أكد الدكتور سالم بن محمد المالك، المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، ضرورة التمسك بالقيم التقليدية الأصيلة لبناء مستقبل عالمي مزدهر، لأن جوهر هذه القيم هو الذي يصقل شخصية الشباب، ويمكنهم من التغلب على العوائق ومجابهة التحديات التي تواجههم، مشددا على أهمية دور الشباب ومحورية التعليم الذي لا يهدف فقط إلى تأهيلهم لتولي المسؤوليات، بل يمنحهم كذلك القدرة على التمييز ورفض كل أشكال العنف والخطابات المتطرفة.

 

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها اليوم  خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الثانية من قمة قازان العالمية للشباب 2023، التي تعقدها حكومة جمهورية تتارستان بشراكة مع منتدى شباب التعاون الإسلامي، خلال الفترة من 28 إلى 30 أغسطس 2023، بمدينة قازان، عاصمة جمهورية تتارستان، بمشاركة وزراء وسفراء ومنظمات إقليمية ودولية، وعدد من صناع سياسات الشباب ينتمون إلى 67 دولة.

ونوه الدكتور المالك في كلمته بالجهود التي تبذلها جمهورية تتارستان، بالتعاون مع منتدى شباب التعاون الإسلامي، والتي توجت باختيار قازان عاصمة الشباب لمنظمة التعاون الإسلامي 2022، مؤكدا أهمية هذه القمة التي تنعقد تحت شعار: "دور القيم التقليدية في تعليم الأطفال والشباب في العالم المعاصر"، للتأكيد على ضرورة غرس القيم الأصيلة لتأهيل شباب اليوم من تبني قناعاتهم بثبات وهم يندمجون في التنوع العالمي.

وأكد أهمية الشباب كقوة ديموغرافية تمثل 16% من إجمالي سكان العالم، وتجسد مستقبله، مشيرا إلى التحديات التي ينبغي تجاوزها والتصدي لها لبناء مجتمع عالمي مزدهر.

وأبرز المدير العام للإيسيسكو جهود المنظمة لتعزيز مبادئ التعايش واحترام التنوع الثقافي في المناهج الدراسية، ومن خلال تنظيم الأنشطة الرياضية، وتكوين الأطر التربوية، والتأكيد على المبادئ الأساسية المشتركة بين جميع الأديان والمتعلقة بقيم الرحمة والتضامن، والتقدير والاحترام، والوحدة والتفاهم، وتطلع الإيسيسكو إلى تكثيف التعاون الدولي في مجال نشر القيم الإنسانية، التي لا غنى عنها للتغلب على التحديات الراهنة.

وأشار إلى أن المعرض والمتحف الدولي للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية الذي يحتضنه مقر الإيسيسكو في الرباط والذي حظي بزيارة أكثر من ثلاثة ملايين زائر يجسد أسمى الفضائل والقيم الأخلاقية المتأصلة في الإنسانية، موضحا أن الإيسيسكو تعمل على ضمان التكامل السلس لخطاب حضارة العالم الإسلامي في الخطاب العالمي.

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

انهيار التحالفات القديمة وصعود نظام عالمي جديد

يمكن أن يقرأ العالم الاشتباك العلني بين الرئيس الأمريكي ترامب ونظيره الأوكراني زيلينسكي بمستوى أبعد بكثير من كونه مجرد لحظة توتر بين زعيمين إلى كونه إعلانا واضحا لنهاية النظام العالمي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية. كان ترامب يقول بشكل واضح لا جدال فيه إن بلاده لن تلتزم بعد اليوم بدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا وهذا يعني أيضا إنهاء التزام أمريكا تجاه حلفائها الديمقراطيين في أوروبا وفي العالم أجمع.

كانت تلك اللحظة التي شاهدها العالم أمام شاشات التلفزيون تجسد شكل السياسة الخارجية في نهج ترامب، وهو نهج يقوم على فكرة الصفقة ويضرب بعرض الحائط أي طرح للعلاقات التاريخية أو التحالفات على مبدأ «الديمقراطية» الذي كانت الولايات المتحدة تتحدث عنه منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية.. وبعد ما حدث للرئيس الأوكراني فلم يعُد هناك مكان للشراكات الاستراتيجية المبنية على القيم والمصالح المشتركة، بل أصبح كل شيء مجرد ورقة مساومة في لعبة القوى الكبرى. ومن كان مشككا في هذا النوع من السياسة الخارجية فعليه أن يتعلم الدرس مما حدث لزيلينسكي.

لقد كشف ترامب دون أي مواربة أنه يتعامل مع السياسة الخارجية كما لو كانت سلسلة من الصفقات التجارية حيث لا توجد التزامات دائمة، بل فقط مصالح متغيرة. ويبدو أنه مُصِرّ على التخلص من فكرة أن على الولايات المتحدة حماية حلفائها، حتى لو كان ذلك على حسابها. وهو ذاهب بشكل واضح نحو تفكيك التحالفات الأمريكية التقليدية بعد انسحابه التدريجي من التزامات بلاده تجاه الناتو، ومن حلفائه العرب وحتى من رؤيته أن روسيا شريكا محتملا في تشكيل نظام عالمي جديد.

ورغم أن فكرة بناء علاقات شراكة مع روسيا فكرة إيجابية جدا فإن القواعد التي يبني عليها ترامب هذه العلاقة تبدو أقرب لفكر الصفقات التجارية منها إلى بناء علاقات سياسية.

إن ترامب الذي يشغل العالم منذ دخوله البيت الأبيض للمرة الثانية تبدو عقيدته واضحة جدا؛ فلم تعُد الولايات المتحدة المدافع عن النظام العالمي الليبرالي، بل أصبحت قوة تبحث عن الهيمنة المطلقة، حيث يكون كل شيء متاحا للمساومة.

لكن هل كان الدرس الذي وجَّهَه ترامب لأوكرانيا يخصها وحدها؟ تبدو الرسالة أكثر عمقا مما قد يعتقد البعض أنها موجهة لكل حلفاء أمريكا وبشكل خاص الأوروبيين والآسيويين والعرب. فمن كان مستعدا للتخلي عن حليف بحجم أوكرانيا الملاصقة لروسيا فإنه قد يتخلى بكل بساطة عن تايوان وعن كوريا الجنوبية وعن اليابان وعن الدول العربية.

لكن كل هذا ليس قائما على المبادئ بل على حساب «الصفقة».. فعلى عكس زيلينسكي، الذي طُلب منه قبول الهزيمة، لم يُطلب من نتنياهو أي شيء لإنهاء الحرب في غزة، رغم سقوط عشرات الآلاف من المدنيين. هذه الازدواجية تعكس أن سياسة ترامب الخارجية لا تُحددها المبادئ، بل تحكمها الحسابات الشخصية والسياسية.

هذا الأمر يجعل مصداقية الولايات المتحدة تتآكل بسرعة.. فإذا كان بإمكان واشنطن التخلي عن أوكرانيا بهذه السهولة، فما الذي يمنعها من التخلي عن حلفائها الآخرين؟ الاتحاد الأوروبي، الذي يشعر بخيبة أمل متزايدة من القيادة الأمريكية، قد يسرّع خطواته نحو بناء قدرات دفاعية مستقلة. أما في آسيا، فقد تبدأ الدول في البحث عن ترتيبات أمنية بديلة، وربما حتى إقامة علاقات أقوى مع الصين.

يعتقد ترامب أنه يستطيع إعادة ترتيب ميزان القوى العالمي من خلال نهج قائم على القوة الاقتصادية والعسكرية، متجاوزًا التحالفات، وعقد صفقات مباشرة مع القوى الكبرى، لكن التاريخ يظهر أن انهيار التحالفات غالبًا ما يؤدي إلى اضطرابات عالمية. النظام العالمي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية، رغم عيوبه الكبيرة جدا، نجح في تحقيق هدفه الأساسي؛ فقد منع نشوب الحروب الكبرى، وتعزيز التكامل الاقتصادي بين الدول.

خرج الرئيس الأوكراني وقد عرف مصير بلده تقريبا، لكن السؤال الأهم الآن مَن سيكون الضحية القادمة في سياسة «الصفقة التجارية»؟

مقالات مشابهة

  • منظمة المؤتمر الإسلامي تؤكد دعم فلسطين وتطالب بإنهاء الاحتلال
  • ترامب… حين تتحول السياسة إلى سيرك عالمي!
  • ندوة تثقيفية بجامعة طنطا لتعزيز القيم الوطنية والانتماء لدى الشباب
  • الأسرة والمجتمع.. القيم الراسخة في وجدان شباب دبي
  • 53 دولة إسلامية بمنظمة “الإيسيسكو” توافق بالإجماع على ميثاق الرياض للذكاء الاصطناعي في العالم الإسلامي
  • بالإجماع.. "الإيسيسكو" توافق على ميثاق الرياض للذكاء الاصطناعي
  • التماسك الأسري.. ركيزة أساسية لبناء مجتمع مزدهر
  • «حمدان بن راشد للعلوم» تبحث تعزيز التعاون مع الإيسيسكو
  • انهيار التحالفات القديمة وصعود نظام عالمي جديد
  • "التعاون الإسلامي" تؤكد أهمية مواجهة الإجراءات الإسرائيلية تجاه الأونروا