إيران محذرة أميركا: مصادرة نفطنا تتعارض مع صفقة تبادل السجناء
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
حذرت إيران الولايات المتحدة من أن مصادرتها لشحنة نفط إيرانية كانت على متن ناقلة محتجزة لديها، تتعارض واتفاقا حديثا أبرمه البلدان لتبادل السجناء، ووصفت الإجراء بأنه غير مثمر، في حين طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طهران بالإفراج عن 4 من رعاياها معتقلين لديها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني -خلال مؤتمر صحفي- إن "أميركا تبدي اهتمامها بالحوار المباشر مع إيران من جهة، ومن جهة أخرى نشهد قيامها بفرض عقوبات جديدة ومصادرة شحنة النفط الإيرانية"، معتبرا أن "هذه الإجراءات لا تتوافق مع الرسائل التي أرسلتها الولايات المتحدة إلى إيران بأنها مستعدة لإجراء الحوار المباشر واستكمال خطة العمل المشترك الشاملة"، في إشارة إلى الاتفاق الدولي المبرم عام 2015 بشأن البرنامج النووي الإيراني.
وكشف كنعاني أن الخارجية الإيرانية استدعت القائم بالأعمال السويسري الذي تتولى بلادُه إدارة المصالح الأميركية في إيران في ظل انقطاع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ عقود، احتجاجا على الخطوة الأميركية.
وفي المؤتمر الصحفي نفسه طالب كنعاني الولايات المتحدة بتوضيح صِلاتها بالمواطن الإيراني الألماني جمشيد شرمهد، مؤكدا أنه مدان بارتكاب "أعمال إرهابية".
جاءت تصريحات كنعاني بعد أن التقى المبعوث الأميركي الخاص بإيران أبرام بالي يوم الجمعة بأسرة شرمهد.
وحثت ابنته واشنطن على عدم استبعاده من اتفاق تبادل السجناء الذي يجري بحثه حاليا بين الدولتين، وبموجبه سيتم أيضا الإفراج عن 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة في
كوريا الجنوبية.
وحكمت محكمة إيرانية على شرمهد، وهو حاصل أيضا على إقامة في الولايات المتحدة، بالإعدام في فبراير/ شباط الماضي لإدانته بالضلوع في هجوم على مسجد في شيراز أودى بحياة 14 شخصًا في أبريل/ نيسان عام 2008.
وأفرجت إيران -قبل أسبوعين- عن 4 أميركيين ووضعتهم رهن الإقامة الجبرية، لينضموا إلى مواطن أميركي خامس يخضع بالفعل للإقامة الجبرية في منزله، في الخطوة الأولى من اتفاق يُسمح بموجبه للخمسة في نهاية المطاف بمغادرة إيران.
وفي باريس دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إيران للإفراج عن الفرنسيين الأربعة المحتجزين لديها "في ظروف غير مقبولة"، وذلك في خطابه السنوي أمام السفراء الفرنسيين الاثنين.
وقال أمام الدبلوماسيين المجتمعين في باريس إنه " لا شيء يبرّر احتجاز" المواطنين الفرنسيين "في ظروف غير مقبولة".
وأفرجت طهران في مايو/أيار عن الفرنسي بنجامان بريير ومواطنه الذي يحمل أيضا الجنسية الإيرلندية برنارد فيلان، وذلك لأسباب "إنسانية".
وتحتجز إيران 4 فرنسين أوقِفوا بين مايو/ أيار وسبتمبر/ أيلول 2022 وهم، لوي أرنو الموقوف، والمعلمة والنقابية سيسيل كولر ورفيقها جاك باري بتهمة "التجسس"، وشخص آخر لم تُكشف هويته.
وكانت طهران قد أطلقت سراح الباحثة الفرنسية-الإيرانية فريبا عادلخاه بعد حكم بالسجن 5 سنوات لإدانتها بتهمة المساس بالأمن القومي، من دون أن يسمح لها بعد بمغادرة البلاد.
وتعتقل طهران عددا من المواطنين الأجانب معظمهم مزدوجي الجنسية، بتهم التجسس في حين ترى دولهم أنهم "رهائن" احتجزوا لتحصل طهران على تنازلات من الدول الغربية أو مبادلتهم بمواطنين إيرانيين معتقلين لدى تلك الدول.
يذكر أن إيران أفرجت في مايو/ أيار الماضي عن مواطن بلجيكي بعد نحو عام ونصف من اعتقاله بتهمة التجسس مقابل الإفراج عن دبلوماسي إيراني أمضى 5 سنوات في سجنٍ ببروكسل بتهمة الإرهاب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
كيف تلقت إيران رسالة ترامب من الهجمات الأميركية على الحوثيين؟
طهران– في تطور ينقل رسائل إلى خارج اليمن، شن الجيش الأميركي، الليلة الماضية، غارات على مواقع لجماعة أنصار الله (الحوثيين) في العاصمة صنعاء وصعدة والبيضاء بأمر من الرئيس دونالد ترامب الذي توعد الجماعة بالجحيم، وقال، إن أي "قوة إرهابية" لن تمنع السفن الأميركية من الإبحار بحرية.
يأتي ذلك بعد إعلان الحوثيين، أنهم سيستأنفون استهداف السفن الإسرائيلية في الممرات البحرية بالمنطقة ردا على منع دخول المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر، وذلك بعد توقف هجماتهم إثر دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني الماضي.
وفي تطور لافت، ذهب الجانب الأميركي هذه المرة بعيدا في اعتبار طهران مسؤولة عن سلوك الحوثيين، إذ ركزت المواقف الأميركية على ما سمته "دعما إيرانيا للحوثيين" ووصفت العملية بأنها رسالة لآيات الله في طهران.
من جانبه، وصف ترامب الحوثيين بـ"المجرمين المدعومين من إيران"، وحذر الأخيرة من مغبة مواصلة دعمها للجماعة اليمنية، قائلا "إنه إذا هددت طهران الولايات المتحدة، فإن أميركا ستحملكم المسؤولية الكاملة، ولن نكون لطفاء في هذا الشأن".
الرد الإيراني
في المقابل، سارع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إلى تذكير الخصم الأميركي بأنه لا يحق لواشنطن "إملاء" إرادتها على سياسة طهران الخارجية، ودعا -في منشوره على منصة إكس- الولايات المتحدة إلى "وقف قتل الشعب اليمني".
إعلانفي السياق، أدان المتحدث باسم الخارجية الإيراني إسماعيل بقائي، العدوان الأميركي والبريطاني على اليمن بأشد العبارات، واعتبره "انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية" وأنه يأتي دعما للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
عسكريا، نفى القائد العام للحرس الثوري الإيراني الجنرال حسين سلامي، أي دور لبلاده في تنظيم أو وضع سياسات جبهة المقاومة بمن فيها الحوثيون في اليمن، مؤكدا أنهم "يتخذون قراراتهم الإستراتيجية والعملياتية بأنفسهم".
وحذر سلامي –في كلمة أمام حشد من كوادر الحرس الثوري- "أعداء إيران بأن أي تهديد يتحول إلى الفعل سيواجه برد صارم وحازم ومدمر من جانبنا"، مضيفا "لن نبدأ الحروب، لكن إذا هُددنا من أي جهة فسيكون ردنا حاسما ومصيريا".
خطوة ذكية
ويرى مراقبون إيرانيون في موقف سلامي خطوة ذكية تجنب طهران التداعيات السياسية والقانونية لما تقوم به جماعة الحوثي ضد المصالح الأميركية والإسرائيلية في البحر الأحمر وتدحض الاتهامات الإقليمية باتخاذ إيران الحليف اليمني أداة لاستهداف منافسيها، ناهيك عن إطلاق العنان للحوثيين باستهداف المصالح الأميركية في البحر الأحمر.
ويأتي تنسيق الموقف الأميركي الرامي إلى ربط سلوك الجانب اليمني بسياسات إيران ملحقا عمليا لما ورد في رسالة ترامب إلى المرشد الأعلى علي خامنئي والتي خيّره فيها بين التفاوض أو استخدام الخيار العسكري في حال لم يتم إبرام اتفاق يمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية.
المواقف الأميركية تبدو غاية في الصراحة بربط سلوك الحوثيين بالجانب الإيراني والمطالبة بإنهاء ما تعتبره واشنطن دعما إيرانيا لجماعة الحوثي، وتأتي متناسبة مع التسريبات الإعلامية عن رسالة ترامب إلى المرشد الإيراني ومطالبته بوقف دعم طهران لفصائل المقاومة، كشرط مسبق لأي اتفاق بشأن الملف النووي.
إعلان
حلقة ضعيفة
من ناحيته، يقرأ السفير الإيراني الأسبق في لندن جلال ساداتيان، الهجوم الأميركي على اليمن في سياق سياسة العصا التي رفعها ترامب منذ فوزه بالرئاسة 2024 على العديد من الدول والقوى الشرقية والغربية، موضحا، أنه بعد إخفاقه في ترحيل سكان قطاع غزة أو حلحلة الأزمة الأوكرانية وجد ترامب في الساحة اليمنية الحلقة الأضعف لعرض عضلاته في الشرق الأوسط.
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير الدبلوماسي الإيراني السابق إلى أن مهاجمة اليمن تأتي لترهيب فصائل المقاومة الأخرى وتحذيرها من مغبة استئناف عملياتها ضد الكيان الصهيوني، موضحا، أن ترامب يراهن على تطبيع بعض الدول العربية علاقاتها مع تل أبيب لدمج الأخيرة في الإقليم والقضاء على القضية الفلسطينية.
وخلص إلى أن ترامب يتعمد استخدام تسليح نوعي لخرق التحصينات في اليمن ليبعث رسالة إلى الجانب الإيراني بإمكانية استخدامها مرة أخرى في المنطقة، على غرار تكرار سياسة الاغتيالات بحق القادة الحوثيين والتي سبق وطبقها الكيان الإسرائيلي على قادة المقاومة في كل من لبنان وقطاع غزة.
الضغوط القصوىويرى مراقبون، أن الهجوم الأميركي على اليمن لم يكن جديدا ولا فريدا من نوعه، إذ سبق وتعرضت صنعاء لهجمات أميركية وبريطانية وإسرائيلية مماثلة، ويفترض أن تكون قد توقعته قبل إعلانها استئناف عملياتها في البحر الأحمر، وأن تكون قد حضّرت له ردا أو ردودا تعتقد شريحة من الإيرانيين، أن الأيام القليلة المقبلة ستكشف عنها.
من جانبه، يعتبر الباحث الإيراني في الشؤون الأمنية محمد قادري، أن الهجوم على اليمن موجه إلى طهران قبل أن يستهدف عمليات الحوثيين في البحر الأحمر، وأنه يأتي في سياق سياسة الضغوط القصوى التي استأنفها ترامب على إيران لإرغامها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وفي حديث للجزيرة نت، يرى قادري أن البرود الإيراني في التعامل مع رسالة ترامب الأخيرة إلى المرشد الأعلى، علي خامنئي، قد أزعج البيت الأبيض الذي يفسر إعلان الحوثيين باستئناف عملياتهم في البحر الأحمر ردا ساخرا على مطالبته طهران بقطع دعمها لفصائل المقاومة.
إعلانوفي رأي قادري، فإن الهجوم العسكري على اليمن والاتهامات الأميركية لطهران بتحريض الحوثيين سينعكس سلبا على ما تعول عليه واشنطن من بوابة سياسة تبادل الرسائل مع طهران، مضيفا، أن نوعية وكيفية الرد اليمني على الهجوم الأميركي سيحدد الخطوات الأميركية اللاحقة في المنطقة.
واستبعد المتحدث نفسه، أن يوقف الجانب اليمني عملياته في البحر الأحمر قبل كسر الحصار عن غزة، مؤكدا أن طهران وصنعاء سيعتبران أيّ خفض أو وقف للعمليات في البحر الأحمر رسالة ضعف قد تزيد واشنطن جرأة للتمادي في شن هجمات أخرى على سيادتهما.