أمجد مصباح يكتب: شادية صوت مصر الحقيقى
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
شهدت الأيام الأخيرة جدالًا واسعًا حول ما يسمى بصوت مصر حيث تنازعت أكثر من مطربة على هذا اللقب وهن شيرين عبدالوهاب وأنغام. وبعدهم الملحن عمرو مصطفى الذى قال عن نفسه صوت مصر، ومع احترامنا للجميع هذا «هراء» وجدل غير محموم.
صوت مصر كانت وما زالت المطربة الراحلة العظيمة شادية المطربة والفنانة الراحلة لم تمنح نفسها هذا اللقب.
ولكن مصر هى التى منحتها هذا اللقب بعد أن تفانت فى حب الوطن والهبت الشعور الوطنى فى عصور المحن والانكسارات والانتصارات.
تم منح شادية هذا اللقب بعد أن أبدعت فى غناء رائعتها الخالدة يا حبيبتى يا مصر تحديداً يوم 31 ديسمبر 1971 فى حفل أضواء المدينة وتغيير هذه الأغنية من أروع الأغنيات الوطنية على الإطلاق وهى من كلمات الشاعر الراحل محمد حمزة، ألحان بليغ حمدى وللعلم شادية قالت لبليغ أثناء البروفات هذه الأغنية بالذات ستعيش طويلاً «أنا حاسة بكرة» غنتها شادية بإحساس فريد ومصر كان تعانى فى تلك الفترة من أثار نكسة 1967.
زرعت الأمل فى نفوس الملايين حينما غنت ما شافش الرجال السمر الشداد فوق كل المحن ولا شاف العناد فى عيون الرجال وصبايا البلد ولا شاف إصرار فى عيون البشر بيقول أحرار ولازم ننتصر، أصله ما عداش على مصر.
كلمات قوية ومعبرة هذه الأغنية عمرها حالياً 53 سنة ومازالت وستظل أيقونة الغناء الوطنى وكانت الأغنية التى رددها الملايين فى ثورة 30 يونيو.
بعد هذه الأغنية تم منح شادية لقب صوت مصر وفى عصر كوكب الشرق أم كلثوم. صوتها كان يحمل نبض الملايين، روائعها الوطنية لا تعد ولا تحصى، غنت أيضاً فى فترة ما قبل حرب أكتوبر 73 يا أم الصابرين. حينما غنت قولوا لعين الشمس كانت فى الواقع تغنى للجنود على الجبهة ماشى حبيبى ماشى وبكرة ماشى قولوا لعين الشمس ما تحماش لحسن حبيب القلب صابح ماشى.
بعد ساعات من قيام حرب أكتوبر المجيدة انطلقت شادية فى الغناء المعبر عن النصر العظيم حيث غنت عبرنا الهزيمة ورايحة فين يا عروسة.
ما أروعها حين غنت تلك الكلمات اتمنيت من ربنا اليوم ده من كام سنة ساعت ما أشوف أرضنا طرحة جناين نصرنا».
لم تكن أبدا مطربة عادية فى عام 1973 أبدعت أغنية أقوى من الزمن عبرت عن مصر حينما غنت يتغير الزمان يتغير الزمان يتبدل المكان لكن يا مصر إنتى يا حبيبتى زى ما إنتى الضحكة الحلوة إنتى والحب الفانى إنتى وكل شيد يتغير وأحنا بنكبر ونكبر وتبقى يا مصر دايماً طفل حيفضل صغير بتحبه كلنا.
فى عام 1981 غنت شادية فى رثاء الرئيس الراحل أنور السادات مصر نعمة ربنا مصر غنوة حبنا مصر عاشت قبلنا مصر باقية بعدنا.
وفى أبريل 1982 أسعدت الشعب المصرى كله حينما غنت مصر اليوم فى عيد.
لتكون هذه الأغنية خير نصير عن عودة سيناء للوطن الأم.
من ينسى أغانيها الوطنية الأخرى إدخولها سالمين ادخلوها آمنين مصر بلد المؤمنين مصر بلد الطيبين أولاد مصر.
هذا فضلا عن مشاركتها فى أوبريت الوطن الأكبر وأغنية بورسعيد لمن لا يعرف تقول إن شادية فى فيلم شيء من الخوف كانت تعبر عن شخصية مصر وصمودها أمام الطغاة فى عصور مختلفة. حتى أغنياتها الاجتماعية للأم والنيل. أغنية على شط النيل وأغنية العنب اسمر وطيب يا عنب بلدنا وانه ملك عيال بلدنا. وأغنية أبيض يا ورد.
تلك كانت بعض الجينات فى منح لقب صوت مصر لمطربة وفنانة نادرة أجمع على حبها الملايين فى مصر والوطن العربي. اعتزلت الفن نهائياً يوم الخميس 13 نوفمبر 1986.
سنوات طويلة عاشتها شادية بعد اعتزال الغناء وظلت صوت مصر فى كل العصور رغم أنف الحاقدين.
غابت المطربة الراحلة عن الأضواء من نوفمبر 1986 حتى رحيلها يوم 28 نوفمبر 2017 لكن صوتها لم يغب أبدًا فى كل المناسبات.
فشادية ليست أغانى وطنية فقط بل استطاعت بعبقرية التعبيرعن الأمومة فى العديد من الأغنيات منها يا نور عنية، أغنية رائعة تأليف مرسى جميل عزيز ألحان محمود الشريف، ماما يا حلوة.. أغنية شديدة الرقة ورائعة سيد الحبايب يا ضنايا أنت، وأغنية أمى.
أغانيها العاطفية حدوتة وحكاية نذكر منها على سبيل المثال آخر ليلة، يا روح قلبى، الحب الحقيقى، القلب معاك، عالى، حاجة غريبة، قولوا لعين الشمس، غاب القمر يا بن عمى، يا قلبى سيبك، نعمل ايه، رحلة العمر، إن راح منك يا عين، اللهم اقبل دعايا، ان كنت ليّه، بوست القمر، أغنيات عبرت عن البنت والفتاة المصرية فى عصور مختلفة.
الراحلة العظيمة شادية هى بلا جدال أقوى مطربة نجحت فى التمثيل بشكل مذهل، وقدمت عشرات الروائع السينمائية منها على سبيل المثال لحن الوفاء، موعد مع الحياة، المرأة المجهولة، عيون سهرانة، دليلة، معبودة الجماهير، شاطئ الذكريات، أغلى من حياتى، الهاربة، ارحم حبى، قلوب العذارى، نصف ساعة جواز، مراتى مدير عام، كرامة زوجتى.
ووصلت لمرحلة النضج الفنى الكامل فى النصف الثانى من الستينيات فى أفلام زقاق المدق والفيلم الرائع شىء من الخوف الذى عبرت فيه عن شخصية مصر. ونحن لا نزرع الشوك.
وقدمت فى السبعينيات أفلام لمسة حنان، ذات الوجهين، الشك يا حبيبى، وآخر أفلامها كانت لا تسألنى من أنا عام 1985، جسدت فيه دور الأم ببراعة.
وكانت لها تجربة مسرحية فريدة فى مطلع الثمانينيات مسرحية ريا وسكينة مع سهير البابلى وعبدالمنعم مدبولى وأحمد بدير اخراج حسين كمال وحقققت نجاحًا كبيرًا.
شادية صوت مصر كانت ولا تزال حالة فنية مختلفة فنانة شاملة بمعنى الكلمة صوت نادر من الصعب أن يجود به الزمان.
صوت مصر الحقيقى يسكن وجدان الملايين مشوارها الفنى استمر أربعين عامًا.. واعتزالها الفن تخطى الثلاثين عامًا.. فنانة خالدة فى تاريخ الفن المصرى غناءً وتمثيلاً وعشقًا لمصر.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: شادية نصر أكتوبر يا عروسة عظمة مصر هذه الأغنیة هذا اللقب صوت مصر
إقرأ أيضاً:
مؤمن الجندي يكتب: رقصة الممكن والمستحيل
الحلم هو الشرارة الأولى لكل إنجاز، وهو الضوء الذي يشق ظلام العادي والمألوف، يحرك القلوب الطامحة والعقول المتوثبة، لكنه في الوقت ذاته قد يكون وهمًا زائفًا إذا لم يزِن المرء خطاه بين الحلم والإمكان.. فمتى يكون الحلم وقودًا للنجاح، ومتى يكون عبئًا يسحب صاحبه إلى هاوية الخيبة؟
مؤمن الجندي يكتب: بين العرق والذهب وصمت الكادحين مؤمن الجندي يكتب: كيف يُروى الغياب بعد الرحيل؟ مؤمن الجندي يكتب: بالونة مزدوجة مؤمن الجندي يكتب: انكسار روحقد يقف الإنسان على ضفة الطموح، ناظرًا إلى الضفة الأخرى حيث المجد والعظمة، لكنه ينسى أن بينهما نهرًا عميقًا يحتاج إلى قارب متين ليعبره.. كثيرون غرقوا لأنهم قفزوا في النهر دون أن يتعلموا السباحة، وآخرون ظلوا واقفين على الضفة مكتفين بالنظر، فحُرموا حتى من المحاولة.. إن الحلم بلا تخطيط كأشرعة بلا ريح، وكطائر يحاول الطيران بجناح مكسور.
إنه لمن السذاجة أن يضع المرء نفسه في مضمار سباق لا يمتلك له عُدة، متجاهلًا إمكانياته وظروفه، معتقدًا أن الرغبة وحدها كافية لعبور المستحيل.. هنا يتحول الحلم إلى خدعة، والوهم إلى قيد يسلب الإنسان راحته، فيبقى أسيرًا بين نار التمني ومرارة العجز.
وأرى اليوم أحلام جماهير الزمالك لا تزال تحلق في السماء، لكن واقع النادي يسحبها إلى الأرض بقوة، إذ لا الوضع المالي يسمح ببناء فريقٍ قادر على المنافسة، ولا تحركات مجلس الإدارة المنتخب تعكس طموح المدرجات التي تنتظر المعجزات، فيما يبقى الهجوم الجماهيري، رغم شدته، بلا تأثير فعلي إن لم يصاحبه تغيير حقيقي في آليات الإدارة واتخاذ القرار.. بين الحلم والواقع فجوة تتسع، وبين الأمل والغضب تتأرجح جماهير تبحث عن نادٍ يعكس تاريخه، لا أن يكون مجرد ذكرى لأمجاد مضت.
الاعتراف بالواقع.. فضيلة لا استسلامومن وجهة نظري، أن تعترف بحدود إمكانياتك لا يعني أن تتخلى عن طموحك، بل يعني أن تفهم أدواتك وتحسن استخدامها.. ليست كل الأبواب تُفتح بالقوة، أحيانًا تحتاج إلى المفتاح الصحيح! والقفز فوق الواقع بلا حساب قد يكون سقوطًا مدويًا لا نهوض بعده.
في النهاية، الواقعية ليست قتلًا للأحلام، بل هي غربلة لها، تمييز بين الحلم القابل للتحقيق والوهم الذي لا طائل منه.. فالناجحون هم أولئك الذين عرفوا كيف يمدون جسورًا بين الحلم والواقع، فلم يكونوا عبيدًا لأحلام غير قابلة للتحقيق، ولم يكونوا أسرى للخوف من الطموح.
قبل أن تغامر، اسأل نفسك هل هذا الحلم يستحق أن أرهق ذاتي لأجله؟ وهل لدي العزيمة والإمكانات لبلوغه؟ وإن لم أملكها الآن، هل أستطيع أن أكتسبها؟ إن كانت الإجابة نعم، فانطلق ولا تخف.. وإن كانت لا، فابحث عن حلم آخر أكثر واقعية، فأحيانًا يكون إدراك حدودنا أعظم إنجاز نحققه.
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا