عربي21:
2024-11-23@14:01:47 GMT

أليس لهذا الرئيس من نقطة ضعف؟

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

ارتفع منسوب الأمل في سوريا بمظاهرات السويداء، وإن تأخرت اثنتي عشر سنة، وقد مضى نحو ثلاث وعشرين سنة على ربيع دمشق، أي ما يقرب من جيل كامل، وآزرتها مظاهرات في إدلب ودرعا حيث يستطيع الشعب أن يتظاهر. شاهدتُ تحليلات سياسية لمحللين مخضرمين عركتهم السياسة وضرّستهم بأنيابها يبشّرون بسقوط النظام، بل إنَّ أحدهم جزم بأن ضربة السويداء قاضية! وإن أمريكا لن تجيز للأسد إيذاء السويداء، فالأقليات خطٌ أحمر دوليٌ، وإنّ النظام سيسعى إلى تفريق مظاهراتها المؤلمة بطريقة فرّق تسد، ربما بداعش، كما إنّ للسويداء صلة بأقاربهم النافذين في إسرائيل، وقد تلحق جرمانا -وجلُّ سكانها دروز- فيعترضون حلق الأسد.



وبالغ بعض هؤلاء في الاستبشار بظهور مناضلين هصورين قساورة أمثال لمى عباس وبشّار برهوم، ما لبثنا أن رأيناهما فيما يشبه بوسترات سينما الستينيات الرومانسية وأفلام جديرة بأسماء مثل "الحب من أجل المتة"، و"لا تبكِ يا سيّد الوطن"، و"رئيسي فوق الشجرة". ومكثنا غير بعيد، فعلمنا أنهما نسختان منقّحتان من شريف شحادة، وأبي فلاشة، وخالد العبود، بل إنّ حركة عشرة آب ليست سوى حركة واحد نيسان. وإنَّ أهل الساحل (وهي تسمية معقمة من الطائفية على جري عادة المتعلمنين السوريين)، لن ينتفضوا ولو ماتوا جوعا. وإنهم ما زالوا يمتازون بحظوة الحاضنة، وكرامة أهل الدار، وإنَّ النظام سيرفق بهم. وإن َّأكثر مطالبهم لا تجاوز إبراز مذكرة قضائية عند الاعتقال، وإن طلبهم الرئيس هو ضرب التجار والمحتكرين بيد من حديد، وإصدار قرارات اقتصادية جريئة، وإذا بلغ بهم السيل الزبى وطفح كيل غضبهم وسخطهم، قد يتظاهرون في مظاهرات ليلة طيّارة مصوّرة من الخلف أو مظاهرات بحرية سبّاحة عند عجزهم عن شراء علبة المتة!

مظاهرات لن تسقط النظام، ولن تكسره لكنها ستشعره، والشَعِر في الزجاج أقلُّ من الكسر. فإسقاط النظام مسألة معقدة، وهي شؤون دولية وقانونية وشعبية شاملة، وتمسُّ بأمن الدول المجاورة التي لطالما حرصت عليها الدول العظمى المذعورة من سقوط الأسد، لكنّ فائدتها تكمن في تخلخل قدسية الرئيس لدى مواليه وفي بيته
لكنَّ مظاهرات السويداء وفيديوهات الثائرين من الساحل لا تخلو من لطائف، وإن تأخرت، وقد أشعلها بعض ما أشعل مظاهرات المدن الكبرى، وأول لطائفها أنها لمَّت بعض وشائج الشمل السوري الممزق، فالآلام تلمُّ الشمل، وتنمَّي النسب الوطني، والدليل هو عودة الشعارات الأولى في الثورة: "مثل يا سويداء حنّا معاكي للموت".

وهي مظاهرات لن تسقط النظام، ولن تكسره لكنها ستشعره، والشَعِر في الزجاج أقلُّ من الكسر. فإسقاط النظام مسألة معقدة، وهي شؤون دولية وقانونية وشعبية شاملة، وتمسُّ بأمن الدول المجاورة التي لطالما حرصت عليها الدول العظمى المذعورة من سقوط الأسد، لكنّ فائدتها تكمن في تخلخل قدسية الرئيس لدى مواليه وفي بيته، وتزعزع صنميته، وهي أقرب الصنميات العربية للصنمية الكونفوشية المتجلية في المثال الصيني وصنيعته الكوري الشمالي، والياباني أيضا، وهي دول تجمع بين الوثنية الدينية والسياسية، لنذكر أنه كان من شروط أمريكا وقف الحرب على اليابان أن يعلن إمبراطور اليابان أنه ليس ابنا للشمس.

ويمكن ان نستأنس بمثال مقتل الغازي البريطاني كوك في التفسير والإيضاح، ذلك أنه عندما وطأ جزيرة هاواي غازياً، وجده أهلها مجسدا لنبوءة عندهم تقول بإنَّ إلها أبيض، سيأتيهم على جزيرة عائمة من سدرة الغيب. وكانت هذه الأسطورة شائعة في عموم القارة العذراء، ولدن جميع شعوبها، وهي تشبه نبوءة المهدي عند الشيعة، وصوّرت في أفلام هوليودية كثيرة، مثل خاتمة فلم "أبو كاليبتو" لميل جيبسون، وكتبت عنها روايات مثل "قلب الظلام" لجوزيف كونراد، الذي صوّره فرانسيس كوبولا فيلما أخذ اسم "القيامة الآن"، حتى استقرت في نفس الغازي الأبيض أسطورة مشابهة ومعاكسة وهي أنه إله، وإنَّ من واجب جميع الشعوب الملوّنة والمغلوبة عبادته وتقديسه.

ترجل كوك من جزيرته العائمة ذات المجاديف، وخلع نظارته، فسحر شعوب الجزيرة بقدرته على خلع عينيه الزجاجيتين! وأخرج طقم أسنانه من فمه فذهلوا من معجزته، ووضع يديه في جيبيه، فعجبوا من إله يدخل يديه في بطنه ويخرجهما من غير أن تسقط، وعجبوا من عصاه السحرية التي تلفظ نارا بلمسة إصبع، وتجندل حيوانات قوية مثل البوفالو والجاموس والخنزير ببندقة معدنية، لكنهم ما لبثوا أن ضاقوا من بطشه و ظلم بحّارته الذين كانوا يلتهمون خيرات الجزيرة حتى أتوا عليها، فأدركوا أنهم سيجوعون إن مكث هذا الإله الجشع في وطنهم، فطلبوا منه الرحيل، فأبى، فسدّد إليه أحدهم سهما فأصابه، فنزف دما، فأدركوا أنه محتال، وليس إلها، فاجتمعوا عليه وقتلوه. والعبرة من الخبر تقول إنّ الآلهة يجب أن تقتل في النفوس قبل أن تقتل على الأرض، وهذا ما يحدث في سوريا.

قد يكسب السوريون منطقة آمنة جديدة في السويداء، وقد تكون أكثر أمنا من الجزير السورية وأكرم منها وأعدل، لقربها من إسرائيل، ومن خاصرتها الأردن، وقد تكون وجهة للنازحين السوريين الفارين من عنصرية الترك البيض والفينيقيين اللبنانيين، حتى حين.

قد يكسب السوريون منطقة آمنة جديدة في السويداء، وقد تكون أكثر أمنا من الجزير السورية وأكرم منها وأعدل، لقربها من إسرائيل، ومن خاصرتها الأردن، وقد تكون وجهة للنازحين السوريين الفارين من عنصرية الترك البيض والفينيقيين اللبنانيين، حتى حين
كانت روح أخيل في الأسطورة الإغريقية في قدمه، أمّا روح "أبو كاليبتو السوري" فموزّعة في ثلاث عواصم بعيدة وحصينة؛ هي طهران، وموسكو، وتل أبيب وواشنطن، ولن يسقط بالمظاهرات مثل تشاوشيسكو في رومانيا، وشتّان.

قال أبو كاليبتو السوري في لقاء قناة "أخبار السماء" إنه ينتظر أن تتغير الأوضاع السياسية، ونحن ننتظر مثله، وقد تساوينا وتعادلنا في الانتظار، وهي نقطة ثمينة في الصراع الدامي على "الإمامة". وقد تتصدق عليه إيران والإمارات بمعونات مثل البترول والرز يعيش بها إلى حين، فهو يعيش مثل رعيته بما يشبه البطاقة الذكيّة.

الأسد لا يشبه تشاوشيسكو، ولا يشبه الحكومة الهندية الوثنية أيضا، والتي سقطت في سنة 1998 لسبب صغير هو ارتفاع سعر البصل. تظهر المقارنة أنَّ الوثنية السياسية السورية أشدّ من الوثنية السياسية الهندية، وأظلم، وقد حطّت الهند بالأمس رحالها على كوكب القمر.

أبو كاليبتو السوري ضد الشمس والكسر، لكنّه يتعفن.

twitter.com/OmarImaromar

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا السويداء الأسد سوريا الأسد احتجاجات التغيير السويداء مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

بنك الجزائر: هذه شروط تأسيس واعتماد بنك رقمي 

تضمن العدد الاخير من الجريدة الرسمية رقم 77 صدور نظام لبنك الجزائر يحدد الشروط الخاصة للترخيص بتأسيس واعتماد وممارسة نشاط البنك الرقمي.

وقع محافظ البنك النظام رقم 24-04, في 13 أكتوبر الماضي, يحدد كيفيات الترخيص بالتأسيس والحصول على الاعتماد والقواعد المعمول بها فيما يخص نشاط البنوك الرقمية.

ووفقا لنص البنك الرقمي “كل بنك يقدم خدمات ومنتوجات مصرفية, حصريا عبر قنوات أومنصات أودعائم رقمية, بالاعتماد على التكنولوجيات الحديثة, أي تكنولوجيات الإعلام والاتصال والتكنولوجيا المالية, في إطار ممارسة أنشطته”.

وتخضع البنوك الرقمية لنفس الشروط الخاصة بتأسيس البنوك والمؤسسات المالية, غير أنه “لا يجوز تأسيس البنك الرقمي في شكل فرع لبنك أجنبي”, حسب هذا النظام.

كما يجب أن يكون ضمن مساهمي البنك الرقمي بنك خاضع للقانون الجزائري يتمتع بخبرة في مجال الخدمات البنكية عبر الإنترنت.

هذا ويجب أن يملك هذا البنك ما لا يقل عن 30 بالمائة من رأس المال, دون أن تبلغ الحصة الفردية لكل مساهم من المساهمين الآخرين وأطرافهم المرتبطة هذه النسبة.

كما يتعين أن يؤسس البنك الرقمي مقرا اجتماعيا في الجزائر يخصص لأغراض إدارية, ويمكن استخدامه لمعالجة شكاوى الزبائن مع إلزامية أن يؤوي منصته العملياتية ونسخها في الجزائر.

ولا يسمح للبنك الرقمي بفتح وكالات من غير تلك المسماة ب”الرقمية”, المشتغلة “آليا” بصفة كلية, حسب النظام.

ويقدم طلب الترخيص بتأسيس بنك رقمي إلى رئيس المجلس النقدي والمصرفي, مرفوقا بالملف المطلوب بالنسبة للبنوك التقليدية إضافة إلى ملف تكميلي.

وبعد الحصول على الترخيص بالتأسيس من طرف المجلس النقدي والمصرفي, يتم تقديم ملف الطلب إلى محافظ بنك الجزائر مع إرفاق تقرير يتضمن تقييم جميع عناصر البنية التحتية الأساسية والنظم التكنولوجية وأمن المعلومات ودرجة فعالية تلك النظم وقدرتها على دعم أنشطة البنك بكل أمان, وضمان استمرارية النشاط.

ويعد هذا التقرير وجوبا من قبل مكتب خارجي مستقل له مراجع مؤكدة في هذا المجال, وفقا للنظام.

أما بخصوص الأنشطة والقواعد المعمول بها, يمكن للبنوك الرقمية ممارسة كل العمليات المنصوص عليها في القانون النقدي والمصرفي. خاصة  تلقي الأموال من الجمهور وعمليات القرض والعمليات المصرفية المتعلقة بالصيرفة الإسلامية وكذا وضع جميع وسائل الدفع تحت تصرف الزبائن وإدارة هذه الوسائل.

تخضع البنوك الرقمية لنفس القواعد والشروط الاحترازية المطبقة على البنوك التقليدية غير بنك الجزائر,و يفرض على البنك الرقمي ألا تتجاوز ودائع الزبون الواحد والأطراف المرتبطة به نسبة 1 بالمائة كحد أقصى من إجمالي ودائع البنك, حيث يطبق هذا السقف بعد مرور سنة واحدة من تاريخ بدء نشاط البنك الرقمي.

كما يمنع البنك الرقمي من منح قروض للمؤسسات الكبرى باستثناء القروض المستحقة على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي أصبحت مؤسسات كبرى.

وتعفى البنوك الرقمية من هذه الشروط  بعد مرور خمس سنوات من تاريخ بداية مزاولة نشاطها, بشرط الحصول على ترخيص من بنك الجزائر وأن ترفع رأسمالها إلى ما لا يقل عن 150 بالمائة من الحد الأدنى لرأسمال البنوك الرقمية.

ويمنع النظام الجديد على أي هيئة غير مرخصة بصفة بنك رقمي أن تستعمل اسما أوتسمية تجارية أو إشهارا, أوأي عبارات من شأنها أن تحمل الاعتقاد على أنها معتمدة بهذه الصفة.

مقالات مشابهة

  • دعماً لفلسطين.. مظاهرات حاشدة في أكبر مدينة كندية (فيديو)
  • الرئيس الكولومبي: إسرائيل تمارس حرب إبـادة في غزة لمنع قيام وطن للفلسـطينيين
  • حين يتكلم الأسد عن المقاومة
  • مصطفى بكري: الرئيس السيسي قائد وطني والتاريخ سيعترف بدوره رغم محاولات الخيانة والتآمر
  • بنك الجزائر: هذه شروط تأسيس واعتماد بنك رقمي 
  • لازاريني: النظام المدني في غزة دمر تماما
  • مها الأنصاري: خطاب الرئيس في قمة العشرين جسد الدور الريادي لمصر
  • جلسة حوارية في السويداء لمناقشة التعديلات المقترحة للقوانين المرتبطة بعمل التجارة ‏الداخلية وحماية المستهلك
  • مدبولي: الرئيس السيسي جدد دعوته بشأن قدرة مصر على استضافة مركز عالمي لتجميع الحبوب
  • برلماني: خطاب الرئيس السيسي في قمة العشرين «خارطة طريق»