك تمَّ لبس غيرَهما فَوْقَهما قبل أن يَنتقض الوضوء، فإنه يجوز -عند الوضوء- المسح على الجَوْرَبَيْن الظاهرين، وذلك إذا كان في مدة المسح وكان المسلم مراعيًا أحكامَه.
وذكرت دار الإفتاء، أن مِن يُسْرِ الشريعةِ السمحةِ: أنَّ أحكامَهَا قد بُنِيَتْ على التخفيفِ والتيسيرِ ورفعِ الحرجِ، فلم يُكَلِّفِ المولى سبحانه وتعالى العبادَ إلا بما هو في طاقتهم ووُسعهم؛ قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286].
وأوضحت، أن مِن مظاهر هذا اليُسر في الشريعة: أنها أباحت للمسلم عند الوضوء أنْ يمسح على الخُفَّيْن أو الجَوْرَبَيْن -على اختلافٍ بين الفقهاء وتفصيلٍ في شروط المسح عليهما، سواء في الخُفَّيْن أو الجَوْرَبَيْن-، وذلك دون أن ينزعهما، ما دام قد لَبِسَهُمَا وفق أحكامهما المقررة في الشرع، والتزم بهذه الأحكام.
فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كُنْتُ مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وآله وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ، فَقَالَ: «دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ»، فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا. أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وعنه أيضًا رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» أخرجه الأئمة: أصحاب السنن الأربعة، وأحمد في "المسند" واللفظ له.
آراء الفقهاء في المسألة
واستطردت دار الإفتاء، في بيان نصوص الفقهاء في هذه المسألة، وهو ما ذهب إليه جمهور الفقهاء مِن الحنفية، والشافعية في مقابل الأصح -إلا إذا كان الجَوْرَب الأسفل مُخَرَّقًا؛ فإنه يجوز المسح على الجَوْرَب الأعلى قولًا واحدًا-، والمالكية، والحنابلة.
وشرطُ مسألة القولين: أنْ يكون الخِفَافُ والجُرْمُوقَانِ صحيحَين يجوز المسحُ على كلِّ واحدٍ لو انْفَرَدَ كما قاله المصنِّف، فأمَّا إنْ كان الأعلى صحيحًا والأسفل مُخَرَّقًا، فيجوز المسحُ على الأعلى قولًا واحدًا؛ لأنَّ الأسفل في حكم اللِّفافةِ، هكذا قَطَعَ به الأصحابُ الطُّرُقَ، وصَرَّحوا بأنه لا خلاف فيه] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الوضوء المسح الفقهاء الج و ر ب ی ن دار الإفتاء الله ع
إقرأ أيضاً:
حكم الجماع في ليالي رمضان.. دار الإفتاء تصحّح مُعتقدًا خاطئًا
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (يعتقد بعض الناس أن جماع الزوج لزوجته في ليالي رمضان حرام، فما حكم الجماع بين الزوجين في ليالي رمضان؟
وقالت دار الإفتاء في إجابتها عن السؤال، إن جماع الزوج لزوجته في ليالي رمضان جائز شرعًا، ما لم يكن هناك عذر شرعي كالحيض والنفاس، قال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمۡ لَيۡلَةَ ٱلصِّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَآئِكُمۡۚ هُنَّ لِبَاسٞ لَّكُمۡ وَأَنتُمۡ لِبَاسٞ لَّهُنَّۗ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡ وَعَفَا عَنكُمۡۖ فَٱلۡـَٰٔنَ بَٰشِرُوهُنَّ وَٱبۡتَغُواْ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَكُمۡۚ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِ} [البقرة: 187].
قال الجصاص في «أحكام القرآن» (1/ 237) عند تفسيره للآية السابقة: «فَأَبَاحَ الْجِمَاعَ وَالْأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي لَيَالِي الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ».
وعليه فجماع الزوج لزوجته في ليالي رمضان جائز شرعًا، إذا لم يكن هناك عذر شرعي يمنع الجماع كالحيض والنفاس.
فتاوى الجماع في رمضانوكشف الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية السابق، عن حكم الجماع في نهار رمضان، منوها أنه إذا جامع المسلم الصائم زوجته في نهار رمضان بطل صومه ووجب عليه القضاء والكفارة.
واستشهد المفتي السابق، في فتوى له، بما ورد أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَقَالَ لَهُ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «وَمَا أَهْلَكَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ بِهِ رَقَبَةً؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟» قَالَ: لَا، ثُمَّ جَلَسَ الرَّجُلُ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مِكْيَالٌ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا»، قَالَ: مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا -طَرَفَيْهَا- أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنِّي، فَضَحِكَ النَّبَيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ: «اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ«.
وتابع: وأما اعتقاد البعض بتحمل المرأة التي شاركت في الجماع للكفارة، فقال: الحديث الصحيح الذي جاء فيه الصحابي يشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه وقع بأهله في نهار رمضان قد ورد فيه حكمُهُ صلى الله عليه وآله وسلم بالكفارة عليه وحده، ولم يخبره بكفارة على امرأته، وهذا وقت الحاجة إلى إظهار الحكم، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فلم يجب على المرأة إلا القضاء فقط.
كفارة الجماع في نهار رمضانوأكدت دار الإفتاء المصرية، أنه إذا جامع الرجل في نهار رمضان، فعليه الكفارة العظمى مع قضاء اليوم الذي أفطره؛ أيْ يقضي اليوم ثم عليه صيام ستين يومًا متتابعة، وعليه التوبة من هذا الإثم بالندم، والعزم على عدم العودة إليه أبدًا، هذا إذا كان هو صائمًا، أما إن كانت هي فقط الصائمة فلا كفارة عليه ولا قضاء.
وحول مدى وجوب الفدية على الزوجة بالإفطار في رمضان، قالت الإفتاء: أما المرأة فإن كانت صائمة وأفطرت بالجماع في صيام الفريضة فعليها القضاء فقط ولا كفارة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمر مَن جامع في رمضان بالكفارة عن نفسه، ولم يأمره أن يخبر زوجته أيضًا بأن عليها الكفارة، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، فعُلِمَ من ذلك أن عليها القضاء فقط مع التوبة، أما إن لم تكن صائمة فليس عليها قضاء ولا كفارة. هذا حكم الجماع في نهار رمضان.