تعرف على أحداث لقاء البابا مع الكهنة اليسوعيين خلال زيارته الرسولية إلى البرتغال
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
شهد يوم الخامس من أغسطس الجاري وخلال زيارته الرسولية إلى البرتغال لمناسبة اليوم العالمي للشبيبة ٢٠٢٣ كان للبابا فرنسيس لقاء مع الكهنة اليسوعيين في ليشبونة.
وتطرق مع الحاضرين إلى مسائل مختلفة مجيباً على بعض الأسئلة التي طُرحت عليه. للمناسبة نشر مدير مجلة شيفيلتا كاتوليكا، الكاهن اليسوعي أنتونيو سبادارو مقالاً هذا الاثنين سلط فيه الضوء على هذا اللقاء.
بدأ الاجتماع بكلمة للرئيس الإقليمي للرهبنة اليسوعية في البرتغال الأب ميغيل ألميدا الذي قدم لمحة عن نشاطات الرهبنة اليسوعية في البلد الأوروبي تربية ورعوية الجامعات، والعمل في الرعايا، والبرامج الاجتماعية، وفي عالم الثقافة أيضا.
بعدها تناول البابا الحديث مجيبا على بعض الأسئلة التي طرحها عليه الكهنة اليسوعيون وتطرق إلى مسألة المجتمع المعلمن الذي نعيش فيه، لافتا إلى أن هذا الأمر يثير قلقه، خصوصا عندما يتغلغل هذا الطابع الدنيوي إلى داخل الحياة المكرسة. وسلط الضوء في هذا السياق على أهمية التمييز، معتبرا أن ثمة فرقاً كبيراً بين الاستعداد للحوار مع العالم، لاسيما مع عالم الفن والثقافة، وعيش الطابع الدنيوي. وشدد في الوقت نفسه على أهمية عدم الانغلاق على العالم إذ لا بد من الخروج نحوه مع كل ما لديه من قيم وانعدام القيم. وتوقف البابا عند خطاب وجهه إلى كهنة الكوريا الرومانية العام الماضي وحذرهم من مغبة الانجرار وراء إغراءات هذا العالم لاسيما الجنسية منها.
بعدها انتقل البابا إلى الحديث عن التزام الرهبنة اليسوعية في العمل لصالح الفقراء، وقال إن الروحانية الأغناطية تدفعنا اليوم في هذا الاتجاه، نحو التزام تجاه من يعيشون على هامش الحياة، لا على هامش الدين وحسب. وذكّر بأنه في أيام الرئيس العام الأسبق الأب جانسن أبصرت النور مراكز للبحوث والعمل الاجتماعي، وقد مهدت الطريق أمام التفكير والتأمل وصولا إلى خيار العيش وسط الأشخاص الفقراء وأكد البابا أن هذا الأمر يساعد الكهنة أنفسهم، ويبشرهم بالإنجيل. وأضاف فرنسيس أن هناك وسائل وطرقاً كثيرة للاقتراب من المشاكل الاجتماعية، بيد أن العيش داخل البيئات المحرومة يعني المقاسمة، ويسمح بالتعرف على الحكم الشعبية وباتّباعها. وقال إن للفقراء حكمة خاصة، إنها حكمة ممارسة العمل بكرامة. وثمة حاجة لمرافقة الفقير ومساعدته على السير إلى الأمام والتقدم مع الحفاظ على كرامته.
ردا على سؤال بشأن الانتقادات التي توجّه غالباً إلى حبريته، حتى من داخل الرهبنة اليسوعية نفسها، قال البابا فرنسيس إن المواقف الرجعية لا جدوى منها، لافتا إلى وجود تطور يتعلق بفهم المسائل الإيمانية والخلقية ومؤكدا أن العقيدة أيضا تتقدم وتترسخ في الوقت نفسه، والتغيير يبدأ من الجذور ويرتقي إلى الأعلى. ولفت الحبر الأعظم – على سبيل المثال – إلى أن حيازة الأسلحة النووية هي اليوم خطية، كما أن ممارسة عقوبة الإعدام خطية، وفي الماضي لم يكن الأمر كذلك. فيما يتعلق بالعبودية، لفت فرنسيس إلى وجود العديد من البابوات الذين كانوا متسامحين مع هذه الظاهرة، أما اليوم فقد تبدلت الأمور. وأضاف البابا أن فهم الإنسان يتغيّر مع مرور الزمن، وضميره يزداد ترسخاً وعمقاً. والعلوم تساعد الكنيسة على النمو في هذا الفهم والإدراك.
هذا ثم سأل أحد الكهنة البابا عن حلمه بالنسبة لكنيسة المستقبل وقال إنه عندما ينظر إلى المستقبل يرى أنه علينا أن نتبع الروح القدس، ونستمع بشجاعة إلى ما يقوله لنا. وأضاف فرنسيس أنه قرأ مؤخراً التقرير الذي يسلط الضوء على وضع الرهبة اليسوعية، مشيرا إلى أنه يتحدث عن الحاضر لكنه ينفتح على الغد ويشدد على ضرورة متابعة السير في الدرب نفسها. وقال البابا إن حلمه لمستقبل الكنيسة هو أن تبقى منفتحة على الروح القدس وعلى التمييز. وتوقف أيضا عند أهمية الصلاة، وهذا كان آخر ما طلبه الرئيس العام الأسبق الأب أروبيه من أعضاء الرهبنة خلال زيارته لتايلاند قبل وفاته، وكان هذا الطلب بمثابة وصيته. وذكّر فرنسيس بأنه بواسطة الصلاة يتمكن الكاهن اليسوعي من السير قدماً، ولا يخشى شيئا، لأنه يدرك أن الرب سيُلهمه بما ينبغي أن يفعل.
في الختام حث البابا الكهنة اليسوعيين في البرتغال على إيلاء اهتمام خاص بالأجيال الناشئة والاهتمام بمخاوفها وتطلعاتها، لافتا إلى أن اليوم العالمي للشبيبة هو بمثابة بذرة تُزرع في قلب الشبان والشابات وينبغي ألا يتحول هذا الحدث إلى ذكرى من الماضي، إذ عليه أن يحمل الثمار، لذا لا بد من متابعة العمل مع الشبان الذين شاركوا ومن لم يشاركوا كي يلامس الروح القدس قلوب الجميع.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
البابا فرنسيس: الإنجيل هو كلمة حية وأكيدة لا تخيِّب أبدًا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأحد، القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس منح خلاله رتبة القارئ لعدد من الرجال والنساء من مختلف أنحاء العالم وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة قال فيها يعلن لنا الإنجيل الذي سمعناه تحقيق نبوءة تفيض بالروح القدس والذي يتممها هو الآتي "بِقُوَّةِ الرُّوحِ": يسوع، المخلّص.
وأضاف البابا فرنسيس يقول: كلمة الله هي حية تسير معنا عبر القرون، وبقوة الروح القدس تعمل في التاريخ. إن الرب في الواقع أمين دائمًا لوعده الذي يفي به محبّة بالبشر. وهذا بالتحديد ما قاله يسوع في مجمع الناصرة: "اليوم تمت هذه الآية بمسمع منكم". أيها الإخوة والأخوات يا لها من مصادفة سعيدة! ففي أحد كلمة الله، وفي بداية اليوبيل، تُعلن هذه الصفحة من إنجيل لوقا التي يُظهر فيها يسوع نفسه كالمسيح الذي مسحه الروح وأرسله لكي يعلن "سنة رضا عند الرب"! يسوع هو الكلمة الحية التي تجد فيها جميع الكتب تحقيقها الكامل. ونحن، في الليتورجيا المقدّسة اليوم، نحن معاصريه: نحن أيضًا، إذ نمتلئ بالدهشة، نفتح قلوبنا وعقولنا لكي نصغي إليه، لأنه "هو الذي يتكلّم عندما تُقرأ الكتب المقدّسة في الكنيسة".
وفي موقف الإيمان الفرِحِ هذا، نحن مدعوون لكي نقبل النبوءة القديمة كما خرجت من قلب المسيح، متوقفين عند الأفعال الخمسة التي تميز رسالة المسيح: رسالة فريدة وشاملة؛ فريدة لأنه هو وحده القادر على تحقيقها؛ وشاملة لأنه يريد أن يشرك الجميع.
وأضاف الأب الأقدس يقول أولاً هو يأتي مرسلاً ليبشر الفقراء. هذا هو "الإنجيل"، البشرى السارة التي يعلنها يسوع: إن ملكوت الله قريب! وعندما يملك الله، يخلص الإنسان. إنّ الربّ يأتي لكي يفتقد شعبه، ويعتني بالمتواضعين والبائسين. هذا الإنجيل هو كلمة شفقة، تدعونا لكي نحب، ونغفر للقريب، وإلى التزام اجتماعي سخيّ. العمل الثاني للمسيح هو أن يعلن "للمأسورين تخلية سبيلهم. إنّ أيام الشر معدودة، لأن المستقبل هو لله. وبقوّة الروح، يسوع يخلّصنا من كل ذنب ويحرّر قلوبنا من كل قيد داخلي، ويحمل مغفرة الآب إلى العالم. هذا الإنجيل هو كلمة رحمة تدعونا لكي نصبح شهودًا شغوفين للسلام والتضامن والمصالحة.
وأضاف الحبر الأعظم يقول العمل الثالث الذي يتمم به يسوع النبوءة هو أن يعطي "البصر للعميان": إنّ المسيح يفتح لنا عيون القلب التي غالبًا ما يبهرها سحر القوة والغرور: أمراض النفس التي تمنعنا من أن نتعرّف على حضور الله وتجعل الضعفاء والمتألمين غير مرئيين. هذا الإنجيل هو كلمة نور، تدعونا إلى الحق وإلى شهادة الإيمان والثبات في الحياة. العمل الرابع هو "الإفراج عن المظلومين". لا يوجد عبودية تقاوم عمل المسيح الذي يجعلنا إخوة باسمه. إنّ سجون الاضطهاد والموت تنفتح على مصراعيها بقوة الله المحبة. لأنَّ هذا الإنجيل هو كلمة حرية، تدعونا إلى ارتداد القلب وصدق الفكر والمثابرة في التجربة. وأخيرًا، العمل الخامس: لقد أُرسل يسوع لكي "يعلن سنة رضا عند الرب". إنه زمن جديد لا يستهلك الحياة بل يجدّدها. إنه يوبيل مثل اليوبيل الذي بدأناه، يهيّئنا بالرجاء للقاء نهائي مع الفادي. الإنجيل هو كلمة فرح، تدعونا إلى الضيافة والشركة والسير كحجاج نحو ملكوت الله.
وتابع الأب الاقدس يقول: من خلال هذه الأعمال الخمسة، حقق يسوع نبوءة أشعيا. وإذ حرّرنا، يعلن لنا أن الله يقترب من فقرنا، ويخلصنا من الشر، وينير عيوننا، ويكسر نير الظلم، ويدخلنا في فرح زمن وتاريخ يحضُر فيه، لكي يسير معنا ويقودنا إلى الحياة الأبدية. إن الخلاص الذي يعطينا إياه لم يتحقق بالكامل بعد؛ ومع ذلك لن تكون للحروب والظلم والألم والموت الكلمة الأخيرة: لأن الإنجيل في الواقع هو كلمة حية وأكيدة لا تخيب أبدًا. أيها الإخوة والأخوات، في يوم الأحد المكرّس بشكل خاص لكلمة الله، لنشكر الآب لأنه وجّه إلينا كلمته الذي صار إنسانًا لخلاص العالم. هذا هو الحدث الذي تتحدث عنه جميع الكتب المقدسة، التي كتبها البشر والروح القدس. فالكتاب المقدس كله يذكر المسيح وعمله، والروح القدس يحققه بشكل آني في حياتنا وفي التاريخ. عندما نقرأ الكتاب المقدّس، عندما نصلّيه وندرسه، نحن لا نتلقّى فقط معلومات عن الله، بل ننال الروح القدس الذي يذكّرنا بكلّ ما قاله يسوع وعمله. وهكذا ينتظر قلبنا الذي يتّقد بالإيمان برجاء مجيء ملكوت الله.
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول لنُجب بحماسة على إعلان المسيح الفرح. لأن الرب في الواقع لم يكلّمنا كمستمعين صامتين، بل كشهود، ويدعونا لكي نبشِّر في كل زمان ومكان. لقد جاء اليوم أربعون أخًا وأختًا من أماكن عديدة من العالم لكي ينالوا خدمة القارئ: لنكن ممتنين لهم ولنصلِّ من أجلهم. لنلتزم جميعاً لكي نحمل البشرى السارة للفقراء، ونعلن إطلاق سراح الأسرى وعودة البصر للعميان، ونحرِّر المظلومين، ونعلن سنة رضا عند الرب. عندها سنحوِّل العالم بحسب مشيئة الله الذي خلقه وافتداه محبّة بنا.