سواليف:
2025-02-06@12:56:28 GMT

الرؤية الاقتصادية لرئيس وزراء سنغافورة السابق

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

الرؤية الاقتصادية لرئيس وزراء سنغافورة السابق

#الرؤية #الاقتصادية لرئيس وزراء #سنغافورة السابق
#موسى_العدوان

سنغافورة دولة صغيرة تقع في جنوب شرق آسيا، تبلغ مساحتها حوالي 700 كيلومتر مربع، وعدد سكانها حوالي 5 ملاين نسمة من عرقيات واديان متنوعة. كانت هذه الجزيرة مستعمرة بريطانية في أواسط القرن الماضي، وكانت هذه الجزيرة تفتقر للموارد الطبيعية، وأكثر تخلفا من الأردن في ذلك الزمان، ويعاني سكانها من البطالة، والركود الاقتصادي، وأزمة السكن، والفساد الإداري.

ولكن تكمن أهميها في موقعها على خطوط الملاحة البحرية بين الشرق والغرب.

في عام 1959 أنتُخب ” لي كوان يو ” كأول رئيس لوزرائها بعد فوز حزبه بالانتخابات. ثم انفصلت الجزيرة عن اتحاد الملايو ( ماليزيا )، ونالت استقلالها عام 1965. وقد وصف رئيس وزرائها الجديد المشهد الذي يكتنف الجزيرة قائلا :

” بعد الانفصال عن الملايو وجدت كل شيء حولي ينذر بالانهيار. فنسبة البطالة تقارب 15 %، والدولة الجديدة تكاد تخلو من كل شيء، البنية التحتية متخلفة للغاية، المدارس والجامعات لا تفي بالحاجة، القوة العسكرية مؤلفة من كتيبتين ماليزيتين، قوات الشرطة لا وجود لها من الناحية العملية، الغليان العنصري والديني يهدد بالانفجار في أية لحظة، التهديد الخارجي لم يتوقف، ومانت مليزيا تنتظر فشلنا على أحر من الجمر، لتستخدم القوة في إعادة سنغافورة إلى حظيرة البلاد “.

مقالات ذات صلة مبتدأ وخبر 2023/08/28

كان الرئيس ” يو ” يتمتع بالرؤية الثاقبة وبعد النظر، والتصميم على بناء الدولة، رغم كل التحديات التي كانت تواجهه. فركّز خطته على ” بناء الإنسان ” من خلال النهوض العلمي، وعدم إضاعة الوقت في الإصغاء للإذاعات، ومنع الناس من التجمهر إلاّ لأداء الصلاة، وأغلق السجون ليفتح المدارس بدلا منها. كما حارب الفقر والبطالة من خلال مشاريع ناجحة، وجعل لكل مواطن بيتا يسكن فيه، بدلا من أكواخ الصفيح على ضفتي النهر، ثم أقام نموذجا مثاليا للحكم في البلاد.

وفي تطبيق رؤيته الاقتصادية، لم يعتمد الرئيس ” يو ” على لجان وخلوات اقتصادية، على أحد شواطئ الجزيرة، لتستنزف الوقت وتخرج بتوصيات فاشلة تكرّس التخلف، بل أعتمد في رؤيته النهضوية، على محاور رئيسية ثلاث هي :

محور التعليم. فقد أورد في مذكراته ما يلي : ” الدول المتحضرة تبدأ نهضتها بالتعليم، وهذا ما بدأتُ به عندما تسلّمت الحكم في دولة فقيرة جدا. أوليت الاقتصاد اهتماما أكثر من السياسة، والتعليم أكثر من نظام الحكم، فبنيت المدارس والجامعات، وأرسلت الشباب إلى الخارج لتلقي العلم والاستفادة من دراساتهم لاحقا، في تطوير الداخل السنغافوري “. محور التوظيف الحكومي. اعتمدت حكومته على التوظيف، بدرجة عالية من المهنية والثقافية، وذلك من خلال مناظرات ومسابقات مفتوحة للجميع. ويقول في هذا الصدد : ” بعد عدة سنوات من الخدمة الحكومية، أدركت أنني كلما اخترت أصحاب المواهب كوزراء وإداريين مهنيين، كلما كانت سياستنا أكثر فعالية وأكثر انتاجا “. محور تحديد النسل. تبنت الحكومة سياسة تحديد النسل، بحيث لا تتجاوز زيادة نسبة السكان وهي 1,9 % في عام 1970 و 1,2 في عام 1980، وذلك تجنبا للانفجار السكاني الذي يعرقل التنمية. وبعد أن تعافى الاقتصاد، اعتمدت الحكومة برنامجا معاكسا، يهدف إلى تحفيز المواطنين على زيادة النسل، لتوفير الأيدي العاملة التي نحتاجها. وهكذا حققت سنغافورة بقيادة رئيس وزرائها ” لي كوان يو ” معجزة اقتصادية عظيمة، في فترة لا تزيد عن ثلاثة عقود، وتحولت من دولة متخلفة إلى دولة صناعية، تنتج مختلف المواد التجارية والإلكترونية، وتكرير النفط، وبناء السفن، وصناعة السياحة، رفع دخل الفرد السنوي في بلاده، من 1000 دولار عند الاستقلال إلى 30000 دولار في بداية الألفية الثالثة. وحوّل بلاده من مستنقعات تعجّ بالذباب والبعوض، إلى مركز استثماري وسياحي عالمي، يكتظّ بناطحات السحاب. ويمكن لأي قارئ أن يطلع من خلال الشبكة العنكبوتية، على معالم نهضة سنغافورة الحديثة، التي حولت البلاد إلى قبلة للسائحين والمستثمرين.

في عام 1990 تنازل ” يو ” عن الحكم طوعا، بعد أن تولى رئاسة الوزراء لمدة 31 عاما متواصلة، حقق خلالها لبلاده هذه النهضة الاقتصادية الرائعة. ولكن الدولة حافظت عليه نظرا لإخلاصه وخبراته الفذة في إدارة البلاد، وعينته مستشارا لمجلس الوزراء، لمدة 21 عاما إضافية، لكي يحافظ على الإنجاز الذي تحقق، ويواكب استمرارية تطور البلاد.

وعند المقارنة بين ما أنجزه رئيس وزراء سنغافورة السابق، من تقدم اقتصادي لبلاده خلال توليه الحكم، وما أنجزه رؤساء وزرائنا خلال توليهم الحكم خلال العقود الماضية وحتى الآن، نجد أن هناك بونا شاسعا بين الطرفين. فبدلا من التقدم الاقتصادي الذي تحقق في سنغافورة، الدولة الصغيرة فقيرة الموارد الطبيعية، قابلها من طرفنا تخلف اقتصادي، وتباطؤ في التطور، رغم توفر الموارد الطبيعية. ولكني أستثني من ذلك تقدمنا في ارتفاع المديونية، وفرض الضرائب الجديدة، ومضاعفة عدد السكان المستوردين من الخارج.

وختاما أتساءل : ألا يمكن لخبرائنا الاقتصاديين، الذين يجتمعون اليوم على شاطئ البحر الميت، أن ينقلوا رؤية ” لي كوان يو ” الاقتصادية رغم قِدَمها، بعد تطويرها بما يتفق مع التكنولوجيا الحديثة وبما يناسب ظروفنا المحلية، ويريحونا ويريحوا عقولهم من العصف الذهني المرهق تحت المكيفات، لكي يقدموا لنا : ” رؤية التحديث الاقتصادي وخارطة تحديث القطاع العام ” التي سمعنا بأمثالها مرات عديدة في الماضي ؟

التاريخ : 28 / 8 / 2023

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: الاقتصادية سنغافورة من خلال فی عام

إقرأ أيضاً:

قبل ترامب.. بيريز أراد تحويل غزة إلى سنغافورة الشرق الأوسط

الفكرة التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن قطاع غزة، ورغم أنها تبدو غريبة خصوصا بعد 14 شهرا من القصف المتواصل على القطاع، فإنها ليست جديدة تمامًا، إذ تردد صدى حلم صاغه الرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيريز في أواخر تسعينيات القرن العشرين.

لكن، على النقيض من ترامب، كان بيريز يحلم بتطوير قطاع غزة لتحسين الظروف المعيشية للسكان الفلسطينيين، وفقا لصحيفة لوفيغارو الفرنسية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إعلام إسرائيلي: عملية حاجز تياسير تؤكد صعوبة الوضع في شمال الضفةlist 2 of 2"خطيرة واستفزازية".. خطة ترامب في غزة تثير غضبا عارما بأوساط المسلمين الأميركيينend of list

يقول الكاتب بالصحيفة سيريل لويس إن بيريز كان يعدّ أحد الشخصيات البارزة في ما كان يسمى آنذاك "معسكر السلام"، مشيرا إلى أنه كان مقتنعا بأن هذه المنطقة الفقيرة والمكتظة بالسكان لديها كل ما يلزم لتصبح في يوم من الأيام "سنغافورة الشرق الأوسط".

وينقل لويس عن نمرود نوفيك، الذي كان أحد أقرب مستشاري بيريز في ذلك الوقت قوله "على عكس دونالد ترامب، رأى شمعون بيريز أن تطوير غزة هو حجر الزاوية في جهوده السلمية مع الفلسطينيين. ولهذا السبب لم يفكر قط في طردهم من الجيب…".

ويضيف لويس أن هذا الشريط الساحلي الإستراتيجي يسيل لعاب المطورين المحيطين بترامب بحكم موقعه وتربته الزراعية، مشيرا إلى أن الإسرائيليين حاولوا بالترغيب والترهيب بسط سيطرتهم عليه وإخلاءه من سكانه لكنهم لم يفلحوا.

إعلان

وينسب في هذا الإطار للمؤرخ الإسرائيلي توم سيجيف، مؤلف السيرة الذاتية لمؤسس إسرائيل بن غوريون، قوله عن "رئيس الوزراء الإسرائيلي (من 1963 إلى 1969) ليفي إشكول إنه صمم برنامجا سريا لدفع الأموال للفلسطينيين لإقناعهم بمغادرة القطاع، ولكن هذه الخطة التي كانت مكلفة للغاية وغير فعالة سرعان ما تم التخلي عنها".

أما رؤية بيريز فقد لخصها مستشاره السابق يوروم دوري في مقال له بصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية قائلا "كانت رؤيته تقوم على فكرة مفادها أن غزة يمكنها من خلال الاستثمار والمساعدات الدولية أن تزدهر ومن خلال التجارة والسياحة والتكنولوجيا تمامًا كما حدث لسنغافورة في عصرها، معربا عن اقتناعه بأن تحسين الظروف المعيشية من شأنه أن يؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض التوترات بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

لكن لويس أبرز أن الرياح لم تجر بما اشتهته سفينة بيريز إذ عاد الليكود إلى السلطة، وتوقفت عملية السلام تدريجيا، وقضت الانتفاضة الثانية على ما تبقى من تلك الأحلام.

أما "خطة" دونالد ترامب فترتكز على الاستفادة من الأصول التي يمتلكها قطاع غزة نظريا، وهي بذلك تذكر في بعض النواحي بالخطة التي وضعها شمعون بيريز، ولكنها تختلف عنها جوهريا في أن خطة ترامب لا تذكر السكان الفلسطينيين إلا بهدف تصور ترحيلهم إلى دول أخرى.

والواقع أن خطة ترامب أشبه بمسودة مشروع لترحيل سكان غزة كان قد قدمها مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مايو/أيار 2024، وكان عنوان تلك الوثيقة هو "غزة 2035..". وتشمل خطة نتنياهو إنشاء منطقة تجارة حرة تربط القطاع الساحلي بمدينة العريش المصرية في شمال سيناء وسديروت في جنوب إسرائيل. وتُظهر إحدى الرسومات، التي أنشئت بواسطة برمجيات الذكاء الاصطناعي، مدينة تشبه تل أبيب بشكل مثير للقلق.

إعلان

مقالات مشابهة

  • قبل ترامب.. بيريز أراد تحويل غزة إلى سنغافورة الشرق الأوسط
  • تركيا.. الحكم بالسجن لـ45 ألفا و376 عاما على أشهر محتالي البلاد
  • تونس.. الحكم بسجن الغنوشي 22 عاما ورئيس الوزراء السابق المشيشي 35 عاما
  • خبر سار: سلامة ملفات ومستندات المواطنين بمصلحة الأراضي بولاية الجزيرة
  • هنا جودة تودع بطولة سنغافورة سماش لتنس الطاولة
  • سنغافورة بصدد تسليم الدفعة السابعة من المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • اليوم.. الحكم فى استئناف هدير عبد الرازق على حكم حبسها سنة
  • حكومة الجزيرة: تشغيل جميع الخدمات في المناطق والمدن التي تم تحريرها
  • طائرة A380 من «الاتحاد للطيران» تصل إلى سنغافورة
  • أبو الغيط يعرب عن ارتياحه لاستعادة الجيش السوداني السيطرة على عدد من مدن ولاية الجزيرة