لجريدة عمان:
2024-12-26@02:17:44 GMT

المواطنة في الزمن السائل

تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT

يزداد الحديث عن مفهوم المواطنة وترسيخه في الوعي والوجدان نظرا لقيمة المفهوم وأهميته في علاقة الفرد بالدولة وكذلك طبيعة وشكل العلاقة بين الطرفين، بالإضافة إلى أن المواطنة تعتبر محك الولاء والانتماء لأي مجتمع من المجتمعات، وعليها يقاس سلوك الأفراد الحاملين للهوية الثقافية والمنتمين للبقعة الجغرافية الواقعة ضمن الحدود السياسية، كما يمكن وصفها بالبوتقة التي تنصهر فيها كافة الانتماءات القبلية والمذهبية والمناطقية والأيديولوجية.

لكل ذلك فإن المواطنة بحاجة إلى اهتمام أكثر نظرا للتحولات الثقافية والاجتماعية والسياسية التي يشهدها العالم، فنحن نعيش زمن السيولة كما ذكر الكاتب البولندي زيجمونت باومان (1925-2017) في كتبه المعروفة بسلسلة السيولة.

قبل التطرق إلى أمانينا تجاه موضوع المواطنة، نود التذكير بما ورد في المادة (16) من النظام الأساسي للدولة حول المواطنة "التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية العمانية والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح والتآلف". وأيضا ما ذُكر في رؤية عمان 2040 حول المواطنة، إذ تهدف الرؤية إلى خلق "مجتمع معتز بهويته ومواطنته وثقافته" وكذلك إيجاد " منظومة شراكة مجتمعية مؤسسية متكاملة تعزز الهوية والمواطنة والترابط الاجتماعي".

تنفذ الجهات الرسمية المسؤولة عن المواطنة برامجها وأنشطتها لترسيخ المفهوم ونشره في المجتمع، فمثلا توجد دائرة للمواطنة ضمن هيكل وزارة التربية والتعليم، تقوم بجهود تُذكر فتُشكر في هذا الجانب وكذلك تعمل على إدراج المواطنة ضمن المناهج الدراسية، فتربية النشء على الشعور بالانتماء الذي يرافق الإنسان في مراحل مبكرة من عمره، فالبيت والمدرسة والحي والمدينة مؤسسات منوط بها خلق ثقافة تعزز الشعور بالانتماء إلى الوطن وإلى الإنسانية معا، وغرس معاني الفهم المشترك لكل ما يجمع البشر ويوحدهم أمام التحديات التي تضرب أطنابها في الكرة الأرضية، بدءا من التطرف والكراهية وانتهاء بالكوارث الطبيعية.

تتجسد المواطنة في المشاركة والتمتع بالحقوق والواجبات وتجذُر الولاء والانتماء في السلوك وممارسة العمل الوطني، لهذا نأمل ونتمنى أن يُمكّن الطالب من ممارسة عمله الوطني في تشكيل مجالس طلابية في مراحل التعليم العام والعالي تفرز نخبا شابة قادرة على تحمل المسؤولية والتعبير عن طموح الطلبة في عملية تطوير المؤسسة التي ينتمون إليها، سواء في تقييم البرامج التعليمية أو في المناهج، وهذه تُمنح للطلبة المجيدين، وأيضا تكون المشاركة في انتخاب المجالس الطلابية على مستوى المدارس ثم في المناطق التعليمية وبعد ذلك على مستوى السلطنة ليتبلور مجلس الطلبة العمانيين، الذي يهدف لإشراك الطلبة في الممارسة العملية للانتخابات والإشراف عليها ليتم تطبيق التربية على المواطنة بالممارسة الفعلية لا التلقين.

عود على دائرة المواطنة بوزارة التربية، فقد نفذت مؤخرا فعاليات في محافظة ظفار، بين أوراق عمل ومناقشة المفهوم بين الحضور، وصولا إلى تنظيم معرض بعنوان "من أرض اللبان في حب عُمان" في جراند مول صلالة، وهذه خطوة مهمة في الخروج بالفعاليات والأنشطة إلى محافظات السلطنة والوصول إلى الجماهير في الأماكن العامة كالمراكز التجارية وغيرها من الأمكنة التي تسمح لكافة شرائح المجتمع بالاطلاع على مكونات الهوية والمواطنة.

إن السلم الاجتماعي المتحقق في عُمان خلال العقود الماضية يعد مكتسبا وطنيا يتوجب الحفاظ عليه والبناء على أسسه بما يتوافق مع الحاضر والمستقبل، لأن مقومات المواطنة في عُمان متنوعة ومميزة بلا مبالغة ولا شوفينية، إذ تستند إلى تاريخ ثقافي جمعي وحضاري، وحس وطني يتقبل الآخر وينسجم معه، لهذا فإنا نأمل أن يتم رفع مستوى الجهة المعنية بالمواطنة إلى لجنة وطنية تحظى بالاستقلال الإداري والمالي تحت مسمى (اللجنة العمانية للهوية والمواطنة)، تُنقل إليها اختصاصات المؤسسات المعنية بالمواطنة والهوية، وتعمل اللجنة على المساهمة في وضع التشريعات واللوائح المنظمة لاختصاصها، مستندة إلى النظام الأساسي للدولة والاتفاقيات الدولية التي انضمت لها السلطنة أو صادقت عليها مثل المعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التنوع الثقافي، وغيرها من النُظم والقوانين التي تكفل المساواة وتحقيق العدالة للجميع.

إننا ننتمي إلى واقع تؤثر فيه وسائط ووسائل خارجة عن إدارتنا، لذلك فإنا نعوّل على صناعة المحتوى القادر على التأثير لا التأثر، محتوى صلبه الهوية الوطنية وروحها الإنساني، فالرهان الآن على مدى مساهمتنا في إقناع الآخرين والتأثير عليهم.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

«الشعب الجمهوري»: العفو الرئاسي عن 54 من أبناء سيناء يرسخ قيم المواطنة

عبر المهندس أيمن حافظ عفرة، الأمين العام المساعد لحزب الشعب الجمهوري، بمحافظة الغربية، عن ترحيبه وتقديره الشديدين، بالقرار الجمهوري الذي أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسي، مساء أمس، الثلاثاء، بالعفو عن 54 من أبناء سيناء، في استجابة لطلب نواب ومشايخ وعواقل رفح والشيخ زويد بمحافظة شمال سيناء، وهو ما يعكس التقدير الكبير الذي تكنه القيادة السياسية لجميع أهالي سيناء.

العفو عن 54 من أبناء سيناء

وقال المهندس أيمن حافظ عفرة، في بيان اليوم، الأربعاء، إن قرار العفو الرئاسي عن 54 مسجونًا من أبناء سيناء يعكس حرص الرئيس السيسي على تعزيز قيم التسامح الإنسانية، كما أنه يعزز من قيم المواطنة والانتماء الوطني، يدعم الثقة بين الدولة وأبنائها في كل ربوع مصر وفي القلب منها سيناء العزيزة الغالية.

وأضاف أمين عام مساعد حزب الشعب الجمهوري بمحافظة الغربية، أن هذا القرار جاء في توقيت هام يعكس اهتمام الدولة بمراعاة الأبعاد الإنسانية والاجتماعية لأبناء سيناء الذين عانوا كثيرًا في ظل التحديات الأمنية التي واجهت المنطقة، موضحًا أن العفو يمثل فرصة حقيقية لإعادة دمج هؤلاء الأفراد في المجتمع، وتعزيز قيم المواطنة والانتماء الوطني، وهو ما يُبرز أيضًا توجه الدولة نحو فتح صفحات جديدة مع أبناء الوطن الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء، مؤكدًا أن القيادة السياسية تعمل باستمرار على تحقيق التوازن بين حفظ الأمن وتطبيق القانون وبين احترام القيم الإنسانية والاجتماعية.

تحقيق التنمية في سيناء

وأثنى المهندس أيمن حافظ عفرة، على الجهود التنموية التي تقودها القيادة السياسية ومؤسسات الدولة المصرية سبيلا لتحقيق التنمية في سيناء وتحقيق سبل الحياة الكريمة لأبنائنا وفرص تنمية مستدامة، موجهًا التحية والتقدير لكافة أبناء سيناء على الجهود والتضحيات التي قاموا بها خلال السنوات الماضية، ودورهم التاريخى والوطني فى مساندة ودعم الدولة المصرية وأمنها واستقرارها وفى دعم جهود الدولة فى مكافحة ومحاربة الإرهاب.

مقالات مشابهة

  • "الموج للجولف" يحصد لقب "أفضل ملعب للجولف في عُمان"
  • «الشعب الجمهوري»: العفو الرئاسي عن 54 من أبناء سيناء يرسخ قيم المواطنة
  • ضريبة الـ 50% على الصابون السائل صفقة تجارية خفية تنذر برفع الاسعار
  • حسني بي: فشلنا في تطبيق وصف المواطنة في الدستور
  • سقط حلف الأقليات: لا عذر بعد اليوم
  • خيام النازحين في غزة .. ثلاجات قاتلة
  • "فورد عُمان" تعزّز أسطول "مجموعة التسنيم" بـ40 شاحنة
  • النفط: انطلاق الحجز الالكتروني لإضافة منظومات الغاز السائل للسيارات
  • الدراما التلفزيونية السورية المنتظرة وتجسيد ثقافة المواطنة
  • لأول مرة.. إطلاق حملة تصويت عامة لاختيار الهوية البصرية الوطنية لسلطنة عُمان