إصرار امريكي على تلبّس رداء السلام رغم الفضائح والعراقيل
تاريخ النشر: 29th, August 2023 GMT
يمانيون – متابعات
لم ولن يكون الامريكان عاملاً مساعداً في أي عملية سلامٍ مفترضٍ في بلادنا ذاك لأنهم يرون في حروب المنطقة مصلحةً لهم أكثر من السلم..
من خلال قراءة مجريات الاحداث في العقود الأربعة الأخيرة يتأكد لنا ان كل دولةً تواجد فيها الامريكيون باسم السلم والاسهام في الاستقرار تحولت لساحة حربٍ أو بتعبيرٍ بسيطٍ أرضٌ محروقة.
تتسم السياسات الامريكية في مجملها باللعب على المتناقضات وهو ما يظن رجالات السياسة والحرب الأمريكيين انه يمنحهم قدرة على المناورة تارةً باسم السلام وتاراتٍ باسم الحرب على فزاعاتٍ دوماً ما يختلقونها هم..
يقول موقع “انترسبت” الأمريكي ان الولايات المتحدة عملت وتعمل دوماً على عرقلة عمية السلام في اليمن..
ووفقاً لتحليلٍ مطولٍ نشره موقع المجلة الشهيرة فإن واشنطن دوماً ما تلعب على الحبلين كما يقال فهي في الوقت الذي تؤكد فيها دعمها لعملية السلام المفترض وتخصص مبعوثاً خاصاً لمتابعته إلا انها تضع العراقيل أمام كل مساراته..
تلاقي هذه المؤسسة الإعلامية الضخمة دعماً رسمياً إلا انها كغيرها من مؤسسات صناعة الرأي الأمريكية الشهيرة تجد نفسها امام واقعٍ لا تستطيع معه التضليل لإخفاء كل فشل وعيوب وسقطات السياسات العامة الامريكية لا سيما الخارجية منها..
على هذا الصعيد سلط معدو التحليل الضوء على ترحيب الخارجية الامريكية استئناف المفاوضات اليمنية السعودية بوساطة عمانية لكن وفقاً للمجلة الامريكية فإن مبعوث بايدن اكد ايضاً تمسك بلاده بما اسماه التقدم في مسار المفاوضات اليمنية اليمنية..
هذا الإصرار الأمريكي على توصيف الحرب على بلادنا بأنها حربٌ أهلية ليس أكثر من محاولةٍ مكشوفة لإدخال المفاوضات في حقل الغامٍٍ امريكيةٍ لا يمكن ان تخرج منه بسلام على الاطلاق..
تدرك واشنطن جيداً ان الحرب على بلادنا أمريكيةٌ بالدرجة الأولى وتشنها أدواتها المتمثلة في السعوديين والاماراتيين وان المرتزقة الذي يدعون الشرعية الموءودة ليسوا اكثر من اراجوزات يتم استخدامهم في ماراثون التفاوض بذات الطريقة التي يتم استخدامهم فيها ككباش فداءٍ حين يساقون طواعيةً أمام قوى العدوان وبالنيابة عنها في كل الجبهات..
إصرار واشنطن على توصيف هذه الحرب بأنها حرب أهلية بين اطرافٍ يمنية ليس فقط مجرد اسفين تضعه واشنطن في وجه أي تقدمٍ في مسار المفاوضات بل هو المادة المتفجرة التي يمكن ان تنسف أي عملية سلامٍ حقيقة ان تم اعتمادها او البناء عليها وهو ما لا يمكن ان يمر بهذه الطريقة المسرحية على صنعاء..
بالعودة لما جاء في المادة التحليلية فإن الولايات المتحدة ليست فقط من تضع العراقيل أمام الجهود الاقليمية والأممية الرامية للسلام بل إنها هي من تدفع وبشكلٍ فعال وضغوطٍ مكثفة نحو عودة الحرب..
تقول “مجلة انترسبت” ان الحرب التي يبدو المجال متاحاً فعلياً لإنهائها تواجه كل مرةٍ طرح الأمريكيين لشروطٍ جديدة ستؤدي بالضرورة الى عرقلة أي مفاوضات قد تستجيب لهذه الشروط..
ووفقاً للتحليل فإن من تلك العراقيل اشتراط واشنطن نقل المفاوضات إلى الأمم المتحدة من أجل صفقة شاملة وفق التعبير الأمريكي المستخدم وهو الاشتراط الذي ليس له سوى مدلولٍ واحد هو الرغبة الامريكية في إيقاف عجلة التفاوض المباشر التي يقودها الوسيط العماني واستبدالها بمسرحية تفاوض من اخراج الامريكان هم من يضعوا سيناريوهاتها السيئة ناهيك عن انها لن تكون معبرة عن واقع الحرب ولا عن أطرافها ولن تكون مخصصة بالأساس لإنهاء العدوان او رفع آثاره..
من الأمور التي لا يختلف عليها اثنان أن الانتقال الى أروقة الأمم المتحدة يعني سيطرة واشنطن المطلق على جميع مسارات أي عملية قد تجري تحت سقفها وهو ما يعني تفريغ أي عملية سلام مفترضة من مضامينها الحقيقية وتحويلها لمجرد سلسلة لا منتهية من العمليات الديكورية المبرمجة سلفاً والتي تأخذ شكل مجموعة من الصفقات الضيقة التي تلبي رغبات الامريكان والمستعمرين فقط..
يقول محللون غربيون أن “الخطاب الأمريكي في هذا التوقيت مقلقٌ حيث تضع واشنطن فجأة شروطًا جديدة تعمل على إبطاء التقدم الدبلوماسي” في مسار المفاوضات الجارية..
يستشهد التحليل بتعليقات مبعوث واشنطن ليندر كينج والتي وصفتها بالرسائل الدبلوماسية المشفرة التي يُلاحظ فيها إصراره على التنبؤ بأن المفاوضات الجارية يمكن ان تتعرض لـ”العديد من النكسات” وابداءه ثقةً غير مبررة بأنه “لا ينبغي أن نتوقع حلاًّ دائمًا) للصراع في اليمن وفق تعبيره..
من البديهي ان نجزم بأن هذه التصريحات التي لا لبس فيها تعبر عن الرغبات الأمريكية لكننا نترك المجال للإعلام الأمريكي ليقول كلمته على هذا الصعيد..
تعلّق المجلة على تصريح المبعوث الأمريكي فتقول بأن كلامه يمثّل تعبيراً عما تتمناه بلاده وتسعى إليه من عودة “الصراع الكبير” إلى اليمن..
هكذا اذن تبدو مسرحية الدعم الأمريكي للسلام في بلادنا فهي في الوقت الذي تتجاهل انها الشريك الرئيسي في هذه الحرب والمحرك الرئيسي لها وصاحبة الضوء الأخضر في انطلاقها إلا أنها لا تكتفي بذلك بل تعمل على اطالتها وعرقلة أي جهود قد تكون مثمرة في سبيل انهاءها..
يمارس ليندر كينج ضغوطه المكلف بها فإن فشل في إيصال فحواها الى الأدوات والحلفاء السعوديين والاماراتيين وغيرهم فإن واشنطن تسارع بإرسال احد مسعري الحرب المعروفين الى الرياض وابوظبي كحال مستشار الامن القومي جاك سوليفان ليكمل المهمة..
يقول موقع “زينفوس الفرنسي” أن الإدارة الامريكية تخترع كل مرة قصة مبنية على الافتراءات والاكاذيب لتبرير التدخل في شئون الآخرين والمفارقة ان هذه الاختلاقات تبدو كأنها “شوهدت من قبل”..
المثير للدهشة وفقاً للموقع الفرنسي “ان واشنطن تستمر في اظهار مثل هذا التكرار في استخدام ذات الذخيرة المستهلكة فيما الحقائق دوماً تتحدث عن نفسها”..
المبعوث الذي تدعي واشنطن انها ارسلته لدعم جهود السلام الإقليمية والأممية ليس اكثر من عميلٍ أمريكيٍّ وخبير في التفجيرات السياسية مهمته الرئيسية عرقلة أي تقدمٍٍ مفترضٍ قد تنتجه أي جهودٍ للسلام سواءً كانت اممية أو إقليمية أو حتى كتفاهمات بين اطراف الحرب الفاعلة.
رأينا ذاك في فيتنام والصومال وأفغانستان والعراق وليبيا وسوريا واليوم نعيشه واقعاً حيّاً في اليمن.
السياسية / نصر القريطي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: أی عملیة یمکن ان
إقرأ أيضاً:
خالد عمر يوسف يؤكد معارضة حزبه للحكومة الموازية
خالد عمر يوسف
نشأت “تقدُّم” كأوسع مظلة مدنية ديمقراطية مناهضة للحرب، تدعو إلى إيقافها، وجمعت تحت رايتها كيانات لم يسبق لها أن اجتمعت من قبل، شملت قوى سياسية، وحركات كفاح مسلح، ولجان مقاومة، ومهنيين، ونقابات، ومجتمعًا مدنيًا، ولاجئين ونازحين، ومبدعين، ومزارعين، ورعاة، وأصحاب أعمال، ومنظمات ذوي الإعاقة. اجتمعت هذه المكونات في مؤتمر تأسيسي، كان الحدث المدني الأكبر منذ اندلاع الحرب، ليشكل تيارًا مضادًا لقوى الحرب التي تسعى إلى تمزيق البلاد، حيث وحد أشخاص من جميع أرجاء السودان على هدف واحد: إطفاء الحريق الذي يلتهم الوطن، ومعالجة آثاره المدمرة على الناس.
واجهت “تقدُّم” حربًا شرسة من قوى داخلية وخارجية، إذ تمثل تهديدًا جديًا لكل من استثمر في هذه الحرب وعمل على إشعالها وإطالة أمدها. فبينما جاءت الحرب لوأد الثورة وتحطيم الحركة المدنية، حدث العكس، حيث توحّد قطاع واسع من قوى الثورة، متمسكين باستكمالها رغم التكاليف الباهظة. وبينما يواصل المسلحون حربهم في الميدان، وجّهوا سهامهم إلى “تقدُّم”، رغم أنها لا تحمل سلاحًا، لأن بسالة هذا التحالف في فضح حربهم تقلقهم وتربك حساباتهم.
منذ وقت مبكر، أثارت “تقدُّم” قضية شرعية سلطة بورتسودان الزائفة، إدراكاً منها أن منح الشرعية لأي جماعة مقاتلة سيطيل أمد الحرب ويقسم السودان، وهو ما حدث بالفعل. فقد استغلت هذه الجماعة سلطاتها لترسيخ الانقسام عبر قرارات مثل تغيير العملة، وحرمان قطاع من السودانيين والسودانيات من الوثائق الثبوتية، وإجراء امتحانات الشهادة السودانية في بعض المناطق وحرمان مناطق أخرى. كما استخدمت هذه السلطة صلاحياتها لمنع وصول الإغاثات إلى مناطق واسعة، مما جعل الغذاء سلاحاً في الحرب، وفاقم خطر المجاعة. إضافة إلى ذلك، سعت إلى إطالة أمد الحرب برفضها كل مبادرات السلام، رغم إدراكها أن نهايتها ستكون عبر التفاوض، لكنها ترغب في تفاوض يمنح جنرالاتها، ومن خلفهم عناصر الحركة الإسلامية، شرعيةً انتزعها منهم الشعب في ثورة ديسمبر المجيدة، ويحاولون استعادتها عبر شعارهم الأثير: “أو ترق كل الدماء”.
بناءً على هذه الحيثيات، توافق أعضاء “تقدُّم” على ضرورة مناهضة هذه الشرعية الزائفة وعدم الاعتراف بها، بهدف إعادة توحيد البلاد وتقصير أمد الحرب. غير أن الرؤى تباينت داخلها بين تيارين: الأول يرى ضرورة تشكيل حكومة لمنازعة هذه الشرعية، والثاني يرى مواصلة مقاومتها بوسائل العمل المدني دون تشكيل حكومة.
ينتمي حزبي، حزب المؤتمر السوداني، إلى التيار الرافض لتشكيل الحكومة، انطلاقاً من قناعتنا بأن “تقدُّم” يجب أن تمثل طريقاً ثالثاً في المشهد السياسي، لا أن تتطابق مع أي من الطرفين المتحاربين، وألا تكون طرفاً في الحرب بأي شكل، بل قوة تسعى لإنهائها بصورة عادلة وعاجلة. رؤيتنا تقوم على ضرورة بناء موقف شعبي ودولي واسع، يضغط لتحقيق سلام شامل وعادل ومستدام يعالج جذور الأزمة السودانية. وهذا يتطلب استقلالية “تقدُّم”، وحصر تواصلها مع أطراف النزاع في إطار الوصول إلى السلام ووقف الحرب، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية.
هذا هو موقفنا في حزب المؤتمر السوداني، مع كامل الاحترام والتقدير لرفاقنا من التيار الآخر، فهذه تقديراتهم السياسية التي قد تصيب أو تخطئ، لكننا نعلم صدقهم في حمل رؤى السلام والوحدة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. اختلاف التقديرات حول قضية ما ليس مدخلًا للعداء، بل نرى أنه يمكننا العمل من منصتين مستقلتين لتحقيق هدف مشترك: وقف الحرب، مع تعظيم نقاط الالتقاء في كل ما يخدم مصالح بلادنا وشعبها.
تعكف “تقدُّم” حاليًا على معالجة هذا التباين، بما يضمن لكل تيار حقه في اتباع تقديراته دون فرضها على الآخر. ونحن على ثقة بأن عملية فك الارتباط بين التيارين ستتم في أجواء من الود والتفاهم، فالتباين في الرؤى طبيعي في ظل حرب معقدة كحرب 15 أبريل. الأهم أن يتسع صدر وذهن كل دعاة وقف الحرب لهذه الاختلافات، وأن يركزوا طاقاتهم على إطفاء الحريق، ومواجهة قوى الثورة المضادة، التي تريد استغلال الحرب لدفن ثورة ديسمبر. فالغاية واضحة، والعدو واضح، والمخاطر واضحة، وتلك هي المعركة الحقيقية التي تستحق أن نصوّب أنظارنا نحوها، بدلاً من الانشغال بمعارك جانبية لا طائل منها.
الوسومخالد عمر سوسف