كتاب نقدي يبحث في إنتاجيّة الخطاب الروائيّ عند واسيني الأعرج
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
الجزائر ـ "العُمانية": يُحاول الباحث، د. سامي الوافي، في كتابه النقدي "إنتاجية الخطاب الروائي عند واسيني الأعرج.. قراءات نقدية في أربعة نماذج مختارة" (147 ص)، الصادر عن دار ألفا دوك بالجزائر، أن يُقرّب القارئ العربي من العوالم الإبداعيّة للروائيّ الجزائري، واسيني الأعرج، من خلال 4 روايات اختارها من بين أعماله، وهي (جسدُ الحرائقِ: ن ُثار الأجسادِ المحروقةِ 1978 / مرايا الضريرِ: كولونيلُ الحروبِ الخاسرةِ 1997/ كتابُ الأميرِ: مسالكُ أبوابِ الحديدِ 2007 / مملكةُ الفراشةِ 2013).
في البداية، يؤكّد هذا الباحثُ أنّ النصّ الروائي يعدُّ من بين أكثر النصوصِ التي جذبت اهتمامَ النقادِ والباحثين المشتغلين بالحقلِ النقدي عامّةً، والسيميائي خاصّة؛ كونهُ يضُمُّ مكوّناتٍ سرديةٍ فاعلة لها وظائف متعدّدة، ممّا جعله يحتلُّ مكانةً أساسيةً في طليعةِ النصوصِ السّردية الأخرى، وحتى بين الأجناسِ الأدبية الحديثة الأخرى، كمًّا ونوعًا.
ويضيف "بما أنّ الروايةَ شكلٌ وافدٌ، فهذا معناهُ أنّ كثيرًا من قضاياها النقدية وافدةٌ أيضا، لذلك كثُرت وتباينت طُرُق تناولها تنظيرا وإجراءً، ليكونَ عنصرُ البحثِ في آلياتِ إنتاجها الذهنية / السياقية من قِبلِ المبدعِ أحدَ جزئياتِ هذه الدراسةِ، لما يُضفيه عليها من حركيةٍ وسيطرة، في الآن نفسهِ، لتخضعَ معهُ الدراساتُ المُرتبطة بها إلى تحوُّلات جذرية وعميقة؛ أي من الاهتمام بها كجوهرٍ (السياق) إلى الاهتمام بها كبنيةٍ لغوية مغلقة لا تُحيل إلاّ لذاتها ولم توجد إلاّ لأجل ذاتها (النسق)، لارتباطِها المباشر بفلسفاتٍ وتوجهاتٍ مختلفة، وهو ما بدأ بشكلٍ فعلي مع اتجاهاتِ النقد السيميائي: (سيمياءُ السردِ / سمياءُ التأويلِ)، كون الإبداعية القائمة في النصوص السردية عامة والروائية خاصّة لم تُستخرج كُلية كما يُفترض مع المناهج التقليدية، فكانت تبدو كالمتاهات العميقة والبعيدة كُلَّ البُعد عن الموضوعية التي لم يُكتشف منها إلاّ بعض النواحي، لتبقى النصوص معها مُنطوية على أسرارها بانتظارِ من يُحسنُ استدراجها ويكشفُ مكوناتها وآليات إنتاجيتها، ذلك أنها لا تبوحُ إلاّ لمن أحسنَ استنطاقها، لتنجح بذلك اتجاهاتُ النقدِ الحداثي في الخروج بهذا النوعِ من الدراساتِ السردية الروائية من الإطارِ التقليدي الضيقِ إلى الإطارِ الموضوعي الأوسعِ".
وتطرحُ هذه الدراسةُ العديد من الإشكاليات، أهمُّها ما الذي ميّزَ نصُوصَ واسيني الأعرج الروائية في ارتباطها المُباشرِ بالوضعِ: الاجتماعي/ السياسي في الجزائرِ، بصفته مؤوّلا لهُ؟ وكيف تجسَّدت الآلياتُ السياقيةُ في هذه النُصوصِ الروائية؟ وكيف حقّقت انسجامها المداري الناتج عن التحويلات الذهنيةِ من قبلِ المبدع؟ وهل تحكَّمت في وعي المبدع واسيني الأعرج وفي رؤيته للعالمِ الموسوعةُ المعرفيةُ المُكتسبةُ المُعاشةُ المُتّصلة بفضاءِ الجزائرِ الإيديولوجي لحظةَ الإنتاجِ؟ وهل منعَ المبدعَ تناظرُ البُعدِ السياقي والإيديولوجي العام في نصوصهِ الروائية من خلقِ تمايُزها وتنوعِها؟ وهل تأثَّرَ وعيهُ أثناءَ فعلِ الإنتاجِ والتأليفِ بالراهنِ المتغيّرِ الذاتي للمبدعِ والسياسي/ الاجتماعي للجزائر؟ وهل النموذج الذي يُبدعه القارئ للنص هو النموذج الذي يتنبأ به المبدعُ أو يقصده؟
وقد قسّم الباحث هذه الدراسة النقدية إلى: فصلٍ أول عنوانُه (المؤلّفُ ومفسّروه)؛ وضّح فيه طرائق استخلاص المعنى المقصود، التي سيساهم الحوارُ بين تشكلاتِ النص: (آلياته/ تقنياته) وترهينات القارئ بين ذخيرة النص والمخزون المعرفي القبلي للمبدع لحظةَ خلقه وتأليفه في كشفه؛ باعتباره تمَّ في إطار جدلية السؤال والجواب المستمرّ والمتجدّد عبر السّيرورة التاريخية، لارتباطِ كلّ مبدع بغايةٍ محدّدة في إبداعه.
أمّا الفصل الثاني (المدار السردي ودينامية التشعب: مقاربة في الإنتاج الروائي لواسيني الأعرج، مختارات من نصوصه أنموذجا)؛ فقام خلاله الباحث بتحليل أربعة نصوصٍ روائية: جسدُ الحرائقِ (نُثار الأجسادِ المحروقةِ) 1978، مرايا الضريرِ (كولونيلُ الحروبِ الخاسرة) 1997، كتابُ الأميرِ (مسالكُ أبوابِ الحديدِ) 2007، مملكةُ الفراشةِ 2013، بهدف كشفِ وتحديدِ جُملة الآليات التي تحكّمت في كلِّ ظاهرةٍ ملازمة لكلِّ تظهير، انطلاقا من تفعيل نظرية المؤولات السَننية الثقافية/ الموسوعية والسياقية والبلاغية، التي ستكون نتيجة نهائية مُحدّدة لسيرورات الفرضيات المُجسّدة للمتلقّي الباحثِ في النصّ عن العلاقة بين الواقعِ الشارطِ للإنتاج وخلفيةُ المبدعِ (الواقعي/ الضمني).
وفي الفصل الثالث (الرواية والتاريخ والهوية السردية.. رواية كتاب الأمير: مسالك أبواب الحديد أنموذجا)، تناول الباحث طبيعة الرواية التاريخية لتجسُّدها كعمل سرديّ يطمح إلى إعادة بناء حقبة من الماضي بطريقة تخييلية يتداخل فيها الواقعي مع المتخيل، اعتمادا على مادة تاريخيّة تتشكلُ بواسطةِ السردِ، يضطلعُ من خلالها المبدعُ في ابتكارِ حبكة للمادة التاريخية بتحويلها إلى مادة سردية، كنصّ كتاب الأمير الذي يُعتبر روايةً أطروحةً عابرة للثقافات، تدعو لحوارِ الحضارات، وتحرّضُ على التعايش السلمي، مُنطلقها كان وعي الفكرة الاستعمارية، ووعي الكتابة كاستراتيجية تقويضية وتفكيكية للاستعمار، الذي تتشظّى فيه الهوية القومية وتذوب مع الهويات الإثنية لصالح الهوية السردية التي اندمج فيها السرد التاريخي بالسرد التخييلي، باعتباره إحالة مرجعية تُحقّق مصداقية يمكن إثباتها تاريخيا، بمحاولة تسريب حقائق هي في واقع الأمر مجموعة من الأحكام الإيديولوجية والتصوُّرات الخاصّة بالهوية والزمن والماضي والحاضر.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: واسینی الأعرج
إقرأ أيضاً:
وفاة الروائي محمد جبريل عن عمر يناهز 87 عامًا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
رحل الكاتب الصحفي و الروائي السكندري محمد جبريل بعد صراع مع المرض، عن عمر ناهز 87 عامًا، وذلك حسبما أعلنت زوجته الدكتورة زينب العسال.
ومن المقرر أن تقام صلاة الجنازة ظهر غدٍ الخميس 30 يناير فى مسجد أبو بكر الصديق، في ميدان الحجاز بحي بمصر الجديدة.
الكاتب والروائ محمد جبريل، له عدة أعمال روائية وقصصية من بينها روايات: الأسوار، إمام آخر الزمان، من أوراق أبي الطيب المتنبي، اعترافات سيد القرية، زهرة الصباح، الشاطئ الآخر، رباعية بحري، ياقوت العرش، بوح الأسرار، مد الموج، نجم وحيد في الأفق، حكايات الفصول الأربعة، زوينة، صيد العصارى، غواية الإسكندر، الجودرية، رجال الظل.
رواية "مشارف اليقين" وهي رواية صوفية وتدور في أجواء روحانية. رواية "حيرة الشاذلي في مسالك الأحبة"، ورواية "أسرة القط حميدو".
إضافة إلى مجموعاته القصصية: تلك اللحظة، انعكاسات الأيام العصيبة، حكايات وهوامش من حياة المبتلى، سوق العيد، انفراجة الباب، حارة اليهود، رسالة السهم الذي لا يخطئ، موت قارع الأجراس وغيرها.