ذكرت مجلة ميد انه مع استمرار دول مجلس التعاون الخليجي في تطوير خططها لتنفيذ مشروع السكك الحديدية الخليجية الطموح فإن الخبراء يحذرون من أن المخاطر المحتملة التي قد تواجه المشروع لاتزال تفتقر الى المعالجة.

وكانت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي – لدى اقرارها بإحياء مشروع السكك الحديدية لدول مجلس التعاون الخليجي في عام 2021 – حددت المسار لأحد المشاريع العابرة للحدود الأكثر طموحا في المنطقة.

ويهدف المشروع الى ربط دول الخليج الست بشبكة سكك حديدية مترامية الأطراف من شأنها أن تغير قواعد اللعبة بالنسبة للبنية التحتية في المنطقة، لأنها تنطوي على إمكانات هائلة لتعزيز التجارة والاتصال والتنمية الاقتصادية الإقليمية.

لكن المخاطر والتحديات ماثلة بما فيها تجاوز التكاليف والمخاطر الفنية المتعلقة بتصميم المشروع وهندسته وتعقيداته التي يجب تقييمها وإدارتها ومراقبتها لضمان إنجاز المشروع بنجاح.

المخاطر السياسية

تلعب العوامل السياسية دورا مهما في تطوير وتشغيل السكك الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي، لأنها ستعبر عدة دول، وبالتالي فإن أحد أكبر اختباراتها هو المناورة عبر المشهد السياسي الإقليمي.

ومن اهم الاعتبارات السياسية مستوى التعاون والعلاقات الديبلوماسية بين الدول الأعضاء، حيث يعتمد التشغيل السلس للسكك الحديدية على اللوائح المنسقة وإجراءات التشغيل الموحدة والتواصل المفتوح بين الدول، فضلا عن الاستقرار الجيوسياسي.

واعتبرت المجلة اتفاقية العلا المبرمة عام 2021 من الأسس الرئيسية التي أرست الدعائم والقوة لضمان تعاون أفضل بين دول المجلس.

كما أن المصالح والأولويات الاقتصادية الواسعة النطاق لدول المجلس قد تؤثر أيضا على التزامها بمشروع السكك الحديدية، كما ستحتاج هذه الدول الى إعادة النظر في استثماراتها الحالية في أشكال أخرى من البنية التحتية للنقل، كالموانئ والطرق السريعة، ويتطلب تحقيق التوازن بين هذه المصالح مفاوضات متأنية وخلق التناغم بين الرؤى الاقتصادية للدول المعنية.

المخاطر المالية

وقالت المجلة إن ضخامة مشروع السكك الحديدية الخليجية تتجلى بوضوح عند النظر في التكاليف الباهظة المترتبة عليه، حيث ان بناء الخطوط والمسارات التي تخترق حدود ست دول وتعبر تضاريس ومناطق حضرية متنوعة، فضلا عن بناء المحطات، وتركيب أنظمة الإشارات وضمان سلامة الشبكة، تتطلب استثمارات بمليارات الدولارات.

واعتبرت المجلة التقلبات في أسعار النفط من العوامل التي قد تؤثر على قدرة الحكومات ورغبتها في تخصيص الأموال للمشروع في ضوء الارتباط الوثيق للاستقرار المالي لهذه الدول بسوق النفط العالمية.

ويقول ألكسندر بوسون، الرئيس التنفيذي لشركة أكسيانس للاستشارات في قطر «عندما تضع دول مجلس التعاون الخليجي ميزانية لمشاريع البنية التحتية، فإنها تكون متحفظة للغاية فيما يتعلق بسعر النفط في ميزانيتها، وفيما يتعلق بتمويل المشاريع، فإنها تدرك الحاجة إلى تنويع الاقتصاد وعدم الاعتماد بشكل كبير على أسعار النفط».

ومع ذلك، فإن خطط التنويع الاقتصادي تعني أن كل دولة من دول المجلس لديها أوضاعها الخاصة المتعلقة بالميزانية والأولويات، ويتعين عليها التوفيق بين تخصيص أموال للقطاعات المختلفة كالرعاية الصحية والتعليم والدفاع والبنية التحتية. وقد تؤدي المتطلبات المالية لمشروع السكك الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى الضغط على الميزانيات وبالتالي توجيه الموارد بعيدا عن القطاعات الحيوية.

ولسد الفجوة المالية، من المرجح أن تستكشف الحكومات مزيجا من التمويل العام والاستثمار الخاص. وقد اجتذبت مشاريع البنية التحتية الواسعة النطاق في المنطقة ومن بينها شبكة السكك الحديدية الخليجية اهتمام هيئات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لكن استقطاب مستثمري القطاع الخاص يتطلب بيئة استثمارية مستقرة وجذابة، مقترنة بنماذج واضحة لتوليد الإيرادات واتفاقيات لتقاسم المخاطر.

المخاطر الفنية

ولتسليط الضوء على المخاطر الفنية، فقد تم توثيق المخاطر الفنية لأنظمة السكك الحديدية التي تمر عبر الحدود الدولية بشكل جيد في مناطق مختلفة في العالم مثل خط سكة الحديد بين تنزانيا وزامبيا، وخط سكة الحديد بين إسبانيا وفرنسا، حيث أدى اعتماد مقاييس مختلفة إلى خلق صعوبات فنية عند ربط الشبكات ببعضها بعضا.

وفي تعقيبه على هذا الموضوع، أوضح كريستوفر هاردينغ، وهو أحد كبار المتخصصين في إدارة المشاريع في شركة هيل الأميركية للاستشارات الدولية ويعمل حاليا في مشروع مترو القاهرة «ان المواصفات غير الدقيقة أو المعقدة تحتاج الى جهود إضافية للاستشارات الإدارة والاتفاقيات مع المقاولين، ومن شأن ذلك زيادة المطالبات من قبل المقاولين، وبالتالي تجاوز الميزانية المقررة».

وعن كيفية انطباق هذا القول على سكة الحديد الخليجية، قال هاردينغ إن تعقيدات هذا المشروع تزيد من المخاطر الفنية، ما يخلق حاجة للتخطيط والتنفيذ الدقيقين لضمان الانسيابية والمرور السلس عبر الصحارى والجبال والمناطق الساحلية، في حين أن الحاجة إلى الجسور والأنفاق للتغلب على العقبات الجغرافية تتطلب حلولا هندسية قوية.

المصدر: جريدة الحقيقة

كلمات دلالية: دول مجلس التعاون الخلیجی مشروع السکک الحدیدیة

إقرأ أيضاً:

ما هي المخاطر التي تنطوي عليها الخيارات الإسرائيلية بشأن الضربات الانتقامية على إيران؟

نشرت في صحيفة الغارديان

ترجمة وتحرير “يمن مونيتور“

لدى إسرائيل عدة خيارات إذا أراد قادتها شن ضربات انتقامية ضد إيران، وبينما حث القادة الغربيون على ضبط النفس، فمن المتوقع شن هجوم كبير. وقد تشمل الاحتمالات توجيه ضربات ضد أهداف عسكرية أو اقتصادية أو حتى نووية، على الرغم من أن جو بايدن قال إنه أبلغ حكومة بنيامين نتنياهو أن الولايات المتحدة لن تدعم الخيار الأخير.

إن دفاعات إيران الجوية ضعيفة نسبيا، ومن المتوقع أن تجد صعوبة في منع الصواريخ الإسرائيلية أو الغارات الجوية، كما حدث في 19 أبريل/نيسان. ثم ردت إسرائيل على هجوم الصواريخ الإيراني السابق، فألحقت أضرارا بجزء من أفضل نظام دفاع جوي إيراني، وهو نظام إس-300 الروسي، في مدينة أصفهان الصناعية العسكرية. وكانت الضربة تهدف إلى إظهار قدرات إسرائيل لإيران.

وقال فابيان هينز، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية: “إذا كانت مهاجمة المواقع النووية غير واردة، فإن الخيارين الكبيرين أمام إسرائيل هما ما إذا كانت تريد مهاجمة أهداف عسكرية أو اقتصادية”.

هل تقصف إسرائيل صنعاء؟! ولاء “محور المقاومة”.. دوافع إيران ورسائلها من الهجوم الصاروخي على إسرائيل

الأهداف العسكرية

إن الرد الأكثر مباشرة سيكون محاولة إسرائيل ضرب مجموعة القواعد الصاروخية والطائرات بدون طيار الإيرانية، والتي تقع، وفقًا لهينز، تحت الأرض وفي بعض الحالات “في أعماق الجبال”. وأضاف أنه على الرغم من أنه قد يكون من الممكن قصف القواعد وإغلاق مداخلها، إلا أن القواعد مصممة لمقاومة جميع المتفجرات التقليدية الأكبر حجمًا، وقد لا يمنع ضربها هجمات مستقبلية.

وقد تكون البدائل تكرار استهداف قواعد الدفاع الجوي الإيرانية ــ هذه المرة على نطاق أوسع ــ التي تغطي طهران وأصفهان والموانئ على الخليج العربي. أو يستهدف هجوم أكثر تعقيدا الإنتاج الصناعي العسكري، مثل تكرار أكثر وضوحا للهجوم بطائرات بدون طيار على مصنع للأسلحة في أصفهان في يناير/كانون الثاني 2023. ومع ذلك، فإن كل هذه الهجمات تنطوي على احتمال سوء التقدير والمخاطرة بوقوع خسائر غير متوقعة.

رسائل كرة اللهب الإيرانية إحاطة عسكرية.. خيارات إسرائيل للانتقام من إيران

محطات النفط والمصافي والبنية التحتية الاقتصادية

وتم الترويج لهجوم على البنية التحتية النفطية الإيرانية باعتباره ردًا محتملًا على الهجوم الصاروخي الباليستي على إسرائيل يوم الثلاثاء، حيث أشار بايدن إلى أن القضية كانت قيد المناقشة يوم الخميس. الهدف الأكثر ذكرًا هو محطة نفط خارجية، والتي تتعامل، وفقًا لبعض التقديرات، مع 90٪ من صادرات النفط الخام، ومعظمها متجه إلى الصين. تشمل المرافق الرئيسية الأخرى مصفاة عبادان، بالقرب من الحدود مع العراق، والتي تتعامل مع نسبة كبيرة من احتياجات إيران المحلية من النفط.

وقال هينز “إن صناعة النفط الإيرانية معرضة للخطر بشكل كبير”، مضيفًا أن مهاجمة الأهداف الاقتصادية قد يكون لها تأثير طويل الأمد. وأضاف: “إن الاقتصاد الإيراني يعاني والنظام يريد دائمًا تخفيف العقوبات”، مشيرًا إلى أن قصف إسرائيل للحوثيين في اليمن في نهاية الشهر الماضي ركز على مرافق الوقود والطاقة والموانئ في رأس عيسى والحديدة.

والسؤال الآن هو ما إذا كان الهجوم الاقتصادي رداً مباشراً على الهجوم الإيراني الذي وقع يوم الثلاثاء متناسباً. وقالت إيران إنها اختارت أهدافاً عسكرية، واستهدفت صواريخها القواعد الجوية الإسرائيلية، مما تسبب في أضرار طفيفة لمنشأة نيفاتيم ومقر وكالة التجسس الموساد. ولكن مدرسة شرقي عسقلان تعرضت للقصف، مما تسبب في أضرار جسيمة في أحد الفصول الدراسية.

ومن المرجح أيضًا أن يؤدي ذلك إلى رد إيراني أكثر قوة مقارنة بشن إسرائيل هجومًا عسكريًا أكثر تركيزًا. وقال اللواء محمد باقري، رئيس الأركان العسكرية الإيرانية، إنه إذا تعرضت طهران لهجوم، فسترد بسلسلة أخرى من الصواريخ أكبر وأوسع نطاقًا. وقال إن هجوم الثلاثاء “سيتكرر بكثافة أكبر وسيتم استهداف جميع البنية التحتية للكيان”.

الاغتيالات والأساليب السرية الأخرى

ولكن إسرائيل قد تتخذ مساراً مختلفاً، فتوسع برنامجها للاغتيالات المستهدفة في إيران. وأثبتت بالفعل قدرتها على تنفيذ عمليات اغتيال في طهران، بعد أن اغتالت الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في نهاية شهر يوليو/تموز. فقد فجرت إسرائيل عبوة ناسفة كانت قد زرعت سراً قبل شهرين في دار الضيافة التي كان يقيم فيها، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

ويعتقد أن إسرائيل قتلت عددًا من كبار العلماء النوويين الإيرانيين، بما في ذلك محسن فخري زاده، الذي قيل إنه قُتل في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 بمدفع رشاش يتم التحكم فيه عن بعد. ومع ذلك، لا يبدو أن إسرائيل تفكر في الرد بشكل متواضع على ما كان هجومًا صاروخيًا صريحًا، حيث أصر رئيس الوزراء على أن إيران “ستدفع ثمن ذلك”.

تقرير خاص.. ما الذي يعنيه نتنياهو ب”تغيير واقع الشرق الأوسط”؟ خبراء: اغتيال حسن نصر الله فرصة لزعيم الحوثيين لماذا الحوثيون سعداء للغاية بالهجمات الإسرائيلية؟! الحوثيون يوسعون العلاقات خارج محور إيران

الأهداف النووية

يعتقد الخبراء العسكريون أنه من المستحيل أن تشن إسرائيل هجوماً معطلاً على شبكة المواقع النووية الإيرانية من دون مساعدة عسكرية مباشرة من الولايات المتحدة. والمواقع الرئيسية التي تقوم إيران بتخصيب اليورانيوم فيها بنسبة نقاء تصل إلى 60%، نطنز وفوردو، تقع تحت الأرض، أسفل عشرات الأمتار من الصخور والخرسانة.

وتقول ورقة بحثية كتبتها داريا دولزيكوفا وماتيو سافيل، ونشرتها في الأصل نشرة العلماء الذريين في أبريل/نيسان: “السلاح التقليدي الوحيد الذي يمكنه تحقيق استهداف للمنشآت بشكل معقول هو القنبلة الخارقة للدروع الأمريكية GBU-57A/B، والتي – التي يزيد وزنها عن 12 طناً وطولها 6 أمتار – لا يمكن حملها إلا بواسطة قاذفات أمريكية كبيرة مثل B-2 Spirit”.

ورغم أنه قد يكون من الممكن لإسرائيل مهاجمة مواقع أصغر حجماً وتعطيل البرنامج من خلال استهداف منشآت إنتاج أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في عملية التخصيب أو مواقع أخرى من هذا القبيل، فإن هناك خطراً يتمثل في أن الهجوم على برنامجها النووي قد يدفع طهران إلى تسريع جهودها للحصول على القنبلة الذرية.

ويخلص المؤلفون إلى أن “طهران قد ترى في تسليح برنامجها النووي الخيار الوحيد المتبقي القادر على ضمان أمن النظام الإيراني”.

مقالات مشابهة

  • التشغيل التجريبي لقطارات السكك الحديدية بخط «الفردان - بئر العبد».. الاثنين المقبل
  • برلماني: مشروع رأس الحكمة نموذج يحتذى به في التعاون العربي
  • محافظ الدقهلية: نصر أكتوبر مازال يحمل الكثير من الأسرار العسكريه التي لم يعلن عنها
  • دعم كبار السن في تنقلاتهم عبر السكك الحديدية المصرية 2024: التسهيلات والخدمات المقدمة
  • وزير المالية السعودي: دول الخليج تواجه جميعا تحدي تخفيف الاعتماد على النفط
  • تصل إلى 90 دقيقة.. اعرف متوسط تأخيرات القطارات على خطوط السكك الحديدية اليوم
  • ما هي المخاطر التي تنطوي عليها الخيارات الإسرائيلية بشأن الضربات الانتقامية على إيران؟
  • وزير المالية يترأس وفد المملكة في الاجتماع الـ 122 للجنة التعاون المالي والاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي
  • وزيرة المالية تشارك في منتدى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالتعاون مع جامعة جورج تاون‬
  • مجلس التعاون الخليجي يدعو لوقف إطلاق النار بغزة ولبنان