د. هدى النعيمي تكتب عن حصة المفتاح: فنانة تفرش لوحاتها على سيف الوكرة
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
زائر الوكرة يرى سر تعلقنا بالتراث وصورة من صور «قطر القديمة الجديدة»
الفنانة حصة المفتاح إحدى بنات الوكرة.. ولدت وعاشت وعشقت ساحلها وسككها الضيقة
حصة جمعت من ذاكرتها ملامح الوكرة القديمة وقدمتها بريشة الفنان
حصة: في الوكرة رائحة القطري الأصيل.. وروح المكان متجسدة في التراب والإنسان
لم أكن على موعد مع الفنانة حصة المفتاح ولا مع رواق فني يفتح أبوابه المُشرعة أمام سيف الوكرة، القرية القطرية الوادعة التي تطورت كما كل مكان في قطر الحديثة لتصبح شيئا مختلفا عن الوكرة القديمة وكرة الغوص، والهولو وغناء البحارة العائدين الذي يوشوش الساحل، ويرسل إشاراته مع الموج المنساب قبل الوصول.
ويطيب لي كلما سمح الوقت، خاصة مع نسمات الخريف، والشتاء في بلادي أن أزور سوق الوكرة القديم/ الجديد أو هو شاطئ الوكرة أو سيفها القديم المتجدد دوما، وقد عملت يد السياحة في قطر على صناعة هذا المشروع الجميل، الذي لن تستطيع سواء كنت مواطنا، أو مقيما أو زائرا، لن تستطيع إلا أن تحب هذا المكان وأنت تدور بين أروقة المنازل في شكلها القديم الذي ما عاد يرى إلا في مسلسلات تلفزيونية تحاكي ذاك الزمن، وهو زمن لم تمضِ عليه سوى عقود قليلة، ولا يزال الكثير من أهل الوكرة أو الريان أو الخور، يحملون في ذاكرتهم شكل البيوت المبنية من الأحجار والأخشاب والمواد الطينية، لكن ساحل الوكرة القديم / الحديث، يعود بمن يحمل تلك الذاكرة أو من يعيش زمانها على شاشات التلفزيزن، يعود بهم جميعا إلى زمن جميل، في بساطته المتجسدة في شكل البناء أولا، واقتراب البيوت من بعضها البعض كما هي القلوب كانت قريبة من بعضها البعض، زمن لا يعتبر فيه الجار مجرد جار، لكنه أخ وصديق وقريب، وقد تكون الجارة هي الأقرب لجارتها من إخوة، أو أبناء عمومة إذا بعدت المسافات بينهم، وقد يكون الجار هو حامي الدار إذا غاب رجل الدار.
العودة إلى ساحل الوكرة
يطيب لي أن أعود إلى ساحل الوكرة المجدد كلما حل علينا ضيف من قريب أو بعيد، ليرى في الوكرة سر تعلقنا بالتراث، وعبق التاريخ هنا، وليرى الضيف صورة من صور قطر القديمة الجديدة حيث لم تترك التاريخ لتتماهى مع المعمار الحديث والمستقبلي، بل تحافظ البلاد على المعادلة الصعبة لتعيش ويتعايش كل من يقيم على أرضها بين التراث والمعاصرة وأرى أن بلادي قد نجحت إلى حد كبير في حل هذا التوازن الدقيق.
على سيف الوكرة المتجدد، وبعد سياحة بين البيوت القديمة، ومعمارها الداخلي الذي صار محال تجارية متعددة الأغراض، يحلو لك بعد ذلك أن تطوي الخطوات تلو الخطوات وأنت تنقل ناظريك بين الساحل، والموج المتقاذف على الشاطئ، منحسرا مرة في حالة الجذر ومتقدما مرة في حالة مد، هكذا ترك من نظم المشروع سيف الوكرة في شكله الأساس، شاطئ رملي أو سيف كما نسميه نحن هنا في الخليج، ولم يصنع كورنيشا للمشاة، ولكن صنع ممشى واسعا لمحبي المشي ومرتادي العجلات.
هنا على سيف الوكرة تنقل ناظريك بين موج البحر الهادئ والصف المقابل له وقد ارتصت المقاهي والمطاعم بأصناف متعددة، منها ما يقدم الأكلات الشعبية القطرية، ومنها ما يختص في الأصناف العربية على تنوعها، والتنوع دوما سر النجاح في المشاريع السياحية لتقابل كل الأذواق لكل السياح، أو المصطافين.
في زيارتي الأخيرة لسوق الوكرة أو ساحل الوكرة، جرت بي الأقدام إلى الطرف البعيد نسبيا عن المقاهي والمطاعم، لأرى لوحة كتب عليها «جاليري الوكرة» كان من المثير للفضول التعرف على هذا الجاليري الذي علمت بعدها أنه قد افتتح هنا ضمن استعدادات البلاد لاستضافة مونديال كأس العالم، وكم كان من الجميل أن تصادف جاليري فنيا يقدم لوحات لفنانين من قطر، والعالم العربي ويرحب وقد يستضيف فنانين دوليين أيضا، من الجميل أن يدخل الفن والإبداع القطري من خلال المشاريع السياحية الكبرى مثل ساحل الوكرة الذي يعرفه من يزوره من خلال المقاهي، والمطاعم، لكنه بهذا الجاليري يقدم إضافة فنية وثقافية من خلال ريشة قطرية الصورة الأساس للمنطقة، وبالتحديد صورة للوكرة القديمة كما كانت وكما عرفها وألفها جيل ما زال يعيش تفاصيل تطورها.
ترحيب بالقهوة القطرية
هناك أمام الجاليري على الدكة الإسمنتية – كما باقي البيوت القديمة – تجلس فتاة قطرية ترحب بالقهوة القطرية بزوار الجاليري، رحبت وهشت، وبشت بالزوار وقامت تعرفهم بالجاليري وباللوحات وحكايات اللوحات، إنها الفنانة القطرية حصة المفتاح، إحدى بنات الوكرة، ولدت وعاشت هنا كما عاش الأب والأم، والأجداد هنا في الوكرة، أحبت مدينتها الصغيرة، عشقت ساحلها وسككها الضيقة، جمعت في ذاكرتها الصورية، صورا متعددة، وملامح الوكرة القديمة قبل أن تمتد إليها يد السياحة فتقدم القديم في ثوب جديد، جمعت حصة المفتاح صور الذاكرة وصورا فوتوغرافية جمعتها من العم والخال والجار الأول، ثم خطت، وحفظت ملامح تلك الصور بريشة الفنان في لوحاتها حتى تعيش الوكرة – كما كانت – في تلك اللوحات فلا يموت الزمان الأول إذا جاءت المقاهي بالحلوى، والآيسكريم على ساحل الوكرة الهادئ.
حصة.. وعشق الوكرة
وتتحدث حصة المفتاح، المؤسسة والمدير التنفيذي للجاليري، والفنانة التي تغطي لوحاتها أغلب مساحات العرض في الجاليري، تتحدث بشغف عن حبها الشديد لهذه المنطقة، تقول: أحب الوكرة أنا إحدى بناتها، نعم، ولكن أيضا هنا رائحة القطري الأصيل في بلادي، أحبها لأنني رأيت فيها حتى زمن قريب نسبيا، روح المكان متجسدة في التراب والإنسان، وأنا أعشق تلك الروح وحاولت عبر الريشة واللون أن أرسمها من خلال الوجوه، ومن خلال الإمساك باللحظة الزمنية التي كنت جزءا منه ذات يوم.
السكك والمباني الأولى قد لا تراها اليوم على هذه الأرض، لكن الفنانة حصة المفتاح تؤكد لك أن لا شيء هنا في هذا الجاليري من وحي خيال لكنه صورة حقيقية من واقع زال، وتضيف بصوت تزينه آهة حنين لذلك الزمان الذي لم يعد واقعا، وتضيف «تشهد على قولي جدتي، رحمها الله، التي أجسد صورتها في هذه اللوحة».
الشغف الذي تتحدث به حصة يجعلك مشدودا لكلماتها، ملتصقا بلوحاتها، وهي تحكي قصة لوحة ثم قصة لوحة أخرى، هذا مسجد كان هناك، وهنا كانت ساحة البيت الكبير الذي ضم لعب أطفال الوكرة – نحن – فلم نتعب، ولم تقسُ علينا جدران البيت الكبير، هذا الدكان الوحيد في مدينتي، وهذا هو شكل السيف كما رأيته في طفولتي، شغف وحب للمكان والصورة تتحدث به حصة المفتاح، وهي تحاول تعريف ضيوفها - ليس لوحاتها وألوانها كفنانة – بل على الوكرة كما كانت، وعلى الصورة التي لا تريد لها أن تمحى من ذاكرتها، أو ذاكرة أبناء وطنها، بل وكل من يزور الوكرة ويشاهد ساحلا جميلا، وخطا من المقاهي والمطاعم، ووراءه يتخفى شكل آخر للمدينة لا تراه إلا عندما تزور جاليري الوكرة.
فكرة الجاليري
تقول حصة في أحد لقاءاتها الصحفية بعد افتتاح الجاليري «إن الجاليري بدأ بفكرة، إلى أن تحققت على أرض الواقع بالفعل، وأصبح واقعاً يحمل اسم مدينة الوكرة وعبقها الإنساني التاريخي والحضاري. وإنني سعيدة لما يحظى به الجاليري من دعم ليبقى الفن القطري حاضراً بين الجميع، من خلال مساهمات وإبداعات أبناء قطر». كما هي دوما النجاحات، والابتكارات والاختراعات العظيمة، تبدأ بفكرة، فكرة خلاقة، قد تبدو في كثير من الأحيان فكرة مجنونة، ولكن الإيمان بالفكرة، كما هي الحال عند ابنة قطر، الفنانة حصة المفتاح، التي آمنت بفكرة جاليري الوكرة ثم تحدت الصعاب، وتحمَّلَت لأجلها مصاعب جمَّة لتصير الفكرة المجنونة واقعا ملموسا، جاليري الوكرة، المعرض الفني الوحيد في الوكرة، لتجلس حصة على الدكة الإسمنتية أمامها دلة القهوة، واللقيمات القطرية، مُرَحبة بضيوف الجاليري، وكأنها ترحب بهم في بيتها الخاص، أو لنقل مدينتها الخاصة، الوكرة القديمة، لتحكي ما يحكيه الموج لتراب الساحل الهادئ في الوكرة الأولى، ولا تزال حصة تحمل في جعبتها أحلاما كبارا، قد تبدو اليوم فكرة، وغدا.. سيكون للأفكار مكان على أرض الواقع، وقد يكون لي حظ لأقدم تلك الأفكار الكبيرة، وقد صارت واقعا على الأرض، وقد أُقَدمها لقارئ يدرك مثلي أن كل الأشياء الجميلة تبدأ من فكرة صغيرة، أو حلم.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: قطر فی الوکرة من خلال
إقرأ أيضاً:
حاكم عجمان والشيوخ يحضرون أفراح النعيمي والمعلّا
حضر صاحب السموّ الشيخ حميد بن راشد النعيمي، عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، وسموّ الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي، ولي العهد، نائب حاكم الشارقة، وسموّ الشيخ عمار بن حميد النعيمي، ولي عهد عجمان، رئيس المجلس التنفيذي، وسموّ الشيخ محمد بن سعود بن صقر القاسمي، ولي عهد رأس الخيمة، والفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب، رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، مساء السبت، في قاعة «البيت متوحّد» بعجمان، حفل استقبال أقامه اللواء الشيخ سلطان بن عبدالله بن سلطان النعيمي، القائد العام لشرطة عجمان، بزفاف نجله الشيخ عبد العزيز، إلى كريمة الشيخ علي بن راشد بن أحمد المعلّا.
وأعرب أصحاب السموّ الشيوخ عن خالص التهاني والتبريكات إلى العروسين وذويهما، متمنين لهما حياة ملأى بالسعادة والتوفيق والذرية المباركة. داعين الله العلي القدير أن يديم على دولتنا وشعبنا الأمن والسعادة والاستقرار.
كما حضر الحفل الشيخ عبد العزيز بن حميد النعيمي، رئيس دائرة التنمية السياحية، والشيخ راشد بن حميد النعيمي، رئيس دائرة البلدية والتخطيط، والشيخ راشد بن عمار النعيمي، نائب رئيس نادي عجمان، والشيخ الدكتور ماجد بن سعيد النعيمي، رئيس ديوان حاكم عجمان، والشيخ سعيد بن راشد النعيمي، والشيخ صقر بن راشد النعيمي، والشيخ حمدان بن راشد النعيمي، والشيخ محمد بن راشد النعيمي، والشيخ أحمد بن راشد النعيمي، والشيخ محمد بن عبد الله النعيمي، رئيس دائرة الميناء والجمارك بعجمان، والشيخ عبدالله بن ماجد النعيمي، المدير العام لمكتب شؤون المواطنين، وعدد من الشيوخ وكبار المسؤولين، ورؤساء الدوائر الحكومية وأعيان البلاد ووجهائها، وأبناء القبائل وجمع من المدعوين.
وتخلل الحفل عروض من الفنون الشعبية الإماراتية واللوحات التراثية والأهازيج المتنوعة. (وام)