عند انطلاقك في جولة فنية إرشادية عبر مؤسسة قطر، ستقودك رحلتك إلى إحدى ردهات المبنى 2015، وهو المقر الرئيسي للمؤسسة، وهناك، ستقع عيناك على جدار من البورسلين، كُتبت عليه كلمة «هش» باللغة العربية، بالبارود المحروق.  


«هش» هو اسم عمل فني للفنان ساي جوو تشانغ، وهو فنان صيني مقيم في نيويورك، اشتهر عالميًا بما يطلق عليه «فن الانفجار» أو الرسم باستخدام البارود.

يهدف عمله الفني «هش» إلى تسليط الضوء على العلاقة التاريخية بين الصين والعالم العربي، والتي ترجع إلى زمن طريق الحرير البحري القديم. يشبه استخدام بلاط البورسلين المنحوت بدقة بالغة ذلك الخزف الذي يُصنع بالقرب من مسقط رأس الفنان في مدينة تشوانتشو، أو مدينة الزيتون كما سماها العرب، وميناؤها الذي كان تاريخيًا نقطة للتجارة البحرية مع العالم العربي.  في عام 2011، كلَّف متحف: المتحف العربي للفن الحديث، ومقره في المدينة التعليمية، الفنان ساي جوو تشانغ بإقامة معرضه الفردي الأول في الشرق الأوسط تحت عنوان «سراب»، وكان العمل الفني «هش» من بين الأعمال التي قدمها ساي في ذلك المعرض.  وقال ساي: «عندما تلقيت دعوة لعرض أعمالي الفنية في الدوحة، وجدت نفسي وجهًا لوجه أمام ثقافة العالم العربي الغامضة والمذهلة بالنسبة لي، فقررت أن أبدأ ضمن حدود معرفتي، فبدأت من تاريخ مسقط رأسي في تشوانتشو». 
وأضاف: «تاريخيًا، كان للمسلمين دور فاعل في القطاعات السياسية والاقتصادية والعسكرية في مجتمع مدينة تشوانتشو، والتي ما تزال تحتفظ بملامح من الطراز الإسلامي، مثل الأقواس المدببة، والنوافذ، والسقوف، وحتى الحجاب الذي كانت تضعه جدتي على رأسها في كثير من الأحيان».  
وبحسب ساي، فإن مجرد إلقاء نظرة على تاريخ الثقافة البشرية واستئناف سرد قصص الماضي يمكن أن يثير شعورًا «لا يمكن تفسيره» من الحماسة والتشويق لديه. 
يبيّن ساي: «إن فني مثل البذرة التي أزرعها في ثقافات مختلفة، فتنمو وتزدهر وتؤتي ثمارها في أراض مختلفة. أعتقد أن بإمكان الفن أن يتجاوز تقلّبات السياسة والتاريخ، ويعزّز الحوار بين الناس عبر مختلف الثقافات، من أجل بناء مجتمع بشري أفضل».  وعن سبب اختياره كلمة «هش» اسمًا لعمله الفني، أوضح ساي أن الاسم جاء من العلاقة الحساسة بين البارود والسيراميك، بينما يمثل أيضًا كناية عن العلاقات الهشّة بين الناس والثقافات والأمم.  وأضاف: «قبل هذا المشروع، كانت أعمالي الفنية تميل إلى أن تكون أكبر وأقوى. ومن خلال هذه العمل، تعلمت أن الهشاشة مهمة أيضًا، فمزجت بين اللطف، والحِلم، والأناقة، والرقّة التي اكتشفتها في الثقافة العربية». 
مثّل دمج الحروف العربية في القطعة الفنية تحديًا للفنان ساي، لكنه تمكن من التغلب عليه بمساعدة صديق من قطر. يوضّح ساي: «لقد علّموني كيف أكتب كلمة (هش) بالعربية. وأوليت اهتمامًا شديدًا للطبيعة الجميلة والحساسة لهذه الكلمة، وتدرّبت على كتابتها بالخط الصيني مرارًا وتكرارًا باستخدام الحبر، ثم جرّبت كتابتها عدة مرات باستخدام البارود على السيراميك». 
في معرض «سراب» الذي أقامه عام 2011 في قطر، تعاون ساي مع 200 متطوع محلي، وأتاح للجمهور رؤية عملية إنتاج العمل الفني «هش»، الأمر الذي جعله أكثر من مجرد عمل فني، وإنما «ذكرى جماعية في الثقافة المحلية». 
وعن المعرض قال ساي: «أتذكر أن جميع طلاب المدارس الابتدائية تقريبًا ومن جميع أنحاء البلاد كانوا يتوقفون في طريقهم لمشاهدة عملي الإبداعي. في بعض تلك اللحظات، لم يكن من ضمن مخططاتي إشعال البارود، لكنني كنت أشعل بعضًا منه فقط لأجنّبهم الشعور بخيبة الأمل».  وتابع: «أصبح محتوى هذه الأعمال مرتبطًا إلى حد كبير بالثقافة القطرية، وبالتالي فإن فهم السكان المحليين للعمل الفني ومشاركتهم فيه أثْرَته وأضافت إليه أبعادًا أخرى».  ما تزال الثقافة العربية بالنسبة لساي «لغزًا مذهلًا» يمكن للمرء دائمًا أن يعود إليها ويواصل استكشافها. 
وعن انطباعه عن قطر وشعبها، قال ساي: «على الرغم من أن قطر أحد أصغر بلدان الشرق الأوسط مساحةً، فإن شعبها يتمتع بشجاعة وشخصية لا تعرف الانكسار. لقد حضرت حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية 2006 في الدوحة وشهدت طموحات قطر، وأشعر بالحماس والفخر لمشاهدة الدور الفاعل والمؤثر لدولة قطر يتزايد في دوائر الفن والثقافة في العالم». 
ويتابع: «تسعى مؤسسة قطر، وقطر بشكل عام، إلى مواصلة الاحتفاء بالثقافة العربية وتعزيزها، لكن في الوقت نفسه الانفتاح على الثقافات العالمية المختلفة، دون التخلي عن الثقافة العربية، حيث يتيح الانفتاح لهما المضي بثقة نحو تشكيل وبناء ثقافة عربية عصرية».

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر مؤسسة قطر الثقافة العربیة

إقرأ أيضاً:

«مواعيد عرقوب» على مسرح مؤسسة العويس الثقافية

دبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة الأمم المتحدة تشيد بدور الإمارات في إجلاء مرضى من غزة لتلقي العلاج انطلاق أعمال المؤتمر الخليجي للتراث والتاريخ الشفهي

تنظم مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية في الساعة التاسعة من مساء غد الأربعاء 18 سبتمبر الجاري، عرضاً مسرحياً بعنوان «مواعيد عرقوب»، وهو سيرة مسرحية مونودرامية عن حياة الشاعر مبارك العقيلي من تأليف وإخراج الفنان عمر غباش، ومن إنتاج مركز ديرة الثقافي بدبي.
حيث يقدم الفنان عمر غباش حياة الشاعر «مبارك العقيلي» الذي ولد في منطقة الرياض في السعودية وتنقل بين السعودية والعراق ودبي وعُمان والبحرين حتى استقر به المقام في دبي. وقد عاش الشاعر ما بين 1875م إلى 1955. وعاصر الوجود العثماني في منطقة الأحساء في السعودية والانتداب البريطاني في منطقة الخليج. كما عاصر العديد من الشخصيات في المنطقة وتواصل مع العديد من المثقفين. وكان يتميز بجزالة شعره، سواءً باللغة العربية الفصحى أو في شعره النبطي. وكان له السبق في كتابة أول مسرحية شعرية في الجزيرة العربية وأول قصة قصيرة. وتستعرض المسرحية رحلة حياته منذ صغره ومن ثم كل مراحل حياته. ويعد هذا العرض المسرحي أول عرض لـ «مواعيد عرقوب» في الإمارات، حيث كانت قد عرضت سابقاً في مهرجان الكويت الدولي للمونودراما، كما عرضت في مهرجان شتوتغارت الدولي للمسرح في ألمانيا في مايو الماضي. ويشارك في المسرحية إلى جانب الفنان عمر غباش كل من: حسن يوسف، مساعد مخرج، وعبد الله الشعيبي، مساعد مخرج، ومحمد جمال فني إضاءة.

مقالات مشابهة

  • رئيس البرلمان العربي يهنئ المملكة العربية السعودية لحصولها على المركز الأول إقليميًا والرابع عالميًا في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية، ويؤكد: ثمار مباشرة للرؤية الطموحة “2030”
  • انخفاض أسعار النفط بالعالم
  • توماس فريدمان: دور أميركا بالعالم كان صعبا لكنه اليوم أصعب بكثير
  • “ما وجدته في السعودية لم أره في أي مكان بالعالم”.. صديقة رونالدو تكشف أسرارها
  • الإعلان عن عرض قاعة العروض الثقافية والفنية للبيع في صنعاء
  • وزير الخارجية يؤكد دور الجالية المصرية بروسيا في تعزيز الروابط بين البلدين
  • “تعزيز الروابط الإنسانية ” أوقاف البحيرة تحتفل بالمولد النبوي الشريف
  • وزير الثقافة: الاهتمام بالفنون يعكس مدى تقدم المجتمعات ويُعزز هويتها الثقافية
  • «مواعيد عرقوب» على مسرح مؤسسة العويس الثقافية
  • وائل الجشي لـ24: "البعد المفتوح" مساهمة نوعية في الثقافة العربية