التحولات الكبرى التى تضرب أوصال المجتمع المصرى والعالم من حولنا فى مجال التحول الرقمى والاقتصاد الحر والعالم الذى لا تحده حدود وسدود ثقافية فى مظلة ذلك الفضاء الإلكترونى وتلك الهيمنة الاقتصادية المدمرة لتكتلات عالمية تتحكم فى مقدرات الشعوب الفقيرة والدول النامية، وتتبع سياسات الإقراض باسم التنمية والإصلاح وهى فى الواقع تحكم قبضتها على تلك الشعوب وتسيطر على اقتصادها وسياستها، وإذا بنا فى عصر جديد لاستعمار ثقافى اجتماعى اقتصادى يلعب فى المستعمر الجديد أدوارًا متعددة، ليظل المواطن فى البلدان التابعة فى قبضته وسجنه الفكرى والأسوأ والأخطر هو كيف يتم تشكيل السلوك وضبط إيقاع الوجدان وتغيير منظومة القيم الخاصة به، وهناك العديد من الدراسات الثقافية والاجتماعية تؤكد على الدور المحورى الذى يلعبه الإعلام خاصة الدراما التلفزيونية فى عصر الإنتاج الرقمى والمنصات الإلكترونية.
ها هو العالم يتجه كليًا من خلال الإعلام الجديد العالمي إلى إرساء معايير جديدة عن زنا المحارم والعلاقات الجنسية خارج إطار الأسرة، والأخطر مضمون المثلية الذى أصبح عاملًا مشتركًا فى العديد من الأعمال التلفزيونية حتى أفلام الكارتون للأطفال. ونحن على شاشات المنصات الجديدة والعالمية نجارى ما يحدث لأن الثقافة صار معيارها الإعلان ونسب المشاهدة وأعداد المتابعين وفن إحصائيات يومية ترصدها مراصد إعلامية اقتصادية لكبريات شركات الإعلانات والإنتاج، قد يكون السوق العالمى هو من يحدد ويؤثر فى الإعلام، لكن بكل تأكيد هناك العديد من الأنظمة مازالت تحافظ على خصوصيتها وهويتها بالرغم من هذا الاستعمار الإعلامى الاقتصادى الجديد مثل الصين وروسيا وبعض بلدان الخليج والهند، وبالقطع البلاد الأوروبية التى تجاهد للحفاظ على هويتها واستقلالها الاقتصادى والثقافى مثل بريطانيا وأسبانيا.
والمتابع للشخصية المصرية يجد تأثير السنوات الأخيرة أشد قسوة وفتكًا بجيل عاصر ثورتين وجائحة وتغيرًا فى النظام السياسى والاقتصادى والتعليمى مع غياب شبه مؤكد لدور الثقافة ومؤسساتها، وكذلك الاهتمام بنوعية برامج المنوعات والدراما الاجتماعية أو البوليسية من خلال ورش العمل الكتابية الفنية وعلى المنصات أصبحت الموضوعات أكثر جرأة لدرجة مخيفة تؤثر على الأطفال والمراهقين، ناهيك عن الألعاب الإلكترونية التى تمزج الدراما بالأسطورة بألعاب حروب عنيفة ومخيفة فينكسر حاجز الواقع على مرآة الفضاء الإلكترونى لألعاب دموية تحقق أرباحًا بالمليارات دون رقيب أو حسيب، فلا توجد اتفاقيات دولية تمنع تداول أو تحد من استخدامها للأطفال وكذلك المراهقين والشباب لأنها تحفز على الجريمة والعنف.
فى خضم كل هذا نجد أن صورة المواطن وشخصيته قد تحولت وتحورت وجنحت إلى الأنانية والتنافسية السلبية، واختفت العديد من صفات الإقدام والنخوة والتعاون فى العمل والإنتاج والأهداف الاجتماعية الإيجابية، وأصبح سلوك الغالبية من الشباب والمراهقين هو التوحد مع الأجهزة ووسائل التواصل والمنصات، وانقطع الحوار داخل الأسر وصار من يعلم ويربى هو ذلك الوحش الكاسر الذى يتخفى خلفه المستعمر الجديد.
الكثير من القيم والسلوكيات على وشك الاندثار، ولأن منظومة التعليم تمنح الطلاب أكثر من ثلث العام حوالى 4 أشهر صيف إجازة بالإضافة إلى نصف العام والإجازات المتصلة بالأعياد والمناسبات الرسمية، إذن الإجازة أكثر من 6 أشهر والدراسة 6 أخرى يضيع معظمها فى الدروس والامتحانات... وهو ما يعنى خطورة وحيوية الثقافة وحتمية الاهتمام بالعلم والتعليم، كيف لنا أن نبصر المستقبل للشخصية المصرية القادمة فى ظل نقص فى دور تلك المؤسسات؟ سؤال نحتاج جميعًا إلى الإجابة عنه قبل أن ينتهى الوقت وتضيع الملامح المصرية الأصيلة للشخصية المصرية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المجتمع المصري مجال التحول الرقمي الفضاء الالكتروني المنصات الإلكترونية العدید من
إقرأ أيضاً:
الأولى من نوعها المفروضة على أحد طرفي الصراع.. خبراء يكشفون مدى فاعلية عقوبات مجلس الأمن الدولي ضد السودان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أصدر مجلس الأمن الدولى قرارًا يقضى بفرض عقوبات على ٢ من قادة قوات الدعم السريع وذلك لما أقدما عليه من أفعال تهدد استقرار البلاد، وفقًا لما نص عليه القرار.
ووافقت اللجنة المكلفة بشئون العقوبات المفروضة على السودان، والتى تضم خمسة عشر عضوًا، على المقترح الذى تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية فى نهاية شهر أغسطس من العام الجاري.
وينص القرار على منع هذين القائدين من السفر وتجميد أموالهما وأصولهما، وهما قائد عمليات قوات الدعم السريع عثمان محمد حامد الملقب بـ"عمليات"، وقائد الدعم السريع فى ولاية غرب دارفور عبد الرحمن جمعة بارك الله الذى يواجه اتهامات بالتورط فى قتل والى غرب دارفور خميس أبكر وتشويه جثته فى العام الماضي.
وتعتبر هذه العقوبات هى الأولى من نوعها التى يفرضها مجلس الأمن الدولى على أحد طرفى الصراع فى السودان، ألا وهما الجيش السودانى وقوات الدعم السريع، منذ اندلاع الحرب، إلا أنها تأتى ضمن سلسلة من العقوبات الدولية التى فرضت على السودان منذ شهر أبريل من العام الماضي.
وبالعودة إلى المشهد لما قبل حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣، فإن السودان لم يغادر قائمة العقوبات الدولية وبالتحديد الأمريكية إلا لوقت قصير، وذلك بسبب العداء بين نظام البشير والولايات المتحدة إذ أدرجت واشنطن السودان فى قائمة "الدول الراعية للإرهاب" فى عام ١٩٩٣ بسبب مخاوف تتعلق بالإرهاب واستضافة السودان وقتها لتنظيم القاعدة بحسب اتهامات واشنطن.
كما أعقب ذلك، عقوبات اقتصادية فى عام ١٩٩٧، حتى وصل الأمر إلى رأس النظام السابق والمطالبة بتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وإلى جانب العقوبات الأممية، أنشأ مجلس الأمن الدولى نظام العقوبات الذى يستهدف السودان فى عام ٢٠٠٥، فى محاولة للمساعدة فى إنهاء الصراع فى دارفور الذى اندلع فى العام ٢٠٠٣، كما فرض المجلس حظرًا على توريد الأسلحة إلى دارفور فى عام ٢٠٠٤.
كما تضم قائمة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية الرئيس السودانى المعزول عمر البشير، ووزير الدفاع السابق عبدالرحيم محمد حسين، وقيادات عسكرية من دارفور، إلى جانب على كوشيب، الذى يعد الوحيد الذى سلم نفسه للمحكمة.
وتهم معظم العقوبات الدولية عسكريين، إلا أن مراقبين يقللون من أثرها على جهود إنهاء العنف أو الحرب فى السودان.
ويستهدف جزء من العقوبات الأمريكية التى فرضت على طرفى الحرب فى السودان، شقيق قائد الدعم السريع عبدالرحيم دقلو، والذى يعد ثانى قائد لهذه القوات، إلى جانب شركة "زادنا" التابعة للصناعات الدفاعية للقوات المسلحة.
وشملت العقوبات كذلك القونى حمدان، شقيق قائد الدعم السريع الأصغر، ولم تخل قوائم العقوبات من عناصر الجيش وآخرين يتبعون الحركة الإسلامية فى السودان برئاسة على كرتي، الذين تتهمهم جهات أمريكية وأوروبية بإذكاء نار الحرب فى السودان.
ويعد ميرغنى إدريس مدير الصناعات الدفاعية، أرفع شخصية فى الجيش السودانى تطاله العقوبات منذ اندلاع الحرب، بعدما أدرجت الخزانة الأمريكية اسمه ضمن قوائم عقوبات.
ولم يعلق الجيش على العقوبة الصادرة بحق مدير مؤسسته الاقتصادية الأولى، كما أن تقديرات الخسائر المترتبة على العقوبات ليست واضحة فى الوقت الحالي.
واعتبرت مصادر مسئولة فى المكتب السياسى للدعم السريع، أن فرض عقوبات أممية على قائدين من الدعم السريع، "إجراء معيب ولا يستند إلى دليل"، كما أن "العقوبات لن يكون لها أثر"، ووصفها بأنها "محاولة للتغطية على فظائع الجيش من قبل بعض الدول داخل اللجنة الأممية".
فى حين يرى الخبراء أن العقوبات "سياسية ولا قيمة لها إلا فى الإدانة التى تصدر مع العقوبات"، كما أن مجلس الأمن يجب أن يكون أكثر جدية وأن يتعامل مع شكوى السودان، والتى تشمل الممولين الرئيسيين لـ"الميليشيا".
كما أن العقوبات الأممية "يمكن أن تكون أجدى من العقوبات التى تفرضها الدول، بسبب استنادها إلى الفصل السابع والذى يتيح تدخلًا مباشرًا فى حماية المدنيين، وإحالة الملفات على المحكمة الجنائية"، كما ترى أن "العقوبات الأممية ذات قيمة وقابلية للتنفيذ دون غيرها من قرارات الدول التى تفرض عقوبات على العسكريين".