«ميد»: مشروع سكك حديد الخليج.. مازال يواجه تحديات عديدة!
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
ذكرت مجلة ميد انه مع استمرار دول مجلس التعاون الخليجي في تطوير خططها لتنفيذ مشروع السكك الحديدية الخليجية الطموح فإن الخبراء يحذرون من أن المخاطر المحتملة التي قد تواجه المشروع لاتزال تفتقر الى المعالجة.
وكانت الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي – لدى اقرارها بإحياء مشروع السكك الحديدية لدول مجلس التعاون الخليجي في عام 2021 – حددت المسار لأحد المشاريع العابرة للحدود الأكثر طموحا في المنطقة.
ويهدف المشروع الى ربط دول الخليج الست بشبكة سكك حديدية مترامية الأطراف من شأنها أن تغير قواعد اللعبة بالنسبة للبنية التحتية في المنطقة، لأنها تنطوي على إمكانات هائلة لتعزيز التجارة والاتصال والتنمية الاقتصادية الإقليمية.
لكن المخاطر والتحديات ماثلة بما فيها تجاوز التكاليف والمخاطر الفنية المتعلقة بتصميم المشروع وهندسته وتعقيداته التي يجب تقييمها وإدارتها ومراقبتها لضمان إنجاز المشروع بنجاح.
المخاطر السياسية
تلعب العوامل السياسية دورا مهما في تطوير وتشغيل السكك الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي، لأنها ستعبر عدة دول، وبالتالي فإن أحد أكبر اختباراتها هو المناورة عبر المشهد السياسي الإقليمي.
ومن اهم الاعتبارات السياسية مستوى التعاون والعلاقات الديبلوماسية بين الدول الأعضاء، حيث يعتمد التشغيل السلس للسكك الحديدية على اللوائح المنسقة وإجراءات التشغيل الموحدة والتواصل المفتوح بين الدول، فضلا عن الاستقرار الجيوسياسي.
واعتبرت المجلة اتفاقية العلا المبرمة عام 2021 من الأسس الرئيسية التي أرست الدعائم والقوة لضمان تعاون أفضل بين دول المجلس.
كما أن المصالح والأولويات الاقتصادية الواسعة النطاق لدول المجلس قد تؤثر أيضا على التزامها بمشروع السكك الحديدية، كما ستحتاج هذه الدول الى إعادة النظر في استثماراتها الحالية في أشكال أخرى من البنية التحتية للنقل، كالموانئ والطرق السريعة، ويتطلب تحقيق التوازن بين هذه المصالح مفاوضات متأنية وخلق التناغم بين الرؤى الاقتصادية للدول المعنية.
المخاطر المالية
وقالت المجلة إن ضخامة مشروع السكك الحديدية الخليجية تتجلى بوضوح عند النظر في التكاليف الباهظة المترتبة عليه، حيث ان بناء الخطوط والمسارات التي تخترق حدود ست دول وتعبر تضاريس ومناطق حضرية متنوعة، فضلا عن بناء المحطات، وتركيب أنظمة الإشارات وضمان سلامة الشبكة، تتطلب استثمارات بمليارات الدولارات.
واعتبرت المجلة التقلبات في أسعار النفط من العوامل التي قد تؤثر على قدرة الحكومات ورغبتها في تخصيص الأموال للمشروع في ضوء الارتباط الوثيق للاستقرار المالي لهذه الدول بسوق النفط العالمية.
ويقول ألكسندر بوسون، الرئيس التنفيذي لشركة أكسيانس للاستشارات في قطر «عندما تضع دول مجلس التعاون الخليجي ميزانية لمشاريع البنية التحتية، فإنها تكون متحفظة للغاية فيما يتعلق بسعر النفط في ميزانيتها، وفيما يتعلق بتمويل المشاريع، فإنها تدرك الحاجة إلى تنويع الاقتصاد وعدم الاعتماد بشكل كبير على أسعار النفط».
ومع ذلك، فإن خطط التنويع الاقتصادي تعني أن كل دولة من دول المجلس لديها أوضاعها الخاصة المتعلقة بالميزانية والأولويات، ويتعين عليها التوفيق بين تخصيص أموال للقطاعات المختلفة كالرعاية الصحية والتعليم والدفاع والبنية التحتية. وقد تؤدي المتطلبات المالية لمشروع السكك الحديدية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى الضغط على الميزانيات وبالتالي توجيه الموارد بعيدا عن القطاعات الحيوية.
ولسد الفجوة المالية، من المرجح أن تستكشف الحكومات مزيجا من التمويل العام والاستثمار الخاص. وقد اجتذبت مشاريع البنية التحتية الواسعة النطاق في المنطقة ومن بينها شبكة السكك الحديدية الخليجية اهتمام هيئات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لكن استقطاب مستثمري القطاع الخاص يتطلب بيئة استثمارية مستقرة وجذابة، مقترنة بنماذج واضحة لتوليد الإيرادات واتفاقيات لتقاسم المخاطر.
المخاطر الفنية
ولتسليط الضوء على المخاطر الفنية، فقد تم توثيق المخاطر الفنية لأنظمة السكك الحديدية التي تمر عبر الحدود الدولية بشكل جيد في مناطق مختلفة في العالم مثل خط سكة الحديد بين تنزانيا وزامبيا، وخط سكة الحديد بين إسبانيا وفرنسا، حيث أدى اعتماد مقاييس مختلفة إلى خلق صعوبات فنية عند ربط الشبكات ببعضها بعضا.
وفي تعقيبه على هذا الموضوع، أوضح كريستوفر هاردينغ، وهو أحد كبار المتخصصين في إدارة المشاريع في شركة هيل الأميركية للاستشارات الدولية ويعمل حاليا في مشروع مترو القاهرة «ان المواصفات غير الدقيقة أو المعقدة تحتاج الى جهود إضافية للاستشارات الإدارة والاتفاقيات مع المقاولين، ومن شأن ذلك زيادة المطالبات من قبل المقاولين، وبالتالي تجاوز الميزانية المقررة».
وعن كيفية انطباق هذا القول على سكة الحديد الخليجية، قال هاردينغ إن تعقيدات هذا المشروع تزيد من المخاطر الفنية، ما يخلق حاجة للتخطيط والتنفيذ الدقيقين لضمان الانسيابية والمرور السلس عبر الصحارى والجبال والمناطق الساحلية، في حين أن الحاجة إلى الجسور والأنفاق للتغلب على العقبات الجغرافية تتطلب حلولا هندسية قوية.
المصدر: جريدة الحقيقة
كلمات دلالية: دول مجلس التعاون الخلیجی مشروع السکک الحدیدیة
إقرأ أيضاً:
تقرير المتابعة لبرنامج «نُوَفِّي»: توقيع اتفاق تمويل مشروع خط سكة حديد "الروبيكي العاشر من رمضان بلبيس" ومترو أبو قير
استعرض تقرير المتابعة الثاني لبرنامج «نُوَفِّي»، الذي أطلقته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تطورات محور النقل المستدام «نُوَفِّي+»، الذي يتضمن عددًا من المشروعات التي تأتي في إطار توجه الدولة نحو التوسع في وسائل النقل الخضراء الصديقة للبيئة.
ومن جانبها، أوضحت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن برنامج «نُوَفِّي+» يأتي في إطار رؤية الدولة واستراتيجيتها لإنشاء شبكة متكاملة من وسائل النقل المستدام الخضراء ليتكامل مع الجهود الوطنية لدعم العمل المناخي وتنفيذ المشروعات الخضراء في مجالات الأمن الغذائي ودعم الإنتاجية الزراعية، والصمود أمام التغيرات المناخية، والتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة. وأكدت «المشاط»، أن قطاع النقل يمثل أحد الأولويات في خطة الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية، وأن تطوير قطاع النقل ينعكس بلا شك على جهود جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ويُدعم رؤية الدولة للتحول إلى مركز لوجيستي في مجال التجارة والترانزيت.
وذكر التقرير، أنه تم إطلاق برنامج «نُوَفِّي+» للتركيز على محور النقل المستدام خلال نوفمبر 2022، بالاتفاق بين وزارة النقل وبنك الاستثمار الأوروبي ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، من خلال البدء في الإعداد لعدد من المشروعات في إطار محور النقل المستدام تضمنت مشروع امتداد الخط الأول لمترو الأنفاق حتى شبين القناطر، ومشروع امتداد مشروع تطوير خط سكة حديد أبوقير بالإسكندرية وتحويله إلى مترو كهربائي (مترو الاسكندرية)، وإنشاء خط السكة الحديد (الروبيكى-العاشر من رمضان-بلبيس)، ومشروع خط السكة الحديد طنطا-المنصورة-دمياط، مع إضافة مشروع "تطوير خط سكة حديد شربين - قلين - دمنهور" خلال عام 2024 إلى قائمة المشروعات المزمع تنفيذها في إطار المحور، هذا إلى جانب تقسيم مشروع "امتداد مشروع تطوير خط سكة حديد أبو قير بالإسكندرية وتحويله إلى مترو كهربائي (مترو الاسكندرية)" إلى مرحلتين لضخامة المشروع.
كما أوضح التقرير تحقيق عدد من الخطوات أهمها توقيع اتفاق شراكة لمحور النقل المستدام في إطار مشروعات المنصة الوطنية- نُوَفِّــي+ في نوفمبر 2022 بين وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، ووزارة البيئة، ووزارة النقل، وبنك الاستثمار الأوروبي، والبنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية، والوكالة الفرنسية للتنمية، حيث تعهدت الجهات التمويلية الثلاثة بمساهمات تمويلية إلى جانب قيام بنك الاستثمار الأوروبي بالتنسيق مع عدد من شركاء التنمية لتوفير منح دعم فني لإعداد الدراسات اللازمة للمشروعات، وإمكانية توفير منح فنية واستثمارية من الاتحاد الأوروبي.
*مستجدات تنفيذ مشروعات محور النقل المستدام*
وأشار التقرير إلى ما تم إنجازه خلال عام 2024 من توقيع الاتفاقيات الخاصة بمشروع "إنشاء خط سكك حديد الروبيكى-العاشر من رمضان-بلبيس بتمويل مشترك من الوكالة الفرنسية للتنمية، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، فضلًا عن قيام بنك الاستثمار الأوروبي بإيفاد بعثة فنية إلى القاهرة، حيث تم خلالها عقد سلسلة من الاجتماعات مع وزارة النقل والهيئات التابعة وشركاء التنمية الأوروبيين، والبنك الآسيوي للاستثمار، وذلك لمناقشة الخطط المستقبلية للمشروعات التي تم الاتفاق عليها في إطار محور النقل المستدام.
كما تضمنت إنجازات عام 2024، الاتفاق بين شركاء التنمية الأوروبيين ووزارة النقل ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي على توفير مبلغ 3 مليون يورو دعم فني من بنك الاستثمار الأوروبي ومبالغ أخرى بالتنسيق مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، لإعداد الدراسات الأولية ودراسات الجدوى الخاصة بالمشروعات الثلاثة (امتداد مشروع الخط الأول لمترو أنفاق القاهرة من المرج الجديدة وحتى شبين القناطر - امتداد مشروع تطوير خط سكة حديد أبو قير بالإسكندرية وتحويله إلى مترو كهربائي (مترو الاسكندرية) - تطوير خط سكة حديد شربين - قلين - دمنهور)، إلى جانب ذلك فإنه يجري تنفيذ مشروع خط السكة الحديد طنطا-المنصورة-دمياط.
وعن الخطة المستقبلية لمحور النقل المستدام في إطار برنامج «نُوَفِّي+»، أكد التقرير أنه سيتم التركيز خلال عام 2025 على استكمال الدراسات اللازمة للمشروعات المستقبلية كافة في إطار محور النقل، فضلاً عن استكشاف مصادر أخرى لتوفير مزيد من المنح لإعداد دراسات الجدوى الفنية والبيئية التي تسبق البدء في تنفيذ تلك المشروعات، إلى جانب توفير منح استثمارية خلال فترة التنفيذ، والعمل على تشجيع مشاركة القطاع الخاص نظراً للدور الحيوي الذي يلعبه، وكذا استمرار التنسيق والتشاور الذي بدأ خلال عام 2024 مع شركاء التنمية في النهج العام الجديد الذي تقترح وزارة الصناعة والنقل انتهاجه.