لجريدة عمان:
2025-01-26@09:39:57 GMT

المواطنة في الزمن السائل

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

يزداد الحديث عن مفهوم المواطنة وترسيخه في الوعي والوجدان نظرا لقيمة المفهوم وأهميته في علاقة الفرد بالدولة وكذلك طبيعة وشكل العلاقة بين الطرفين، بالإضافة إلى أن المواطنة تعتبر محك الولاء والانتماء لأي مجتمع من المجتمعات، وعليها يقاس سلوك الأفراد الحاملين للهوية الثقافية والمنتمين للبقعة الجغرافية الواقعة ضمن الحدود السياسية، كما يمكن وصفها بالبوتقة التي تنصهر فيها كافة الانتماءات القبلية والمذهبية والمناطقية والأيديولوجية.

لكل ذلك فإن المواطنة بحاجة إلى اهتمام أكثر نظرا للتحولات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي يشهدها العالم، فنحن نعيش زمن السيولة كما ذكر الكاتب البولندي زيجمونت باومان (1925-2017) في كتبه المعروفة بسلسلة السيولة.

قبل التطرق إلى أمانينا تجاه موضوع المواطنة، نود التذكير بما ورد في المادة (16) من النظام الأساسي للدولة حول المواطنة "التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية العمانية والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح والتآلف". وأيضا ما ذُكر في رؤية عمان 2040 حول المواطنة، إذ تهدف الرؤية إلى خلق "مجتمع معتز بهويته ومواطنته وثقافته" وكذلك إيجاد " منظومة شراكة مجتمعية مؤسسية متكاملة تعزز الهوية والمواطنة والترابط الاجتماعي".

تنفذ الجهات الرسمية المسؤولة عن المواطنة برامجها وأنشطتها لترسيخ المفهوم ونشره في المجتمع، فمثلا توجد دائرة للمواطنة ضمن هيكل وزارة التربية والتعليم، تقوم بجهود تُذكر فتُشكر في هذا الجانب وكذلك تعمل على إدراج المواطنة ضمن المناهج الدراسية، فتربية النشء على الشعور بالانتماء الذي يرافق الإنسان في مراحل مبكرة من عمره، فالبيت والمدرسة والحي والمدينة مؤسسات منوط بها خلق ثقافة تعزز الشعور بالانتماء إلى الوطن وإلى الإنسانية معا، وغرس معاني الفهم المشترك لكل ما يجمع البشر ويوحدهم أمام التحديات التي تضرب أطنابها في الكرة الأرضية، بدءا من التطرف والكراهية وانتهاء بالكوارث الطبيعية.

تتجسد المواطنة في المشاركة والتمتع بالحقوق والواجبات وتجذُر الولاء والانتماء في السلوك وممارسة العمل الوطني، لهذا نأمل ونتمنى أن يُمكّن الطالب من ممارسة عمله الوطني في تشكيل مجالس طلابية في مراحل التعليم العام والعالي تفرز نخبا شابة قادرة على تحمل المسؤولية والتعبير عن طموح الطلبة في عملية تطوير المؤسسة التي ينتمون إليها، سواء في تقييم البرامج التعليمية أو في المناهج، وهذه تُمنح للطلبة المجيدين، وأيضا تكون المشاركة في انتخاب المجالس الطلابية على مستوى المدارس ثم في المناطق التعليمية وبعد ذلك على مستوى السلطنة ليتبلور مجلس الطلبة العمانيين، الذي يهدف لإشراك الطلبة في الممارسة العملية للانتخابات والإشراف عليها ليتم تطبيق التربية على المواطنة بالممارسة الفعلية لا التلقين.

عود على دائرة المواطنة بوزارة التربية، فقد نفذت مؤخرا فعاليات في محافظة ظفار، بين أوراق عمل ومناقشة المفهوم بين الحضور، وصولا إلى تنظيم معرض بعنوان "من أرض اللبان في حب عُمان" في جراند مول صلالة، وهذه خطوة مهمة في الخروج بالفعاليات والأنشطة إلى محافظات السلطنة والوصول إلى الجماهير في الأماكن العامة كالمراكز التجارية وغيرها من الأمكنة التي تسمح لكافة شرائح المجتمع بالاطلاع على مكونات الهوية والمواطنة.

إن السلم الاجتماعي المتحقق في عُمان خلال العقود الماضية يعد مكتسبا وطنيا يتوجب الحفاظ عليه والبناء على أسسه بما يتوافق مع الحاضر والمستقبل، لأن مقومات المواطنة في عُمان متنوعة ومميزة بلا مبالغة ولا شوفينية، إذ تستند إلى تاريخ ثقافي جمعي وحضاري، وحس وطني يتقبل الآخر وينسجم معه، لهذا فإنا نأمل أن يتم رفع مستوى الجهة المعنية بالمواطنة إلى لجنة وطنية تحظى بالاستقلال الإداري والمالي تحت مسمى (اللجنة العمانية للهوية والمواطنة)، تُنقل إليها اختصاصات المؤسسات المعنية بالمواطنة والهوية، وتعمل اللجنة على المساهمة في وضع التشريعات واللوائح المنظمة لاختصاصها، مستندة إلى النظام الأساسي للدولة والاتفاقيات الدولية التي انضمت لها السلطنة أو صادقت عليها مثل المعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التنوع الثقافي، وغيرها من النُظم والقوانين التي تكفل المساواة وتحقيق العدالة للجميع.

إننا ننتمي إلى واقع تؤثر فيه وسائط ووسائل خارجة عن إدارتنا، لذلك فإنا نعوّل على صناعة المحتوى القادر على التأثير لا التأثر، محتوى صلبه الهوية الوطنية وروحها الإنساني، فالرهان الآن على مدى مساهمتنا في إقناع الآخرين والتأثير عليهم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

بعد طلبات من 4 ولايات.. قاض أمريكي يوقف قرار ترامب إنهاء حق المواطنة بالولادة

أصدر قاض أمريكي الخميس، حكما بمنع إدارة الرئيس دونالد ترامب مؤقتا من تنفيذ أمر يحد من الحق في الحصول على الجنسية بالولادة تلقائيا في الولايات المتحدة، واصفا القرار بأنه "مخالف للدستور على نحو صارخ".

وعقب طلب أربعة ولايات يقودها الديمقراطيون، أصدر قاضي المحكمة الجزئية الأمريكي جون كوفنور، أمرا تقييديا مؤقتا يمنع الإدارة من تطبيق الأمر التنفيذي الذي وقّعه الرئيس الجمهوري خلال أول يوم له في منصبه.

وقال القاضي لمحام في وزارة العدل الأمريكية يدافع عن أمر ترامب "هذا أمر مخالف للدستور على نحو صارخ".



وأنهى الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترامب حق الحصول على الجنسية الأمريكية بالولادة، وهو حق يضمنه الدستور الأميركي، وأكدته المحكمة العليا منذ أكثر من 125 عاما.

وبدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته بتوقيع سلسلة من الأوامر التنفيذية كما تعهد سابقا، طالت قضايا الهجرة والاقتصاد والمساواة والعفو الجنائي، ملغيا أيضا قرارات تنفيذية كان اتخذها سلفه جو بايدن، بعضها كان بأيامه الأخيرة بالمنصب.

وفي أول يوم له في الرئاسة، وقّع ترامب أمرا تنفيذيا بالعفو عن نحو 1600 شخص شاركوا في اقتحام مبنى الكونغرس أوائل 2021، إثر خسارته المعركة الانتخابية ضد منافسه جو بايدن أواخر 2020.

كما أصدر ترامب عفوًا عن عنصري شرطة سابقين مسجونين في قضية قتل شاب أسود عام 2020.
والاثنين الماضي، أدّى ترامب اليمين الدستورية ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة، خلفا للرئيس جو بايدن.

وأعلن ترامب عن فرض حالة الطوارئ على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة مع المكسيك، مؤكدًا على أهمية تعزيز أمن الحدود ومنع الهجرة غير القانونية من المكسيك والدول المجاورة.

كما قرر ترامب تغيير اسم "خليج المكسيك" إلى "خليج أمريكا"، وهو قرار رمزي يهدف إلى التأكيد على السيطرة الأمريكية على المناطق الجغرافية الاستراتيجية.



وأعلن عن فرض رسوم وضرائب على الدول الأجنبية بهدف تعزيز الاقتصاد الأمريكي و"إثراء المواطنين الأمريكيين"، في خطوة تهدف إلى تقليل العجز التجاري.

وأصدر قرارا بإطلاق بعثات فضائية جديدة لإرسال رواد فضاء أمريكيين إلى المريخ وأماكن أخرى في الفضاء، في خطوة تهدف إلى تعزيز الابتكار في مجال الفضاء.

وتحدث ترامب عن عزمه إجراء إصلاحات كبرى في النظام التجاري الأمريكي وتفعيل حالة الطوارئ في قطاع الطاقة، بهدف تعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الطاقة.

مقالات مشابهة

  • وزير الثقافة : مصر وعمان تاريخ من التعاون يتجاوز الزمن
  • سفير عمان: اختيار السلطنة ضيف شرف بمعرض القاهرة يعكس العمق في العلاقات
  • سفير عُمان: الاحتفاء بمشاركة السلطنة في معرض الكتاب يعكس عمق العلاقات مع مصر
  • قاض فيدرالي يمنع مؤقتا تنفيذ أمر ترامب بإنهاء حق المواطنة بالولادة
  • بعد طلبات من 4 ولايات.. قاض أمريكي يوقف قرار ترامب إنهاء حق المواطنة بالولادة
  • فهمي بهجت: مصر تُسابق الزمن لإدخال المساعدات لغزة
  • الشر السائل.. كيف تهندس الحداثة الغربية ممارسات الاحتلال والإبادة؟
  • معاش والدتي المتوفاة مازال يصرف بالخطأ فهل يجوز الحصول عليه.. الإفتاء تجيب
  • الكشف عن الهوية البصرية لفعاليات «شتاء الوسطى»
  • تجسيد المواقف النبوية العظيمة في احتفال السلطنة بذكرى "الإسراء والمعراج"