تهديد استراتيجي.. ما موقف الجزائر من تطبيع ليبيا مع الاحتلال؟
تاريخ النشر: 28th, August 2023 GMT
أبدت الجزائر تجاهلا رسميا، للقاء التطبيعي الذي قامت بها وزيرة الخارجية الليبية الموقوفة عن عملها، نجلاء المنقوش، بوزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، إيلي كوهين، والذي أثار ضجة واسعة في ليبيا.
وأشعلت أنباء اللقاء الذي أكدته الخارجية الليبية لاحقا، غضبيا رسميا وشعبيا، وخرجت مظاهرات في عموم ليبيا، للمطالبة بإقالة المنقوش ومحاكمتها، وأدانت القوى السياسية الليبية عبر بيانات صدر عنها ما جرى من لقاء في روما.
ورصدت "عربي21" الصحف والمواقع الجزائرية، والتي اكتفت باستعراض لتفاصيل ما جرى منذ الإعلان عن اللقاء أمس الاثنين، والغضب الذي ساد الساحة الليبية، وقرار عبد الحميد الدبيبة إيقاف المنقوش والتحقيق معها، ولاحقا إقالتها من منصبها على خلفية اللقاء.
وتعد مسألة التطبيع من المسائل الخطيرة، للجزائر، نظرا لموقفها المؤيد للقضية الفلسطينية، والرافض لعمليات التطبيع الجارية مع الاحتلال، منذ عشرات السنوات، وآخرها التطبيع المغربي، الأكثر حساسية نظرا للجوار الحدودي بين البلدين، وآثاره على الجزائر الداعمة للقضية الفلسطينية.
ودخلت الجزائر في حالة قطيعة مع المغرب، عام 2021، بسبب العديد من الأزمات السياسية، وخاصة مسألة التطبيع، والتي تعتبرها تهديدا للأمن القومي.
وأوضح بيان الخارجية الجزائرية، أسباب اللجوء إلى القطيعة، ومنها، تخطيط وتنظيم سلسلة اعتداءات خطيرة، ضد الجزائر، ومنها الاتهامات التي أطلقها وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، خلال زيارة رسمية للمغرب، بحضور نظيره المغربي، واعتباره المحرض الرئيسي على الاتهاماتا.
كما قالت الجزائر، إنه لم يسبق أن قام عضو في حكومة الاحتلال، بتوجيه رسائل عدوانية لدولة عربية، من أراضي دولة عربية أخرى مجاورة، كما حدث في المغرب، واصفة ما جرى بالتهور والعدوانية الشديدة.
كما اعتبرت الجزائر، قيام المغرب بمنح موطئ قدم لقوة عسكرية أجنبية، في المنطقة المغاربية، عملا خطير وغير مسؤول ينتهك معاهدة الأخوة والحسن الجوار بين البلدين، عقب اتفاق التطبيع مع الاحتلال، إضافة إلى اتهام الجزائر، للمغرب، بإجراء عمليات تجسس واسعة، ضد مواطنين ومسؤولين جزائريين، عبر تقنية "بيغاسوس" الإسرائيلية، والتي تسببت بفضيحة عالمية.
محاصرة إقليمية
مجلة الدراسات الاستراتيجية والبحوث السياسية الجزائرية، وفي نشرة لها، استعرضت جوانب من الأخطار المحدثة بالجزائر، تطبيع دول الجوار مع الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت النشرة، إن الاحتلال يسعى لاختراق القارة الأفريقية بعمليات التطبيع، ومحاصرة الدول المعادية له، وخاصة الجزائر وتونس وليبيا، لما يحمله ذلك من تأثير على الصراع مع إسرائيل.
وأشارت إلى أن الاحتلال، يقدم مساعدات استخبارية وأمنية وتدريبات عسكرية، للدول المحيطة، ولما يمثل خطورة محاصرة الجزائر، بعد الأنباء عن انزلاقها نحو التطبيع، في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعاني.
ولفتت إلى أن الاحتلال، يسعى عبر نسج علاقات طبيعية مع الدول الأفريقية، لدعمه في المحافل الدولية، للتصويت لصالحه، فضلا عن محاصرة الجزائر، في المشاريع الاقتصادية في أفريقيا، مثل خطوط انابيب الغاز، مع المغرب، والذي كان من المفترض أن ينقل الغاز إلى أوروبا.
وقالت النشرة، إن عمليات التطبيع بمحيط الجزائر، تحرمه من المشاركة في هذه المشاريع، وخلق تداعيات خطيرة على أمنه القومي.
خطر أمني واستراتيجي
الناشط السياسي، ياسين المقراني، قال إن الموقف الرسمي والشعبي في الجزائر، متطابق من القضية الفلسطينية، وهناك رفض للتطبيع، بكافة أشكاله في الجزائر ومحيط الجزائر العربي والأفريقي.
وقال المقراني لـ"عربي21"، إن الجزائر يرفض أي محاولة للتطبيع في ليبيا، كما رفضها من قبل في المغرب، وخاصة بأشكاله العسكرية والأمنية والاستخبارية أو حتى بالتعاون العلمي والثقافي.
وأشار إلى أن الليبيين، تصرفوا بحكمة، عند خروجهم في احتجاجات واسعة، على ما جرى بالأمن من لقاء وزير الخارجية نجلاء المنقوش بنظيرها لدى الاحتلال، ومطالبتهم بإقالتها، لان هكذا خطوة "تريد إخضاع رأس ليبيا كما أخضعت المغرب لهذا المشروع".
وشدد على أن الاحتلال الإسرائيلي، يشكل خطورة ليس على الجزائر فحسب، بل على كل الدول العربية والإسلامية، ومحاولات الإحاطة بالجزائر ومحاصرته بمشاريع التطبيع متواصلة، وهذا استهداف خطير، ولن يصمت عليه الجزائريون.
وقال المقراني، "إن الحدود الجزائرية تتمتع بمناعة من محاولة الاختراق، وفي حال جرى أمر كهذا سيواجه بصورة قوية، والدبلوماسية الجزائرية تعمل بصمت وسترد على مثل هكذا محاولات للتطبيع بطريقتها".
وأضاف: "في هذه الملفات دائما الجزائر تعمل بصمت، وتضرب في الوقت المناسب، لإفشال هذه المشاريع، فضلا عن التحالفات الأقليمية والدولية، للوقوف أمام هذه المحاولات من طرف الاحتلال، لاختراق محيط الجزائر، وإلحاق الضرر به".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الجزائر التطبيعي المنقوش ليبيا ليبيا الجزائر التطبيع المنقوش سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی مع الاحتلال ما جرى
إقرأ أيضاً:
لماذا تخلف العراق عن دول المنطقة في التطبيع مع سوريا؟
رغم تسابق العديد من الدول الغربية، وبلدان المنطقة، ولاسيما الجوار السوري، إلى زيارة دمشق وعقد لقاءات مع الإدارة السورية الجديدة بقيادة، أحمد الشرع، إلا أن العراق توقف عند البيانات الحكومية الرسمية، التي اكتفت بالتأكيد على "احترام الإرادة الحرة للسوريين".
ويواجه موقف العراق الحالي انتقادات واسعة من وسائل إعلام محلية، وحتى من العديد من المراقبين السياسيين الذين أكدوا في حديث مع "عربي21" ، أن "التأثير الإيراني" سبب رئيسي في تأخر التطبيع العراقي مع الواقع الجديد في سوريا، وحكومتها الانتقالية.
تأثيرات إيران
وبخصوص أسباب تأخر العراق عن غيره من البلدان في إرسال وفد إلى دمشق، قال المحلل السياسي العراقي رعد هاشم، إن ذلك يعود إلى "كونه خارج منظومة الدول التي ساهمت بالتغيير في سوريا، إضافة إلى جهلة بمدى استقرار الوضع السياسي هناك وكيفية تجانس الفصائل".
وأضاف هاشم لـ"عربي21" أن "الجهات الحاكمة في سوريا اليوم، لا تنتمي إلى بيئة المشهد السياسي التي تحكم في العراق، لذلك تنتاب الأخيرة الريبة مما يحصل في الجانب السوري، وممن يمسك بزمام الأمور هناك".
وأشار إلى أن "الحكومة العراقية مكونة من أطراف عديدة في الإطار التنسيقي (الشيعي)، ومن ضمنها فصائل وجهات متطرفة في مواقفها ورأيها، وهي توالي إيران بالكامل وترفض التجانس مع الواقع في سوريا".
وبحسب هاشم، فإن "مليشيا النجباء الموالية لإيران تخطط للتدخل في سوريا والاشتباك مع الفصائل هناك، وذلك لاستباق أي ضربة تستهدفها في العراق، وهذا ربما بدفع إيران".
وأوضح الخبير العراقي بأن "هدف النجباء من تحركهم للتدخل عسكريا في الشأن السوري هو الضغط على الأمريكيين لإيقاف أي استهداف قد يطالهم من مقابل عدم التدخل في الشأن السوري. لكن هناك إرادة دولية لتثبيت النظام الجديد في سوريا".
ولفت هاشم إلى أن "قوى الإطار منقسمة إلى معسكرين، الأول يسعى إلى مواكبة الدول التي تسعى إلى تفاوض مع سوريا، والثاني معسكر متشدد ويتمثل في مليشيا النجباء، وفصائل أخرى معها".
وأشار إلى أن "نظام الحكم في العراق كان من أشد الداعمين لبشار الأسد، لذلك عندما تعود علاقة بغداد مع دمشق، فإنها ستكون لأغراض مصلحية صرفة من أجل تمشية أمور عالقة بين البلدين".
وأكد هاشم أن "أوراق التهديد لدى الغرب موجودة ولاسيما التقسيم في العراق، في حال أي إعاقة من الأخير للانتقال السلمي في سوريا، لذلك الحكومة العراقية وربما رئيس الوزراء محمد شياع السوداني شخصيا، يقيس الأمور بوتيرة حساسة".
وفي السياق ذاته، أكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية، عصام الفيلي لـ"عربي21"، أنه "رغم كل الأذى الذي تعرض له العراق من نظام بشار الأسد، عبر التفجيرات التي نفذها جهاز مخابراته في بغداد، لكن معظم الحكومات العراقية كانت داعمة له".
وأوضح الفيلي أن "طبيعة التغيير الحالي الذي شهدته سوريا، ربما ولدت مخاوفا من الذهاب باتجاه دعم النظام الجديد في دمشق، رغم أن الحكومة العراقية أعلنت أنها تحترم خيار الشعب السوري، لكنها لم تكن أسوة بالدول الأخرى التي ذهبت إلى دعم الحكومة الانتقالية السورية".
وأردف: "الحكومة العراقية لا تزال في موقف المترقب المنتظر، وهذا إما يكون محاولة لإرضاء بعض الأطراف الداخلية التي تحاول أن تشيطن النظام السياسي الجديد في سوريا، أو أن إيران إذا ذهبت لافتتاح سفارتها في دمشق، فإن الحكومة بغداد ستمضي وراءها".
وأرى الفيلي أهمية أن "يتعامل العراق مع النظام السياسي في سوريا كمتغير بات واقع حال، وأن يقدم المصلحة الوطنية العراقية، لأن أي مؤشر للابتعاد عن حكومة دمشق حاليا- المدعومة إقليميا وغربيا- سيعطي انطباعا بأن العراق مازال أقرب إلى المحور الإيراني من المحيط العربي".
ولفت إلى أن "الحكومة العراقية الآن حذرة وقلقلة، فهي تراعي وضعها الداخلي وتراعي التأثيرات الإيرانية في هذا الصدد، لذلك فإن كل الفصائل بالعراق وحتى بعد سقوط الأسد، تعتقد أن النظام الجديد في سوريا لا يمثل شكلا من أشكال المقاربات معه".
"ارتباك عراقي"
وشدد أستاذ العلوم السياسية على ضرورة أن "توازن الحكومة العراقية بين الوضع الحالي الداخلي مع علاقاتها الخارجية، فهي أعلنت عن فتح السفارة في دمشق، لكن بقي إرسال وفدا دبلوماسيا، إضافة إلى مبادرة حسن نية في موضوع تصدير النفط".
وأوضح الفيلي أن "على الحكومة ألا تقطع النفط الذي تقدمه إلى سوريا والبالغ نحو 12 ألف برميل كانت تزود به دمشق سابقا. بالتالي حتى تعطي رسالة إلى المجتمع الخارجي على أن العراق قادر على صياغة علاقاته الخارجية بتحرر من الضغوط الإيرانية".
وفي المقابل، رأى المحلل السياسي، أثير الشرع، أن "الحاكم الجديد في سوريا كانت لديه نشاطات مسلحة على الأراضي العراقية عام 2006، وفي مرحلة نشاط تنظيم الدولة، لذلك عندما تسلم الإدارة في البلاد بات العراق لديه موقف منه".
ونفى الشرع، خلال مقابلة سابقة مع قناة "بي بي سي" بأن يكون قد شارك في القتال الطائفي أو قتل العراقيين سابقا، وأن وجوده في العراق كان لقتال القوات الأمريكية.
وأضاف المحل السياسي أثير الشرع لـ"عربي21" أن "العراق لا يمكن أن يعترف بسهولة في التحول الذي جرى بسوريا، لكن ضغوطات الولايات المتحدة الأميركية على بغداد دفعتها إلى الاعتراف والترحيب بما حصل هناك، إضافة إلى احترام إرادة الشعب السوري".
وأشار إلى أن "هناك بعثة دبلوماسية سورية في العراق وجرى رفع علم سوريا الجديد على مبنى سفارة دمشق، لكن بغداد تأخرت في إرسال بعثتها الدبلوماسية تعبيرا عن عدم قبول ما حصل من تغيير نتيجة للمواقف السابقة للشرع، وأن العراق يتأنى حاليا في إرسال مبعوث دبلوماسي إلى سوريا".
وأكد الباحث العراقي أن "العراق قريب جدا من الإدارة الإيرانية وهو جزء من محور يربطها معها، لذلك فإن إيران لديها نفوذ كبير في البلد، ولا يمكن أن نقول إن الأخير يحاول عدم الاستسلام لضغوطات طهران".
ومن جهة أخرى، يؤكد الخبير العراقي، أن "الحكومة العراقية منشغلة حاليا في الظرف الداخلي وتنتظر من بعض القوى السياسية تنفيذ الشروط الأمريكية، وتحديدا ما يتعلق بحل الحشد الشعبي والفصائل المسلحة".
وتابع: "لذلك هناك ارتباك داخلي عراقي، قد يكون هو السبب الرئيس وراء عدم إرسال الحكومة العراقية أي مبعوث إلى سوريا للاعتراف بالحكومة الانتقالية، أسوة بما تفعله الدول العربية في المنطقة".
وبخصوص ما تسرب عن زيارة السياسي السني، خميس الخنجر ولقائه مع الشرع في دمشق، قال الفيلي إن "الخنجر في حسابات السياسة هو الأقرب إلى رئيس الوزراء العراقي، وقد يكون يحمل رسالة حكومية في هذا الصدد، وبالتالي لا تريد الحكومة إحراج نفسها بمثل في هذا الموضوع".
ولفت إلى أن "الخنجر ذهب بوساطة تركية، وأن كل الفصائل السورية هي قريبة من تركيا أيضا، ولكن أن المتغير الذي حصل في سوريا هو يحظى باحترام الحكومة العراقية وبدعم كل قوى الاعتدال الشيعي".
وأكد الفيلي أن "هناك جهات عراقية تنتظر الفرصة للتربص بالنظام السياسي السوري الجديد، لكن الحكومة ليست من ضمنها".
وخلال مقابلة سابقة مع قناة العراقية الرسمية، أكد السوداني أن بلده بالتأكيد ليس ضد التواصل مع الإدارة في سوريا طالما هناك مصلحة لاستقرار سوريا والمنطقة، مؤكدا عدم حصول أي اتصال بينه وبين الشرع حتى الآن.