لجريدة عمان:
2025-07-11@22:41:24 GMT

المواطنة في الزمن السائل

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

يزداد الحديث عن مفهوم المواطنة وترسيخه في الوعي والوجدان نظرا لقيمة المفهوم وأهميته في علاقة الفرد بالدولة وكذلك طبيعة وشكل العلاقة بين الطرفين، بالإضافة إلى أن المواطنة تعتبر محك الولاء والانتماء لأي مجتمع من المجتمعات، وعليها يقاس سلوك الأفراد الحاملين للهوية الثقافية والمنتمين للبقعة الجغرافية الواقعة ضمن الحدود السياسية، كما يمكن وصفها بالبوتقة التي تنصهر فيها كافة الانتماءات القبلية والمذهبية والمناطقية والأيديولوجية.

لكل ذلك فإن المواطنة بحاجة إلى اهتمام أكثر نظرا للتحولات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي يشهدها العالم، فنحن نعيش زمن السيولة كما ذكر الكاتب البولندي زيجمونت باومان (1925-2017) في كتبه المعروفة بسلسلة السيولة.

قبل التطرق إلى أمانينا تجاه موضوع المواطنة، نود التذكير بما ورد في المادة (16) من النظام الأساسي للدولة حول المواطنة "التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية العمانية والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح والتآلف". وأيضا ما ذُكر في رؤية عمان 2040 حول المواطنة، إذ تهدف الرؤية إلى خلق "مجتمع معتز بهويته ومواطنته وثقافته" وكذلك إيجاد " منظومة شراكة مجتمعية مؤسسية متكاملة تعزز الهوية والمواطنة والترابط الاجتماعي".

تنفذ الجهات الرسمية المسؤولة عن المواطنة برامجها وأنشطتها لترسيخ المفهوم ونشره في المجتمع، فمثلا توجد دائرة للمواطنة ضمن هيكل وزارة التربية والتعليم، تقوم بجهود تُذكر فتُشكر في هذا الجانب وكذلك تعمل على إدراج المواطنة ضمن المناهج الدراسية، فتربية النشء على الشعور بالانتماء الذي يرافق الإنسان في مراحل مبكرة من عمره، فالبيت والمدرسة والحي والمدينة مؤسسات منوط بها خلق ثقافة تعزز الشعور بالانتماء إلى الوطن وإلى الإنسانية معا، وغرس معاني الفهم المشترك لكل ما يجمع البشر ويوحدهم أمام التحديات التي تضرب أطنابها في الكرة الأرضية، بدءا من التطرف والكراهية وانتهاء بالكوارث الطبيعية.

تتجسد المواطنة في المشاركة والتمتع بالحقوق والواجبات وتجذُر الولاء والانتماء في السلوك وممارسة العمل الوطني، لهذا نأمل ونتمنى أن يُمكّن الطالب من ممارسة عمله الوطني في تشكيل مجالس طلابية في مراحل التعليم العام والعالي تفرز نخبا شابة قادرة على تحمل المسؤولية والتعبير عن طموح الطلبة في عملية تطوير المؤسسة التي ينتمون إليها، سواء في تقييم البرامج التعليمية أو في المناهج، وهذه تُمنح للطلبة المجيدين، وأيضا تكون المشاركة في انتخاب المجالس الطلابية على مستوى المدارس ثم في المناطق التعليمية وبعد ذلك على مستوى السلطنة ليتبلور مجلس الطلبة العمانيين، الذي يهدف لإشراك الطلبة في الممارسة العملية للانتخابات والإشراف عليها ليتم تطبيق التربية على المواطنة بالممارسة الفعلية لا التلقين.

عود على دائرة المواطنة بوزارة التربية، فقد نفذت مؤخرا فعاليات في محافظة ظفار، بين أوراق عمل ومناقشة المفهوم بين الحضور، وصولا إلى تنظيم معرض بعنوان "من أرض اللبان في حب عُمان" في جراند مول صلالة، وهذه خطوة مهمة في الخروج بالفعاليات والأنشطة إلى محافظات السلطنة والوصول إلى الجماهير في الأماكن العامة كالمراكز التجارية وغيرها من الأمكنة التي تسمح لكافة شرائح المجتمع بالاطلاع على مكونات الهوية والمواطنة.

إن السلم الاجتماعي المتحقق في عُمان خلال العقود الماضية يعد مكتسبا وطنيا يتوجب الحفاظ عليه والبناء على أسسه بما يتوافق مع الحاضر والمستقبل، لأن مقومات المواطنة في عُمان متنوعة ومميزة بلا مبالغة ولا شوفينية، إذ تستند إلى تاريخ ثقافي جمعي وحضاري، وحس وطني يتقبل الآخر وينسجم معه، لهذا فإنا نأمل أن يتم رفع مستوى الجهة المعنية بالمواطنة إلى لجنة وطنية تحظى بالاستقلال الإداري والمالي تحت مسمى (اللجنة العمانية للهوية والمواطنة)، تُنقل إليها اختصاصات المؤسسات المعنية بالمواطنة والهوية، وتعمل اللجنة على المساهمة في وضع التشريعات واللوائح المنظمة لاختصاصها، مستندة إلى النظام الأساسي للدولة والاتفاقيات الدولية التي انضمت لها السلطنة أو صادقت عليها مثل المعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التنوع الثقافي، وغيرها من النُظم والقوانين التي تكفل المساواة وتحقيق العدالة للجميع.

إننا ننتمي إلى واقع تؤثر فيه وسائط ووسائل خارجة عن إدارتنا، لذلك فإنا نعوّل على صناعة المحتوى القادر على التأثير لا التأثر، محتوى صلبه الهوية الوطنية وروحها الإنساني، فالرهان الآن على مدى مساهمتنا في إقناع الآخرين والتأثير عليهم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

قاض فدرالي يوقف قرار ترامب تقييد حق المواطنة بالولادة

أوقف قاض فدرالي، أمس الخميس، الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن تقييد حق المواطنة بالولادة على أراضي الولايات المتحدة، مع اتباع مسار قانوني جديد.

ويعني هذا الأمر، الذي أصدره القاضي جوزيف لابلانت، إيقاف مفاعيل أمر ترامب بشكل أولي مع استمرار الإجراءات القانونية.

كما أرجأ القاضي تنفيذ حكمه 7 أيام للسماح لإدارة ترامب بالاستئناف.

ووُصف الحكم بأنه "نصر كبير" حيث قال كودي ووفسي المحامي بالاتحاد الأميركي للحريات المدنية -الذي قدم مرافعة في هذه القضية- إنه قرار "سيساعد في حماية جنسية جميع الأطفال المولودين في الولايات المتحدة، كما نص الدستور".

سياق

وفي 27 يونيو/حزيران 2025، أصدرت المحكمة العليا الأميركية، قرارًا يقضي بتقييد سلطة القضاء الفدرالي في وقف تنفيذ الأوامر التنفيذية الصادرة عن الرئيس.

ورغم أن القرار جاء في إطار قضية إجرائية، فإن تبعاته القانونية كانت فورية ومباشرة، إذ مهّد الطريق أمام إدارة ترامب للمضي قدمًا في تنفيذ قرار أصدره الرئيس في مستهل ولايته الثانية، يقضي بحرمان الأطفال المولودين بالولايات المتحدة من الجنسية إذا لم يكن أحد والديهم يحمل الجنسية أو الإقامة الدائمة.

وبذلك يأتي قرار القاضي الفدرالي لابلانت بوصفه محاولة قانونية لكبح الأمر التنفيذي المترتب على إلغاء المحكمة العليا قرارا قضائيا سابقا ضد أمر ترامب.

وقد أثار القانون جدلا واسعا بالولايات المتحدة، حيث وصفه معارضو القرار بأنه تغيير لقاعدة راسخة ومكفولة في دستور الولايات المتحدة، والتي تنصّ على أنّ أيّ شخص يولد على الأراضي الأميركية يعتبر مواطنا بشكل تلقائي.

في حين ينص الأمر التنفيذي لترامب على أن الأطفال المولودين لأبوين في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني أو بتأشيرات مؤقتة لن يصبحوا مواطنين تلقائيا، في إعادة تفسير للتعديل الـ14 للدستور.

إعلان

وقد بررت إدارته القرار بأن التعديل رقم 14 -الذي أقر في أعقاب الحرب الأهلية- يتناول حقوق العبيد السابقين وليس أطفال المهاجرين غير المسجلين أو زوار الولايات المتحدة المؤقتين.

وهو التفسير الذي رفضته المحكمة العليا في قضية تاريخية تعود لعام 1898.

دعوى قضائية جماعية

ورغم حكم المحكمة العليا، فقد تُرك الباب مفتوحا أمام إمكانية منع الأوامر من خلال ما يسمى "دعاوى قضائية جماعية واسعة النطاق ضد الحكومة.

حيث إن قرار المحكمة العليا بتقييد سلطة القضاء الفدرالي في وقف تنفيذ الأوامر التنفيذية الصادرة عن الرئيس يعني أن المدعين لا بد أن يغيّروا الطريقة التي يرفعون بها القضايا إلى المحاكم الفدرالية، باتجاه الدعاوى الجماعية، لأن مثل هذه الإجراءات يمكن أن توفر الحماية لأكثر من مجرد مدعٍ (شخص) فردي.

وهذه الصفة القانونية هي التي استخدمها القاضي لابلانت من مقاطعة نيو هامبشير في الحكم الأخير، حيث منح الحكم صفة الدعوى الجماعية لأي طفل يحتمل حرمانه من الجنسية بموجب أمر ترامب.

ومع استمرار ما يمكن وصفه بالغموض القانوني في هذه القضية التفصيلية المرتبطة بحق الجنسية بالولادة، فإنها تأتي في سياق معركة أوسع يخوضها ترامب مع القضاء بشأن مدى قدرته على تنفيذ الأجندة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يريد تحقيقها.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يحقق حلم الإنجاب لزوجين بعد 18 عاما.. كيف حدث ذلك؟
  • «التربية» توفر منحاً في أكاديمية ربدان للطلبة المتفوقين
  • وثيقة المواطنة .. أبعاد تربوية لإعداد جيل معتز بهويته
  • ثلاثة شهداء بينهم سيدتان في تواصل عدوان الاحتلال على غزة
  • "حرمان الأطفال من الجنسية ضرر لا يُصلح": قاضٍ فدرالي يجمّد قرار ترامب بشأن "حق المواطنة بالولادة"
  • قاض فدرالي يوقف قرار ترامب تقييد حق المواطنة بالولادة
  • وزير التربية والتعليم تعتمد نتائج اختبارات الدور الأول للشهادة الثانوية للعام الأكاديمي 2024 / 2025
  • وزيرة التربية والتعليم تعتمد نتائج الشهادة الثانوية العامة 2024- 2025
  • "فودافون" تُطلق خدمة "مكاني إنترنت للأعمال" لتعزيز كفاءة الاتصالات للشركات
  • الحارثي يتسلّم سيارة "BMW M5 Touring" الأولى في عُمان