إعداد: جمال بلعياشي إعلان اقرأ المزيد

الشابة هي مدينة شاطئية صغيرة تتبع لولاية المهدية على الساحل التونسي. ويسافر إليها عدد كبير من المصطافين التونسيين لقضاء عطلتهم. يوسف الشافعي هو مصور هاو زار المدينة للتنزه يوم الأحد 20 آب/ أغسطس الجاري.

في تلك اللحظة، رأى تجمعا صغيرا من السباحين المنقذين. اقتربت من هؤلاء، ورأيت جثة امرأة تطفو على سطح الماء.

كان جسدها قد بدأ بالتحلل. ولم يكن لها أقدام أو يدين. كان المشهد صادما.

{{ scope.counterText }} {{ scope.legend }} © {{ scope.credits }} {{ scope.counterText }} i

{{ scope.legend }}

© {{ scope.credits }}

سارعت بالتقاط مجموعة من الصور. رأيت ملابس أيضا وأحذية وبقايا مركب هجرة.

وبعد مرور ساعة، تم اكتشاف ثلاثة جثث أخرى حسب ما أكده السباحون المنقذون. وقالوا لي أيضا أنه تم العثور على جثة أخرى في نفس المنطقة الليلة الماضية.

أمين بن عبد الجواد، سباح منقذ عثر على جثة مهاجرة على شاطئ الشابة وسط شرق تونس، الأحد 20 آب/ أغسطس 2023. صورة يوسف الشافعي. © Youssef Chaffai

وضع رجال الحماية المدنية الجثث في أكياس الموتى ومن ثم قاموا بتسليمها للحرس الوطني (الدرك) الذين نقلوها لمكان آخر.

 

"إنها المرة الأولى والأخيرة التي أعمل فيها كسباح منقذ"

وحسب وصف يوسف الشافعي، فإن الضحية تبدو من أصيلي أفريقيا جنوب الصحراء. أمين عبد الجواد، 19 سنة، هو سباح منقذ وكان أول من عثر على الجثة. ويحدث أمين فريق تحرير مراقبون عن هذه التجربة الصادمة:

من المفترض بما أنني سباح منقذ أن يكون لي الحق في رفع جثة. ذلك يدخل ضمن مهام الغطاسين (فريق التحرير: التابعين للبحرية الوطنية). ولكني لم أكن أعلم ذلك في تلك اللحظة.

وأمام فضولي أمام شيء يطفو على سطح المياه، سبحت في اتجاهه وأيقنت أن الجثة تعود لشخص. قمت بإخراجها من المياه واتصلت بالغطاسين الذين عثروا على ثلاث جثث أخرى في وقت لاحق.

تواصلت العملية إلى غاية اليوم التالي (21 آب/ أغسطس 2023). في معظم الحالات، يعثر الغطاسون على أعضاء بشرية متفرقة، قفص صدري، ذراع، ساق. كان الأمر مروعا.

بعد أن تم وضعها في أكياس الموتى، تم تسليم الجثث إلى الحرس الوطني.

شعور بالاضطراب لا يزال يراودني، لم أتلق أي دعم نفسي. ولم يتم اتخاذ أي إجراء في هذا الصدد. 

منذ ذلك اليوم، أصبحت أكره البحر.

إنها المرة الأولى والأخيرة التي أعمل فيها كسباح منقذ. 

وتحولت محافظات المهدية وصفاقس ومدنين أيضا إلى بؤر كبيرة لانطلاق رحلات الهجرة غير النظامية باتجاه السواحل الأوروبية. وفي كل عام، يحاول الآلاف من الأشخاص من موطني دول أفريقيا جنوب الصحراء وتونسيين أيضا ولكن بدرجة أقل الوصول إلى أوروبا انطلاقا من هذه السواحل.

وبين مطلع شهر كانون الثاني/ يناير و20 تموز/ يوليو الماضي، تم العثور على جثث 901 مهاجرا على الأقل على السواحل التونسية والغالبية العظمى منهم من أصيلي دول أفريقيا جنوب الصحراء، وفق حصيلة رسمية للسلطات في تونس.

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: بيئة خبر كاذب تونس هجرة هجرة غير شرعية بيئة

إقرأ أيضاً:

ليوبولد سيدار سنغور رمز الأدب والسياسة في أفريقيا الحديثة

فيلسوف في السلطة، وشاعر في قلب الدولة، هكذا شكّل ليوبولد سيدار سنغور بصمة عميقة في التاريخ الأفريقي والعالمي.

كان شاعرا ومفكرا وسياسيا جمع بين الكلمة والسلطة، وسعى إلى دمج التقاليد الأفريقية بالقيم العالمية في مشروع حضاري متكامل، فهو مؤسس مفهوم "الزنوجة" وأول رئيس للسنغال المستقلة وعضو في الأكاديمية الفرنسية، كان جسرا بين التقاليد الأفريقية والحداثة العالمية ونموذجا فريدا من التعايش بين ثقافة القارة السمراء والفكر الغربي.

طفولة مشبعة بالثقافتين الأفريقية والفرنسية

وُلد ليوبولد سيدار سنغور في 9 أكتوبر/تشرين الأول 1906 بمدينة جوال الصغيرة بالسنغال، ونشأ في بيئة مسيحية كاثوليكية ضمن مجتمع يغلب عليه الطابع الإسلامي، مما عزز لديه منذ الصغر حس الانفتاح والتعددية الثقافية.

تلقى تعليمه الأولي في السنغال، وأظهر نبوغا مبكرا مكنه من الحصول على منحة دراسية لمتابعة دراسته الثانوية في مدرسة فان فولان بدكار، والتي كانت من أبرز المؤسسات التعليمية في غرب أفريقيا الفرنسية آنذاك.

رحلة علمية نحو فرنسا

سافر سنغور إلى فرنسا عام 1928 لمواصلة دراسته في جامعة السوربون، لكنه التحق فيما بعد بمدرسة لويس لو غران المرموقة، والتقى بالمفكر المارتينيكي إيمي سيزير الذي أصبح شريكه الفكري في بلورة مفهوم "الزنوجة".

إعلان

واصل سنغور تفوقه الأكاديمي حتى نال شهادة التبريز في الآداب عام 1935، ليكون أول أفريقي من غرب أفريقيا الفرنسية يحقق هذا الإنجاز، مما فتح أمامه أبواب التدريس في فرنسا.

خلال فترة رئاسته، ركز سنغور على بناء دولة حديثة تجمع بين التقاليد الأفريقية والإدارة العصرية، مع إيلاء اهتمام خاص بالتعليم والثقافة (غيتي) من القصيدة إلى كرسي الرئاسة

خلال الحرب العالمية الثانية انضم سنغور إلى الجيش الفرنسي، لكنه وقع في الأسر عام 1940 وأُرسل إلى معسكرات الاعتقال في ألمانيا.

لم تمنعه ظروف الاعتقال من الكتابة، بل ألهمته لتأليف بعض من أهم قصائده التي عكست معاناته ورؤيته للعالم، وبعد إطلاق سراحه عام 1942 عاد إلى فرنسا واستأنف نشاطه الأكاديمي والسياسي.

انتُخب سنغور نائبا في الجمعية الوطنية الفرنسية عام 1945، ليبدأ مسيرته السياسية الفعلية.

عمل على تعزيز حقوق المستعمرات الأفريقية داخل النظام الفرنسي، وساهم في تطوير سياسات منح الحكم الذاتي، مما مهد الطريق لاستقلال العديد من الدول الأفريقية.

وبعد استقلال السنغال عام 1960 أصبح أول رئيس للجمهورية، وظل في منصبه حتى 1980، وركز على بناء دولة حديثة تجمع بين التقاليد الأفريقية والإدارة العصرية، مع إيلاء اهتمام خاص بالتعليم والثقافة، ورفض الانغلاق الأيديولوجي، إيمانا بأهمية التعاون بين أفريقيا وفرنسا.

الزنوجة والهوية الأفريقية

يعد سنغور أحد المؤسسين الرئيسيين لحركة "الزنوجة" التي ظهرت ردّ فعل على سياسات الاستعمار الفرنسي التي حاولت طمس الهويات الأفريقية وفرض الهيمنة الثقافية الأوروبية.

ودعا هذا المفهوم إلى استعادة الاعتزاز بالثقافة الأفريقية والتعبير عنها بحرية في الأدب والفنون والفكر السياسي.

وفي كتاباته سعى سنغور إلى إبراز القيم الجمالية والفلسفية للحضارة الأفريقية، رافضا النظرة الاستعمارية التي صورت أفريقيا قارة متخلفة تحتاج إلى الإنقاذ الأوروبي.

وأصبحت "الزنوجة" مرجعا ثقافيا وسياسيا لحركات التحرر الأفريقية والكاريبية، وأسهمت في تشكيل هوية أفريقية حديثة متصالحة مع إرثها وتطلعاتها المستقبلية.

قال سنغور ذات مرة "الثقافة هي روح الأمة وبدونها لا يمكن أن يكون هناك مستقبل" (غيتي) الشاعر في قلب الدولة

لم يكن سنغور مجرد رجل سياسة، بل كان قبل كل شيء شاعرا ومفكرا، امتزجت أشعاره بالروح الصوفية والتعبير العاطفي العميق، إذ استخدم الكلمات أداة للنضال الفكري والدفاع عن الهوية الأفريقية، وترك إرثا أدبيا غنيا، ومن أبرز أعماله:

إعلان "أغاني الظل" (1945): ديوان شعري يعكس تجربته في الحرب ومعاناته خلال الأسر. "إثيوبيا وأسوان" (1956): عمل أدبي يصور رؤيته للهوية الأفريقية وعلاقتها بالحضارة العالمية. "رسالة إلى الصديق الفرنسي": نص يعكس حوارا بين الثقافتين الأفريقية والفرنسية.

آمن سنغور بأن الشعر ليس مجرد كلمات، بل قوة تحررية قادرة على إحداث تغيير عميق في المجتمعات عبر التأثير العاطفي والفكري.

السنوات الأخيرة والإرث الثقافي

بعد تقاعده من السياسة عام 1980 انتقل سنغور إلى فرنسا، حيث واصل الكتابة والبحث الفكري، وفي عام 1983 انتُخب عضوا في الأكاديمية الفرنسية، ليكون أول أفريقي يحظى بهذا الشرف، وهو اعتراف بدوره البارز في الأدب الفرنكوفوني.

توفي في 20 ديسمبر/كانون الأول 2001 عن عمر ناهز 95 عاما، لكنه ترك إرثا فكريا وسياسيا خالدا، ولا يزال تأثيره حاضرا في السنغال والعالم، إذ يُحتفى به باعتباره رائدا في الفكر الأفريقي ومدافعا عن التعددية الثقافية ورمزا للمصالحة بين الهوية الأفريقية والانتماء العالمي.

أثبت سنغور أن الأدب والسياسة يمكن أن يلتقيا في مشروع حضاري واحد، وأن الهوية الأفريقية ليست نقيضا للحداثة، بل هي جزء أصيل منها، وكما قال ذات مرة "الثقافة هي روح الأمة، وبدونها لا يمكن أن يكون هناك مستقبل".

مقالات مشابهة

  • رسميا.. إعلان مواعيد وملاعب إقصائيات دوري أبطال أفريقيا والكونفيدرالية
  • قنا فى 24 ساعة.. طعن رئيس مدينة دشنا بسلاح أبيض..جنوب الوادى تفتتح معامل هندسية
  • إفراغ كورنيش شاطئ الجديدة من المقاهي
  • اسم شارع قد يسبب أزمة جديدة بين أمريكا وجنوب أفريقيا.. ما علاقة فلسطين؟
  • ليوبولد سيدار سنغور رمز الأدب والسياسة في أفريقيا الحديثة
  • 5 شهداء إثر استهداف الاحتلال مركبة شمال مدينة رفح
  • «المصرية لحماية الطبيعة» تطالب بإنقاذ شاطئ «حنكوراب»
  • أبراج الطاقة العراقية محطة استراحة لطائر اللقلق قبل مواصلة هجرته إلى أفريقيا (صور)
  • زحلة في صدارة المشهد الانتخابي: لائحتان تنافسان في الانماء والسياسة أيضا
  • أخضر الشاطئية يواصل استعداده لكأس آسيا على ملعب شاطئ مارينا جومتين